تآمر خليجي على ثورة فبراير ومبادرتهم تعيقهم
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 19 يوماً
الأحد 25 أغسطس-آب 2013 08:51 م

تعيش المملكة العربية السعودية قلقا عميقا من المتغيرات التي أفرزها "الربيع العربي" والذي كان فرصة لجماعات الاخوان المسلمين للصعود الى قمة السلطة في بعض البلدان العربية.

ويجد النظام في السعودية بخلفيته السياسية التقليدية البعيدة عن عالم المؤسسات من الصعوبة بمكان تقبل نجاح انظمة ذات بعد اسلامي يختلف عن الإطار الفكري والسياسي الذي يستند اليه الحكم السعودي. ولهذا شعرت المملكة بقلق شديد من التغيرات حولها وسعت لإنشاء مظلة حماية تقيها "شر" التغيرات.

القلق السعودي من صعود حركات الاخوان المسلمين في تونس وليبيا والمغرب واليمن ووجود حاضنة تركية لها أمر مفهوم، في ضوء التعاطف الذي بدأ يظهر في الداخل السعودي وفي عموم دول الخليج لا سيما في الكويت والامارات حيال جماعة الاخوان. ومن المؤسف ان السعودية لا تجد وسيلة للتعامل مع التغيرات غير محاربتها سرا وعلنا، حتى لو ادى ذلك الى عدم الاستقرار في تلك البلدان.

فاليمن كواحدة من دول الربيع العربي والتي كان للدول الخليجية دور مهم في لملمة ثورتها عبر المبادرة الخليجية، اصبحت الان مستهدفة من قبل الانظمة الخليجية لوأد ثورتها، غير ان مبادرتهم الخليجية اضحت عائقا في طريق استهدافهم لمشروع التغيير في اليمن.

وكشفت معلومات سرية وخطيرة، ومحاولات الانظمة الخليجية لإسقاط ثورة الشباب في اليمن والانقلاب على الرئيس هادي.

واوضحت المعلومات إن نجل الرئيس السابق صالح «أحمد علي» الذي يعد أحد أعضاء خلية إسقاط الربيع العربي في الامارات، تسلم ملف إدارة اسقاط مكاسب ثورة الشباب في اليمن، منوهاً الى ان الملف يتضمن مخطط الاتقلاب

مخطط الانقلاب في اليمن

وكشف المعلومات عن خطوات المخطط الانقلابي في اليمن، موضحة بان الخطوة الاولى ستتم عن طريق عودة قطع الكهرباء وتفجير أنابيب النفط عبر عصابات منظمة محترفة غالبية المنفذين ينتمون للأمن القومي .

سيتم بعد ذالك دعم الحوثيين في اكثر من جبهة ومحاولة تفجير الوضع في العاصمة صنعاء عبر عمليات ارهابية وإلصاقها لتنظيم القاعدة (الصالحية)، لافتة الى انه سيتم استقطاب كبير لمشائخ قبائل ومحاولة التنسيق في قطع الطرقات وشل الحركة من المحافظات الى العاصمة صنعاء دخولا وخروجا منها.

واوضحت المعلومات التي حصلت عليها مارب برس ان دعم افراد من الحراك المسلح في جنوب اليمن لزعزعة امن عدن ومحاولة عمل تفجيرات مختلفة تستهدف ميناء الحاويات في عدن ومنشئات حيوية واحده من خطط المخطط الانقلابي.

واشارت المعلومات الى ان خلايا الانقلابيين ستنشط لمحاولة اسقاط محافظة البيضاء وبعض مدن حضرموت وتسليمها للقاعدة "الصالحية" لإرهاق السلطة ومحاولة تصفية قيادات عسكرية كبيرة، كما سيتم محاولة اسقاط محافظة حجة وتسليمها للحوثيين واستمرار تغذية الحرب في الجوف بدعم الحوثيين ومحاولة تبيينها انها حرب بين الاصلاح والحوثيين.

واستنساخ لما يحدث في مصر سيتم محاولة إلصاق كثير من الاعمال الإرهابية بحزب الاصلاح " الاخوان المسلمين في اليمن" وتسويق هذه الشائعات عبر قنوات الاعلام الخليجية بتنسيق محكم .

وتنفيذا لرغبة الامارات فان قادة الانقلاب في اليمن سيعملون على اعادة ميناء عدن لأحضان شركة موانئ دبي العالمية لإدارته مهما كلفهم الثمن او تعطيله عبر تغذية عمليات ارهابية مستمرة فيه لمنع تطويره، لتشير المعلومات الى ان محاولة اغتيال الجنرال علي محسن لإفساح المجال امام احمد علي وأتباعه الجدد للاستيلاء على اليمن بعد حكم منصور هادي خطوة هامه لتنفيذ الانقلاب.

الامارات بدورها ستتولى تجنيد الاعلاميين اليمنيين وتدريبهم في دبي على يد امهر الاعلاميين العرب والغربيين لتمكينهم من خوض حملات اعلامية لصالح عملاء الخلية في اليمن.

وأضاف بأن "الإمارات تتكفل بكل ميزانية حزب المؤتمر الشعبي العام لخوض الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والنيابي والمحلي القادم "، مشيراً الى أنها خصصت مبلغ ثلاثة مليار دولار لإنجاح فريق صالح في الانتخابات الرئاسية البرلمانية والمحلية القادمة.

ولفت الى أن الجنرال علي محسن، هدد صالح في مكالمة هاتفية بالسجن – بقوله (إنه يعرف كل صغيرة وكبيرة يدبرها ضده وان لم يكف عن حياكة المؤامرات سيدخل السجن عما قريب).

وكانت صحيفة القدس العربي قد كشفت ان اسباب زيارة الرئيس هادي الشهر الماضي الى قطر نتيجة لضغط سعودي اماراتي لوأد مشروع التغيير في اليمن.

وأكدت الصحيفة أن هادي تلقى اتصالين هاتفيين عقب سقوط نظام مرسي في يوم واحد، الأول من رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والثاني من ولي العهد السعودي الأكير سلمان بن عبد العزيز تتعلق بهذه المطالب الثقيلة من هادي.

ونقلت صحيفة "القدس العربي" الصادرة من لندن عن مصدر سياسي وصفته بالرفيع قوله إن فحوى الضغوط السعودية-الاماراتية تتمحور حول تضييق الخناق على الاسلاميين في اليمن، ومحاولة سحب البساط من تحت أرجلهم، عبر دعم بقايا نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأيضا التيارات السياسية المناهضة للتيار الاسلامي.

وكشف مصدر وثيق الاطلاع لذات الصحيفة أن الإمارات العربية المتحدة وعدت بدعم أتباع نظام صالح بمليار دولار لتمويل ترشيحهم في الانتخابات الرئاسية والنيابية القادمة، وأنها رصدت لكل دائرة انتخابية تابعة لأتباع صالح بنحو نصف مليار ريال يمني (حوالي مليونين ونصف مليون دولار).

وقالت الصحيفة اللندنية إن السفير اليمني في أبوظبي العميد أحمد علي، نجل علي عبد الله صالح تفرغ تماما لملف الدعم الاماراتي لبقايا نظام صالح، وأنه لم يداوم في مكتبه بأبوظبي سوى يوما واحدا، فيما يقضي أغلب أوقاته في إقامة حملة علاقات عامة مع الشيوخ المؤثرين في دولة الامارات.

وبدات الانظمة الخليجية في تنفيذ مخططاتها الانقلابية في اليمن من خلال تسخير وسائلهم الاعلامية المختلفة للترويج لنقل المشهد المصري الى اليمن.

فقد نشرت صحيفة الشرق السعودية أن حمى الثورة المصرية ضد الإخوان المسلمين، التي انتهت بعزل الرئيس محمد مرسي، انتقلت إلى اليمن لتتصاعد انعكاساتها بشكل تدريجي.

واضافة الصحيفة انه ومنذ ليلة 30 يونيو التي شهدت حشوداً بشرية هائلة خرجت لإسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، وجد خصوم الإخوان المسلمين في اليمن في التحرك الشعبي المصري مدخلاً مهماً لوقف تمدُّد حركة الإخوان المسلمين في اليمن، التي تحظى بدعم واضح من السفير الأمريكي في صنعاء.

واشارت الى تدشين حركة تمرد يمنية لإسقاط حكومة الوفاق الوطني، وتشكيل حكومة بديلة من أصحاب الخبرات وبعيدة عن المحاصصة والتقاسم الحزبي، مشيرة إلى إن إخوان اليمن يقفون في مواجهة غالبية القوى على الساحة اليمنية، التي أعلنت رفضها أداء وتحركات حركة الإخوان المسلمين على مستوى اليمن وخارجه، وتضم هذه القوى حزب علي صالح وحركة الحوثيين والتنظيم الناصري وكل القوى المدنية والليبرالية في الساحة اليمنية.

محاولة افشال الحوار

محللون اكدوا أن ثمة مخاوف كبيرة من إفشال مؤتمر الحوار الوطني، مع اقتراب القوى المشاركة في الحوار من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن بناء وهوية الدولة وشكل النظام السياسي، وإقرار حلول للقضايا الشائكة في جنوب البلاد وفي صعدة بالشمال.

واعتبروا أن المخاطر التي تهدد مؤتمر الحوار الوطني حقيقية، خاصة في ظل التوتر الأمني وأعمال العنف في البلاد التي يرون أن قوى سياسية تتخذها منصة للخروج من الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

و رأى عبد السلام محمد، مدير مركز أبعاد للدراسات والأبحاث في صنعاء، أن المخاوف ترجع إلى كون بعض القوى المشاركة في الحوار الوطني تحاول الضغط على الدولة لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة، أو تلوّح بإفشال الحوار من خلال أعمال العنف والفوضى في البلاد.

وكان الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان قد اتهم دولة عربية مجاورة بمحاولة السيطرة على اليمن وتحويلها لإمارة تابعة لها أو إمارة تابعة للدولة الفارسية ها من خلال افتعال الازمات والمشاكل، مؤكداً أن ما يحصل في اليمن هو تآمر دولي لغرض تمزيق اليمن وتشتيتها.

اكد عطوان ـ في مقال له انه لا يتمني أن ينتهي مؤتمر الحوار الوطني إلى تقسم اليمن إلى دويلات فإن ذلك –حد قوله-سيكون لعنة عليهم والتاريخ لن يرحمهم.. لا مانع من صلاحيات واسعة للمحافظات وقانون صارم للعدالة وشفافية في الحقوق والواجبات وإعطاء المناصب للكفاءات بدون وساطة أو قبيلة أو عائلة.

الربيع المهدد

الكاتب العربي علي محمود اوضح ان "الربيع العربي" اسير المصالح والحسابات الاقليمية بالوكالة عن القوى الدولية وفي طليعتها اميركا، وخرجت الرياض صراحة لتفصح عن هواجسها بإجهاض ثورة البحرين، وترتيب شؤون الخلافة في اليمن بما لا يخرج عن طوعها، وحفظ استقرار الممالك والامارات من المحيط الى الخليج، وتقويض نفوذ قوى صاعدة في مصر وتونس حتى لو كان الثمن حكماً عسكرياً صريحاً او موارباً او حتى عدم استقرار سياسي. ولا ادري كيف تتحدث الرياض عن ضرورة الوقوف الى جانب استقرار مصر "وحقها الشرعي في ردع كل عابث أو مضلل" (التعبير للملك السعودي)، في حين انها توجه الكثير من امكانياتها لدعم جماعات مسلحة تنال من استقرار سوريا وتنشر الموت والشرذمة في طول ارضها وعرضها.

واضاف "لقد انكشف مرة اخرى ان القوى التقليدية العربية تمثل عبئا كبيرا على الحراك الشعبي العربي، حتى لو اتخذت مؤقتا دور الخيّر الذي يبذل أمواله للمساعدة ( كما في حال مصر الآن)، وهو في الحقيقة لا يساعد الا نفسه وله حساباته الخاصة التي تـُبنى على فرضية ان الحراك الشعبي يمثل خطرا داهما على الاطار التقليدي للحكم المشيخي العربي. هذا الحكم الذي يجذف بعكس التيار، معتقدا ان بإمكانه ان يصادر تطلعات الجماهير لأطول زمن ممكن".

ولفت محود الى إن أي قراءة للواقع العربي اليوم لا تلحظ الدور السلبي الذي تلعبه الرياض في محاولة وضع اليد على الحراكات الشعبية بالقمع او الاستمالة بالمال والرعاية السياسية وما شاكل، لن تلحظ مخاطر ذلك والتي ستتمظهر في المستقبل مزيدا من الشرذمة وحضورا معززا للقوى المتشددة التي لا تبتعد عن الحضن السعودي الا قليلا.

إسقاط أحداث مصر على اليمن

ما يزال حدث الانقلاب العسكري في مصر يثير اهتمام الوطن العربي بشكل ملفت، خاصة دول الربيع العربي، وتحرص الأطراف السياسية في كل من هذه الدول على إسقاط أحداث مصر على بلدها، ويسخر كل منهم الحدث لصالحه إعلاميا وميدانيا.

عندما فاز الإخوان بالانتخابات في تركيا خرج إعلام صالح وغيره من أصحاب الخصومة مع الإسلاميين بتصريحات ومانشيتات عريضة تؤكد أن تركيا ليست اليمن. وعندما سقط مبارك تحت أقدام الثورة الشعبية خرج إعلام صالح يؤكد أن مصر ليست اليمن، ويتكرر هذا المنوال باستمرار في كل مناسبة في أي وطن عربي.

وبالمقابل، يرى الإصلاحيون في اليمن فوز الإسلاميين أو تقدمهم في أي دولة دليلا على شعبيتهم وقبولهم وأن ما يحدث هناك قابل للتكرار في اليمن، فيما يذهبون لتبرير فشل أو أخطاء الإسلاميين في أي قطر ويعتبرون ذلك حالة خاصة.

الكاتب والمحلل السياسي عبد الملك شمسان اوضح ان ما يفعله الطرفان هنا -في إسقاط الأحداث المصرية على اليمن-لا يعدو أن يكون تناولا للأحداث الخارجية ومحاولة لإسقاطها بشكل موجه على الداخل.

قال شمسان في تحليل له "لا يقوم كل من هذه القوى السياسية بأكثر من أخذ الجزئية التي تخصه ويراها تنفعه وتعزز خطابه الإعلامي وتوجهه السياسي وعمله الجماهيري، وتجلى هذا الأمر في اليمن بشكل واضح في الخطاب الإعلامي لتيار علي صالح المستمر منذ يوم الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي".

واضاف "ارتكز خطاب هذا التيار على محورين، الأول: محاولة إسقاط أحداث مصر على اليمن باعتبارها دليلا -كما يسوقون-على إثبات فشل الإسلاميين في الحكم، وهم الذين تولوا كبر الثورة عليه -أي على صالح-ويشكلون الخطورة الأكبر على مستقبله وأحلامه بالعودة مستقبلا.

والثاني: محاولة تصوير نفسه بأنه الأقرب إلى القبول الخارجي، وأنه الأكثر حظوة بدعم المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وذلك لتثبيت أقدام أنصاره -أولا- وإقناعهم بانحياز الموقف الخليجي إليهم، والجميع يعرف القدرة التأثيرية للخليج في اليمن، وبالأخص المملكة العربية السعودية، وثانيا للعب في المساحة الجماهيرية خارج إطار الأنصار بهدف استقطاب أكبر شيء ممكن من الجماهير إلى صفه، وثالثا لمحاولة خلق رأي عام مفاده أنه لا مستقبل لمن يسميهم "إخوان اليمن"، وذلك تبعا لموقف الخليج الرافض لهم بحسب ما يستنبطه من الأحداث الجارية في مصر".

وتحدثت التقارير والمعلومات عن احتجاج السعودية على الولايات المتحدة إثر تخليها عن مبارك، فيما هي -أي المملكة-التي تبنت رحيل صالح منذ اللحظات الأولى لاندلاع الثورة، وذلك معروف وتحقق من خلال "المبادرة الخليجية" التي تبنتها المملكة وحشدت لها التأييد الخليجي والدولي وقدمتها في إبريل 2011م، موافقة -في ذلك- لمطالب الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي كان حزب الإصلاح في مقدمة صفوفها واللاعب الأبرز فيها، وملبية لأهم وأبرز مطالب ساحات الحرية والتغيير.

واكد شمسان انه وبالنظر إلى هذا الموقف وغيره تظهر منطلقات السياسة السعودية تجاه اليمن مختلفة عن منطلقات سياستها إزاء مصر، وإن كان هناك نقاط عامة مشتركة، وبنفس الطريقة، يمكن القول إن للتجمع اليمني للإصلاح منطلقات للتعامل مع المملكة مختلفة عن منطلقات الإخوان في مصر، وإن كان هناك أشياء مشتركة بالمقابل.

واشار الى ان اختلاف سياسة المملكة إزاء كل من مصر اليمن، واختلاف نظرة إصلاح اليمن وإخوان مصر إلى المملكة، يعتمد كل منهما -بشكل كبير-على ارتباط الدولتين (اليمن والمملكة) بحدود جغرافية طويلة.

وتابع "إذا كانت المملكة تعول كثيرا على الجدار العازل الذي يبنى حاليا بين الدولتين في الحد من الإشكاليات والآثار السلبية لهذا التجاور، فإن انعكاسات الجوار على سائر مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لا يمكن درؤها بالجدار، فضلا عن أن للمملكة خصوما يتربصون بها جعلوا من اليمن أحد أهم مواطئ أقدامهم ولا يزالون يسعون لترسيخ وتوسيع هذه المواطئ، وبما لا يسمح للمملكة بتنفيذ ذات السياسة التي تتتبعها في مصر.

كما يدرك الإصلاح - بالمقابل- أن أي تطور أو استقرار في بلادهم لا يمكن أن يتحقق بعيدا عن سياسة تحقيق أكبر قدر من التوافق مع المملكة، وهذا بخلاف سياسة إخوان مصر الذين لا يرون للمملكة ذات القدرة التأثيرية في بلادهم، بل إن قيام إخوان مصر بعقد أي نوع من التحالفات مع إيران ظل -على امتداد العام الذي حكم فيه الرئيس مرسي- هو الأكثر احتمالا والأكثر قربا إلى التحقق، ولا يزال هذا الاحتمال قائما، خاصة بعد الموقف السعودي العلني في دعم الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي، وسواء عاد الإخوان إلى السلطة وتحقق لهم ما يعملون من أجله الآن أو عادوا إلى المعارضة، ولربما أن الأحداث في سوريا هي التي وقفت -خلال فترة حكم الرئيس مرسي- حائلا دون حصول هذا التحالف. ويمكن هنا ملاحظة أن الموقف الإيراني من الإخوان القائم على العداء من حيث المبدأ كان مختلفا إزاء إخوان مصر وإزاء الانقلاب العسكري، وبدا متذبذباً بين رفض الانقلاب وتأييده.

حملة سعودية لمواجهة الاخوان

مع دعم وتأييد السعودية لسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وما أعلنته القيادة من عزمها سد أي فجوات مالية تنتج عن منع أي دول غربية مساعداتها لمصر بسبب حملتها الأمنية على المحتجين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، يبقى إخوان السعودية في مأزق، ليس فقط بسبب الهزة التي حدثت على خلفية سقوط قيادات الجماعة في مصر، وإنما يرجع الأمر لما تشنه السعودية من حملة مماثلة في البلاد للقضاء على الإخوان والإعلام المؤيد لهم، في إطار تنفيذ خطة «إعلام بلا إخوان مسلمين».

وتحتفظ الذاكرة السياسية السعودية للإخوان المسلمين بمواقف غير منسجمة مع سياساتها في أكثر من مناسبة وقضية، وأدركت المملكة أن الإخوان إن أقاموا دولتهم في مصر، خاصة لما تمثله من ثقل ديني وسياسي في المنطقة والعالم، فلن تمنعهم الحدود السياسية من الانتشار في جميع الاتجاهات، والسعودية هي الجارة الأقرب لهم، وبالتالي فإن وضعها ضمن منظومة الإخوان سيسهل عليهم قيادة العالم العربي ومن ورائه العالم الإسلامي، ولم يستبعد المراقبون مخاوف الحكم السعودي على وجوده من خلال إمكانية قيام إخوان السعودية بالإطاحة بالأسرة الحاكمة بدعم إخوان اليمن ومصر وتركيا، ولن تمانع وقتها أي إدارة أمريكية في التخلي عن النظام السعودي، إذا وجدت بديلاً يضمن مصالحها، الأمر الذى جعل القيادة السعودية تدعم عزل مرسي.

وفي المقابل، اتخذ إخوان السعودية موقفاً مندداً بعزل مرسي، وزاد خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز حول أزمة مصر نيران غضب الإخوان في المملكة، وحاولت قوى «المعارضة السعودية الجديدة» المتمثلة في الإخوان تصوير الوقائع والتعامل الحازم من الجيش والأمن في مصر، على أنه محاربة للدين.

وكشفت مصادر لصحيفة «العرب» القطرية، أن السلطات السعودية بدأت خطة «جديدة وفورية» لإبعاد وإيقاف جميع الإعلاميين المنتمين أو المتعاطفين مع الإخوان المسلمين، كما اتخذت السلطات تحركات لإقصاء مناصري الإخوان من مناصبهم، في تطور يربطه المحللون بردود فعل إخوان السعودية الرافضة لعزل مرسي.

وذكرت المصادر أن السعودية بدأت تنفيذ الخطة بحملة من الإيقافات، لعدد من الإعلاميين وبرامجهم، إضافة إلى توجيهات رسمية من قبل وزارة الثقافة والإعلام، لإبعاد أي مقالات أو مواد صحفية تتعلق بإبراز أي دور لإخوان مصر أو غيرها، وعدم الإشارة إلى الرئيس المعزول. ووضعت الخطة عدداً من القنوات والبرامج تحت المراقبة، منها قناة «الرسالة» التابعة لمجموعة «روتانا» الإعلامية المملوكة للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، وكذلك قناة «فور شباب» التي يشرف عليها السعودي على بن حمزة العمرى، وقناة «دليل» التي تعود ملكيتها لرجل الدين السعودي سلمان العودة. وفى هذا السياق، أقال الوليد بن طلال، بصفته رئيس مجلس أمناء قناة «الرسالة» الفضائية، الداعية الإسلامي طارق السويدان، من منصبه مدير عام القناة، على «خلفية توجهاته الداعمة للإخوان».

واستدعت السلطات السعودية رجل الدين المقرب من الإخوان، محمد العريفي، للتحقيق معه ومنعه من السفر لإلقاء محاضرة فى قطر. وتم إيقاف الإعلامي السعودي عبدالله المديفر، المحسوب على التيار الإسلامى، نظرا للغضب الكبير من حواراته مع ضيوفه الذين غلب عليهم انتماؤهم للتيار الإسلامى وخط الإخوان. ولم يعد أمام الإخوان السعوديين سوى التمسك بشبكات التواصل الاجتماعى بعد الحملة التى أطلقتها السعودية مكونين نقاط استقطاب داخل السعودية للأزمة المصرية.

ويسعى الحراك الحكومي السعودي إلى إحكام إغلاق 3 منافذ في وجه الإخوان تراها المملكة أساس الاستقرار، هي الإعلام والمشروعات الاقتصادية، بينما يظل الضلع الثالث، وهو «التعليم» الملف الأكثر تعقيدا، إذ يرى محللون أن التوغل الإخوانى في المملكة تغلغل ولا يزال في المدارس والجامعات.

وبالإضافة إلى المعارضة الإخوانية الوليدة في المملكة، يواجه النظام السعودي احتجاجات تتسع في المنطقة الشرقية، التي تقطنها أغلبية شيعية، إذ يشكو الشيعة في المملكة من تعرضهم لتمييز يتمثل في غياب

سر العداء الاماراتي لمرسي

قبل ستة أشهر أكد المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في ندوة بجامعة كولومبيا الأمريكية تحدث فيها عن الثورة المصرية أن مصر تواجه ظروفًا سياسية وتحديات صعبة، وخصوصًا دعم بعض الدول العربية لبعض العناصر المعارضة للنظام السياسي.

وأشار إلى أن هناك عدة أسباب تجعل دولة مثل الإمارات تعادي نظام الرئيس المعزول مرسي وتدعم المعارضة؛ ومنها: أن مشروع تطوير إقليم قناة السويس الذي تبناه مرسي سيصبح أكبر كارثة لاقتصاد الإمارات وخاصة دبي؛ حيث إن اقتصادها خدمي وليس إنتاجيًّا قائمًا على لوجستيات الموانئ البحرية، وأن موقع قناة السويس هو موقع استراتيجي دولي أفضل من مدينة دبي المنزوية في مكان داخل الخليج العربي الذي يمكن غلقه إذا ما نشب صراع مع إيران.

وأضاف بأن حقول النفط في الإمارات تتركز في إمارة أبو ظبي، وأن كل إمارة في دولة الإمارات تختص بثرواتها الطبيعية فقط، ودبي هي أفقرها موارد طبيعية؛ لذلك فهي تعتمد اعتمادًا كليًّا على البنية الأساسية الخدمية التي تقدمها للغير، ومشروع تطوير قناة السويس سيدمر هذه الإمارة اقتصاديًّا لا محالة خلال 20 سنة من الآن.

وتابع أن الإمارات هي أكثر دولة عربية تعتمد سياسيًّا ومخابراتيًّا على الموساد "الإسرائيلي" والمخابرات الأمريكية، وخصوصًا بعد بناء المشاريع الخدمية بعد عودة هونج كونج إلى الصين والنمو الصاروخي لاقتصاديات النمور الأسيوية، وسيضمحل هذا الاعتماد تدريجيًّا حيث إن هذا الاعتماد المخابراتي كان بسبب كمية المبادلات التجارية الضخمة التي كانت تجرى على أرض الإمارات.

وزاد أن الإمارات أكثر الدول العربية التي تربطها علاقات تجارية واقتصادية حميمة مع إيران خوفًا من تدمير البنية التحتية للإمارات فيما إذا نشبت حرب بين أمريكا وإيران وسحب البساط التجاري من دبي إلى مصر سيعمل على ترك الإمارات دون غطاء جوي أمريكي عمدًا كي يتم تدمير مرافقها وتأتي شركات أمريكية لإعادة بنائه بالأموال الإماراتية المودعة في أمريكا.

وأكد أن الإمارات ضد الجيش السوري الحر والثورة المصرية حتى لا يتم نجاح التواصل بين تركيا ومصر، وهذا سيؤدي إلى فتح الأبواب التجارية الأوروبية للمنتجات السورية والمصرية، وتصبح الحاجة إلى مشاريع إعمار منطقة قناة السويس هي اللطمة للاقتصاد الإماراتي الخدمي.

وأكد تشومسكي في ختام الندوة بأن النظام المصري إذا ما تمكن من تنفيذ هذا المشروع العملاق في منطقة قناة السويس، فإن مصر ستنتقل إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديًّا، وقال: يجب أن يتم تطوير أنظمة التعليم والثقافة التعليمية في مصر كي تواكب النهضة المستقبلية.