الرئيس هادي ومتلازمة شلالات نياجرا
بقلم/ محمد بن حسن الشريف
نشر منذ: 12 سنة و أسبوعين و 4 أيام
الأحد 02 ديسمبر-كانون الأول 2012 02:53 م

يقول أنتوني روبنز أنه من الجدير بالانتباه أن أعدادا كبيرة منا لا تتخذ غالبية قراراتها عن وعي و لذا فإننا ندفع ثمنا غاليا ولذا فمعظم الناس يعيشون ما يمكننا تسميته بـ "متلازمة شلالات نياجرا" إنني اعتقد أن الحياة مثل النهر وان معظم الناس يقفزون الى وسط نهر الحياة دون ان يقرروا في الواقع الى أين يتجهون ولذا فان التيار سرعان ما يمسك بتلابيبهم, تيار الأحداث, تيار الخوف وتيار التحديات..... وحين تصل بهم الأمور إلى مفترق طرق في ذلك النهر فإنهم لا يقررون بطريقة واعية في اى اتجاه يتجهون او أين هو الاتجاه الصحيح بالنسبة لهم بل يكتفون بالاندفاع مع التيار ويصبحون جزءا من تلك الكتلة البشرية التي يوجهها محيطهم بدلا من أن توجههم قيمهم ورؤاهم وأفكارهم ولذا فإنهم يشعرون بأنهم فقدوا السيطرة ويظلون فى تلك الحالة اللاواعية إلى أن يوقظهم صوت المياه الغاضبة في يوم من الايام وهم يكتشفون بأنهم أصبحوا على مسافة متر ونصف المتر فقط من شلالات نياجرا على متن قارب دون مجاديف وحينذاك يتأهبون للعمل و لكن بعد فوات الأوان إذ لا بد لهم ان يسقطوا و هذه السقطة عاطفية أحيانا او بدنية او مالية فى أحيانا أخرى .

فأي تحديات نواجهها حاليا فى حياتنا كان يمكننا فى الغالب تجنبها باتخاذنا قرارات أفضل فى البداية .

وهذا ما أخشاه على الرئيس هادي فمن خلال مراقبة الأحداث يبدوا أن الرئيس هادي لا يقدم على صغيرة ولا كبيرة إلا بعد التشاور مع سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية في الوقت الذي لا يهم أي من أولئك السفراء مصلحة الوطن بقدر ما يهمهم مصالح بلدانهم فالسفير الأمريكي مثلا ينظر لليمن من زاوية كيفية التعامل مع القاعدة وهذا يفرض عليه طلب التريث في إتخاذ أي قرارات قد لا تخدم خططه التي يسعى من خلالها لتحقيق أهداف دولته في اليمن فمن مصلحة أمريكا التريث في إعادة هيكلة الجيش وخصوصا ما يتعلق بالمساس بالشخصيات التي كانت على علاقة مباشرة بالحرب على القاعدة لأن تلك الشخصيات هي من تمتلك الشفرة وتعرف كل العملاء والأدوات التي يتم بها ومن خلالها التعامل أمنيا وعسكريا مع القاعدة فأمريكا ليست حريصة على تحقيق المصلحة الوطنية العليا لليمن إلا بقدر ما يحقق مصالحها وأهدافها. كذلك سفير المملكة العربية السعودية لا ينظر لمصلحة وطننا اليمني إلا بقدر ما يخدم تنفيذ وتحقيق أهداف دولته والتي لا شك أن منها مواجهة المد الإيراني في المنطقة والمتمثل بحسب تقديرهم في الحوثيين ويرون عدم التعجل في إعادة هيكلة الجيش لأن الهيكلة إن تمت فسوف تؤدي إلى خسارتهم لرجلهم القوي (علي محسن الأحمر) في مواجهة الحوثيين وهم لم يوجدوا الرجل البديل بعد.

وعلى نفس النحو ينظر بقية السفراء لمصالح بلدانهم. لذلك يتوجب على الرئيس هادي النظر للمصلحة الوطنية العليا بعيون يمنية بحتة وليس بعيون أمريكية أو سعودية أو بريطانية أو روسية أو غيرها لأن أولئك السفراء ما لم يستكملوا تحقيق أهداف دولهم فلن يشيروا عليه بالمضي لتحقيق ما نصت عليه بنود المبادرة الخليجية وخصوصا ما يتعلق منها بإعادة هيكلة الجيش والأمن وإصدار قانون العدالة الانتقالية وغيرها على طريق استكمال بقية بنود المبادرة للوصول بالبلاد إلى تأسيس وبناء الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها الجميع. وأخشى ما أخشاه أن لا يستفيق الرئيس هادي إلا على حافة الشلال فهاهي الأطراف السياسية تعيث في البلاد فسادا والأمن شبه مشلول والمحافظات الجنوبية تغلي والاقتصاد يترنح وهيبة الدولة في الحضيض ولم يعد في الوقت متسع للتريث وإن لم يتحرك فسيجد نفسه والوطن في قعر الشلال وسوف يقترن باسمه تاريخ تشظي اليمن وانهيارها وتمزقها بدلا من إعادة لحمتها واستقرارها وازدهارها والعبور بها إلى بر الأمان وتحقيق التغيير المنشود.