بايدن يوافق على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 571 مليون دولار لتايوان كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء خلافات تعصف بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.. تحركات للإطاحة بمهدي المشاط وحزب المؤتمر يوجه صفعة جديدة لعبدالملك الحوثي.. عاجل السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية القوات المسلحة اليمنية: أبواب صنعاء ستفتح قريبًا وخطة تحرير العاصمة تسير بخطى ثابتة
من المهم أن نشيد ببعض الجوانب المشرقة في مسيرة العمل الإسلامي، وأنْ نزرع الأمل والحياة والفأل الحسن في الأمة، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولكن الأهم في المسيرة دوماً أن نقيّم ونقوّم المسار كلما أتيحت لنا الفرصة، وأن نعزز من فقه المحاسبة والمراقبة والمعاتبة لأنفسنا، لنتحرر من الأهواء الشخصانية والأمزجة الذاتية، والحظوظ النفسية، وأن تكون الوجهة في كل الأحوال خالصة لله رب العالمين، وأن نسد مجاري إبليس ما أمكن ذلك.
أحسب أنَ من العدل والإنصاف القول بأن الإسلاميين يجيدون – إلى حد ما- فن الاختلاف، ويحسنون ثقافة الحوار، ويؤمنون بالاجتهاد، كما أنهم يحترمون كرامة الإنسان وحريته، ولعلّ هذه هي أبرز ما يمتازون به، وإن أخفقوا في بعض الجوانب الأخرى، إلا أنّهم في هذه الجوانب نحسب أنهم هم الأوفر حظاً فيها والأعلى قدحاً في تعزيزها وترسيخها، على المستوى الإسلامي، داخلياً وخارجيا.
تُرى على سبيل المثال: لو أنّ الدكتور حسن الترابي الزعيم السوداني المعارض، الذي يرى -خلافاً لجمهور الأمة السودانية، بل وخلافا لعلماء الأمة قاطبة- ضرورة تسليم الرئيس السوداني نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية!!، ترى لو أن الدكتور الترابي كان في دولة عربية ديمقراطية، أين سيكون مصيره؟!.
بالطبع لا تسأل عن مصير الدكتور الترابي، حينذاك، بل لا تسل عن شارعه وأهله وعشيرته، وسل عن مدينته وإقليمه ما مصيرهما، وما سوف يصيبهما جراء الديموقراطية العربية؟!!.
لكن لم يعدوا الأمر أن استدعي د. الترابي للمساءلة، والاستضافة الكريمة، ثم عاد إلى أهله، مسرورا مبتسماً ضاحكاً – كعادته- ليكرر ما يراه ويعتقده، وعلى رؤوس الأشهاد، بلا خوف من اغتيال أو تصفية جسدية أو هجوم أمن الدولة، في منتصف الليل أو وقت السحر.
أليست هذه صورة مشرقة من صور الديمقراطية على الطريقة الإسلامية يسطرها النظام السوداني الإسلامي بأحرف من نور؟.
بالمقابل لنا أن نسأل بعض الأنظمة العربية الديمقراطية جدا، عن مئات وآلاف المعتقلين الذين لا يعلم عنهم أحد، لا يستطيع حتى أهليهم أو أقاربهم مجرد السؤال عنهم!!.ربما جرم أحدهم أن له لحية أو أعيناً ربما تشبه أعين الإسلاميين، في وجه من الوجوه.
إسلاميو تركيا الذين انشقوا عن مسار أستاذهم نجم الدين دربكان، وأداروا دفة الحكم باقتدار، وهتفت لهم جماهير الأمة التركية، صباح مساء، مع ذلك لم ينس السيد رجب طيب أردوغان في زحمة الأعمال والمهام الوزارية الكبرى، أن يهاتف أستاذه القدير نجم الدين، بين الفينة والفينة، ليسأل عنه، وعن صحته وعن صحة عائلته، كما صرّح بذلك البروفيسور أربكان نفسه في حوار مطول معه نشرته جريدة الشرق الأوسط.
البروفيسور/ عبد المجيد الزنداني المتحمس للقول بعدم جواز ولاية المرأة، وعدم جواز مشاركتها في المجالس النيابية والتشريعية، ويكاد يقسّم الناس إلى فريقين: فريق مع ولاية المرأة وفريق ضد ولاية المرأة، رأيناه يترأس مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح لبضع سنين، وفيه سيدات نائبات، لم يَفتْ الأستاذ الزنداني الترحيب بهن في أول يوم لانعقاد المجلس، بعد أن أقر مؤتمر الإصلاح مشاركة المرأة في مجلس شوراه، خلافاً لرأيه، بل قال الرجل قولته المشهورة \"لأن نجتمع على أمرٍ مرجوح، خير من أن نفترق على أمر راجح\" واستحق بهذه المقولة الرائعة أن تهتف له القاعة، بل والجبال والأودية والسهول، لأن هذه هي منهجية النبيين والمرسلين والمصلحين، ولأن الخلاف شر، كما قال ابن مسعود، رضي الله عنه.
إذن الإسلاميون – في تقديري- هم الأرحب أجواءً والأوسع صدراً والأعلى قدحاً، والأوفر حظاً، والأسعد طريقاً، والأصوب منهاجاً، في تقبل الرأي الآخر، لا بل التعايش معه، لا بل تسليمه في بعض الأحيان زمام الأمور، طالما وهو ينتمي –ولو في الجملة- إلى هوية الأمة وثقافتها وحضارتها.
يشوش من وضوح وصفاء هذه الصورة الوضاءة المشرقة في بعض الأحيان بعض الفلتات من البعض بدون قصد أو تعمد، فلتات صحفية أو إعلامية كبعض التصنيفات غير اللائقة، لأجواء الإخاء الإسلامي الذي سار عليه الإسلاميون منذ نشأتهم وإلى يوم الناس هذا، وهو أمر طبيعي لكنه قد لا يكون مفهوماً لدى الرأي العام، أو الوسط الإعلامي.
ففي أجواء الخلاف والنزاع والشقاق، ربما تسقط بعض الألفاظ غير المقصودة، لا يمكن أن تحمل إلا على الغضب الفطري، كما وقع بين بعض الصحابة حين اختلفوا فقال أحدهما: \"يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ\" ولأنهم في مجتمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فلم يفهموا ما يمكن أن يفهمه أهل عصرنا، بل اعتبرو الأمر رد فعل نفسي غاضب، وحسب، لا أكثر ولا أقل، ولم تنقل وسائل إعلامهم آنذاك، أن ثمة انشقاقا وقع بين الصحابة أو أنّ هناك تياران متصارعان متناحران داخل صف الصحابة الكرام.
مثل هذا الخلاف الذي قد يصل إلى رفع الصوت والسباب، قد يقع بين الإخوان والأحباب، إنما الحرج في نشره للرأي العام الملوث أو للأقلام المتربصة، أو للأفهام السقيمة.
من هذا القبيل شيوع بعض المسميات في الوسط الإسلامي الدعوي، أو لدى بعض \"طلبة العلم\" كمحاولة إلباس بعض الدعاة والعلماء جبة أو قميص أو عمامة \"اللبرلة الإسلامية\" أو كون بعض الباحثين الشرعيين أصابته لوثة الغرب!!. لا لشيء إلا لأنهم خالفوا زيداً أو عمرواً في اجتهاده.
مثلاً وليسمح لي الجميع بالتمثيل، فبالمثال يتضح المقال، الإخوة الكرام المشايخ الذين رأوا أنه لا بأس بتحديد سن الزواج، نظراً لما تقتضيه المصلحة، أوسداً لذريعة المتاجرة بالصغيرة القاصرة، من أولياء الأمور ذوو الضمائر الميتة، أُلاء في احتجاجهم أو استدلالهم، لم يحتجوا بآراء ليبراليين أو علمانيين، وإنما احتجوا بأقوال أهل العلم والفتيا، أمثال العلامة ابن باز والعثيمين، يرحمهما الله، والشيخ العبيكان، فلا يليق والحال هذه أن تزلّ بعض الأقلام فتصف هؤلاء بأنهم متأثرون بالغرب، أو بالثقافة الليبرالية، وذلك لسبب بسيط هو أن الشيوخ المستشهد بكلامهم هم علماء الإسلام، فيما يظنه العاقل، وليسوا ليبراليين.. لكنها سقطة قلم، ليتها لم تكتب.
أيضاً بالمقابل من رأى عدم تحديد سن الزواج، من أهل العلم، ورأى إبقاء ما كان على ما كان، على نحو ما سارت عليه الأمة قديما وحديثا، بدون تحديد لسن أو عمر معين للزواج، لا يقال عنهم أنهم \"جامدون..\" لأنّ كلا القولين لهما حظ كبير من النظر، ولا إشكال فيهما، إنما الإشكال في تقديري من جهة صياغة القانون.
فالقائلون بجواز تحديد سن الزواج، أكثر موافقة لفقه الواقع، والقائلون بعدم تحديد سن الزواج أقرب إلى ظاهر النص، والأفضل والأكمل والأسلم فيهما، هو العمل بظاهر النص كما يرى الإمام أحمد وغيره رضي الله عنهم أجمعين، إذ النص الشرعي في ذاته جاء مراعياً للواقع ومتغيراته، فقد تبلغ الصغيرة سن 12، أو 13 عاماً، فيجب تزويجها ولو بنعل أو نعلين، لاكتمال نضجها النفسي والجنسي وحاجتها الفطرية للزواج..وفي هذه النقطة يأتي دور المقنن البصير والحكيم الذي يجمع شتات الآراء ولا يفرقها أو يبددها، وهو ما افتقده القانون اليمني محل النزاع والخصام، لقلة أو لندرة الحكماء في المجلس التشريعي اليمني.
لكن مع الاختلاف الفقهي يتسع الأمر ويقل الحرج، بإذن الله، وإنما الإشكال في نقل القضية من هذا الإطار العلمي، المحتمل للآراء والتباينات، إلى الإطار الإعلامي، ليصحبه بعض التنازع والاتهام،غير المبرر، أحسب أن هذه هي النقطة المجافية للشريعة السمحة.
والله من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين،،
Moafa12@hotmail.com