آخر الاخبار
عودة المحجبات
بقلم/ غادة الطويل
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 26 مارس - آذار 2007 07:51 ص

مأرب برس - غادة الطويل - القاهرة  -الحياة 

بات أكيداً أن الجدل الدائر في مصر منذ سنوات حول أحقية المذيعات المحجبات في الظهور على شاشة التلفزيون المصري أسوة بغيرهن من العاملات على القنوات الفضائي ة المختلفة، سيحسم قريباً. إذ حُدد 31 الجاري موعداً للنطق بالحكم في الشكوى المرفوعة من المذيعات المحجبات الثلاث (غادة الطويل، رانيا رضوان، هالة المالكي) في محكمة جنح المنتزه في الإسكندرية ضد رئيس القناة الخامسة المحلية في التلفزيون المصري الدكتور هاني جعفر بعد امتناعه عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقهن بالعودة للعمل والظهور على الشاشة خلال الفترة الماضية.

ولن تكون القضية الوحيدة من هذا النوع التي ستحسم في المحكمة، ففي اليوم التالي (الأول من نيسان/ أبريل المقبل) سيحكم مجلس قضايا الدولة في قضية أخرى رفعت من المذيعات أنفسهن ضد وزير الإعلام المصري ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون ورئيس التلفزيون ورئيس القناة الخامسة، للنظر في أسباب منعهن من العمل والظهور على الشاشة طوال السنوات الماضية على رغم الأحكام القضائية التي صدرت لمصلحتهن.

وتكمن أهمية القضيتين في كونهما يفترض ان تضعا حداً نهائياً لموقف المسؤولين الممتنعين عن تنفيذ الأحكام السابقة، إذ ينص القانون المصري على «معاقبة كل مسؤول امتنع عن تنفيذ الأحكام بالعزل من وظيفته مع السجن والغرامة»، ما يضع المسؤولين في وزارة الإعلام والتلفزيون المصري في مأزق بالغ الحرج، فإما الرضوخ لأحكام القضاء وإما السجن والتخلي عن المنصب.

لذا لم يكن غريباً سعي بعضهم لإيجاد مخرج قانوني يحفظ للمسؤولين ماء الوجه، ويقضي بتنفيذ أحكام القضاء وفق نظرتهم الخاصة، فتقدموا بجملة اقتراحات للمذيعات المحجبات قوبلت جميعها بالرفض، بحسب المذيعة هالة المالكي التي قالت لـ «الحياة»: «أثبتت معاناتنا الطويلة مع مسؤولي التلفزيون المصري أن كل الوعود التي يقدمونها لحل الأزمة المتعلقة بعدم ظهورنا على الشاشة، مجرد كلام لن ينفذ أبداً، لذا لجأنا أنا وزميلتي غادة الطويل ورانيا رضوان الى القضاء كطوق أمل أخير بعدما أيقنا أن وعودهم لنا بالظهور على الشاشة لا تعدو كونها فرقعة إعلامية، الهدف منها التحايل على القانون قبل موعد النطق بالحكم في القضية. من هنا نحن مستمرون في القضية خصوصاً ان المؤشرات الأولية وفق تأكيدات رجال القانون تشير الى أنها لمصلحتنا، وان المحكمة ستعاقب جميع من تقاعس عن تنفيذ أحكام القضاء، بالتالي سنعود إلى تقديم البرامج الجماهيرية والحوار ونشرات الأخبار بالحجاب».

وأشارت المالكي إلى أنها اشتاقت لعملها وسألت: «لماذا يرفض المسؤولون ظهورنا بالحجاب وما الضرر الذي سيلحق بالتلفزيون إذا ظهرت المذيعة محتشمة أمام المشاهدين طالما نحن نعيش في دولة إسلامية تستمد قوانينها من شريعة الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)؟». وأوضحت ان المذيعات المحجبات لن يتوقفن عن التصعيد ضد وزارة الإعلام المصرية، وسيطلقن موقعاً إلكترونياً خاصاً بهن على شبكة الإنترنت يحمل اسم «حريتنا»، إضافة الى الإعلان عن حركة شعبية تحمل الاسم ذاته، والهدف منها تسليط الضوء على عدالة قضيتهن وجمع التوقيعات التضامنية معهن، «لأن القضية ليست فردية انما هي قضية رأي عام».

واستندت غادة الطويل الى إحصاء يشير الى أن 85 في المئة من المصريات محجبات، لتسأل عن سبب منع المذيعات المحجبات من الظهور على الشاشة طوال السنوات الخمس الماضية. وقالت: «أنا مصممة على العودة الى عملي في قراءة النشرة الإنكليزية، واعتقد بأن هذا هو أبسط حقوقنا أن نعود وفقاً لأحكام القضاء إلى وظائفنا».

المفارقة أن وزير الإعلام أنس الفقي ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون أحمد أنيس كانا صرحا بأنه لا يوجد اتجاه لمنع المذيعات المحجبات من تقديم البرامج. وأكدت الطويل أن هذا الكلام لم يترجم على أرض الواقع، ما دفعها إلى بعث رسالة إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك تشرح فيها وضع المذيعات المحجبات، كما حاولن مقابلة الفقي ولم ينجحن في تحديد موعد معه، فكان الحل في اللجوء الى القضاء.

وأخذت القضية دلالات سياسية بين التيارين المتنافسين سياسياً في مصر، إذ اعتبر نواب من كتلة «الأخوان المسلمين» في البرلمان عبر طلبات الإحاطة لوزير الإعلام أنس الفقي أن منع المذيعات المحجبات من الظهور على الشاشة يعد «بمثابة حرب غير معلنة من الوزارة على الحجاب والإسلام».

وطالبت الكتلة بسرعة تنفيذ أحكام القضاء خصوصاً «أن هناك فتوى رسمية من شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية يجيز شرعاً عمل المرأة في التلفزيون وظهورها بالحجاب». كما تقدم أخيراً النائب «الإخواني» جمال زهران بطلب إحاطة إلى وزير الإعلام انس الفقي يطالبه بضرورة عودة المذيعات المحجبات إلى الشاشة واحترام أحكام القضاء أو تحمل تبعات هذا الموقف. ومن المتوقع أن يزداد الموقف اشتعالاً خلال الأيام القليلة المقبلة التي تسبق جلسة الحكم