جزاء
بقلم/ ليلى الغليسي.
نشر منذ: 10 سنوات و 6 أيام
الإثنين 08 ديسمبر-كانون الأول 2014 09:27 صجزاء
قرر ألا يشتري هديهً لأمه هذا العيد ، فما زالت يداه منتفختين ومجروحتين ، جزاء إضاعته للمبلغ الذي حصده بالأمس من بيع أقراص الطعمية أمام بوابة إحدى رياض الأطفال ... أمه هي من أحرقتهما ..!!
انتظار..
هبت العاصفة قوية .. تلفتت الزهرة حولها .. لا مكان للاختباء .. ولا شيء يدعم وقوفها في وجه الريح .. انحنت الزهرة في خوف .. تساقطت منها الأوراق الجافة .. وبقي الجذع صامداً منتظراً هطول الأمطار ..
تداعي !!
سمعتها مراراً وتكراراً (ظل راجل ولا ظل حيطة) .. قررت الاستناد إلى ظله .. تداعت على الفور إلى الأرض .. لم يكن رجلاً ..!!
أرقام
في ذكرى الثورة المجيدة ، مررت على صور من رحلوا .. حاولت تأمل تفاصيل تلك الوجوه .. وددت قراءة القصص المكتوبة خلف تلك العيون .. لكن الموكب كان يسير بسرعة ، وأصوات السائرين تتعالى من حولي .. تهتف للشهداء بالخلود .. اكتفيت بعدّ الصور ، والهتاف للشهداء بالخلود ..!
جنون
ما عادت تشعر بالخوف منهم .. ما عادت تهرول إلى الاتجاه الآخر من الشارع إذا رأت أحدهم قادماً نحوها من بعيد .. هاهي تقترب منهم ، تتحدث إليهم ، تتفهم مشاعرهم .. صارت منهم .. لقد فقدت عقلها ..!!
عطر الذاكرة
في طريقي لزيارة صديقة أمي المريضة .. في الحارة العتيقة .. أخذتني تلك الجدران إلى الوراء ثلاثين عاماً .. عطّرت أنفاسي روائح الشجيرات الصغيرة المتناثرة بجوار تلك البيوت المتهالكة .. مرت (أنا) من أمام عيني .. رأيتها وهي تركض كفراشة بين الشجيرات .. قدماها الصغيرتان تتنقلان بحذر فوق الأحجار .. تخشى الوقوع فوق الشوك المستلقي بخبث في المساحات المتاحة للمشي .. تتعثر .. تتألم .. ثم تنهض لتجمع وريقات خضراء ، تعود بها إلى رفيقتها ، التي تنتظرها في مكان قريب ، متلبسةً دور الأم .. تصنعان الطعام من وريقات الشجر التي جمعتها ، تقدمانه في علب السردين المستهلكة .. تدعوان بقية الرفيقات لتلك المأدبة الفاخرة ...
حتى الخريف ..
كطفلين صغيرين .. جلس هو ورفيقة دربه الطويل على مقعدين متجاورين ، في أحد المقاهي الشعبية المطلة على الشارع .. أخرج من جيبه حبات من الزبيب .. أمسك يدها بيده ووضع فيها حبات الزبيب ، وظل يتأمل الأخاديد العميقة التي رسمتها السنون الشاقة على وجهها .. نظراته إليها كانت مفعمة بالحنان .. وكأنه يقرأ في وجهها تفاصيل رحلة عمرٍ تقاسما فيها لحظات الفرح .. الحنين .. الحزن .. والتعب .. أخرج سيجارته من فمه ليضعها في فمها .. مؤكداً ومجدداً عهد الوفاء الذي قطعه كلٌ منهما للآخر..
لجوء..!!
رأيتها تتنقل بين المركبات والسائرين .. تستجديهم بعض الشفقة وبعض الإعجاب .. كانت شابة جميلة .. يتضح من مظهرها ولهجة حديثها أنها لاجئة سورية .. منهم من كان يعطيها النقود رأفةً بها ، ولوجه الله ، ومنهم من كان يعطيها لوجهها .. وأثناء سعيها الحثيث في تحصيل ما يمكنها تحصيله تعثرت به .. وجهت نظرها صوبه ، كان من ذوي الإعاقة الحركية ، يزحف على يديه ومؤخرته بين السيارات والمشاة ، رفع يديه إليها مستجدياً بعض النقود ..!! فتحت محفظتها على الفور ،أخرجت منها بعض القطع النقدية ووضعتها في يده.. تساءلت في نفسي من منهما اللاجئ؟!