الحكومة الشرعية في اليمن تعلن عن أول تواصل واتصال مع الإدارة الجديدة في سوريا غارات هي الأعنف على صنعاء وغارة استهدفت جبل بالحديدة طقس جاف شديدة البرودة على هذه المحافظات خلال الساعات القادمة ضربة قوية تهز الهلال.. 6 نجوم على أعتاب الرحيل اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق جيش السودان يسيطر على أكبر قاعدة عسكرية 8 قيادات بارزة ضمن قائمة بأهداف إسرائيلية في اليمن.. وقيادات حوثية تفر إلى صعدة فتح كافة المنافذ الحدودية بين السعودية واليمن هكذا تعمق المليشيات معاناة المرضى بمستشفى الثورة بصنعاء القائد أحمد الشرع : أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
أولا علينا أن نعترف أننا كيمنيين فشلنا في كل شيء ، فشلنا في تحقيق إنسانيتنا وبقينا على النمط التقليدي البدائي ، فشلنا في النمو الاقتصادي الطبيعي الذي يحدث لكل شعوب العالم وفشلنا في التطور السياسي القائم على التسلسل الحضاري المتدرج ، فشلنا حتى في تحديد أولويات مشاكلنا المتراكمة التي نحرص على تكديسها أو ترحيلها دون النظر جديا في القضاء عليها .
كل هذا الفشل لم يكن ليأتي لأن اليمني بطبعة إنسان فاشل ، ولكن لوجود خلل سياسي فاضح قاد البلاد نحو أزمات كبيرة ومتتالية ، وكان ولا بد لهذه الأزمات أن تصل إلى مرحلة وتنفجر بشكل مجنون وبعدة اتجاهات عشوائية فيستحيل التحكم بها أو إعادة كبتها من جديد .
من المخجل انه وبعد سبعة وأربعون عاما من قيام الثورة على حكم " رجعي " مازالت اليمن تصنف بأنها دولة فاشلة ، وهذا التوصيف يعني أن هذه الدولة إضافة إلى رجعيتها في تطبيق الأنظمة تجاه مواطنيها هي أيضا لا تستطيع أن تحكم وتسيطر على كافة أراضيها كما أنها فشلت بشكل كبير في تحقيق أية تنمية تذكر لينتهي بها المطاف وهي تحتفل بهذا العيد على حروب في الشمال ضد جماعات مذهبية ترى في الحكم الجمهوري ردة على الدين واضطرابات عنيفة في الجنوب تطالب بتقسيم البلاد بعد أن فشلت معايير الوحدة في تحقيق أي هدف من أهدافها لتفقد الثورة كل معانيها المادية والمعنوية .
إذا على ماذا ثار اليمنيون ؟ ، ولماذا سميت ثورة وهي لم تجني أي شيء سوى المزيد من الفشل والحروب والانقسامات ، ولماذا صرنا وبعد كل هذه المدة مجرد مجموعات طائفية مذهبية أو جهوية مناطقية ، لماذا هذه النعرات الفارغة فيما بيننا ، نقتتل لأتفه الأشياء ونرفع الأسلحة في وجوه بعضنا ، لماذا تحول شيء جميل مثل الوحدة اليمنية إلى كابوس صار الكثيرون يتمنون زاوله وإعادة التشطير من جديد ، من يتحمل المسئولية التاريخية تجاه هذا الفشل الكبير ، إذ إننا وللأسف الشديد لا نملك دولة حقيقية ولا مؤسسات دستورية أو قانونية لا نملك إي هيئات يعول عليها إذ ما سقط رأس النظام بأي شكل من الأشكال ، فاليمن مهدد دائما في كل أحواله ودائما هو في مشاكل مستمرة لا تنتهي أبدا .
ما يحدث في اليمن قد حدث ، أنه أمر واقع لا يمكن أبدا تجاهله أو التقليل منه ، وما يظهر على السطح ليس إلا سنام الجمل ، بينما الأسس وأعمدة هذه المشاكل غائرة في التربة اليمنية وفي الوجدان اليمني كأحد أسباب شقائه المؤبدة ، فما كان لهذه الحرب في صعدة أن تكون ، وما كان لدعاة فك الارتباط أن يجدوا كل هذه الشعبية لو تم التعامل مع الإنسان اليمني بقدر يسير من الاحترام والتقدير .
لكن علينا أن نقر _ من باب حقن الروح بشيء من التفاؤل _ بأن هذه الأمور غير طبيعية وطارئة ومزعجة ، لكنها موجودة وأن أي عملية لمحاولة إنهائها هي عملية بليدة لن تؤتي ثمارها إذا اعتقدنا أنها مشاكل قائمة بذاتها ومستقلة عن باقي المشكل الأخرى في البلاد ، فلا يمكن لأي مشكلة أن تكبر وتتضخم إذا لم يكن لها ما يغذيها من عوامل اقتصادية وفكرية وسياسية ، أنها التربة التي تقوم عليها كل المشاكل والتي تحتاج إلى قلب وإعادة إنعاشها حتى نتمكن من زرع شيء جميل ولو مرة واحدة في حياتنا .
كيف يمكن القضاء على الحوثية ، وآله الموت تحصد الأرواح منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر دون أي تقدم يمكن أن يعول عليه عدى الكثير من التشريد والهدم والجعجعة الإعلامية ، إنها حرب استنزاف ستبقى كما هو واضح لمدة يصعب التهكن بها خاصة أن الرئيس هنا يفقد مقدرته على إنهائها بشكل مفاجئ مثل المرات السابقة ، فاليمن ومنذ مدة طويلة لم تكن ساحة تصفية بين دول إقليمية خارجية مثل ما هي عليه الآن مما يجعل الحسبة في هذه الحرب تختلف كثيرا وتخرج خيوطها لتمدد خارج الحدود القطرية ، والخشية أن كل طرف إقليمي سوف يقوم بتغذيه الجهة المحسوب عليها في حرب طويلة محاولا منه إنهاك خصمه في اليمن ، واليمن كما يعرف أي متابع باتت مستعدة لخوض ما هو أسوء نتيجة لتفكهها كدولة حقيقية ولتفشي حالة الفقر الكبير التي تسهل الاختراق الخارجي .
أما لماذا وحتى اللحظة لم يستطيع الجيش اليمني المجهز بكافة الأسلحة الحديثة من حسم معركة كان من المفترض بها أن تكون خاطفة ، فهنالك من يرى أن سبب هذا العجز هو امتداد طبيعي لحالة الانهيار الكبير الذي تعاني منه البلاد دون أن يستثني أحد والتي من ضمنها المؤسسة العسكرية التي هي باتت هي الأخرى مخترقة من جماعة الحوثي ، كما ظهر جليا ضعفها وعدم مقدرتها على الإنتقال من خط الدفاع إلى الهجوم ، فنحن نسمع بين الحين الآخر تراجع هذا الجيش داخل مدينة صعدة ذاتها وتعرضه الدائم لهجمات الحوثيين الذي وان فشل يبدوا لنا كأنهم هم من يملكون زمام المبادرة وأنهم هم من يهاجم ويحاول أن يتمدد في وقت أنه من المفترض به أن يحدث العكس ، هذا الجيش الذي سلم قبل فترة لواء كامل بكل أسلحته وعتاده للحوثيين يعاني من أشياء كثيرة ربما أهمها العقيدة العسكرية ..وإهمال قطاعات عسكرية عديدة مقابل تطوير قطاعات خاصة هذا الترهل وهذه المدة التي تعتبر نسبيا طويلة في هذه الحرب تجعلنا بعد أن رأينا أن الدولة استخدمت أعنف ما لديها دون أن تحقق أي تقدم ملموس أن نخشى أن يتوجه الحوثيون إلى صنعاء ويسقطوها ويعلنوا إقامة خلافتهم الدينية المقدسة .
التمرد الحوثي بشقيه المذهبي الذي أنقلب على الزيدية أو العسكري الذي يحارب الدولة خطره يكمن في رجعيته المطلقة التي تفوق رجعية وتخلف المؤسسة الحاكمة ذاتها ، كما أن الوعي العقدي المتشدد الذي ظهر جليا أثناء المعارك ينبئ عن حالة تطرف كبيرة ومتشنجة تجاه الآخرين بعيدة كل البعد عن التسامح والتعايش، وأن من يرفع شعار الخميني لا يستطيع أن يكون معتدلا ونخشى أن تمر اليمن بما مرت به الثورة الفارسية التي قامت بتصفية أكثر من مليونين إيراني بعد إسقاط الشاه كبداية إعلان حالة الدولة الأحادية المستبدة باسم الدين .
و الحوثية تعني حالة من الغيبوبة الزمنية ستعيد اليمن إلى ما قبل الحياة العصرية مما يعني دويلة تشبه دولة طالبان لكن بنسختها الشيعية التي ستكون بؤرة توتر جديدة في الجزيرة العربية لا تحمل أية أفكار تنويرية وستمارس حالة من الكهنوتية تجاه أتباعها قائمة بالأساس على العرق الذي يمنح نفسه أفضلية عن باقي الأعراق الأخرى .
الحوثيين سيخوضون حرب طويلة مع الدولة هم من الواضح أنهم مستعدون لها جيدا مما سيؤثر كثيرا على كل مناحي الحياة الأخرى وسيصيب البلاد بشلل أكبر مما كانت عليه سابقا وسيعطي الحجج تلو الأخرى للنظام الحاكم بممارسة شيء من الإقصاء والعنف تجاه المعارضين لسياستها مثل حالة اختطاف الصحفي محمد المقالح الذي لم يعرف أحد له من طريق حتى اللحظة ، وهذا شيء مخيف إذ انه لا أحد في مأمن حاليا من النجاة من هذا الأسلوب البوليسي الذي يتعرض للمواطنين في الفجر ويختطفهم دون أن يترك لهم من أثر ، إن اختطاف المواطنين يضعنا أمام إشكالية عميقة تمارسها عقلية حجرية مستبدة سمحت لنفسها بخرق كل القوانين والأنظمة دون أن تخشى عقاب أو محاسبة بحجة أن البلاد تستدعي إستخدام مثل هذه الأساليب لتحقيق الأمن وأن القضاء والمحاكم هي مضيعة للوقت أمام عدالتهم الفورية !.
النظام والحوثيين ليسوا هم مشاكل اليمن الوحيدة ، هنالك حراك جنوبي حي وفعال أستطاع أن يستقطب أفئدة أغلبية اليمنيين في المحافظات الجنوبية والشرقية وصارت أعلام جمهورية اليمن الشعبية ترفرف فوق كل المنازل ، وصارت المظاهرات تزداد عددا وزخما وتجد لها دعما ودبلوماسية هادئة تعمل في الخارج ، كما أن هذا الحراك أستطاع أن يوحد صفوفه ويقوم بعملية مصالحة تاريخية بين جميع الفرقاء في الجنوب ناهيك أنه أستطاع أن يحرج النظام بإصراره على العمل السلمي الحضاري الراقي وعدم إنزلاقة إلى العمل العسكري ، ويختلف هذا الحراك عن الحوثيين بأنه يطالب بنموذج أعلى وأكثر رقيا عن النظام الحاكم بعكس الحوثيين الذين يعملون لتحقيق نموذج أكثر تخلفا وبؤسا ، والحراك حين يرفع مطالبه بفك الارتباط عن الوحدة فهو يصل إلى هدف طالما النظام دعمه بتجاهله المعتاد للمشاكل السياسية والاقتصادية ، وعلنا كلنا يتذكر وصف الرئيس لهم بأنهم زوبعة في فنجان ، وهاهو الآن يرضخ لهذه الزوبعة بإعلانه تنفيذ حكم محلي واسع الصلاحيات ويقايض هذا العمل بتعديل دستوري ربما يحاول من خلاله منح نفسه تمديد جديد في الحكم كعادته .
في شمال الشمال مع التمرد الحوثي ، وفي جنوب اليمن مع دعاة الانفصال ، وفي النظام الفاشل ، هم جميعهم نتيجة فساد إداري مستشري وانعدام أخلاقي وتحلل القضاء والمحاكم من أقل مقومات النزاهة المتعارف عليها وأن كل شيء في اليمن عرضه للنهب والسرقة والتقاسم ، ويقف أيضا خلفهم جيش من المتنفذين الذين هم مستعدين لحرق الشعب اليمني كله إذا تعرضت مصالحهم للمس وهم هؤلاء من يسمحون لأنفسهم بعمليات ضخمة للتهريب والاستيلاء على أراضي وممتلكات الغير والقتل أن أستدعى الأمر في قلب العاصمة وفي النهار ، هم هؤلاء من يرفعون صورة الرئيس عاليا ويدافعون عنه بكل ما أوتوا من قوة ، وهم أنفسهم من قال عنهم الرئيس أنه لا يريد أن يكون مظلة لهم في آخر انتخابات رئاسية له ، ومع ذلك ظل الوضع على ما هو عليه، وانفرطت بعدها حبات المسبحة في اليمن واحدة تلو الأخرى لأنه من غير الطبيعي أن يستمر كل هذا الترهل والانحلال والفساد والنهب إلى ما لا نهاية .
هي اليمن في النهاية ، حاضنة لكل أحلامنا والكثير من أمانينا ، وهي اليمن التي تستحق وضع أفضل بكثير مما هي عليه ألان ، وبما أن هذه المرحلة هي مرحلة تاريخية بكل ما تعنيه هذه الكلمة ، فهي حتما تريد رجال تاريخيون بمقام الحدث ، رجال يفهمون جيدا أن كل شيء معرض للانهيار في أية لحظة ما لم يتحركوا ويضعوا حدا له بأية وسيلة متاحة أو حتى غير متاحة .