في ذكرى الثورة .. لمن الاحتفالات
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و يوم واحد
السبت 25 سبتمبر-أيلول 2010 05:18 م

جهود كبيرة وتكاليف مالية باهظة صرفت وتصرف للاحتفال بأعياد الثورة ، وهذا ما نشاهده كل عام بالإضافة إلى تلك الحملات الإعلامية والدعائية التي يبثها الإعلام الرسمي من كافة وسائله وأدواته.

كل هذه الاحتفالات وما يترتب عليها من تكاليف مطلوبة ومستساغة لو أنها مقترنة بحقائق ملموسة ووقائع مدروسة ترتبط بحياة الناس وتؤثر فيها إيجابياً على كافة الأصعدة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ...الخ ، إلاّ أن شيئاً من ذلك لم يكن بالمستوى المطلوب من الناحية العملية ، وهذا ما تؤكده ظروف وأحوال الناس في كافة مناحي حياتهم اليومية ، وبذلك فإن هذه الاحتفالات لا معنى لها لدى السواد الأعظم من الناس إذ أنها لا تقدم لهم شيئاً ، وربما أنهم ينظرون إليها كأعباء وتكاليف إضافة تلقي بظلالها على مجمل شؤونهم ، ولنأخذ مثالاً بسيطاً على ذلك من خلال مشاهدة المظهر العام لتلك الاحتفالات وما ترسمه من صور تعكس مدى الاستفادة الخاصة من وراء تلك المظاهر ، فمثلاً الاستخدام المفرط لوسائل الزينة بالإضاءة الكهربائية في عاصمة البلاد في ظل الإنطفاءات المتكررة للكهرباء عن جميع أحياء العاصمة فضلاً عن انعدامها كلية في معظم مناطق البلاد ، فماذا يعني ذلك للمواطن العادي ؟ وما هو شعوره العام وهو يرى تلك الأضواء الساطعة في الأماكن العامة ومنزله يعيش حالة من الظلام الدامس بالقرب من تلك الأنوار ، وما هو شعور المسئولين وهم يتحدثون عن التطور الباهر الذي تحقق على أيديهم عند ما يقفون خطباء على منابر تلك الاحتفالات وهم يعددون منجزات الثورة ويخاطبون المواطن العادي ويرغبون في الحصول على رضاه ويأملون في تأييده لتلك الأقوال ، وكأنه لا يعلم شيئاً وكأنه ليس المعني بتلك الانجازات الوهمية التي يخاطبونه بوجودها وهم على يقين أن الواقع لا يشهد لهم بأي إنجاز يرتبط بمتطلبات المواطن ، لأن مقياس التطور عند الناس يكمن في ما يتحقق لهم من ضروريات الحياة المتوجب على الدولة تقديمها لكافة المواطنين ، ومن ضمنها توفير واستمرار التيار الكهربائي لكي يعلم مقدار اهتمام الدولة بمتطلباته الحياتية التي لا غنى له عنها ، ولكن الغرور والصلف السلطوي قد أفقد أولئك المتسلطين هذا الإحساس الذي كان ينبغي عليهم أن يتحلوا به تجاه مواطنيهم وأن يكونوا مخلصين لهم وحراساً أمنى على مصالحهم ، لا أن يتحولوا إلى سماسرة ومتسولين ووسطاء غير مؤتمنين على ما يقع تحت أيديهم من ثروات ومصالح عامة الغرض منها خدمة المجتمع وتوفير احتياجاته اللازمة.

لقد تحولت تلك المقدرات الوطنية إلى مغانم وهبات خاصة يستحوذ عليها عدد من المستفيدين الذين لا هم لهم سوى التفنن في صياغة الكلمات الرنانة والخطابات المظللة ومخاطبة الجماهير باللسان الطويل وشرح منجزات الثورة وتقديم ما لا يحصى من المشاريع المدرجة في الكشوفات الوهمية التي لا يتحقق منها سوى مخصصات المهرجانات الاحتفالية وما يفيض عنها إلى شلة المتنفذين.

ما معنى الاحتفال بأعياد الثورة في ظل انهيار متصاعد لقيمة الريال اليمني وتدهور متلاحق في الوضع المعيشي للمواطنين ، وما معنى الاحتفال في ظل حروب قبلية تدمر الحرث والنسل وتقطع أواصر الأخوّة وتمزق عرى المحبة والألفة وتنشر روح العداء والبغضاء والتقاطع بين أبناء المنطقة الواحدة فضلاً عن أبناء الوطن ككل ، وما معنى الاحتفال في ظل احتقان سياسي خانق ربما يقود البلاد إلى ما لا يحمد عقباه ، والقائمة تطول إلى ما لا يتسع المجال لحصره من الإخفاقات المتزامنة مع هذه الاحتفالات.

أيها المحتفلون بأعياد الثورة ، نطالبكم بالنظر السريع إلى ما ينبغي الاهتمام به من الأمور والترتيبات المفضية إلى حل مشاكل الناس وتسوية أوضاعهم الحياتية قبل أن تحل بكم عواقب الظلم والاستبداد التي لا ينجو منها أحد ، ولتكن لكم عبرة في من مضى من أسلافكم ، واستدركوا ما فاتكم قبل فوات الأوان.

وخلاصة القول فإن هذه الاحتفالات ليس لها أي معنى لدى المواطن الذي تقدمون له هذه المظاهر الاحتفالية في حين تصدرون قراراتكم برفع أسعار الديزل والبترول قبيل الاحتفال ، فماذا عسى أن تقولوا في خطاباتكم الجديدة هذه الأيام بعد أن جرعتم الجمهور هذه الزيادة الجديدة ، نلتمس لكم العذر والمبرر في ذلك لأن هذا هو دأبكم وما تستطيعون تقديمه لمواطنيكم في ظل احتفالاتكم بأعيادكم التي تجعلون منها مواسم جديدة لنهب المال العام وتسخيره لمصالحكم الشخصية وتتوسلون به رضاء من منحكم ثقته في تولي مناصب الفساد والإفساد وغاب عن ذهنه ما سيؤول إليه من حساب وعقاب بين يدي من لا تخفى عليه خافية يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وبهذه المناسبة نذكر ولاة الأمور بتقوى الله عز وجل في ما استرعاهم فيه (كما في الحديث كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وكل عام وبلادنا وشعبنا بخير ..