فتح كافة المنافذ الحدودية بين السعودية واليمن هكذا تعمق المليشيات معاناة المرضى بمستشفى الثورة بصنعاء القائد أحمد الشرع : أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء طهران تعلن مقتل أحد موظفي سفارتها في دمشق عمائم إيران ترد على بوتين: لهذه الأسباب لم نقاتل مع بشار الأسد ؟ من جنيف أول منظمة حقوقية تطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم تجاه الغارات الإسرائيلية للمنشآت الحيوية اليمنية إيران في ورطة.. طهران تقف عاجزة أمام كميات مهولة من النفط المُخَزَّنة في ناقلات راسية في البحر عاجل : مقتل شيخين قبليين وإصابة ثلاثة أخرين في نزاع مسلح في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي طارق صالح يناقش مع بن دغر ''الإنتهاء من اعداد البرنامج السياسي'' لتكتل الأحزاب اليمنية احباط عملية إرهـابـية بمحافظة شبوة
السنوات الثماني الماضية، سنوات الثورات، علمتنا أكثر مما تعلمنا على مدى حياتنا، لأنها لم تترك ستراً على قضية أو جهة أو شخصية سياسية إلا وأزاحته لتتركها عارية تماماً.
ولعل أهم ما تعلمناه أنك إذا أردت أن تتعرف على سياسة بلد ما، فلا تستمع إلى إعلامه ولا إلى تصريحات مسؤوليه، بل دقق في أفعالهم على الأرض. كيف يتصرفون؟ ماذا يفعلون؟ بعبارة أخرى، فإن السياسة الحقيقية تأخذها من أفعال السياسيين وليس من أقوالهم، فلطالما كانت الأقوال والخطابات والأيديولوجيات مجرد ستار دخاني لا أكثر ولا أقل يخفي وراءه أبشع البشاعات والقذارات.
وقد سبقنا إلى هذه الحكمة فلاسفة اليونان القدامي عندما قالوا: لا تهتم بالأقوال بل بالأفعال.
السياسة يا جماعة الخير كالحرب خدعة، ومن يمارس السياسة بمنطق أخلاقي فهو ليس سياسياً مطلقاً، بل فاعل خير، ولا وجود لفعل الخير في السياسة. وقد مر الزعيم البريطاني الراحل الشهير وينستون تشيرتشل يوماً على مقبرة، فقرأ على أحد الشواهد: «هنا يرقد السياسي الشريف فلان الفلاني»، فقال:»هناك خطأ، فمن غير المعقول أن يكون سياسياً وشريفاً معاً».
باختصار، لا تنخدع أبداً بالمواقف السياسية، ففي أحيان كثيرة يكون عكسها هو الصحيح، أو أنها تتغير حسب المصلحة في وقت قياسي، وهذه من بديهيات السياسة وليست اكتشافاً.
تعالوا الآن نجب على سؤال أصاب الملايين في حيرة من أمرها على مدى الأعوام الماضية. يتساءل البعض عادة بكثير من الارتباك والضياع: هل يُعقل أن العالم أجمع يشكل التحالفات ويرسل القوات إلى كل الأماكن التي توجد فيها المنظمات الإرهابية المتطرفة كتنظيم «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» وأخواتها، ثم نسمع البعض أن تلك الجماعات هي من صناعة الجهات نفسها التي تدعي محاربة تلك الجماعات؟ ما هذه السياسة الخبيثة جداً؟ هل يعقل أن الدول يمكن أن تمارس مثل هذه الأضاليل الرهيبة؟ الجواب ببساطة نعم، خاصة إذا ما علمنا أن من يضع السياسات القذرة الحقيقية التي تمارسها الدول ليسوا أولئك المسؤولين الذين يظهرون على الشاشات ويحاضرون على الشعوب بالاستقامة والحكمة والوطنية والشرف، بل هناك أجهزة سرية يشرف عليها أقذر العقول وأكثرها إرهاباً ووحشية. وفي كثير من الأحيان حتى السياسيون أنفسهم لا يعرفون ماذا يحاك في الغرف السوداء، لهذا يتحولون إلى محللين سياسيين، كما شاهدنا على مدى الأعوام الثمانية الماضية، حيث كان الكثير من السياسيين العرب والأجانب ضائعين، ولا يعرفون بدقة ماذا يحدث في المنطقة من مخططات ومشاريع شيطانية، لأن المنفذ أجهزة مخابرات لا يمكن لأحد أن يعرف ماذا تفعل سوى الرؤوس الكبيرة جداً في الدول. وهذه الرؤوس لا يمكن أن تقول لنا الحقيقة مطلقاً، وتكتفي عادة بإلقاء الخطابات الرنانة الخالية من الدسم.
لا شك أنكم تساءلتم مراراً: أليس من السخف أن نتهم بعض الدول بتصنيع الجماعات الإرهابية التكفيرية، وفي الوقت نفسه تقوم تلك الدول بمحاربة تلك الجماعات بضراوة وتعتقل كل من يتعاطف معها؟ سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين. لكن الجواب سهل جداً. لا تتفاجأ أبداً إذا رأيت الدول التي تدعم تلك الجماعات هي نفسها من تلاحق كل من يتعاطف مع تلك الجماعات ولو بكلمة. هذا عادي جداً. لأن ما يجوز للدول لا يجوز للأفراد. ما هو حلال على الدول حرام على الأفراد. من حق الدول أن تفعل كل ما تريد، ولو فعل الأفراد واحداً بالمائة من المخالفات والموبقات التي تفعلها الدول لوجد نفسه فوراً وراء القضبان. سأعطيكم مثالاً. هل تعلم أن الدول التي كانت متحالفة في الماضي مع الاتحاد السوفياتي الشيوعي كانت تعتقل الشيوعيين في بلادها، وتسجنهم لعشرات السنين، مع أنها كانت متحالفة حتى العظم مع السوفيات؟ هل تعلم أن الدول المتحالفة مع إيران الآن تعتقل وتلعن «أبو سنسفيل» كل من ينشر المذهب الشيعي في بلادها؟ هل تعلم أن الدول التي تشتم الجماعات المتطرفة ليل نهار على وسائل إعلامها وتعتقل أي شخص يمكن أن يتعاطف معها ولو بتغريدة، تقوم بتربية تلك الجماعات وتشرف عليها وتنفق الكثير لاستخدامها في مهمات سياسية قذرة؟ ذات يوم اعترف أحد أفراد تلك الجماعات أن السلطات في إحدى الدول كانت تأتي للمساجين الإسلاميين في أحد السجون بصناديق كبيرة مليئة بكل الكتب الممنوعة التي تشجع على التطرف والتعصب، وتفتحها وتتركها أمام المساجين كي يقرأوها، مع أن تلك الكتب ممنوعة في المكتبات، والويل لمن تلقي السلطات القبض عليه وهو يقتنيها أو يقرأها.
هل تعلم أن دولاً كثيرة كانت تشحن المتطرفين في حافلات خاصة إلى الشرق الأوسط للقتال في هذا البلد أو ذاك، بينما في الوقت نفسه تشن حملات إعلامية شرسة ضد الإرهاب والتطرف في بلادها ووسائل إعلامها؟
هل تعلم أن بعض الدول التي كانت تشحن الجهاديين إلى العراق وتدعمهم، كانت تسجل أسماءهم وعندما يعودون تقوم إما بتصفيتهم أو تضعهم في السجون للتعذيب بعد أن ينتهوا من مهماتهم القذرة؟
شتان بين الظاهر والباطن في السياسة، فالتقية هي أساس اللعبة السياسية في كل مكان. ولو أردنا أن نلخص هذه اللعبة القذرة لقلنا إن الدول تعمل بمبدأ: واستعينوا على تنفيذ مؤامراتكم وقذاراتكم بالسر والكتمان.