ترامب يتعهد بإنهاء حروب أوكرانيا ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة ترمب يثير الجدل بشأن استعادة قناة بنما ويكشف عن لقاء مع بوتين مواجهات وتطورات خطيرة في مخيم جنين بالضفة الغربية هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية
«مشكلة بلادي أنها قريبة كل القرب من أمريكا ، وبعيدة كل البُعد عن الله» .
كانت تلك هي الإجابة على سؤال وجه إلى (روجارس) رئيس المكسيك في ثلاثينات القرن الماضي بعد أن غرقت بلاده في فوضى داخلية على مختلف الصُعد .
إن الدارس للتكوين الأولي للولايات المتحدة الأمريكية أرضاً وإنساناً ، ومراحل الأنماط السياسية والنفسية لذلك التكوين ؛ يستطيع وبسهولة تفسير الأنانية والذاتية العدائية التي انعكست على نفسية الساسة الأمريكيين ، ومن ثم على القوانين الأمريكية ، وخصوصاً الموجهة إلى الدول الأقل فقراً ، ومن ثم دول العالم الثالث ، والتي منها الدول العربية والإسلامية .
فكما نعلم أن أمريكا هي في الأصل موطن (الهنود الحمر) البدائيين في مقابل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا العظمى) حيث تميزت بعراقتها ونظمها وقوانينها . ولكبر توسعها وكثرة مستعمراتها ؛ فقد كانت الجرائم منتشرة بمختلف المسميات ، وتكونت عصابات إجرامية بدا تناميها يقلق الإمبراطورية العظمى ؛ ولذلك تبنت سياسة النفي للمجرمين إلى ما وراء البحار ، ولذلك أيضاً كانت السفن الملكية تتولى عمليات النقل المتتالي لأولئك المجرمين ، قاذفة بهم إلى شواطئ بلاد الهنود الحمر (أمريكا) الأرض الجديدة .
وبتتالي السنين استطاع أولئك المجرمون تكوين أنفسهم وتنظيم حياتهم التي ابتدأت بالإغارات المتتالية على السكان الأصليين .
ويحدثنا التاريخ عن جرائم الإبادة التي تعرّض لها سكان أمريكا الأصليون (الهنود الحمر) حيث انتهى بهم المطاف إلى إبادتهم إبادة جماعية واقتلاعهم نهائياً .
فالغزاة الجدد لم يستطيعوا معايشة السكان الأصليين بسلام جنباً إلى جنب ، بل حتى فيما بينهم البين ، فقد طغت الأنانية والعدوانية على الإنسانية ؛ فالولايات الأمريكية لم تتوحّد في كيان واحد بسهولة ، بل توحدت بعد حروب دامية استمرت لأكثر من أربعمائة عام .
وبحسب علماء النفس والتحليل النفسي ؛ فإن ما سبق ذكره هو الذي يفسر لنا نفسية وعقلية الساسة الأمريكان ، والتي تميل إلى الأنانية ، وتقديس الذات ، وتضخم الأنا ، والرغبة في التملك ؛ وهو ما يبلور في الإستراتيجيات والسياسات التي تنطلق منها أمريكا تجاه مختلف الأمم والشعوب . فالمسألة ليست حمائم وصقور ، بل تاريخ ممتد لخصه (روجارس) بعبارات يتناقلها ضحايا أمريكا جيلاً بعد جيل ، وهو ما يفسر التستر الأمريكي (بورقة التوت) عبر الترويج لأمريكا بأنها راعية الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، و.. و.. إلخ . كل ذلك تكشّف وإنهار مع أنهيار (برجي مركز التجارة العالمي) ويوم بعد يوم كشفت (ورقة التوت) سوءة الساسة الأمريكيين ، وأزالت القناع عن الوجه الكالح الذي عاد لحقيقة أصله ، وهو ما جسده المحافظون الجدد . فخلال عقد من الزمان عاثوا في مختلف أرجاء المعمورة فسادا ، ولعل جرائمهم شاهدة للعيان ، وخصوصاً في العراق وأفغانستان وباكستان ، وليست غزة بآخر المطاف ؛ فقد فاقوا في بشاعة جرائمهم كل تصور فأهلكوا الحرث والنسل ، ولم تردعهم حرمة الأعراض والمقدسات ، بل انتهكوا كل عرض ودنسوا كل مقدس ، وهو ما لم يقترفه التتار في إغارتهم على بغداد عام 656هـ ..
إن ما لم تستطعه أمريكا بالسياسة السادية تمارسه بـ(الفوضى الخلاقة) التي تصل بالمجتمعات إلى نفس النتيجة المرجوة ، ولكن عن طريق الطابور الخامس !! وما لم تستطعه بـ(الفوضى الخلاقة) تمارسه بسياسة (العصا والجزرة) كل بحسبه!!
إن المتتبع لمتوالية الساسة الأمريكان ، وخصوصاً بعد (11 سبتمبر) والإعلان عن الدول المارقة والدول الداعمة للإرهاب – بحسب التقييم الأمريكي طبعاً- يجد أن الحديث آنذاك ، عن توجيه ضربات جوية أو غيرها بعد أفغانستان ، كان وشيكاً على اليمن ، ولعل المقاومة العنيفة والشرسة للآلة العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان ، إضافة إلى النمو النووي المتحدي لأبرز الدول المارقة (كوريا الشمالية وإيران) قد حدَّ من الغطرسة والإجرام الأمريكي ، الذي ظنَّ أن العراقيين سوف يستقبلونه بالزهور والرياحين .
كما أن اليمن استطاعت تفادي الضربات أو قل التدخل المباشر آنذاك عبر الاستجابات المتتالية لبرامج واتفاقيات مختلفة المسميات ، والتي منها الأمنية .
وعلى مستوى الداخل اليمني بدا للعيان أن (الفوضى الخلاقة) قد بدت أجندتها تُنفذ على محاور عدة ؛ فقد أصبحت السفارة الأمريكية (قبلة) يرتادها كثير من الصحفيين والوجهاء والمسئولين والمنظمات المدنية المختلفة المسميات والعديد من قادة الأحزاب السابقين واللاحقين . كلٌّ ينفذ الأجندة الخلاقة بحسب الآلية المناسبة له عبر لافتات مختلفة التسميات ، كما أضحى سفير أمريكا سابقاً يمارس دواماً ميدانياً متنقلاً بين القبائل والمنتديات والمنظمات المحلية في مختلف المحافظات اليمنية ، وهو ما أشارت إليه وحذّرت منه آنذاك العديد من الصحف ، ومنها صحف الحزب الحاكم .
ومؤخراً بدت التقارير الأجنبية الصادرة والمتحدثة عن اليمن تتدرج في تقييمها لليمن ، فمن الأشد فقراً وفساداً و ... و ...إلخ ، حيث وصل الأمر بها وبالصحافة الأمريكية خاصة والغربية عامة ، بوصف اليمن بأنها على حافة الإنهيار ، ثم وصفها بأنها دولة فاشلة تسودها الفوضى ، وتهتك الحقوق والحريات ، وتفتقد الأمن ، وينتهي الأمر بأنها محور جديد للقاعدة ، ولا يعني كل ما سبق ذكره أنه غير صحيح كما تروج وسائل إعلام الحزب الحاكم والموالية لها ، بل فيها الصحيح ، ولكن لا يُستغل ليُبرر ويعزز (الفوضى الخلاقة) التي تريدها أمريكا .
وفي قضيتي (حوثي الشمال) و (حراك الجنوب) في حين تبدو الحكومة اليمنية منحدرة في الضعف نتيجة كثير المشاكل المحدقة بالبلاد وتشابكها ، والتي أدت إلى خلخلة العقد والسلم الاجتماعي . ولقد حاولت اليمن مراراً وتكراراً وعبر ساساتها ورسائلها المتتالية طلب أمريكا بإدراج (حركة الحوثي) . كمنظمة إرهابية ، ولكن الساسة الأمريكان لا يرون ذلك ، وفي الشأن نفسه يؤكد العديد من الساسة اليمنيون أن لديهم دلائل وقرائن على دعم إيران للحركة الحوثية ، إلا أن الساسة الأمريكان لا يعتقدون بتلك الدلائل التي يروج لها الساسة والإعلام في اليمن ...
وفي (الحراك) نجد أن مصالح أمريكا أن تمسك العصى من الوسط ؛ حتى تتضح لها الرؤية ، فمرة هي مع وحدة اليمن ، وأخرى تخشى من تطور مسار الحراك ، وثالثة قلقة بشأن انتهاك حقوق الإنسان .
على الرغم من انحراف الحراك السلمي -الذي كُنا نؤيده- جميعاً إلى مسار آخر أضحى يهدد وحدة اليمن أرضاً وإنساناً ، وينتهي المطاف للفوضى الخلاقة إلى التدخل المباشر أو غير المباشر للأمريكان ليعيثوا قتلاً وفساداً واستباحةً كما في معجلة أبين التي تُعد مفتتح لما بعدها ، وما نخشاه حال كحال أفغانستان وباكستان -لا قدر الله- ولكن لابد أن نتفاءل بعام جديد ، فبحلوله ربما يصحوا حكماء اليمن وعقلاؤه من قادة أحزاب وساسة وعلماء ووجهاء يتمكنون من إنقاذ اليمن .
فحصاد السياسة الأمريكية واضح للعيان ، أنها لا دين يردعها ولا أصل غدت إليه تعود .
*مدير تحرير مجلة المنتدى -رئيس اللجنة الإعلامية للملتقى السلفي العام