الانتقال من الماضي إلى المستقبل
بقلم/ م/ فهد العبسي
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الأحد 09 يونيو-حزيران 2013 04:23 م

أساس بناء الدولة هو النظام والقانون المستند على الدستور، والدستور عبارة عن عقد إجتماعي بين الحاكم والمحكوم، ويعرف شكل الدولة ونظام الحكم و يعمل على تنظيم العلاقة بين السلطات الرئيسة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويحدد شكل الحقوق والحريات والواجبات للمواطن. وبالتالي فإن القضية الرئيسة التي ستواجه اليمنيين ومؤتمر الحوار الوطني هي قضية وضع دستور يمني يضمن العدل والمساواة ويحفظ الحقوق والحريات ويصون كرامة الإنسان اليمني، وعملية وضع الدستور تعتبر شأنا مهما لأنها تعزز المواطنة ، وتعمل على إشراك الجميع، وترسم خارطة المستقبل.

ولكن هناك قضايا كثيرة أمام مؤتمر الحوار الوطني منها إعادة هيكلة الجيش أو بناء الجيش، القضية الجنوبية، قضية صعدة، الحقوق والحريات، العدالة والمساواة، العدالة الإنتقالية، الحكم الرشيد، شكل الدولة، توزيع الموارد، التعليم، الصحة وغيرها من القضايا الأخرى التي يجب التوافق عليها لكي نضمن الولادة الطبيعية للدستور اليمني الجديد. لا شك أن المخاض سيكون عسيرا، وآمل أن لا يكون مشوهاً أو مبتورًا، لأن الدستور يمثل المُخرج الأساس للحوار الوطني.

ولكي نضمن الإنتقال الآمن من الماضي إلى المستقبل يجب علينا أن نعرف أولا من يشارك في عملية وضع الدساتير؟ حيث تكمن الإجابة بالمكونات الرئيسة التالية: الأحزاب السياسية، المجتمع المدني ، النساء، الشباب، القطاع الخاص، الهيئات المتخصصة، والمجموعات الدينية، الجماعات المهمشة، والجماعات العرقية إن وجدت. وهناك مبادئ رئيسه يجب التقيد بها أثناء عملية وضع الدستور سنستعرضها بالفقرة التالية.

مبادئ صناعة الدستاتير

صناعة الدستاتير لها أربعة مبادئ رئيسة وهي الشمولية والمشاركة والشفافية والتوافق، والشمولية تعني عدم الإقصاء على المستوى الجغرافي والنوع الإجتماعي، والديني، والفئات العمرية وغيرها، بينما المشاركة تعني مشاركة جميع الفرقاء والأطراف السياسية والإجتماعية، إلى جانب مشاركة كافة الشعب عن طريق أخذ الآراء عبر الرسائل البريدية وفتح خطوط التليفون ورسائل البريد الإلكتروني، والنزول إلى المحافظات والإستماع إلى آراء المواطنين، كما أن الاستفتاء يعتبر جزء من المشاركة في صناعة الدساتير، أما بالنسبة للشفافية فتعني وضوح العملية او الإجراءات التي يتم فيها صناعة الدستور، والأهم هو المبدأ الرابع التوافق أي عدم الإعتماد على التصويت، أو الأكثرية، بمعني يجب أن يتوافق الجميع على الدستور وعدم استثناء أي فئة أو طائفة أو أو جماعة أو حزب.

 وعليه فإن مشاركة الحراك الجنوبي في الحوار الوطني وعملية وضع الدستور يمثل ضرورة حتمية وإلا فإن الدستور سيصبح ناقصا، وسيولد مشوهاً.

والدساتير قد تكون عامة وأحيانا خاصة، عامة تعني أنها تشمل الجميع داخل الوطن، وخاصة تعني لأجل فئات أو جماعات معينة دون الأخرى ، وهناك دساتير جامدة ودساتير مرنة، فعلى سبيل المثال دستور الولايات المتحدة يعتبر من الدساتير الجامدة لأنه من أقدم الدساتير وساري المفعول حتى الآن، فقد أستوعب كافة المتغيرات وتلائم مع المستقبل، بينما دستور الجمهورية اليمنية كان مرناً زيادة على اللازم، فقد عانى من التعديل والتغيير بعد حرب 94 المرة تلو الأخرى وفقا لأهواء وآراء المنتصر ان لم نقل وفقا لآراء وأهواء فرد أو نزوات شخصية، وقد بلغ به الحال إلى أن أنفرط بسبب المرونة الزائدة والاستهتار الشديد يوم إعلان قلع العداد. فالدساتير المطاطية أي المرنة تنم عن قصور أثناء وضعها أو أنها توضع وفقا لأهواء وآراء الحاكم أو فئة معينة في المجتمع ولفترة زمنية محدودة، بينما الدساتير الجامدة توضع لعقود مع إجراء بعض التعديلات عليها إذا اقتضت الحاجة، لأنها وضعت وفقا للمبادئ الرئيسة وتلائم المستقبل . 

الدساتير حينما توضع يجب أن تكون صالحة لعشرات السنين وملائمة للمستقبل، وتراعي النسب، فهي خارطة الطريق نحو المستقبل، كما يجب أن تكون تفصيلة تشمل أدق الأشياء وأبسطها، كما هو الحال في الدستور الهندي الذي وضع نصوص تفسيرية ملحقة بالدستور، وذلك حتى لا تتيح الفرصة للتلاعب أو التفسير وفقا للأهواء، حيث تلجأ الأطراف السياسية أو الفرقاء أحيانا إلى وضع توافقي فيما بينها حينما يختلفون حول قضية ما ويقومون بعمل نص ضبابي داخل الدستور يرضي الجميع، وبعدها تنشا المشكلة عند تطبيق النص على أرض الواقع.

ولكي نضمن الانتقال إلى المستقبل من خلال مؤتمر الحوار الوطني يجب على المتحاورين التخلص من الخصوصية وعدم الخروج عن المواضيع الرئيسة للحوار، وإلا فإن الحال سيكون مثل ما شاهدنا عند النقل المباشر لجلسات الحوار والوطني في بداية انطلاقه، حيث عمد المتحاورين إلى الحديث عن الخصوصيات، وذلك بسبب علمهم بأن الجمهور يشاهد البث المباشر عبر التليفزيون، وتحول الحوار إلى مهرجان انتخابي، لذلك يجب على المتحاورين أن ينتقلوا من المواقف إلى المصالح، الإنتقال من التعبير عن ماذا أريد؟ ، إلى ماذا احتاج؟.

ولأجل الانتقال الآمن من الماضي إلى المستقبل يجب أتباع التالي:

1.صياغة دستور جديد يضمن مصالح الجميع

2.دستور يستوعب كافة المتغيرات الجديدة

3.دستور ملائم للمستقبل يضمن العدالة والحرية والديمقراطية

4.استخدام الحوار لأجل الحلول السياسية

5.الخروج من دائرة المواقف إلى دائرة المصالح والإحتياجات

6.تطبيق قانون العدالة الإنتقالية

7.معالجة كافة القضايا والمظالم التي نتجب بعد أحداث فبراير 2011

8.معالجة كافة القضايا والمظالم التي نتجت بعد حرب 94

9.تغيير شكل الدولة إلى مركبة فيدرالية

10.تطبيق العدالة الإجتماعية والقبول بالآخر

11.تقديم ضمانات للجنوبيين بحل القضية الجنوبية حلا عادلا فالجنوب لكل الجنوبيين والحراك عبارة عن فئات وإتجاهات مختلفة

12.تقديم ضمانات بنصوص دستورية لأجل تنفيذ مخرجات الحوار