هل عجز رمضان عن تصفيد شياطين اليمن؟
بقلم/ صدام أبو عاصم
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 16 يوماً
الإثنين 09 أغسطس-آب 2010 02:50 م

قبل أن يهل هلال رمضان الفائت، كانت أصوات المدافع والطائرات تدوي في سماء صعده. واليوم وعلى بعد أيام من رمضان، آلات الحرب تعد. فيما جربت أخرى عملها قبل ايام في حرف سفيان وخلفت ما يزيد عن مائة بين قتيل وجريح. وبالطبع، هدأت المعارك بعد وساطة قبلية، لكن الاستنفار المادي والمعنوي بين الحوثيين والسلطة لا يزال في أوجّه. لم تهدأ آلة الحرب السادسة طوال شهر الخير الماضي. ومعها، كانت تزهق أرواح يمنيين بأيدِ يمنية في جبهة الشمال. وتٌـدك أحلام يمنيين آخرين في المحور الجنوبي والوسط والأعماق والرأس والجذع أيضاً. ليس من سبب مقنع لخارطة الشؤم هذه، أكثر من كون الشياطين اليمنية لم يعد لرمضان أي قدرة على تصفيدهم. خصوصاً الآدمية منها. هذه المرة، الخارطة الرمضانية للمشاكل اليمنية تبدو أكثر وضوحاً من كل سابقاتها ولاسيما مع وجود مؤشرات اندلاع حرب سابعة في صعده وعمران. واستمرار اشتعال الأزمة السياسية بين منظومة الحكم، وتنامي حراك الجنوب وخطر القاعدة والقرصنة. والأدهى من كل ذلك، هي اشتعال نيران الأسعار الهوجاء في ميدان السوق الاستهلاكية اليمنية، في ظل موت بطيء للاقتصاد ناجم عن سياسة حكومة فاشلة تتفنن فقط، في أساليب التسول على أبواب المجتمع الدولي.

هانحن على بعد أيام من رمضان والوظيفة الشاغرة لسوق المستهلك هي الجنون. الشغل الشاغل للناس هذه الأيام هو المرابطة بأحلامهم وطموحاتهم ودعواتهم بأن لا يزداد لهيب الأسعار مع قدوم شهر الخير. ومع ذلك فالواقع الاقتصادي يقول العكس. منذ أيام، والريال اليمني يواصل انخفاضه أمام الدولار وبنسبة تصل لـ20 بالمائة. وحتماً فإن إشكالات سعرية عديدة ستترب على هكذا تزايد لسعر الدولار مقابل العملة المحلية رغم محاولات الحكومة لوقف تداعي انهيار الريال بضخ سيولة للسوق من العملة الأجنبية لمرات عديدة. يصعب على المتتبع لحال اقتصاد البلاد أن يفهم. لكن ذلك الغموض الذي يلف الواقع الاقتصادي، لم ولن يمنع من استعدادات البعض لاستقبال فرصتهم. إن شهر الفضيلة والخير يأتي حاملاً بشارة للجميع بفرص توظيفية أكبر وأكثر. كلٌ يعمل وفقاً لتخصصه وكلٌ يختار وظيفته الهادفة لشيء ما يرومه. مدمنو الشعائر الدينية يتأهبون للمزيد من التقرب لله، حتى أن بعض المنتسبين للشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة يجعل من رمضان شهر إجازته. فيما يقف على الجهة الأخرى، صنف من الناس وربما أغلبهم من العاطلين عن العمل في بقية الأشهر، يتخذون مكانهم في صف طالبي العمل والارتزاق لتوفير لقمة عيش أولادهم. إنهم يتحينون الفرصة للعمل مستفيدين من هوس الناس بالطقوس الرمضانية الخاصة بالأكل والتسوق والاكتساء. (محسن شمسان) مثلاً، لا يمكن أن تقنعه بأن يعمل في ذات المهنة في بقية الأشهر. فالرجل الأربعيني الذي يعمل في خياطة الملابس الرجالية في مدينته إب، يعتقد أن طلب الناس على الملابس لم يزدهر في أي شهر غير رمضان. وبالتالي فإن وظيفته المرموقة والمؤقتة لن تعود عليه بالنفع سوى في موسمها. وسواه كٌـثر ممن يطلبون الرزق في رمضان وبالطريقة الحلال. غير أن هناك أناس آخرين يتحينون فرصة رمضان وازدهار السوق الاستهلاكية وازدحام المتسوقين لممارسة وظائفهم الشيطانية. كالسرقة مثلاُ، وكم هي القصص التي سمعناها من أفواه أناس عايشوها في مواسم خير سابقة. لا أدري مالذي قادني لهكذا تفاؤل بشهر الخير على الأقل، من الناحية الوظيفية لعامة الناس؟ مع أني على يقين بأن وظيفة الحكومة جاهزة مع مقدم كل رمضان، وهي وظيفة شيطانية بامتياز، إذ تخرج المواطن المسكين من جنته؛ جنة الأحلام والطموح لعيش هانئ ورغيد وآمن. فيما يجد نفسه على أرض الواقع، مجرد من كل حلم. بفعل سياسات التخبط الوظيفي والوطني لحكومته. فآنى لها لا تٌصفد كيما نعيش رمضاناً خالياً من وهمها!!!!