الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي الاستراتيجية الأميركية التي ينبغي أن تتخذها إدارة ترامب المقبلة تجاه ملف اليمن؟ أميركا تتسلم مواطنها الذي كان معتقلاً في سجون الأسد بسوريا
لا أظن أن هناك تأريخًا شديد الثُقل على أحفاد الإمامة، مثل تأريخ السادس والعشرين من سبتمبر، هذا اليوم الذي يتمنى عبدالملك الحوثي شطبه من الزمن، وهو يوم ميلاد الجمهورية المختطفة تحت قبضة مليشياته في صنعاء.
الجمهورية التي يكفر بها عبدالملك، لكنه يحكم تحت لافتتها، يحمل لها ضغينة تاريخية دفينة، ولا يردُ ذكرها على لسانه قط، بل يتمنى لو يلغي ذكراها، لكنه أضعف من أن يفعل، حتى وهو باسط أجنحته عليها وبكامل مخالبه.
هذا ليس نوعا من تعزية الذات نلجأ له نحن أبناء الجمهورية المخطوفة؛ لنسترد شئيًا من يقيننا بدولتنا المغدورة، لكنها حقيقة راسخة لا مجال لتجاهلها، مهما كان وضع جمهوريتنا باعثا للأسى ومخالب خصوم الداخل وأعداء الخارج ينهشوها من كل مكان، فالجمهورية بكل هشاشتها تظل قيمة سياسية خالدة وإطارا راسخا يصعب تجاوزه من قبل الجميع.
قبل ست سنوات، وفي غفلة من الزمن وتحديدًا في الواحد والعشرين من سبتمبر، تدفقت حشود الإمامة وسيطرت على العاصمة صنعاء، أغلب الظن أن الجماعة الحوثية كانت ترغب بإطالة المعركة قليلاً؛ كي يُصادف دخولها مع ليلة السادس والعشرين من سبتمبر، ليس حبًا في هذا التاريخ بل انتقام منه، غير أن اللحظة كانت رخوة أكثر مما توقعت الجماعة وحدث الانهيار السريع، فتقدم دخولهم 5 أيام، وكان أن دخلوها فاتحين في ال21 من سبتمبر.
دخلت حشود الإمامة صنعاء في 21 سبتمبر، ولاحقًا صاروا يحتفلون بهذه الذكرى، كتاريخ يحسبوه موازيا لتاريخ السادس والعشرين من سبتمبر.. ليس في الأمر مصادفة عابرة، بل توقيت اختير بعناية، وحتى لو كان التوقيت حصيلة مصادفات وظروف واقعية، فهذا لا يلغي الغاية التي أرادها الحوثيون بخصوص تاريخ اجتياحهم للعاصمة وتوظيفهم للأمر، لتشويش ذكرى الثورة السبتمبرية الخالدة.
يحتفل الحوثيون بذكرى إسقاطهم صنعاء، ويتجاهلون ذكرى قيام الجمهورية، يحتفلون بذكرى سيطرتهم على الجمهورية ويتجاهلون قيِّمها الأساسية، يواصلون العمل تحت لافتة الجمهورية، لكنهم يكفرون بكل مضامينها العملية، هذه الثنائيات المتناقضة تؤكد أننا أمام جماعة تمثل النقيض الموضوعي لفكرة الجمهورية، وتتمنى لو بمقدورها طمس كل ما له علاقة بالجمهورية وتنصيب شعاراتها بديلًا له وبقطعية نهائية مع الفكرة.
نظريًّا، ما تزال الجماعة الحوثية تشتغل تحت راية الجمهورية بصورة شكلية، وعمليًّا تنتهج الجماعة كل الطرق لتعميم الأفكار الإمامية في كل سلوكياتها ونشاطاتها الثقافية والمجتمعية وصولًا لمناهج التربية، ولم يتبق من الرمزيات الجمهورية سوى اسم الدولة في المعاملات الرسمية والعلم الجمهوري والنشيد الوطني في المناسبات، كضرورات إكراهية تبقيها الجماعة؛ لكونها عاجزة عن إعلان انقلاب تاريخي وتبديل نظام الحكم كليًّا في البلاد.
قد يقول قائل: الجماعة الحوثية ليست بحاجة لقلب نظام الحكم الجمهوري وإعلان شكل جديد للدولة، ملكية سلالية مطلقة أو حتى دستورية، فهي الآن تسيطر على الدولة وتتحكم بكل مفاصلها، وهذه هي الغاية من الحكم وليس مهمًا نوعية النظام السياسي للبلد أو شكل الدولة.
بالطبع، هذا أمر صحيح نسبيًّا، لكنه بالمقابل، سلوك يؤكد رسوخ الفكرة الجمهورية كمكسب متأصل في الوعي الجمعي اليمني وغير قابل للإلغاء أو التجاوز، كما لا ينفي عن الجماعة كفرها بالجمهورية، بل يؤكد أنها تشتغل بطريقة منافقة ـ إذا استخدمنا المفهوم الديني نفسه الذي تستخدمه الجماع ةـ فلا هي قبلت بالنظام الجمهوري وأعلنت ولاءها له واعتنقت كل الأفكار المتعلقة به وواصلت العمل تحته قولًا وفعلًا، شكلًا وجوهرًا، ولا هي استكملت انقلابها العملي بانقلاب نظري تفرض به تصورها السياسي للحكم والمتناقض مع التصور الجمهوري المعمول به في البلاد.
الخلاصة:
سلوك الجماعة الحوثية الانقلابية تجاه فكرة الجمهورية، يتسم بالتقية السياسية المكشوفة، فبتلك الطريقة المخاتلة يسيطر عبدالملك على الجمهورية، وهي سيطرة لص منافق، لطالما نعت خصومه بالنفاق فيما هو زعيم المنافقين، ولو لم يكن كذلك، لكان أكثر شجاعة في إعلان موقفه الواضح تجاه فكرة الجمهورية، تسليمًا بها أو رفضًا، وإذا ما كان عاجزا عن طمس فكرة الجمهورية؛ لأسباب كثيرة منها افتقاده للمشروعية وتمثيله لأقلية صغيرة مقابل الولاء الشعبي العريض للجمهورية، فلماذا لا يتقبلها كوجود راسخ وليخرج للاحتفال بها وإيقاد شعلتها في ميدان التحرير أو على الأقل فليترك للجماهير حرية الاحتفال بها في مناطق سيطرته، ولينظر كيف ستفاجئه الجماهير، دونما حشد منظم، بل خروج عفوي لإعلان تمسكهم بموروثهم الحضاري الكبير ومكسبهم السياسي الأبرز طوال العقود الأخيرة من التاريخ اليمني الحديث..
من هو المنافق إذن يا عبدالملك، نحن أبناء الجمهورية الذين نعلن ولاءنا المطلق لها وننبذ مرجعيتك الإمامية ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانية أم أنت الكاهن السلالي المحشو بالأفكار الرجعية والمتدثر برداء الجمهورية في صنعاء؟.
*المقال نقلا عن موقع قناة بلقيس