هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
الأمر ليس مفاجئًا أن تحدث محاولات أعمال إرهابية في المملكة العربية السعودية، أو محاولات في الكويت، وتفجيرات في البحرين، فهذه المنطقة جزء وقريبة من ساحة الاضطراب الكبرى في كل من سوريا والعراق واليمن، من هنا فإن الموجة الإرهابية قبل يوم واحد من عيد الفطر، لا يجب أن يستغرب أحد لحدوثها أو حتى عندما تتكرر في القادم من الأيام، فالساحة المضطربة القريبة تلقى بإفرازاتها السلبية على مجموع دول الإقليم. يمكن أن نرى أو يرى غيرنا عشرات الأسباب التي تدفع شبابًا من أبناء الخليج إلى ذلك الفعل الشائن، قتل أبرياء دون ذنب ولا حتى هدف، أو حتى قتل أقربائهم، إنما هذا الإرهاب لن يحقق هدفًا، كما أن العلاج ليس في المسكنات، بل هو في معالجة الأصل، وهو الصراع القائم أساسًا في سوريا ومن ثم العراق وبعده اليمن، لقد أصبح أكثر من ثمانين في المائة من السوريين تحت خط الفقر، وأصبح وجودهم في لبنان مقلقًا على أقل تقدير، ووجودهم في أوروبا أحدث زلزالا ليس الأقل فيه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما أصبح التهديد بقدوم المهاجرين ورقة يستخدمها اليمين الأميركي لدفع مرشحه إلى الصدارة، أما روسيا فترى في الساحة السورية إعادة اعتبار للقوة الروسية التي هزمت على شكل الاتحاد السوفياتي بدا من أفغانستان قبل ربع قرن، كما فقد العراق قماشة الدولة بجانب فقده لثروته واستقلاله، وأصبح اليمن في مهب الريح.
كيف نظرنا إلى موضوع (الإجرام السائد) سوف نرى بؤرته في سوريا وآثاره في العراق ومفاعيله في اليمن، ويكمن انفجاره أساسا في ضعف تناول الدولة (في العراق وفي سوريا وحتى في اليمن) لشؤون مواطنيها بشكل عقلاني وسليم ووقوف نخبتها الحاكمة أمام استحقاقات العصر، تلك جذور كل هذه الفوضى. تزايد ذلك في خلل في المنظومة الدولية الذي سهل انتشار الإرهاب، فلا الولايات المتحدة راغبة أو حتى قادرة على أن تقوم بواجب (الدولة الكبرى) في العالم، ولا روسيا تستطيع أن تفعل الكثير، هي أي روسيا ترسل طائرات في الجو لحرب جيوب الإرهاب كما تسميه، ولكن بانتقائية شديدة، وأيضا بعدم قدرة على الحسم!
فشل بناء دولة عراقية حديثة بعد عام 2003 وحتى اليوم، سبب من أسباب انتشار الإرهاب، فالمجموعة الحاكمة الحالية وبالتحديد التي سبقتها كانت مصابة بالعمى الطائفي ومهمومة بالسلطة، ونقص ضخم في الخبرة السياسية، قاد في نهاية المطاف إلى هذا الاحتراب الأهلي الذي أوصل بدوره إلى أعمال الإرهاب. إضافة إلى فشل الدولتين - العراق سوريا) في معالجة تحديات المطالب السياسية الحديثة وتغيراتها السريعة، زاد من جهة أخرى التدخل الإيراني من التهيئة لحواضن الإرهاب.
هذا المربع الخطر، الخلل في المنظومة الدولية، وفشل الدول (العراق وسوريا إلى اليمن) في المعالجات السياسية، التدخل الإقليمي السلبي، وقصور الأدوات الدولية، كل ذلك قاد لتكوين بيئة صالحة لنمو الإرهاب في الإقليم، ومن يعتقد أن استمرار هذا الجو الموبوء لن يصيبه بأذى، فهو بالتأكيد واهم. لقد أصيبت حتى الآن دول الإقليم ودول كبرى برذاذ هذا الإرهاب المتطاير أو تأثيراته المباشرة وغير المباشرة، كما ضربت التجارة الدولية والعلاقات بين الشعوب في مقتل. حقيقة الأمر أن الإقليم بكامله يعيش في فترة (الفرص الضائعة) البعض يعتقد أنه فقط باستخدام القوة المفرطة يمكن محاربة الإرهاب، وهو واهم من جديد، فالإرهاب مرض له أسبابه الظاهرة أو الخفية، وكأي مرض إن لم تتعرف على تشخيصه على وجه قريب من الدقة، لن يسهل علاجه، بل وقد تقدم له وصفات تفاقم المرض لا تشفيه.
لقد أجج الصراع الدائر في كل من سوريا والعراق إلى إطلاق موجات من الكراهية بين المكونات الاجتماعية في تلكم البلدين، زاد شحنة الكراهية التدخل الإيراني في كليهما، فانداحت الكراهية إلى الإقليم المجاور، تعاطفا أو نصرة، هنا اختلط الأمر على الجميع، فذهب بعض المتحمسين إلى ساحات القتال، لأنها بالضرورة جاذبة، فالإنسان كما المادة ينجذب إلى أماكن الفراغ، ظهر ذلك في الحرب الأهلية الإسبانية قبل الحرب العالمية الثانية (1936 – 1939) كما ظهر في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، كما يظهر اليوم في كل من العراق وسوريا بل وحتى اليمن!
التشخيص الصحيح يقود إلى العلاج الصحيح، فما دامت الساحة السورية نازفة وموقف مؤيدي نظامها (كل لأسبابه الخاصة) متعنت، ولا يريد أن ينظر إلى النزاع بمنظور عقلاني، كما هو موقف السلطات العراقية في تهميش بعض المكونات الوطنية، أو استيلاء مجموعة مسلحة على البلد كما في اليمن، سوف تستمر هذه الساحات تنبت أشكالاً نعرفها اليوم من الإرهاب، وأشكالاً أخرى حتى الآن لا نعرفها.
الخلل في علاقات المنظومة الدولية لن يعالج بالسرعة التي يرغب أهل الإقليم فيه. عض الأصابع بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية سوف يستمر، فالساحة الهشة هي الشرق الأوسط، ودماء العرب هي المكان الأهون للاشتباك، كلُ يعتقد أن الآخر سوف يصرخ أولا، أوروبا تعاني من مشكلات داخلية، والخلل في بيئتها السياسية واقع لا محالة، مع بدء عملية الخروج البريطاني، والأخيرة سوف تواجه مشكلات اقتصادية تجعلها عاجزة عن الفعل الدولي أو مقيدة اليدين على الأقل، فرنسا بجانب تردي وضعها الاقتصادي عاجزة عن التأثير، الولايات المتحدة تشهد تنافسا حرجا بين قطبين سياسيين، لا يختلفان في الجوهر في نظرتهما بالنأي بالنفس عن مشكلات الشرق الأوسط أو المزايدة حول قضاياه، بقي منظمتان إقليميتان على التوالي هي الجامعة العربية التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات مصيرية، أهمها تخطي العمل بالأغلبية والذهاب إلى توافق الراغبين، وهو أمر يحتاج الأمين العام الجديد أن يفكر فيه بشجاعة، وهو احتمال شخصيًا لا أركن إلى تفعيله على ضوء الاستقطاب الحاد في المنظومة العربية، ولكن لا بد من تجربته! والمنظومة الثانية المرشحة أن تفعل شيئا مختلفا لمواجهة المتغيرات، هي منظومة مجلس التعاون، إلا أن الأخيرة عليها مغادرة الدبلوماسية الحذرة، والمجاملات الاجتماعية، والخطو نحو توافق الراغبين أيضا في مواجهة هذا الاضطراب الكبير، بدلا من انتظار الإجماع الذي لن يأتي. لا أعتقد أن الأمن الداخلي في الخليج مهدد بتلك الخطورة من تداعيات الإرهاب في الجوار، فالنسيج الخليجي الاجتماعي والسياسي في أغلبه متماسك، وهذا لا يمنع من شذوذ قلة، كما لا يمنع العمل الجاد على جبهتي الإعلام والثقافة والتوعية، إلا أن أعمال الإرهاب تستنزف مجهودات الدولة وبعض طاقتها، خصوصا أن أسبابه قادمة في جلها من الخارج، كما لا أستبعد أن المضي في الإصلاحات المأمولة في دول الخليج قد يطلق أفكارًا متشددة مضادة، تستفيد من الفوضى الحاصلة للعبث بالأمن وإشاعة الخوف. ليس جديدًا الحديث عن تداعيات ما يحدث في الجوار الخليجي، وتحليل مدخلاته السلبية على الأمن الخليجي، وليس صحيحًا أيضا أن هناك مناعة لأي من الوحدات السياسية في الخليج أن يضربها الإرهاب، كما ليس جديدًا المطالبة بتجفيف منابع الإرهاب الثقافية والمالية، إلا أن أولويات العمل هي في النظر إلى إقالة عثرة الدول الفاشلة عن طريق إقناع المشاركين الدوليين بأن ذلك الفشل سوف يصل إلى عقر دارهم، إن عاجلا أم آجلاً، والعمل الجماعي ما أمكن لتغيير العقد الاجتماعي القائم في كل من البلاد الموبوءة بالحروب الأهلية، حيث لن يُصلح الأمر من أفسده، ففاقد الشيء لا يعطيه، وليس أكثر من منظومة مجلس التعاون أن تكون رأس الجسر الذي يبني ذلك التوجه، ربما بمساعدة الراغبين في منظومة الجامعة العربية التي وجب إقالة عثرتها.
آخر الكلام:
ليس هناك مشروع سهل، ولكن هناك حسابات ذكية!
*نقلاً عن "الشرق الأوسط"