آخر الاخبار

أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح سناب شات.. السعودية تتصدر قائمة الدول العربية الأكثر استخداماً للتطبيق الأرصاد اليمنية تجدد التحذير من انخفاض درجات الحرارة استجاب لمناشدة صالح وزار صنعاء وسد مأرب وحل ضيفًا على منزل الشيخ الأحمر.. وفاة أطول رؤساء أميركا عمراً ''جيمي كارتر''

اليمن ورئيسه..ومستقبل أكاد أتبين معالمه
بقلم/ دكتور/عبدالله الطاير
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 06 مايو 2008 08:49 ص

الدفء هو المصطلح الأكثر تعبيراً عن العلاقات السعودية اليمنية، إنه درجة من العلاقات الإنسانية تتجاوز المصالح المادية إلى العناق الوجداني بين شعبين..

سلسلة من الصدف أحيت الحنين في نفسي إلى اليمن السعيد، توجت بزيارة خاطفة أكدت لي ذلك التواصل الوجداني بيني وبينه قبل اللقاء. أحببت اليمن قبل أن أزوره، وعشقته بعد الزيارة، وتحمست لانضمامه لمجلس التعاون الخليجي منذ العام 1996م ومازلت، بل وأزدادُ قناعة بأهمية اليمن للخليج عمومًا وللمملكة خصوصًا لأسباب استراتيجية وأمنية لا تخفى على أي مراقب لوضع الخليج والجزيرة العربية وما تتعرض له منطقتنا من تحديات وتهديدات.

قبل عدة أسابيع حاضرت لخمسة عشر صحفيًا من مختلف وسائل الإعلام اليمنية، فوجدت في الحديث معهم وإليهم متعة لا تعدلها سوى الرغبة الجامحة في زيارة اليمن. ولم يخب ظني في حميمية العلاقة التي تجمع السعوديين واليمنيين، فقد وصف أحد أولئك الصحافيين في موقع «مأرب برس» انطباعاته عن المملكة في مقالة طويلة بدأها بوصف الرياض في «مشهد ليلي ساحر تدخره ... لعينيك وأنت تحلق في سمائها قبل الهبوط...أنوار تشي لك بشيء مختلف، بمدينة فتحت لها الصحراء ذراعيها لتسترخي بدون ترقب.. هاهي جدائلها مستلقية في رمال نسيت ذراتها..»، ويضيف متغزلا: «أنت في بلد يسير بقانون، عليك أن تفهم هذا، إذ العشوائية هنا لاتجدي، فأنت هدف لجهة تنفذ ذلك القانون.. تشعر بأنك ككل الناس ملتزم وقانوني»، لينتقل بعد وصف الأماكن والنظام إلى «شاب جامعي سعودي ينتظر مثلك أمام مكتبة (....) قبل أن تفتح، سيحدثك -بعد التعارف- عن محمد حمود الحارثي، وأيوب طارش وأغنية (جوال)، والسنيدار، وفيصل علوي.. هو بالمناسبة لايعرف اليمن ... لكنه يتحدث عن الكثير من أشياء تخص اليمن». هذه الانطباعات كانت ستبقى مجرد تجربة ذاتية عاشها هذا الصحفي في بلادنا، لكنها تتعمق صدقا عندما تجد تعليقات القراء اليمنيين تسير في نفس المنحى الإيجابي تجاه المملكة.

عندما نقلت غبطتي بتلك المقالة وبانطباعات الشعب اليمني عن المملكة إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في لقاء قصير أتاحه فخامته لي في الأسبوع الماضي، وتلعثمت في التعبير الدقيق عن فهمي للعلاقة الشعبية السعودية اليمنية كان الرئيس أكثر دقة في استخدام تعبير «الدفء» في توصيفها. والدفء هو المصطلح الأكثر تعبيرا عن العلاقات السعودية اليمنية إذ يتجاوز بمراحل مستوى العلاقات الطبيعية إلى العلاقات الخاصة، إنه درجة من العلاقات الإنسانية تتجاوز المصالح المادية إلى العناق الوجداني بين شعبين قدرهما أن يعيشا متجاورين.

التفتُّ إلى فخامته محاولًا أن أعبر عن شعور يتملكني عندما أشاهد شخصيتين عربيتين هما فخامته ومعالي السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، سألني فخامته لماذا؟ فاستنتج بعد جوابي أنني «أملك حسًّا قوميًا مرتفعًا». وهو محق في ذلك، ولكنه حسّ واقعي يبتعد عن الشعارات التي أوردتنا المهالك ويؤمن بالإنجازات التي نعايش صورًا منها تتمثل في أكبر وحدة تشهدها الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وأحدث وحدة حققها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بين شطري اليمن الحبيب، يضاف إلى ذلك اتحاد الإمارات العربية. تلك نماذج حية بنيت على أسس ومصالح فصمدت وواجهت التحديات الداخلية والخارجية.

إن العلاقات السعودية اليمنية والخليجية اليمنية يمكن أن تكون مثالًا صادقًا للحلم العربي. فاليمن عمقنا الاستراتيجي، ويجب النظر إليه على المدى البعيد وليس من خلال الواقع الحالي فقط. منطقة الخليج تحيط بها بؤر متوترة ومتفجرة وعمقنا الجنوبي يمكن التعويل عليه والوثوق به حيث المنافذ البحرية الآمنة والخيارات الاستراتيجية المتعددة. لا أعتقد أننا نفرط في شيء مثل تفريطنا في اليمن إذا نحن لم نتوجه إليه بجدية ونعمل جنبًا إلى جنب مع أبناء اليمن المخلصين في تنمية ذلك البلد الذي تتوفر له من المقومات الطبيعية والجيوسياسية والبشرية ما يفضي بأي جهد حقيقي في تنميته إلى النجاح. اليمن ليس في حاجة إلى مساعدات أو معونات أو صدقات، وهو شعب أبيّ لايقبل الحسنة، إنه بحاجة إلى استثمارات وإلى قرار خليجي بتنميته على غرار قرارات الاتحاد الأوروبي بتنمية البرتغال قديما، ودول أوروبا الشرقية حديثًا لتكون في مستوى بقية دول أوروبا الغربية.

لقد كانت ليلتان في اليمن كفيلة بترك أثر عميق وحقيقي في نفسي تجاه الأشقاء وبلدهم العزيز، ولم تفاجئني حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة مثلما فاجأتني البساطة التي يتعاملون بها مع ضيفهم بما يشعره بأنه من بقية أهل الدار. ولقد أدهشني أن ندخل على فخامة الرئيس بدون تفتيش أمني وبدون تعقيدات بروتوكولية، كما أن دماثة أخلاقه، وروحه الطيبة المرحة التي وصفها مستشاره الإعلامي الأستاذ عبده بورجي بأنها السهل الممتنع، قد زادت إعجابي بذلك الرجل الذي يواجه التحديات بعزم أكيد وحكمة تستوعب الموالين والمعارضين له.

إن تجاوز النظرة الآنية القاصرة لأهمية اليمن تفتح لنا أفقًا واسعًا نحو المستقبل، ولا يخالطني شك في أن مستقبل اليمن آتٍ لا محالة وأكاد أتبين معالمه إنْ أخلص أبناء اليمن في صناعته، وتضافرت جهود دول الخليج في تنميته.

* صحيفة المدينة السعودية