الدرس التركي: هذه جنايتنا
بقلم/ د.مروان الغفوري
نشر منذ: 8 سنوات و 5 أشهر و 11 يوماً
السبت 16 يوليو-تموز 2016 06:06 م

عندما كان الحوثيون يحاصرون صنعاء تشكل اصطفاف وطني عريض من قوى اجتماعية وسياسية متنوعة. دعا الاصطفاف لتظاهرة فغرفت شوارع صنعاء بالمتظاهرين كما لم يحدث في تاريخها..
يومتها وصلتني ر سالة من مثقف شاب كان حاضراً. قال: يستطيع الخول هادي أن يشكل من هذه الحشود مائة ألف مقاتل للدفاع عن العاصمة، وبكلمة واحدة.
بقي الخول هادي خولاً تافهاً ورخيصاً
ببلادته ولؤمه وأحقاده سمح لدولة كبيرة بالغرق وألقى بشعب قوامه 25 مليوناً في المجهول.
لم يخن اليمنيين أحد مثل هادي،
ولم يؤذهم رجل مثل صالح،
وما حلت بين ظهرانيهم لعنة قط كالهاشمية السياسية، فهي الخلية السامة في نخاعهم، تنشط من وقت لآخر.
من جانب آخر أثبت جزء كبير من الشعب أنه ميت.
الشعوب الحية لا تنتظر نداء من أحد
لم ينتظر الشعب التركي قائلين:
خلونا نشوف، يمكن تصلح الأمور، يمكن يكونوا أحسن، إحنا مالنا، كلهم عيال كلب .. إلخ
خرج الشعب بكل تنويعاته في تركيا ووضع حداً للعنة العسكرتاريا. لم يكن بحاجة لمزيد من البيانات والمعلومات
ليعرف.
كان كل شيء واضحاً: هناك جماعة من الناس تنشط خارج المشروعية السياسية، ولا تمثل أحدا سوى نفسها، وهي تدفع باتجاه المجهول. هناك عملية تهدف لاستبدال حالة التوتر في البلد بحالة كثيفة من اللااستقرار واللاوضوح. ثمة نوايا لاستبدال الديموقراطية المريضة بديكتاتورية شاملة وفاجرة.
وكان الشعب التركي شعباً تركياً، لا واحداً من شعوب الموز. الديموقراطية مسألة لا ينبغي المساس بها أياً كان الموقف من أردوغان. ولا يمكن علاج الديموقراطية وتصحيحها بالقوة القاهرة، أو بأجهزة لا علاقة لها بها. فالانقلاب العسكري، أو الاجتياحات البربرية للمدن، تأتي لجرف المجال السياسي وخنق الحياة كلها.
أتذكر أن ساسة ومثقفين يمنيين حاولوا بيع فكرة فاجرة ورخيصة تقول:
دعوا الحوثيين يقتحموا صنعاء لكي يضعوا حداً لجامعة الإيمان.
هكذا، بهذه السذاجة السوداء
أتذكر أن مثقفين وساسة اعتبروا سقوط أقوى معسكرات الجيش المحيطة بصنعاء، 310، ومقتل قائده على يد العصابات الحوثية "انتهاء لتمرد غير مشروع".
أتذكر أن جزء من الشعب راح يبتهل في مواقع التواصل الاجتماعي بعيد سيطرة الحوثيين على العاصمة واختطافهم للدولة. راح ذلك الجزء من الناس يتحدث عن أخلاق الحوثيين في نقاط التفتيش، فهم لا يؤذون أحداً، ويخفضون أبصارهم عندما تمر امرأة..
عندما بلغت قوة الحوثي مداها كان الانهيار العقلي والأخلاقي على الضفة الأخرى قد اجتاز حدود اللامعقول..
كانت البربرية الحوثية تعلم، وهي تمر كجائحة، أنها تتسلل في جثة ميتة
يحيا شعب تركيا..هذا الشعب الذي يتواجد في كل قرى أوروبا ومدنها ولا يوجد منه عنصر واحد في جماعة إرهابية..