ارتفاع حصيلة هجوم ألمانيا إلى 4 قتلى و41 مصابا واشنطن توافق على بيع أسلحة ل دولة عربية بقيمة خمسة مليارات دولار قد لا تصدقها… 7 طرق لتقوية جهازك المناعي فى الشتاء شهداء في جباليا والاحتلال ينسف المنازل بجنوب غزة وشمالها الريال اليمني يحافظ على استقراره أمام العملات الاجنبية بايدن يوافق على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 571 مليون دولار لتايوان كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الصبري يتحدث في الحوار التالي عن الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على اليمن وغيرها من القضايا الاقتصادية ذات الصلة.. نترككم مع الحوار:
حاوره : أسامة غالب
- حديث الساعة اليوم الأزمة المالية العالمية.. ماهية هذه الأزمة وكيف جاءت؟
* سبب الأزمة المالية العالمية أن المؤسسات المالية الاستثمارية تساهلت في معايير منح القروض العقارية مما أدى إلى منحها إلى غير المؤهلين إئتمانيا وماليا بفوائد ربوية مرتفعة تحت ما ي سمى "سوبرايم" بشروط تؤدي إلى تعاظمها مع مرور الوقت غالبا بعد مرور السنتين الأولى وكلا المقرضين والمقترضين كانوا يعولون على توقعات ارتفاع أسعار العقارات نظراً لما شهدته سوق العقارات الأمريكية من ارتفاعات متواصلة منذ عام 1995 وحتى عام 2005 بلغت في المتوسط أكثر من 150% وعلى هذا الاساس كانت تمنح القروض بحيث تحترز المؤسسات المالية على نفسها فيما لو تخلف المقترض من خلال ثلاث وسائل (1) بيع العقار بسعر مرتفع، (2) الاقساط الشهرية العالية من الفوائد وغراماتها، (3) التأمين على تلك الاستثمارات، كما أن هناك وسيلة اخرى تسمى عملية الاشتقاق المالي لجأت اليها بعض المؤسسات التمويلية اي بيع الديون إلى بنوك وشركات استثمارية بغرض الربح والمضاربة ونقل المخاطر من مستثمر إلى أخر، أما بالنسبة للمقترض فقد كان يؤمل بأن ارتفاع سعر العقار سوف يحسن من قدرته المالية للإقتراض ويعوض من خسارته ومن ثم يحسن من سمعته المالية وبالتالي يتمكن من إعادة التمويل بعقد جديد وبشروط ربوية أقل بل ويوظف الحاصل عليها ضمنيا من زيادة قيمة العقار في استثمارات أخرى يحسن وينوع من دخله..
وبسبب زيادة تدفقات السيولة المالية الرخيصة على أمريكا بغرض الاستثمار من جميع دول العالم بما فيها البرازيل والأرجنتين والصين والدول العربية النفطية توسعت عملية الاقتراض العقاري لمحدودي الدخل بلغت 1.3 ترليون$ مما وسع من عملية بناء المنازل وارتفاع اسعارها بشكل جنوني وهكذا تواصلت هذه الدورة الاقتصادية حتى استثمرت المؤسسات المالية معظم اموالها في الاستثمار العقاري حيث تقدر السوق العقارية الأمريكية بمبلغ 12 ترليون$ أي بما يعادل 86% من الناتج المحلي الأمريكي.
لكن بسبب العرض الزائد للعقارات بدأت اسعار العقارات تنخفض في عام 2006 وهكذا وجد المقرضون والمقترضون أنفسهم في مأزق فبيع العقار لن يؤدي إلى إرجاع مبلغ التمويل وتكلفته كما أن الاقساط الشهرية بالنسبة للمقترضين أصبحت مرتفعة جداً مقارنة بقيمة العقار المنخفضة خاصة تلك التي قد مر عليها سنتين وبالتالي كثير من المقترضين تركوا منازلهم تحت ما يسمى (فوكلوجر) قدرت بـ 1.3 مليون منزل في منتصف عام 2007..
ولهذا وجدت المؤسسات المالية والاستثمارية نفسها في ورطة مالية فلا الوسيلة الأولى ناجعة في إرجاع تمويلها بل لم تجد حتى مشترين لتلك العقارات ولو حتى بأسعار منخفضة كما أن الوسيلة الثانية غير متوفرة بسبب هروب المقترضين وخروجهم من المنازل ومن ثم لجأت إلى شركات التأمين التي أيضا أفلست بسبب كثرة التعويضات وهكذا تداخلت المشكلة ما بين الشركات العقارية والبنوك والمستثمرين وشركات التأمين فمنها من احجمت عن الإقراض ومنها من انحسرت سيولتها المالية ومنها من أفلست وتراكمت عليها الفوائد وهكذا بدأت تتساقط الواحدة تلو الأخرى ابتداء ببنك بير ستيرنز وفريدي ماك وفاني ماي ثم لحقة ليمان براذرز الشهير وهكذا سرت نفس المشكلة على دول اوروبا والصين وتدخلت الحكومة الأمريكية لإنقاذ أ أي جي وتوسطت في البعض ورفعت من تكلفة التأمين لصغار المودعين إلى حد 250 ألف$.
أما فيما يتعلق بأسبابها فأنا قد ذكرتها ضمنيا في البداية لكن يمكن تلخيصها في التالي: الأسعار العقارية المبالغ فيها والتي على أقل تقدير تزيد عن سعر التكلفة بـ 50% وما صاحبها من بناء منازل على طول وعرض امريكا، المضاربة المبالغ فيها والغير شريفة، القروض غير المضمونة لغير المؤهلين، الاشتقاقات المالية اي ممارسة بيع الديون، التدليس في بيانات المقترضين التأهيلية والتدليس عليهم عند كتابة العقود وإرساء الشروط المجحفة، الغش والخداع من قبل السماسرة والوسطاء على طرفي العقد، السياسة الحكومية المحايدة وتضارب المصالح، وسياسة البنك المركزي المتبعة منذ بداية عهد الرئيس ريجان التي تركت الحبل على الغارب كما يقولون أي عدم تدخل الحكومة في اعمال القطاع الخاص وجعل السوق يحكم حكمة.
- برأيك من المستفيد من هذه الأزمة إذا افترضنا جدلا طالما أن هناك خاسر فعادة يقابله رابح؟
* هناك استفادة مباشرة واستفادة غير مباشرة، بالنسبة للمستفيدين مباشرة هم اصحاب الأعمال المتعلقة انشطتهم بمواد البناء والتشييد سواء كانت مواد مصنعة محليا او مستوردة مثل الأخشاب والحديد والأسمنت ومتطلباتها حيث على المستوى الخارجي تعتبر الصين وكندا من أكثر المستفيدين كونهم من أكبر مصدري مواد البناء والتشييد إلى أمريكا، كما ان الوسطاء والسماسرة في مجال العقارات كانوا الرابح الأكبر والذين كانوا سبب المشكلة حيث كانوا يحصلون على عمولات من طرفي المعادلة، أما بالنسبة للاستفادة غير المباشرة فأمريكا على المستوى القومي هي المستفيد الأكبر من خلال جبايات ضرائب المبيعات والدخل التي جنتها على المستوى الفيدرالي والولايتي والمحلي أثناء عمليات البيع والشراء كمدخلات لإنتاج البناء والتشييد ومبيعات المنازل، حيث وظفت تلك الطفرة المالية في إيرادات الضرائب من قبل الولايات والحكومة الفيدرالية في بناء بنية تحتية من طرقات وكهرباء ومجاري ومدارس ومستشفيات لتتواكب مع التمدد العمراني لبناء المنازل وهكذا تمتلك الآن امريكا بنية تحتية تكفيها لعقدين من الزمن، هذا في مجمله يمثل نمو الناتج المحلي الأمريكي على المستوى الفيدرالي والولاياتي إثناء فقاعة البناء والتشييد وخاصة خلال الثلاثة الأعوام 2003 -2005،
- هناك من يقول بأن الأزمة بداية النهاية لأمريكا؟
* ليست أمريكا بعزيزة على الله لكن مجمل المؤشرات تشير بأنها أزمة مالية محدودة التأثير على الاقتصاد الأمريكي فهناك زيادة في عجز الموازنة الفيدرالية ولـ 15 ولاية على رأسها كلفورنيا وارزونا وفلوريدا ونيويورك وهناك بطالة محدودة ارتفعت من 3% الى 5% وبشكل عام فقد شعرت الإدارة الأمريكية بالأخطار المالية والاقتصادية وما ستتركه من آثار سيئة على سمعتها الاقتصادية كجاذبة للأموال ولهذا تعمل الإدارات الاقتصادية هذه الأيام ليل نهار لتجاوز الأزمة على المستوى الداخلي وكذلك على المستوى الخارجي من اجل تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب ومما لا شك فيه بأن امريكا ستحتاج على الاقل إلى 3 سنوات حتى تستعيد ثقة المستثمرين الأجانب إلا انه من الملاحظ بأن امريكا ستتجاوز هذه المشكلة في اقرب فرصة ممكنة فهي دولة ثقافتها النظام والقانون والعمل المؤسسي وتتقبل الصدمات بشفافية فهذه ليست اول ولا اخر ازمة اقتصادية فقد واجهت امريكا منذ عام 1929 عشر ازمات اقتصادية خرجت من كل واحدة منها اكثر قوة وعنفوانا وإنتاجا فها هو الرئيس ريجان قلب الكساد الاقتصادي في عام 1980 الى نمرود اقتصادي والرئيس كلينتون حقق فائضا كبيرا في الموازنة بعد أزمة عام 1991-1992 وها هي أمريكا بعد 11 سبتمبر 2001 حققت معدلات نمو مرتفعة حتى ولو كانت على حساب الأزمة الحالية الا أن المواطن العادي استمتع بثمرات ذلك والخاسرون بشكل كبير هم كبار المستثمرين الأمريكيين والأجانب أما صغار المودعين والمستثمرين في بورصات الأسهم والسندات واموال صناديق التقاعد فسوف تجد لهم الحكومة الأمريكية حلولا وضمانات مالية ومعيشية فليس هناك خوف فأمريكا تتعلم من أخطائها وتكيف نفسها بسياسية اقتصادية بما يتناسب مع كل دورة وأزمة اقتصادية.
- ما مدى انعكاسها على القطاع المصرفي اليمني؟
* برغم ان اقتصاد اليمن صغير جدا نسبيا إلا انه خلال نفس تلك الفترة شهدت المدن اليمنية طفرة كبيرة في التمدد العمراني والعقاري بصورة ملحوظة في كل من صنعاء وعدن والمكلا واب وتعز لأسباب كثيرة اغلبها سياسية واقتصادية وقد عكست تلك الموارد المالية نفسها في ميزان المدفوعات وخاصة عوائد المغتربين أو في استثمارات اجنبية.. لو حصل ركود في البناء والتشييد واحجم المغتربون عن مواصلة التحويل الاجتماعي والاستثماري سوف يتأثر بالتأكيد ميزان المدفوعات، اما بالنسبة لتدفق الاستثمارات الاجنبية فهي منخفضة في الأصل اللهم إلا من الاستثمارات النفطية والغازية ولهذا قد تؤدي هذه المشكلة المالية العالمية الخارجية إما إلى زيادة الركود أو تحول الأموال العربية إلى الاستثمارات الداخلية بما فيها اليمن ومن ثم تنعكس إيجابيا ولهذا يعول على الفريق الاقتصادي الحكومي في كيفية الاستفاد من الأزمة.
- لكن البنك المركزي اليمني أكد عدم وجود أي تأثير على بلادنا .. هل نحن من كوكب آخر؟
* ارتباطات اليمن المالية بالعالم الخارجي محدودة جداً ولهذا سيكون تأثيرها محدود جدا ومن هذا المنطلق ينطلق البنك المركزي في تقييمه حيث من المعروف بأن البنك المركزي موظف الاحتياطيات إما في الصناديق العربية أو في البنوك الآمنة في أوروبا وفي سندات الخزانة الأمريكية وبالتالي كان البنك المركزي يسعى دائما نحو الاستثمار الآمن ولو بفوائد منخفضة.
- كدولة نامية.. ما هو تأثير هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني وخاصة ان الحكومة تعول كثيرا على القروض والمنح الدولية ومستوى تدفقها خصوصا؟
* هناك عامل إيجابي للأزمة لم تتحدث عنه وسائل الإعلام إلا القليل وهو ان انخفاض المضاربة على المواد النفطية والغذائية قد يؤدي إلى انخفاضها على المستوى العالمي وفعلا انخفضت اسعار النفط الى 70$ مقابل 150$ وستلحقها المواد الغذائية إلى حد ما وبالتالي ستستفيد الدول النامية بما فيها اليمن، حيث ومنذ بداية الأزمة المالية في عام 2006 بدأ يشعر كثير من المستثمرين بأزمة الاستثمار العقاري ولتعويض خسائرهم تم توظيف مبالغ هائلة في المضاربة في الأشياء العينية مثل المواد النفطية والغذائية وهذه كانت احد الاسباب الرئيسية لإرتفاع اسعار النفط والمواد الغذائية خلال عامي 2007-2008 وها هو ما أن ظهرت الأزمة إلا وبدأت الأسعار تنخفض حيث وبالفعل معدل تضخم المواد الغذائية في امريكا بدأ ينخفض بمعدل 1.5% هذا من جانب ومن جانب آخر مما لاشك فيه بأن تداعيات الأزمة المالية العالمية للدول المانحة سوف يحد من تبرعاتها للمؤسسات المالية والتنموية كالبنك الدولي والأمم المتحدة، لكن حجم المساعدات والقروض الدولية لليمن ايضا هي محدودة جداً لم تبلغ في احسن تقدير 700 مليون$ في السنة، فإذا كانت الموازنة ستبلغ على أقل تقدير 10 مليار دولار وأغلبها مرتبات ودعم ديزل ومعظم الموازنة الاستثمارية يعتمد على المساعدات والقروض الخارجية وبالتالي سوف تتأثر عملية التنمية .. لكن تداعيات الازمة المالية قد تكون ايجابية على مستوى الموازنة فبمقدار تأثير انخفاض اسعار النفط على الإيرادات سوف تنخفض اسعار الديزل المستورد والذي يثقل كاهل الموازنة بأكثر من 2 مليار دولار كما سيكون له تأثير إيجابي على مستوى معيشة المواطن في حالة انخفاض أسعار المواد الغذائية المستوردة.
- هل نستطيع القول أن نسبة الـ20% مما تبقى من برنامج رئيس الجمهورية بحسب الهيئة الاستشارية الغير رسمية ستواجه صعوبات خلال الأيام القادمة.. تعليقك؟
* للأسف بأن برنامج الرئيس واجه صعوبة في عملية تنفيذه منذ أول وهلة تمثلت في البداية في ارتفاع اسعار المواد الغذائية مما خفض من مستوى رفاهية المواطن المعيشية ثم التداعيات المالية والاجتماعية للحراك الجنوبي وحروب صعدة التي سلبت جزءا كبيرا من موارد الاستثمار لصالح التعويضات وتكاليف مواجهة الحراك والحروب، ولولا لطف الله باليمن من خلال استفادته المالية من ارتفاع العوائد النفطية لتغطية العجز المالي الذي احدثته تلك الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية لكان الوضع الاقتصادي والمالي في خطر.. من هذا المنطلق انا لم أطلع على مضامين التقييم حتى استطيع أن أعلق بموضوعية وحيادية لكنني استطيع أن اقول بأن الرئيس كان حريصا جدا على تنفيذ مضامين البرنامج من خلال تشكيله لهيئة مستقلة معروف بكفاءتها وسوف نثق مبدئيا بما توصلت اليه الهيئة في تقييمها الذي اتمنى انه اعتمد على قياس الأثر أكثر منه على قياس الشكل التنفيذي فعلى سبيل المثال ما هو الاثر الذي تركته عملية انتخاب المحافظين على مستوى اداء المحليات بل ما هو الأثر الذي انتجته عملية تشكيل لجنتي مكافحة الفساد والمناقصات في الحد من الفساد وتوظيف الموارد العامة وإدارة الموارد الاقتصادية بل كيف انعكست الزيادة الكبيرة في المرتبات على مستوى اداء الموظف وحياته المعيشية، ما هو أثر تنفيذ مضامين البرنامج على مستوى الأداء السياسي والاقتصادي وخلق أمان اجتماعي وخلق فرص عمل ورفع كفاءة الخدمات العامة من تعليم وصحة وكهرباء وهكذا يمكن أن نقيم ما تبقى من مضامين البرنامج حيث في تقديري بأن تنفيذهما يعتمد على مدى اعتمادهما على برامج استثمارية وسياسات اقتصادية وادارية وتشريعات قانونية، فلو كان معظم ما تبقى من مضامين البرنامج عبارة عن مشروعات استثمارية إذاً يعتمد نجاحها على مدى إدارة الموارد المالية المحلية وتوظيفها، اما بالنسبة للسياسات الاقتصادية والتشريعات القانونية فانا في تقديري بان الحكومة ستتمكن من تنفيذها.
- الموازنة العامة للدولة قائمة على صادرات النفط، وهاهي أسعار النفط تتراجع، ألا يشكل ذلك تهديدا حقيقيا للحكومة؟
* كون العوائد النفطية تشكل نسبة كبيرة من الإيرادات العامة فانخفاض أسعار النفط بالتأكيد يؤدي إلى انخفاض الإيرادات لكن كون دعم المشتقات النفطية يمثل نسبة كبيرة من النفقات الجارية وبما أن الحكومة تستورد معظم أو جل المشتقات النفطية من الأسواق العالمية ونظرا لانخفاض تكاليف استيرادها فسوف ينخفض حجم الدعم ومن ثم حجم الإنفاق إلا أنها ليست واحدة بواحدة فالحكومة تستورد مشتقات نفطية تفوق مخرجات اقتصادها فضلا أن كميات النفط المنتجة تنخفض ولهذا سيظل العجز يتنامى.
- لماذا لا يكون العكس، رئيس الوزراء يشكو من دعم المشتقات النفطية البالغ ثلاثة مليار وخمسمائة مليون دولار سنويا، وإذا انخفض سعر النفط انتهى الدعم الرسمي وتراجعت أسعار السلع؟
* لن ينتهي دعم المشتقات النفطية إلا عندما ينخفض سعر اللتر الديزل إلى 35 ريالا والبنزين إلى 60 ريالا وهذا من المستحيلات على المستوى المنظور حيث برغم انخفاض سعر البرميل إلى 70 دولار إلا أن سعر اللتر الديزل الآن في الأسواق الأمريكية 155 ريالا للتر، والبنزين 150 ريالا والفارق بينهما هو دعم المشتقات النفطية الذي تتكبده الخزينة العامة..
- هل ما زلت تؤمن بأهمية الغاء دعم الديزل؟
* نعم وكم اتمنى أن تترك الحكومة عملية شراء المشتقات النفطية للقطاع الخاص يقوم بالاستيراد والتوزيع والبيع ونترك السوق يحكم حكمه وليس هناك اي تفسير اقتصادي لاحتكار الحكومة لهذه العملية التجارية البحتة وفيما مضى وبالتحديد في عام 2003 عندما كنا ننادي بإلغاء الدعم كاملاً كان هناك من يتباكى بأن اسعار المواد الغذائية والنقل سترتفع 100% وفعلا كانت سترتفع لكن كنا مؤملين بأن المواطن سيتحملها من خلال إعادة التوزيع بين نفقاته على سبيل المثال من القات إلى القوت الضروري مثلما حصل عندما ارتفعت الأسعار في الآونة الأخيرة إلى أكثر من 200%.
- في الوقت الذي انخفض سعر الدولار الأمريكي عالميا جراء هذا الإعصار، ارتفع سعره محليا وتدخل البنك المركزي ثلاث مرات في اقل من أسبوع آخرها رفد السوق بـ 50.7 مليون دولار.. كخبير اقتصادي كيف تفسر هذا التناقض العجيب؟
* الدولار بالنسبة للدول النامية ما زال وسيظل على المستوى القريب والمتوسط هو سلعة الادخار ووسيلة الاستيراد وبالتالي تقلباته الدولية ليس لها أثر على المستوى المحلي في اسواق الدول النامية بما فيها اليمن والتي يعد دخلها محدود جدا من العملات الصعبة يأتي من خلال قناتين لا ثالث لهما ايرادات النفط وعوائد المغتربين فإذا كانت إيرادات النفط تمثل 90% من ايرادات التصدير فهذا يعني ان ايرادات الدولار غير النفطية هي فقط 10% وبما ان اليمن تستورد 80% من احتياجاتها من السوق الخارجية ليس هناك مفر أمام البنك المركزي إلا أن يقوم من وقت إلى آخر بتغطية العجز في الطلب على الدولار لتغطية فاتورة الاستيراد التي يقوم بها القطاع الخاص وهذه هي الحكاية، وسوف يظل البنك المركزي يقوم بهذه الوظيفة حتى يقدر الله لليمن بموارد غير النفط تقلب الموازين مثل زيادة تصدير العمالة إلى الأسواق الخليجية فيما لو رأف إخواننا الخليجيون بحال إخوانهم اليمنيين الفقراء.
- الحديث عن قيمة الدولار الأمريكي وتراجعه عالميا باستثناء اليمن طبعا يدعونا للتساؤل عن وضع الاحتياطي النقدي؟
* شهد الاحتياطي النقدي اليمني معدلات نمو عالية خلال الفترة 2000-2006 إلا أن مستويات نموه شهدت تراجعا برغم إيجابياتها لعدد من الاسباب لكن كون الاحتياطي النقدي موزع على عدد من الحوافظ الاستثمارية فمنه ما هو بالدولار ومنها ما هو باليورو ومنها ما هو بعملات بعض الدول العربية، فإذا كانت النسبة العالية منه الآن باليورو فمما لا شك بأن حجمه سيزيد عند تقديره بالدولار والعكس صحيح تماما بالنسبة للجزء الذي بالدولار عند تقييمه باليورو، وانا في تقديري بأن البنك المركزي يدير العملية بحذر وحنكة.
- قبيل هذه الأزمة كان الحديث الرسمي يدور حول إنشاء سوق مالية في بلادنا.. هل نستطيع القول أن هذا المشروع أصيب في مقتل بعد ما جرى؟
* في الحقيقة لقد ساهمت فيما مضى في عمليات الترويج للسوق المالية في اليمن ومن خلال معرفتي بمتطلباتها التشريعية والقانونية والإدارية فهي محكومة بضوابط ويجب ان لا نتخوف منها فهي عبارة عن وسيط بين المدخرين والمستثمرين، والأزمة المالية الحالية هي أزمة رهن عقاري لا اقل ولا أكثر حيث بدأت بوادرها في الأسواق الخليجية في السعودية والإمارات عندما انخفضت أسهم العقارات وكلنا يتذكر ذلك في عام 2006 وبالتالي فأزمة العقارات في أمريكا حدث عارض سينتهي بنهاية أسبابه التي ذكرتها سابقا برغم تكلفتها المجحفة بحق كثير من المستثمرين صغارا وكبارا إلا ان الخلل ليس في آلية الأسواق المالية لكن في توظيف تلك الأموال والكونجرس الأمريكي يتجه الآن نحو إعطاء البنك المركزي ووزارة الخزانة صلاحيات واسعة لمراقبة عملية الاستثمار ومنح القروض حيث وهناك من يقول بنهاية العصر الريجاني أي عصر السوق المالي الحر وبداية العمل بمبادئ كيينز الذي يدعو الى تدخل الدولة، اما بالنسبة لليمن فأظن انه سيتم الاستفادة بتجنب مسببات الازمة الحالية وترجمتها في السياسات والتشريعات والأنظمة الإدارية المنظمة للسوق المالية.
- ما الذي يمكن استفادته محليا من هذه الأزمة؟
* اليمانيون متورطون في مثل هذه الأزمة منذ أمد بعيد وإلا ما معنى يأتي مغترب في الخليج أو أمريكا ويستثمر جُل امواله في عقار في مدينة إب وتعز وصنعاء والضالع والمكلا حيث يقوم يركز له عمارة للنخيط والتباهي لم ولن تدخل له حتى فلسا واحدا بل ستخسره على المدى الطويل مقابل صيانة وحراسة، وبالتالي هناك ترتيب مؤسسي لزيادة الاستثمارات في المشاريع الإنتاجية بدلا من العقارية الجامدة متمثلة في هيئة الاستثمار والمؤسسة القابضة.
- ماذا عن أذون الخزانة؟
* هي احد ادوات السياسة النقدية لإمتصاص السيولة ولتغطية عجز الموازنة وتدفع فوائدها من الموازنة العامة للدولة فهي عبارة عن قرض داخلي ما بين الحكومة والجمهور إلا انها في اليمن ما بين الحكومة والبنوك التجارية وصناديق التقاعد وبالتالي لم تشكل مشتروات الجمهور سوى 3% تقريبا ولست أعرف كيف الوضع الآن فأنا منذ أن تركت اليمن لم أتابع هذه القضايا، أما من حيث المبدأ يجب ان توظف تلك المبالغ في استثمارات انتاجية مباشرة لكنها الان يتم توظيفها في استثمارات بطريقة غير مباشرة من تغطية عجز الموازنة وبالتالي في الاستثمارات الحكومية، وهي تعتبر استثمارا مضمونا للبنوك ولصناديق التقاعد لكنها مكلفة للحكومة ظاهريا مستفيدة منها بطريقة مباشرة في خلق استقرار العرض النقدي.
- الاستثمارات الخليجية بالتأكيد ستولي وجهها شطرا آخر بعيدا عن أمريكا والدول الغربية.. كيف يمكن الاستفادة منها؟
* نتمنى أن يحدث ذلك وتتجه الأموال العربية نحو المدن العربية لكن العربي بطبعه متكبر ومتغطرس نحو ابناء جلدته وإلا بالله عليك تضخ 800 مليار $ للسوق الامريكية بينما يمن ليل ونهار على دولة مثل اليمن اقرضت 3 مليار$ لعشر سنوات قادمة ولهذا لو ضخت مثل هذه الأموال في السودان واليمن ومصر لتغيرت احوال هذه البلدان.
أما بالنسبة لليمن فقد استنفذت جميع اسلحة الإغراءات للاستثمارات الأجنبية إلا ان تأثيرها محدود في استقطاب مثل تلك الاستثمارات والسبب واضح وجلي وما فيش داعي نضحك على انفسنا هناك فجوة كبيرة بين القانون والتطبيق وبين ما نقوله وما نفعله على جميع الأصعدة من القمة إلى القاعدة، وما زال يحدونا الأمل بعد الله سبحانه وتعالى أن يتوفق فخامة الرئيس في ترتيب البيت الداخلي وخلق وفاق سياسي مع اللقاء المشترك لخلق بيئة سياسية مستقرة تؤدي إلى خلق وفاق اجتماعي لتهيئة البيئة اليمنية لاستقطاب الأموال ولقد استبشرنا خيرا بعد خطاب الرئيس في الضالع إلا أن الأمور تتجه نحو الأسوأ وبشكل عام ستخسر اليمن كثيرا من مصداقيتها السياسية في حال تراجعها عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية بل وسيخسر الرئيس شخصيا من قدرته على خلق دولة المؤسسات والنظام والقانون خلال فترته الرئاسية الأخيرة وستتطور المشكلة فيما لو استمر اليمانيون يتشاتمون في صحفهم صباح مساء على شكليات وخلق ازمات واتهامات واتهامات مضادة لن يستفيد منها المواطن لا من قريب ولا من بعيد ولا حول ولا قوة إلا بالله.