القربي : إيران تهرب السلاح وتواصل التجسس علينا
بقلم/ صحيفة الشرق ألأوسط
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 25 يوماً
الإثنين 27 مايو 2013 05:11 م

أكد الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني وجود أطراف متشددة دفعت القرار الإيراني إلى التدخل في الشأن اليمني، وهو ما ترفضه حكومة اليمن جملة وتفصيلا. وبين القربي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن نتائج التحقيق الذي قام به أخيرا فريق من مجلس الأمن حول شحنات الأسلحة التي دخلت اليمن، أكدت تورط إيران في عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات، مبينا أن إيران، عوضا عن أن تمد يد العون والمدد لأشقائها في اليمن، قامت بإرسال الأسلحة وشبكات التجسس، متسائلا عما قدمته إيران الرسمية من دعم حقيقي لليمن وهي التي تردد رسميا دعمها للوحدة والاستقرار في اليمن.

وأوضح القربي أن العمليات الناجحة للقوات المسلحة والأمن أدت إلى تفكيك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مبينا أن هذا التنظيم لفيف من العناصر اليمنية والسعودية وبلدان مختلفة.

وفيما يلي نص الحوار:(حاورته أسماء الغابري)

* هل هناك جهود مبذولة لاستكمال تفعيل بنود المبادرة الخليجية لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن؟

- تتواصل الجهود في الجمهورية اليمنية لإنجاح التسوية السياسية المبنية على مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية المزمَّنة. ولقد تم إنجاز الكثير على طريق تنفيذ المبادرة الخليجية، ونحن اليوم في مرحلة الحوار الوطني الشامل الذي سيعمل على معالجة كل التحديات والصعوبات البنيوية والمؤسسية والهيكلية للدولة اليمنية، وسيقف أمام الكثير من الأزمات الوطنية الحادة، وسيصوغ شكل الدولة الجديدة من خلال صياغة دستورها الجديد ونظام الحكم الذي يرتضيه غالبية أبناء الشعب اليمني، وبعد الانتهاء من الحوار سندخل مرحلة الاستفتاء على الدستور والانتخابات العامة والرئاسية، بإذن الله.

وتتم عملية التغيير السلمي في اليمن برعاية كريمة من دول مجلس التعاون الشقيقة وبقية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الاتحاد الأوروبي.

* لليمن تركيبة قبلية واجتماعية ومناطقية خاصة تميزه عن باقي الدول.. هل أعاقت هذه التركيبة سير المبادرة الخليجية وفق المخطط لها؟

- ينحصر دور القبيلة كلما تطورت مدنية الدولة وعملت الدولة على تمثيل مصالح كل المكونات السكانية لليمن، وفي الواقع كان للقبيلة في اليمن أدوار مشرفة في كل مراحل الدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة، وهي ضمن بقية المكونات المجتمعية تشارك اليوم بفعالية في مؤتمر الحوار الوطني، ونحن ندعو الصحافيين للنظر فيما يدور داخل أروقة الحوار الوطني الشامل وجولاته ودور كل المكونات، فهي معجزة يصنعها أهل اليمن تجتمع فيه كل التناقضات وكل ألوان الطيف السياسي والمدني والقبلي والمرأة والشباب والحراك الجنوبي وأتباع الحوثيين ليتفقوا على صياغة مستقبل آمن لأبنائهم، بعيدا عن العنف والإقصاء. كما يجب التأكيد هنا على أن القبيلة اليوم أصبحت عنصرا مهما في تحقيق التغيير والدعوة إلى دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون.

* كيف ترون مطالب الجنوب بالانفصال؟ وهل هي مطالب قابلة للنقاش؟

- دائما ما أكد الأخ رئيس الجمهورية أن كل القضايا مطروحة للنقاش ضمن الإطار العام للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي تشير في مبادئها الرئيسية إلى أهمية الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، مع تأكيده أن القضية الجنوبية هي القضية الرئيسية في الحوار الوطني، ويترتب على حلها حل بقية القضايا التي تواجه المرحلة الانتقالية. وتعمل كل القوى المشاركة في الحوار الوطني على معالجة الاحتقانات التي تراكمت خلال الفترات الماضية من عمر دولة الوحدة وكل التجاوزات، وأبرزها ما يتصل بالعدل في توزيع الثروة.

* ما تأثير استقالة الأستاذ محمد فريد الصريمة من رئاسة الحوار الوطني؟ وما سبب استقالته؟

- كرر الأخ رئيس الجمهورية أن أبواب الحوار لن تغلق في وجه القوى المقتنعة بأهمية الحوار لحل المعضلات التي تواجه الوطن، ومن هنا فقد جاءت مشاركة رجل الأعمال والصديق العزيز محمد بن فريد الصريمة في التحضير وتدشين أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل ووقف مع بقية إخوته أبناء اليمن لمعالجة الاختلالات كافة، وأبرزها تلك المتصلة بالقضية الجنوبية، إلا أنه في الفترة اللاحقة انسحب من أعمال المؤتمر، وهذا حق أصيل قام عليه المؤتمر، فلا إكراه في المشاركة ولا مخرجات جاهزة للحوار، وكلنا مسؤولون عما سيتمخض عن الحوار. وقد انتخب المؤتمر إحدى الشخصيات الجنوبية البارزة، الأستاذ ياسين مكاوي، نائبا لرئيس المؤتمر.

* متى ستتوقف التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني؟ وكيف تتعاملون مع التدخلات الأجنبية عموما في الشأن الداخلي لليمن؟

- شهدت العلاقات اليمنية - الإيرانية مراحل مختلفة من التطور، وحينما بدأت التدخلات الإيرانية في الشأن اليمني بالتزايد كنا نفضل التحاور مع أشقائنا في طهران، والتأكيد على أهمية العمل على تعميق علاقات الإخاء والتعاون وترسيخ المصالح المشتركة، محذرين من مغبة التدخل في الشأن اليمني، إلا أن أطرافا متشددة دفعت القرار الإيراني نحو مزيد من التدخل في الشؤون اليمنية، وقد تم خلال الفترة الماضية الكشف عن شبكات تجسس تعمل لصالح إيران. كما تم احتجاز شحنات من الأسلحة والمتفجرات والمواد التخريبية الخطيرة أرسلتها إيران إلى اليمن بدلا من إرسال العون والمدد لأشقائها، وهي رسالة أتوجه بها إلى الشعب الإيراني الشقيق: ماذا قدمت إيران الرسمية من دعم حقيقي لليمن وهي التي تردد رسميا دعمها للوحدة والاستقرار في اليمن؟ وأخيرا قام فريق من مجلس الأمن بالتحقيق في شحنات الأسلحة، وأبرزت نتائج التحقيق تورط إيران في عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى اليمن.

* ذكرتم أن مسألة تسليم السفارة السورية في صنعاء للائتلاف الوطني السوري المعارض أمر غير قابل للنقاش.. لماذا؟

- واقع الأمر ليس بالصيغة نفسها التي وردت في السؤال، فاليمن اعترف بالائتلاف الوطني السوري خلال أعمال القمة العربية الأخيرة في الدوحة، بمشاركة الأخ رئيس الجمهورية الذي رحب بممثلي الائتلاف الوطني السوري الذين شاركوا في القمة، ونحن في الجمهورية اليمنية نرى أن هذا الإجراء يفترض أن يسهم في الدفع بالأطراف المختلفة في السلطة والمعارضة إلى طاولة الحوار لإخراج سوريا من حال التدمير الشامل الذي تعيشه لعدم قناعة الأطراف بأن حل الأزمة السورية لا يمكن أن يتأتى عبر العنف، وأن الطريق الأمثل هو الحوار، وكلنا ننتظر أن تصل الأطراف إلى هذه القناعة حتى يتم البدء بالحوار.

من جانب آخر فإن الائتلاف الوطني لم يطلب ولم تقم الحكومة اليمنية بمناقشة الموضوع من منطلق أن هناك المئات من الطلاب اليمنيين الدارسين في سوريا، ويتطلب إخراجهم الكثير من الجهد والموارد. من هنا فإن دور السفارة اليمنية في دمشق حيوي ومهم، ونحن في اليمن نعترف بما يقرره الشعب السوري وبالتغيير الذي يطمح إليه.

* تنظيم القاعدة توغل في بعض الدول العربية ومنها اليمن وسوريا بغرض زيادة نفوذه.. في رأيكم ما الأسباب التي أدت إلى توسع هذا التنظيم وغيره على الأراضي اليمنية؟ وكيف يمكن الحد منه؟

- أدت العلميات الناجحة لقواتنا المسلحة والأمن في تفكيك ما يسمى «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» وهو تنظيم توجد قواعده اليوم في اليمن؛ ولكنه - حسب منطلقاته الفكرية - ينتمي إلى الجزيرة العربية، وهو لفيف من العناصر اليمنية والسعودية وبلدان أخرى مختلفة، وقد نشط التنظيم في اليمن نتيجة ضعف الدولة وغياب وجودها في بعض المناطق النائية، وتوسعت عملياته إلى أن قام خلال فترة الأزمة السياسية التي مر بها اليمن بالاستيلاء على مناطق من محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين، إلا أن عناصره اليوم فارة من مطاردة الجيش اليمني والأمن اليقظ، وتواصل الحكومة مطاردة فلوله بالتعاون مع المجتمع الدولي والدول الشقيقة المجاورة.

ويعود انتشار هذا التنظيم الإرهابي إلى ضعف التنمية وطوابير الشباب العاطل عن العمل، وغياب الأفق والأمل بمستقبل آمن ورزق مستقر لديهم.. الأمر الذي يجعله مناخا ثريا لنشاط قوى التطرف والإرهاب. والآن وبعد النجاحات العسكرية والأمنية الكبيرة يفترض القيام بتكثيف جهود الحكومة لتوفير فرص العيش الكريم للشباب، وتسريع تنمية وإعادة إعمار المناطق المتأثرة جراء عمليات التنظيم الإرهابية.

* بعد الثورة.. هل تغير النظام اليمني؟ بمعنى هل تغيرت الأنظمة أم الشخصيات والتسميات هي التي تغيرت فقط؟

- يختلط الأمر على من لا يفهم تعقيدات عملية الانتقال في اليمن، فمن كانوا يرغبون في إحلال أشخاص بدل أشخاص آخرين هم من يروجون لهذه الفكرة، ولكن دعيني أقول لك إن اليمن يشهد تحولا سياسيا عميقا يقوده الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني، وهذا التحول سيؤدي إلى إعادة صياغة شكل الدولة ونظام الحكم ومؤسساته.

والنظام اليمني يشهد عملية تحول جذرية تتم صياغة معالمه من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتنفيذ ما تبقى من مقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وعن إيمان بأن التغيير يجب أن يلامس القضايا الحيوية في بناء الدولة ولا ينطلق من الانتقام الشخصي أو سياسة الإقصاء.

* ما المطلوب هذا العام من اليمن قيادة وشعبا لضمان الاستقرار؟

- المطلوب في هذه المرحلة أن يقوم الجميع بواجباته نحو تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وضمان نجاح مؤتمر الحوار الوطني والسهر على حماية مؤسسات الدولة واليقظة التامة تجاه العناصر التخريبية التي لا يروق لها ما يحدث في اليمن من ثورة تغيير سلمي، وهي تسعى بتحريض من الخارج إلى إفشال عملية التسوية السياسية.

* في تقديركم الشخصي.. كم الوقت المقدر لاستقرار اليمن اقتصاديا وسياسيا وأمنيا؟

- لقد دارت عجلة التغيير في اليمن، ولن يكون بوسع القوى التخريبية إيقافها، وتتواصل الجهود لإنجاز ما تبقى من التزامات وصولا إلى الانتخابات العامة والرئاسية في فبراير (شباط) 2014، وستواصل قوى المجتمع الحية مجتمعة جهودها لتحقيق النمو الاقتصادي والتنموي بما يؤدي إلى الاستقرار السياسي والأمني المنشود. أما الفترة التي سيستغرقها تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، فتعتمد على جهد الشعب اليمني وإخلاصه ودعم الأشقاء والأصدقاء.

* ذكرتم أنه سيتم ترشيح 29 سفيرا لليمن في الخارج خلال مايو (أيار) الجاري.. فما المعايير التي سيخضع لها الترشح؟

- تجري خلال الفترة الحالية الترشيحات الدبلوماسية وفق قانون السلك الدبلوماسي ومعايير الاحتراف في السلك لتعيين سفراء للجمهورية اليمنية في كل بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية، وهي تأتي ضمن نظام للتدوير الوظيفي للكادر الدبلوماسي وتعيين قيادات الدوائر في وزارة الخارجية عن طريق تغيير الطاقم القيادي لوزارة الخارجية كاملا، وفي هذا الخصوص صدر أخيرا القرار الوزاري رقم 60-69 لعام 2013 بشأن حركة الكادر الدبلوماسي والإداري في الديوان العام وجميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية.

* بالنسبة للجالية اليمنية في السعودية.. طالب وزير المغتربين الأستاذ مجاهد الكهالي بوقف الغرامات التي تفرض عليهم.. ماذا فعل مجلس الوزراء تجاه ما طالب به الكهالي؟ وهل سيمنع نظام الجباية؟

- ربما سيكون من المفيد التوجه بمثل هذا السؤال إلى الأخ وزير المغتربين فهو يخصه، أما ما يخص ما تفضلتم بالإشارة إليه كنظام للجباية وما يفرض على المغتربين، وكما تعلمين فإن الخدمات القنصلية المتعددة لمواطنينا المغتربين في المملكة العربية السعودية، والتي تقدم لهم عبر السفارة في الرياض والقنصلية في جدة، وما يتم تحصيله من رسوم، فهي تعود إلى الجهات المعنية في الداخل، ويتم توريدها إلى حسابات الحكومة بشكل دوري، مع إقرارنا بأن نسبة ضئيلة يتم تحصيلها ضمن الخدمات القنصلية لتمكين البعثة والقنصلية من الحصول على بعض الموارد التشغيلية؛ نظرا لعدم رصد مثل هذه الاحتياجات ضمن ميزانية الخارجية، ويتم الآن وضع المعالجات لإلغاء الرسوم الإضافية على الخدمات القنصلية. أما الأرقام التي يتم تداولها فهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة ومبنية على حسابات خاطئة.

* الجاليات اليمنية تتطلع إلى تحسين أوضاعها في السعودية والخليج.. ماذا فعلتم لتحسين أوضاعهم وتحقيق تطلعاتهم؟

- إن واقع الجالية اليمنية، سواء تلك التي تنعم برعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين أو تلك التي تعيش في بقية الدول الخليجية، متفاوت من حيث الظروف والفرص، وعلى سبيل المثال فهي في المملكة العربية السعودية تواجه بعض المصاعب؛ نتيجة الإصلاحات القانونية في نظام العمالة التي أقدمت عليها حكومة خادم الحرمين، وتعمل الحكومة اليمنية بالتنسيق مع حكومة خادم الحرمين على أن تبقى المعاملة الخاصة التي طالما حظي بها المغترب اليمني بين أهله في المملكة، وألا تتعرض مصالح اليمنيين التي استمرت لعشرات السنين للانتقاص.

وبخصوص الواقع التنظيمي للجاليات اليمنية في المملكة وبقية الدول الخليجية الشقيقة، فهي تنضوي ضمن جاليات منتخبة تقوم بتمثيل مصالح المغتربين بالتنسيق مع السفارات اليمنية، التي بدورها تنقل مشكلاتهم وتتابعها مع سلطات البلدان المعتمدة لديها. ويجب الإشادة هنا بالامتيازات التي يحظى بها أبناء المغتربين في المملكة والكويت.