الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا
مأرب برس - خاص
في يوم صيفي من أواخر أيام القرن الماضي ، دعاني إلى مكتبه السفير اليمني الأسبق صالح الأشول الذي كان آنذاك سفير اليمن في دمشق ، دون معرفة سابقة بيني وبينه ، فلبيت الدعوة وأنا على علم مسبق بسبب هذه الدعوة المفاجئة والتي اتسمت بكثير من اللطف والدبلوماسية و فاجأني بأكثر منها أثناء لقائه فقد كان الرجل ودوداً إلى أبعد حد واستعمل كثيراً من طاقته الدبلوماسية في محاولة منه لإيقاف صحيفة ساخرة مهاجرة كنت أترأسها أو على أقل تقدير في تغيير عنوانها من دمشق إلى بيروت أو قبرص أو أي مكان بعيداً عنه وعن سفارته ، التي تتحمل عبء أو وزر أو ماشئتم ، جرّاء صدور انتقادات لاذعة وساخرة من الخارج وتتضمن عنوان بريدي للمراسلة في دمشق .
وأنا أقول ذلك إنصافاً للرجل وليس اتباعاً لذكر محاسن الموتى ، وكونه قد رحل إلى بارئه فهذا ربما سيريحني من مؤونة الاتهامات التي يطلقها البعض جزافاً فيقولون "ها... مدري ما يشتي.. أكيد في شي" وما إلى ذلك من تكهنات يختلط حابلها بنابلهنا ، وملحها بمليحها ، وقد رأينا ماذا كتب الكثير من المعلقلين عن الصديق منير الماوري لمجرد أنه نشر مقاله الأخير في صحيفة "الميثاق" لسان حال الحزب الحاكم برغم أنه لم يبتعد عن سياق كتاباته السابقة قيد أنملة ، ولكنها الفوضى التي أصبحت تحكمنا وتتحكم بأدمغتنا وأمزجتنا وآرائنا.
- رحمه الله وبعد أن أشاد على طريقته بدور الصحافة والنقد البناء وحرية الرأي والرأي الآخر تحدث بكلام جميل عن معنى الرئيس لدى الشعوب والدول بوصفه الرمز ، وقد ركز على هذا الطرح لأني كنت قد خصّصت فقرة صغيرة جداً في آخر صفحة من الصحيفة فيها تعليق موجه للأخ رئيس الجمهورية يتغير في كل عدد ، وكان يؤكد على كلمة "الرمز" وما تعنيه الكلمة لدى الدول المتحضرة ، بحيث يبدو رئيس البلاد بمثابة ضمير شعبه وتجسيد لوحدته الحضارية وتاريخه وجغرافيته وكينونته وحياته ، وكنت أوافقه الرأي في كل ما يقوله لكني لم أكن أجد في كل ما يقوله أية علاقة أو ارتباط باليمن ولم أكن أتوقع أنه يعني اليمن من قريب أو بعيد إلا عندما أشار إلى الصورة التي تعلو مكتبه وهي صورة الرئيس (الرمز!) الأخ المشير علي عبد الله صالح ، حينها فقط أدركت أن الرجل مثالي إلى حد كبير ويضع مقاييس الدول المتحضرة والمتخلفة في سلة واحدة ، والمثالية ليست عيباً خالصاً لكنها تبدو في الواجهة الأخرى للواقعية وبالتالي فهي تنظير يحتاج إلى تحرير وتقرير وتدبير .
-الرئيس الرمز هو الذي يسعى لإرضاء شعبه وليس لإرضاء حلفائه أو شركائه أو من أقسموا بالقرآن على أن يبقى في كرسي الحكم –وعلى جثتهم- ، ولن ينازعوه فيه ، وقد أثبتوا أنهم في ذلك صادقون .
-والرئيس الرمز هو الذي يفي بوعوده لشعبه وتهمه حاجات شعبه ومصالحه الوطنية وليس وفاءه للأمريكيين وتحقيق حاجات أمريكا ومصالحها وقد سمعنا الرئيس البارحة يتحدث عن المدمرة الأمريكية "كول" وكيف أنه وعد الأمريكان بأنه وفي غضون ساعات سيقبض على الإرهابيين متباهياً بوفائه بوعده .
-الرئيس الرمز هو الذي يقول سأجتث الفساد ويرى الناس صباح اليوم التالي أو في غضون ساعات قرارات تطبق على أرض الواقع وفاءً للوعود كتلك التي وفى بها للأمريكان .
-الرئيس الرمز هو الذي يقرأ القائمة السوداء التي رفعتها المناضلة توكل كرمان الثلاثاء الماضي بالبنط العريض في ساحة الحرية بصنعاء ويفتح تحقيق نزيه وعادل فيه ثم يقول لمنتهكي الصحافة الذين ذُكرت أسماؤهم وفيهم مدير مكتبه الموقر علي الآنسي وداعاً ليس بعده من لقاء.
-الرئيس الرمز هو الذي يتذكر وهو يسير في جنازة الفقيد الكبير الراحل د. فرج بن غانم قائمة سرّاق المال العام الذين قدمهم ذات يوم ، فيعيد النظر فيهم ويضعهم في السجون وفي أحسن حال في سلة المهملات حباً في شعبه وتقديراً لهذا الرجل العظيم الذي ترك الدنيا شريفاً محبوباً وعظيماً حتى في نفوس من وضعهم في قائمة سوداء أثناء توليه رئاسة الوزراء.
-الرئيس الرمز هو الذي يشعر كل مواطن في الداخل والخارج بأنه مسؤول منه ، وأنه من رعيته ، وأنه يلوذ به عندما تحدق الخطوب ويُخترق القانون وتُنتهك الحقوق .
-الرئيس الرمز هو الذي لا يستحي المواطن من تعليق صورته بوصفه رمزاً للبلاد كلها ، وليس رمزاً لحزبه وللمسؤولين أو لأبناء المنطقة الفلانية أو المنتمين لمؤسسة معينة .
والرئيس الرمز هو من يعالج مشكلات وقضايا المواطنين بداعي الحرص على الحقوق ورفع المظالم التي تعد من أولى مسؤولياته وليس بداعي الخوف من ثورة أو انقلاب أو انتفاضة شعبية قد تهدد الكرسي بالترنح والسقوط .
-الرئيس الرمز هو الذي يعترف بالخطأ عندما يحصل ويكون أمراً واقعاً ، فيعتبر المعالجة بمثابة توبة وعودة إلى الصراط المستقيم وليس قضية سياسية أو قرار سياسي كما صرح أمام رهط من المتقاعدين في محافظة الضالع وفي محافظة لحج ، علماً أن التوبة هي لله وليست للبشر وعند الله يستوي كل عباده.
والرئيس الرمز هو الذي يعتبر الديمقراطية واحدة من الثوابت الوطنية وخط أحمر –كما يقول- بقناعة كاملة بمقتضياتها وليس استجابة لمقتضيات المرحلة الراهنة وضرورات العصر الأمريكي . والرمز الحقيقي في هكذا عصر هو من يتفهم بحق أن الديمقراطية حالة متطورة ووليد لمخاض حضاري نهضوي متصاعد وليس لقمة يلقمها بوش وأترابه للشعوب كيفما اتفقت المصالح والأطماع ولأجل ذلك نجد الديمقراطية شاء من شاء وأبى من أبى تتحول إلى ضرورة وطنية وحاجة إنسانية ملحة جامعة للوطني ومانعة للأجنبي .
-الرئيس الرمز هو من يتذكر على الدوام أنه لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، فيستعيذ بالله من كل وسواس شيطاني بغيض يقوده نحو التحرك باتجاه توريث الحكم ، والذي لا تخطئ العين عدداً هائلاً من المظاهر الدالة عليه .
والرمز الحقيقي هو الذي يضيف -معلناً للملأ- إلى الثوابت الوطنية والخطوط الحمراء التي يكررها هو ونائبه ورئيس حكومته ووزرائه كل يوم (لا توريث للحكم ، التوريث خط أحمر) حيث لم تُقنع الكثيرين كلمة الديمقراطية في اليمن ويريدونها مصحوبة بمنع التوريث ، ولا بأس في ذلك مادامت القصة قصة شعارات تُطلق وأما التطبيق فسيتحمل مؤونته القادمون .
-حينها يكون الرئيس رمزاً ويمثل ضمير شعبه ويجسد حقيقة وحدته وجوهر وجوده ، وعلامة فارقة في تاريخه ، أمين في حمل الأمانة ونزيه في نقلها لمن هو أهل لها ممن يختاره الشعب خلفاً له .
* باحث وكاتب صحافي يمني
eskandarsh@yahoo.com