طائرة وفد قطري رفيع المستوى تحط في سوريا لأول مرة منذ سقوط الأسد أحمد الشرع يُطمئن الأقليات: ''بعد الآن سوريا لن تشهد استبعاد أي طائفة'' مواجهات في تعز والجيش يعلن احباط هجمات للحوثيين قرار اتخذته أميركا مؤخراً يتعلق بمواجهة الحوثيين واتساب يوقف دعم هذه الهواتف بدءًا من 2025.. القائمة الكاملة صلاح يكتب التاريخ برقم قياسي ويتفوق على أساطير الدوري الإنجليزي أسطورة ليفربول يخضع لمحمد صلاح اعتراف الحوثيين بخسائر فادحة نتيجة الغارات على صنعاء الموساد يكشف تفاصيل صادمة حول عملية البيجر المفخخة ضد حزب الله ترامب يتعهد بإنهاء حروب أوكرانيا ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة
مأرب برس - خاص
حتى نهاية القرن التاسع عشر، وربما إلى الربع الأول من القرن الماضي لم يكن الشباب موضوعاً للدراسة والتحليل من قبل علماء النفس والاجتماع، أو حتى الحكومات..
بكلام آخر لم يكن الشباب "مشكلة" قبل اندلاع الاضطرابات باتجاهاتها المختلفة: الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسة، والثقافية، التي تفجرت في بقاع عديدة من العالم، وهدّدت بوقوع كوارث اجتماعية خطيرة كادت تؤول إلى انهيار النظم السياسية فيها.. أو أنها أدت بالفعل إلى انهيار العديد من تلك النظم كانت أفغانستان والعراق عنوانا بارزا لها...
وصارت وأصبحت وأمست فلسطين ولبنان والسودان وسوريا وإيران امتدادا لمشاريع مستقبلية لعينات من تلك الكوارث والاضطرابات.. هذه الاضطرابات كانت أشبه بجرس الإنذار المبكر أو قنبلة مدوية أوصلت رسالة صوتية للمعنيين كي يُلتفت إلى حاجات الشباب، ويُستمع لقائمة القضايا التي يحملونها، والتطلعات التي يرومون الوصول إليها..
إذا يبدو لي هنا أننا متفقين على أهمية تلك الشريحة..وبالتالي سيكون من الأولى أن نتفق مبدئيا على أهمية القضية قيد الطرح والتي تلامس بتقديري الهم الأكبر للشباب...
إن لم تكن هي البعد الإستراتيجي لحل معظم معضلات الشباب وهي قضية..
الحوار كفكر عقلاني والصراع كفكر متطرف
أنا هنا سأركز على قضية الصراع والحوار ببعدها السياسي فحسب..لأنه برأيي أنه هم المتحكم في بقية الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية...
وبطبيعة الحال لا بد لي أن أعود قليلا إلى مبتكري الصراع والمبشرين به وبالمقابل المنادين بالحوار والداعين له..وبالتأكيد سيكون هنتغتون ومن حوله الإدارة الغربية بزعامة المتحدة الأمريكية علما بارزا في محور الصراع والقرضاوي ومحمد خاتمي في العالم العربي والإسلامي مثالا ظاهرا في فكر الحوار في الجانب الآخر...
حاول "صموئيل هنتغتون "المحاضر في جامعة هارفارد بأمريكا, تجاوز فلسفة "النهايات" التي اكتملت عند "فوكوياما" بحتمية الليبرالية كمصير للشعوب إلى حتمية "صراع الحضارات" التي هي آخر طور, أي الحلقة الأخيرة في سلسلة تطور الصراع...
ويرى أن التاريخ لن ينهض, وأن الصراع الحقيقي لن يختفي, وإنما سيكتفي كل منهما بتغيير مصادره واتجاهاته, وتبديل أشكاله بالتحول من صراع دول ومجتمعات وطبقات إلى صراع ثقافات وحضارات.
ويرى أن التصادم بين الحضارات سيتم لعدة أسباب, منها الفروق الحضارية, وتطور الإعلام والاتصال, وكذا حركات الصحوات الدينية التي جاءت لتملأ الفراغ الناتج عن ضعف الانتماء القومي..
ومن هنا نشأت الحركة الأصولية في أغلب الديانات المسيحية الغربية وفي اليهودية, وفي البوذية والهندوسية, والرجوع إلى الأصل لدى أغلب الشعوب كرد فعل ضد الهيمنة الغربية..
وبعبارة أخرى, لقد أعطت مقولة "هنتغتون" حول "صدام الحضارات" مفعولها الإيجابي في جميع البلدان الخائفة على ثقافتها وتراثها من التحديات المستقبلية, التي لم تستطع أن تجد لها مشروعاً قابلاً للحياة, رغم مرور أكثر من قرنين من الزمن على بداية التحدي الحضاري.
مثلما انعكست نظرية صراع الحضارات وصدامها التي روج لها هنتغتون على الأنظمة السياسية كان لها بالغ الأثر على النسيج الاجتماعي المكون لتلك الأنظمة ( وعلى رأسهم الشباب ) خصوصا في العالم العربي والإسلامي بحكم أنهم هم المستهدفون من تلك المقولة عندما وضعهم Samuel Huntington في المحك وأنهم يشكلون الخطر القادم على الحضارة الغربية...
والتي استثمرها المفرعن بوش فأعلن عن بداية صدام الحضارات على المستوى العسكري، متوجا" التطرف الإسلامي زعيما" للإرهاب الدولي.. مع إصرار عنيد على توظيف التناقضات الإسلامية من عرقية ومذهبية واقتصادية وتاريخية في حربه تلك..
فالشباب قوة بنائية جبّارة وفي الوقت نفسه قوة تدميرية هائلة، فهم سلاح ذو حدين، فالشباب عماد البناء الاجتماعي والاقتصادي، والقوة القادرة على التشييد المدني والعمراني، وبلا شك أن المجتمعات التي يشكل فيها قطاع الشباب نسبة كبيرة تكون مؤّهلة أكثر من غيرها للازدهار والنمو إذا ما أفيد من الطاقة الهائلة المودعة في الشباب، وأمكن استغلال فعاليتهم استغلالاً واعياً..
والحضارات البشرية طوال التاريخ الإنساني ما قامت إلا بسواعد الشباب ولكن في الوقت نفسه يجب ألا نغفل ما يختزنه الشباب من أسلحة فتاكة قادرة على تدمير كل الأشياء الجميلة في الحياة، وإشاعة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، إذا لم يجدوا فرصهم في التعبير عن كينونتهم، أو أسيء استغلال طاقاتهم، أو تعرضوا لعمليات تضليل تستفز فيهم النزعات الشريرة..
إذا دعونا نعود إلى مسألة الحوار والصراع ولماذا طغى الفكر الصراعي على الفكر الحواري العقلاني بين الأيديولوجيات بصفه عامة وفي أوساط الشباب بصفة خاصة...
معارضي الفكر الحواري ومناهضوه انطلقت قناعاتهم من الهرولة العامة للسياسات العربية والإسلامية نحو تجميل الصورة التي رسمها لهم هنتجتون عبر مبادرات عدة يرى العديد من معارضيها أنها تضعف العرب والمسلمين أكثر من أن تقويهم...
بل أنهم يعدونها خرجت من الإطار الحواري إلى إطار الإملاء والتوجيه.. مؤكدين أن أي حديث عن الحوار الحضاري في ظل هيمنة الخطاب العلني والسري للعولمة..يجب وأن يعي أصحابه أن الأمر يتطلب التأكيد على ضرورة استحضار مفهومين أساسيين من جهة..وتغييب مفهومين آخرين من جهة أخرى..
لا بد من استحضار مفهومي الندية والتكافؤ.. وتغييب الهيمنة والاختراق..هذا أمر!!
الأمر الآخر!! هل الأمة العربية والإسلامية على استعداد لمثل هذا الحوار في هذا الوقت بالذات؟؟ وهل أركان هذا الحوار متوفرة ؟؟
وكيف بنا نقبل بخطاب سياسي – ثقافي صادر من باطن العولمة الجديدة ..يدعونا أصحابة إلى المساكنة الحضارية وقد دمروا أصل الحوار والجانب العقدي فيه ؟؟
ثم كيف لنا أن ندخل في سلسلة حوارات معهم ونحن أمة تستهلك قوتها في ترميم الذات وجمع الشتات لتتوحد داخليا قبل أن نجلس مع الآخر ونحاوره ؟؟
وكيف لنا أن نتحاور في الثقافات وحوار الآخر مازال مسكونا بنزعة الاستعلاء ومؤسسا على قاعدة فلسفة المركزية الغربية التي لا تعترف حتى بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ؟؟؟
فطغى هذا التيار بهذه الحجج القوية على منطق الحوار حتى الداخلي منه فتعمقت الأزمات بين الطوائف بعضها ببعض وبينها وبين حكوماتها في الجانب الآخر وكان أبطال تلك الأزمات بدرجة أساسية هم الشباب..
خصوصا في ظل تزايد أخطار العولمة وما تنتجه من خطابات الإكراه الحضاري والذي يفرض علينا أسلوبا محددا في الرواية والحوار.. وبالتالي إحاطة الحضارة العربية والإسلامية بدائرة من الإملاءات السياسية والثقافية..
والتي لا تدع فسحة ولو بهامش الظل أمامها كي تقول كلمتها وتعلن عن فلسفتها ورؤيتها للحياة.. ومن ثم تحول الحوار إلى إملاء وتوجيه !!!
والذي قادنا بكل تأكيد إلى النظر بعين حضارة الغرب ونظارته التي لا ترينا الحق حقا وترشدنا إلى إتباعه الباطل باطلا وتحذرنا من مغبة عدم اجتنابه..
بقدر ما توجه العيون باتجاه واحد تظهر من خلاله في الأفق خطورة التصدي لجبروت العولمة الذي يجلس جاثما فوق أنفاس الشعوب المستضعفة والمكرهة على القبول بالأمر الواقع الحضاري الجديد والذي تم تقديمه لنا في نسخة تظهره متعاليا وأن لا قدرة على تغييره أو حتى تعديله...
لأنه واقع تمخض عن تجربة حضارية ألفت تعدد الأقطاب..ويشمل رغبات مختلف الشعوب والأجناس البشرية..
وتلاشت مقولة أن الحوار خيار أصيل بين الشعوب والمجتمعات والأفراد...وحل بدلا عنها الصراع بكل ما تنتجه هذه الكلمة من غبن لكل البشر صالحهم وطالحهم صغيرهم وكبيرهم أعلمهم واجهلهم.. نسأل الله السلامة!!!