هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
لسنا من الذين تكسوهم البهجة إن تقدمت إيران في شأن ما وأحرزت انتصارات في المضمارين التقني والعسكري لأن ذلك يُعد لإيران وحدها في إطار المشروع الإيراني الصرف، الذي لن يُحرر أرضا أو يُعيد المكانة الاعتبارية للعالم الإسلامي ، وما جعجعته التي صكتنا إلا وسيلة لتقريب الغاية .
في الوقت ذاته لا تضيق صدرونا وتصيبنا الكآبة تحسسا مع تعاظم القوة الإيرانية في المنطقة ، فهي رغم صلفها إلا أنها في كل الأحوال لن تكون أضرى ولا اقسي على المنطقة من ضرتها الصهيو أمريكية، بل لعلها ستساعد الكسالى والضعفاء في المنطقة على التنفس والإفادة من الغيرة في لعبة الدفيء بين الأحضان وهي تداول نفسها بين الحضنين الفارسي الجديد أو الرومي العتيق.
الذي أريده في هذا السياق أن هناك مسلمات في العلاقات بين الدول وصلت في بعضها إلى ما يشبه القوانين والمتواتر عليه، منها أن العلاقات التي تقوم تحكمها محددات على سبيل المصلحة في بعديها القريب والبعيد ، وهي تقدر بمقاييس النسبة والمنسوب ، والآثار البعيدة وعلى مختلف المجالات .
وهذا يعني أن متغير العاطفة للشخصي أو النخبة يغيب تماما مهما ظهر أنه مستفز فلا يظير ، أو بدا بحميمية بين المتقابلين فإنه لا يقدم ما يُذكر لصالح تلك أو على الأمن القومي لهذه .
إلا الدول العربية وحدها عبر تاريخ العلاقات الدولية من تتحرك وتلعب في كل الأحوال والمحطات لصالح مشروع الآخر وعلى حساب أمنها القومي .
لن أتوه بتعداد المواقف والمحطات التاريخية ، وسأكتفي بالأخيرة منها في نماذج ثلاث .
كان هناك شبه إجماع لدى المراقبين والمتعاطين مع الحدث ، أن تدمير العراق واحتلاله سيفتح على المنطقة باب إلى جهنم من الفتن والفوضى ، وأن ذلك سيقوي من أدوات ودعائم الإرهاب ، وهذا ما صرح به مبارك مصر ،وعبدا لله الأردن ، كما أن الإجماع ذاته حول حصول اختلال إقليمي فاضح لصالح المشروع الإيراني في المنطقة الذي لم يلجمه في فترة ما ويكسر شوكته سوى العراق في عهده المكين .
وأن النهاية في نهاية المطاف ستكون مروعة على حساب الأمن القومي لدول المنطقة .
إلا إن دول أصحاب الجلالة والمعالي والعظمة والفخامة كلها سارت على امن دولها القومي في كل أبعاده ولصالح المشروع العدو .
النموذج الآخر في حرب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله ، كان من الواضح تماما أن حزب الله شرع في إعادة الترتيب والتحكم الايجابي لما يسمى بميزان القوى إلى المنسوب الذي يلبي الحد الأدنى في أسوأ القراءات للأهداف التي نشانا عليها وتجرعناها على مراحل منذ طوابير الصباح المدرسية حتى كؤوس المرارة ، وقد كانت تجربة حزب الله الأخيرة مع إسرائيل بمثابة الكسرة لمشروع تهويد وتفتيت المنطقة ، وبمثابة النقلة النوعية لأمننا القومي العربي .
إلا أن دول المنطقة التعيسة بقيادة من تسمي نفسها المحورية ــ وفرضت نفسها وليا للأمر ــ هبت مذعورة ومعها كل ممكناتها تذود عن أمن ومستقبل إسرائيل ، نفس الحال تكرر وبصورة اشد خزيا وخسة عند محرقة غزة .
وقد كانت مصر تحديدا قد واتتها الفرصة على طبق من ذهب لحماية أمنها القومي واستعادة مكانتها المنهكة والمنهوبة إن أستفادت من الفرصة وأحسنت اللعب بورقة حماس كما أبدعت إيران بورقة حزب الله في إطار لعبة المصالح الدولية .
نحن وإيران:
إيران دولة ذات مساحة فريدة ويعتد بها من حيث الجغرافيا السياسية ، وذات كثافة سكانية تفوق بثلاثة أضعاف سكان دول الخليج مع العراق ، فضلا عن شيعتها في هذه الدول والذين يمثلون نسبة كبيرة من السكان والذين يسبق ولاءهم لإيران كل الولاءات الأخرى بما فيها أوطانهم .
اتجه آياتها وحكامها السابقون واللاحقون على بناء المؤسسة الإيرانية ، والعمل لإيران وحدها ، فقام الاقتصاد على أساس مكين ومتنوع ، ورسخت التجربة الديمقراطية فكان التداول والتسليم للشعب حتى في أحلك الظروف ، وكلها إيران أزمات منذ ثورتها ،ثم تحركت عجلة الاقتصاد على أعلى مستوى ، ومثلها التقنية المختلفة .
وقد تم التركيز على المؤسسة العسكرية ، فكانت بإتقان وعلى آخر صرخة حتى وصلت إلى الحد الذي اقض مضاجع الأمريكان وأفزع الصهاينة ، فكانت هي إيران اليوم على المستويين الإقليمي والدولي .
معطيات:
يراهن المحوريون العرب على مواجهة إيران بأمريكا وإسرائيل والدول الغربية إجمالا في ظل واقع الحرب الباردة التي يدور رحاها الآن ، وتعتقد العربية السعودية أنها ستدق رقبة فقيه إيران ونظامه كما فعلت بصدام ونظامه بنفس المعول والحقيقة التي قد تكون هي العكس تماما .
-فإسرائيل يستحيل في ظل كل حساباتها أن تُغامر بضرب إيران ، لأن الأولى لا تمتلك في الأساس مقومات وجودها في الجغرافيا والتاريخ والسكان ، ومن ثم فإن إيران ــ إن غامرت الأولى ــ بقادرة تماما على تدمير إسرائيل وإلغاءها من الخريطة بأسلحتها التقليدية فحسب ، فتجربة كتيوشا حزب الله وحدها وبمحدوديتها أثبتت أنها كانت على وشك التهديد المصيري لإسرائيل .
- كما أن أمريكا هي الأخرى لا يمكن أن تفعلها لاعتبارات واقعها الآن ، ولاعتبار آخر وهو الأهم أن الأمريكان بحسب رأي الدكتور النفيسي لم يجربوا أنفسهم مع القوى الثانية في الترتيب من مثل كوريا ، وإيران ، فضلا عن أن ممكنات إيران من حيث الموقع والتمدد في العراق وبعض نسيج الخليج وامتلاكها لأدوات كحزب الله والتماسك القوي للمجتمع الإيراني ، كلها تجعل من المستحيل على الأمريكان المغامرة .
-ثم أن الولايات المتحدة في الواقع لا يزعجها هذا التمدد وتلك الفاعلية للمشروع الإيراني لأن أثره على أمنها القومي وامن إسرائيل بعيد ولا يمكن أن يقترب ، بقدر ما تستغل ذلك كأداة ليس أكثر لتخويف وابتزاز دول الخليج والمنطقة لبقاء المبرر لوجود لا تستجديه هي إنما ليتوسلون هم لأجله .
على ذلك وبعد أن ثبتت إيران على الأرض بمقومات ملموسة وأخرى لا زالت في الطريق ستنهض بها لأبعد وستعزز فاعلية وحدتها في الردع ، فان ما يُعتقد ــ خطأــ أنها حرب باردة بين من باتوا على مسافة واحدة من نقاط القوة ستنجلي على وفاق تحتمه لغة المصلحة في عرف العلاقات الدولية على اقتسام الكعكة والأدوار كلا وما يليه أو تبعا لنسبة تمثيله من القوة على مسرح الصراع .
من جهة أخرى فثمة احتمالات ليست بعيدة على تراجع الدور الأمريكي بسبب المستجدات الاقتصادية والنزيف الحاصل في العراق وأفغانستان لتغدو أمريكا العمة العجوز التي قد يبقى دورها في حدود القارتين الأمريكيتين، في عالم ــ فترة باتت قريبة ــ ستتعدده الأقطاب بحيث تنتهي الأحادية إلى كلا وإقليمه .
الحقيقة التي تقترب هي أن إيران باتت قوة إقليمية يحسب لها بالنسبة للجوار العربي ، وانه لا توجد دولة عربية ما تكافؤها أو يمكن أن تلوح حتى في مدى الخمسون العام القادمة .
وقد كان يمكن للعربية السعودية ذات المرجعية والمركزية والوفرة الاقتصادية أن تسابق في مضمار التقنية والاقتصاد والتجهيز العسكري ، واستيعاب اليمن عضويا في منظومة الخليج لموقعه ومتغيره السكاني وقابليته للنماء ، إلا أنها بقيت على الاقتصاد الاستهلاكي ، ونفخ الكروش ، والطواف حول الأسرة لذاتها ، فظلت في مسيرتها من التطور والإبداع تبني قنوات روتانا وهشك بالشك ، وإيران في المقابل تبني قواعد ومفاعلات .
نفس الأمر مع مصر ذات المقومات التي لو فعلت لفاقت بها اليابان وربما بعض الدول الغربية نفسها ،لكن النظام المصري أبقى نفسه شركة لتقديم الخدمات للولايات المتحدة وحرس حدود للأمن الإسرائيلي ، وفزاعة على الحكام والأنظمة العربية باسطوانة دي إسرائيل دي أمريكا .
ما دام والصورة هي تلك فالأولى في حسابات اليمن الدولة الفقيرة والمتراجعة في كل شيء أن تكون لمصلحتها وأمنها القومي قبل غيرها ، فليس من الصواب في إدارة العلاقات استعداء إيران كقوة إقليمية فاعلة ذات اذرع ومستقبل واستفزازها لتستدعي نفسها علينا ، أو تُسويها معنا عندما تواتيها الفرص أكثر.
أما موقفها بشان الحوثيين والذي لا يخفى ، ولازالت هي تمارسه باستخفاء ودون مجاهرة فيمكن تحجيمه والتقليل من هذا الدور إلى الحد الأدنى ، على ضوء رؤية متكاملة وعلاقات تبقي على احترام الآخر ، وعدم التدخل في شئونه السياسية ،على أن لا نكون في محور ، أو نحشر في اصطفاف دولي أو إقليمي ما يخدم مشروعات غيرنا .
وربما إيران ارغب ما تكون اليوم لأن تتنازل وتغض الطرف في أكثر من نقطة من أجل تسويق مصالحها ،والإبقاء على سمعتها ، ولعلها ليست من الغباء إلى الحد الذي لا تحسب العوائد المستقبلية للكراهية التي تشحن ضدها في المنطقة .
أما بشان العلاقة مع السعودية فتبقى على ما هي من حيث الحميمية والتوازن ، لكن على أن لا نكون كبش فداء أو نسقها الأول في صراعها مع إيران ، رغم الحرص العميق تجاه أمنها واستقرارها .
لأن نمط كل العلاقات السابقة مع هذه الحبيبة عندنا والألد علينا ، أثبتت لنا عمليا من خلال التعاطي المباشر والغير مباشر أن عافية اليمن سقم عليهم في حساباتهم وحسبما فقهوا ، وأن أسقامنا تدفع لهم بالعافية ، وأن اليماني في وعيهم كا الكناسة لا يزيد ، وهي يبدو واحدة من أهم موجهات السياسة الخارجية للعربية السعودية مع اليمن ذكرها هيكل في بعض كتبه ومقابلاته من أنها وصية تاريخية .
وبشأن التعويل على الموقف المصري ، فهذا لمن يدفع أكثر ، ولا يمكن التعويل عليه لمسافة ذراع ، وهو الذي كان على المنطقة في كل الزوايا ، فمن العراق ، مرورا بالوحدة اليمنية ، فالسودان ولبنان وأخيرا غزة .
فقبل أسابيع كان الموقف المصري المعلن يتشدق بموقفه من انه مع امن اليمن ووحدته واستقراره ، ثم انقلب سريعا إلى الجهة المضادة تماما في افتتاحية الأهرام الرسمية الناطقة بلسان النظام , وهي شنشنة منه معهودة .
فإذا كانت إيران بعيدة عن مصلحة اليمن وأمنه ، فان الشقيقتين المحوريتين ابعد واشد منذ سلسلة من التجارب .
والصواب أن نبقي الجميع على مسافة واحدة من العلاقات في حدود التوازن ، والخبرات ، والمصلحة المشتركة ، واحترام خصوصية الآخر،أما استعداء الآخرين لصالح أجندات أخرى ، واستدعاءه تباعا وعلى غضب إلى داخل السور ،فتلك انعدام رؤية وقلة توفيق .
Alhager@gawab.com