القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار
مارب برس ـ بروكسل ـ خاص
إن سبب إختيارنا لهذا العنوان هو الثقة بالعراق والعراقيين، وليس من باب الغلو الوطني، أو أننا من المصابين بداء الشوفينية القطرية، فنحن على يقين تام أن عراق خارج الأمة العربية والمحيط العربي كالطفل اليتيم، والذي يودّع عند مربيّة ظالمه وقاسية، لذا لن تجيد تربيته وسيصاب بالعلل النفسية التي ستعمل على تحطيم مستقبله، لذا فلو جئنا الى أساليب النظام السابق، والذي أعتمد على النهج الديكتاتوري والحلقات الضيقة، وسياسة الشك والريبة من الآخر، فلقد أعتمد على سياسة جعل المواطن العراقي خطر حقيقي على نفسه
وجعل المواطن العراقي تحت كونترول السلطة وحتى وإن كان نائما في فراش الزوجية، وإستمر الحال طيلة 35 عاما من حكم الحزب الواحد والمجموعة الواحدة، ولكن بقي العراقي ثابتا على ما تعلمه من العائلة والمجتمع والمدرسة والتاريخ و من مضيف القبيلة، ولو توسعنا أكثر ونظرنا الى تاريخ الإمبراطوريات التي حكمت العراق ،والتي جميعها أرادت السيطرة على رأس وفكر الإنسان العراقي، ومن ثم أرادت أن تحرفه من جذوره التاريخية والحضارية نحو ما تريده هذه الإمبراطوريات، ولكنها فشلت و أن الأمر لم يقف عند حدود الفشل، لا بل أن قسم كبير من الموظفين والجند والقادة دخلوا الإسلام ومنهم من تخصص بالتاريخ العربي والإسلامي والعراقي، والقسم الآخر تعلم اللغة العربية من العراقيين ،ونسى لغته الأصلية ولنعطي الأدلة المنطقية والمقنعة... ومن التاريخ نفسه.
فعندما حاول (الإسكندر المقدوني) وأثناء إحتلاله لبابل أن يسحب العراقيين نحو ثقافته، فقرر سياسة تزويج العراقيين من أجنبيات ،أي من غير العراقيات، والهدف كي ينسوا ثقافتهم التاريخية والشخصية والإجتماعية، ولكن في آخر المطاف أن الزوجات أو النساء قررن تعلّم ثقافة أزواجهن العراقيين، وحتى الإمبراطورية (الفارسية) التي إحتلت العراق لفترة طويلة، و كانت على درجة من الرفعة في التراث والتمدن والعلوم عملت جاهدة وضمن سياسات إستراتيجية إعتمدت على الترغيب والترهيب من أن يعتنق الإنسان العراقي ديانة الفرس، ومن ثم يتخلّق ويتثّقف بثقافة الفرس، ولكن الذي حصل يكاد لا يُصدق وهو الذي سهل بسقوط الإمبراطورية الفارسية بعد حفنة من القرون، و عندما جاءها العرب بسيوفهم وخيولهم وهم يرفعون راية الإسلام، حيث عندما إنسحب الفرس من العراق حملوا معهم لغة العراق وهي اللغة (الآرمية) وحملوا ديانة العراقيين والقوانين الإدارية والإجتماعية الخاصة بالعراقيين ، بل حتى أنهم أخذوا الكثير من الحضارة العراقية وإعتمدتها الإمبراطورية الفارسية لقرون ويفسرها البعض بأنها معجزة من الله تعالى كي يسهل تطويع الإمبراطورية الفارسية عندما جاءت لها راية الإسلام لتنهار تلك الإمبراطورية وتدخل الإسلام، وحتى الإمبراطورية (الإسلامية) هي الأخرى وبكل نفوذها وعظمتها وقوتها وسطوتها حاولت هي الأخرى أن يكون العراق مسلما وضمن سيناريو أسلمة العراق، لأن العراق لم يكن مسلما ولكنهم لم يستطيعوا مسح الهوية القديمة للعراقيين والتي شعارها ( التسامح الديني) وبقي الفرد العراقي يميل لإحترام التحضر والحضارة، ولن تتطور به الحركات التي تحمل الأيديولوجية الإسلمويّة، ولهذا فأن ما يحصل في العراق من تفجيرات وقتل وإختطاف ومخدرات وفساد كلها ليست من ثقافة العراقيين.....
ولو تابعنا النظر نحو لتاريخ العراقي، فسنجد أن حتى الإمبراطورية ( العثمانية) عندما جاءت نحو العراق وجدته يحمل الهوية الإسلامية المعتدلة، ولهذا لم تستطع إغلاق العراق على مذهب واحد، أو على فكر واحد ، ولم تستطع أن تغرق العراق بأمراضها وتخلفها وظلاميتها بل بقي العراق ولم يتحول الى الأخلاقيات التي يحكمها الفرمان والجندرمة ، فجاءت الإمبراطورية ( الإنجليزية) والتي نهجت سياسة تفتيت العراق، وتفريق أبناءه من خلال سياسة ( فرّق تسد) وسياسة الإقطاع ، والعبد والسيد، وعندما لم يتطوع معدن المواطن العراقي، دأب الإنجليز الى سرقة ثروات العراق كي تطبق إستراتيجية ( جوّع كلبك يتبعك) ـ وطبعا حاشا العراقيين ــ ولكن الإنسان العراقي لم ينجرف ولم يكن ذيلا للإنجليز،بحيث حتى عندما قرر الإنجليز الخروج من العراق جاءوا بحاكم ليس من العراقيين، كي يبقى عينهم في العراق، ولكنهم لم ينجحوا، فجاءت حقبة الإنقلاب المتلاحقة حتى وصل الأمر الى حكم الحزب الواحد والمجموعة الواحدة والتي إستمرت لــ 35 عاما ولكنهم لم يستطيعوا من أن يحولوا العراقيين الى مجرد تابع، وبدليل لقد حدثت محاولات كثيرة ومن داخل حزب البعث، وكذلك من داخل المجموعة للتخلص من الديكتاتورية وحكم المجموعة، والتي بمرور الزمن تحولت الى نظام القرية ثم الى حكم الرجل الواحد ،فجاءت الإمبراطورية ( الأميركية) والتي معها بعض أذناب الموجات الإستعمارية القديمة، وعاثوا في العراق فسادا وقتلا وتدميرا وقصفا، وكان في قرارة نفوسهم أن يجعلوا من العراق الفلبين العربية ويكون مكانا لتطبيق المشاريع الأميركية ( السياسية والثقافية والدينية والحضارية) أي بمعنى يسرقون كل ما هو عراقي ويعطون للعراقيين كل ما هو ردىء لدى الولايات المتحدة مثل الفساد والجريمة والمخدرات وتجارة الجنس والقتل والإغتصاب والخطف، وتنظيم العصابات والمافيات وغيرها، ولكن في آخر المطاف غرقت الإمبراطورية الأميركية في العراق ،وأصبح الجنود الأميركان بين مجنون ومبتور ومعقّد، بحيث وصل الأمر حتى للدبلوماسيين الأميركيين والذين تعرضوا لأمراض الكآبة والرهاب والسلوك الإنفعالي ،وحسب التقارير الأميركية والغربية التي نشرت أخيرا، وهاهي الولايات المتحدة حائرة وخائرة في العراق، وتستجدي العطف الإيراني والعربي من أجل الخلاص من المستنقع العراقي بحيث أن أعظم نصر حققه الإنسان العراقي عندما بقي بكامل قواه العقلية والفكرية والصحية ،مقابل تدمير العقلية الأميركية والفكرية والصحية في العراق، وهنا تجسدت الإهزوجة العراقية التي أطلقها العراقيون في ثورة العشرين عام 1920 ضد الإستعمار الإنجليزي وهي ( الماكَدرنه إيغص بينه) وهاي الولايات المتحدة غصّت بالعراقيين، ولن ينفعها السعال ،ولا الضرب على الظهر الأكتاف، ولا حتى الإسعافات الأولية، بل أن الذي يفيدها هو الضرب على مؤخرتها فقط، وبهذه المناسبة ننصح جميع الذين يتربصون بأن يستولوا على العراق عند هروب أميركا بأن مصيرهم سيكون جحيما في العراق، لأن العراق ليس لأحد، ومهما كان نوعه وحجمه وقوته، بل هو جاء للعراقيين فقط ،وبدون أية ثقافات إقصائية وتكفيرية ومتطرفة ومهما كان نوعها.
لهذا لاخوف على العراق والعراقيين أنهم تعودوا النهوض من جميع المحن والحروب، لذا فلو غصتم في التاريخ العراقي ستجدونه مسلسل طويل من المحن والبلوى والحروب والصدامات والقحط ،ولكن العراق يبقى كما هو، لأنه مهبط الرسل والأنبياء، ولأنه رُصع بالقبب الذهبية لأولياء الله الصالحين، ولأن الإنسان العراقي يمتلك طاقة وقوة وصبر لا تتوفر عند أقرانه من العرب والبشر، وسوف ترون بعون الله كيف سينهض العراق والعراقي من جديد.
كاتب ومحلل سياسي
مركز الشرق للبحوث والدراسات