صعده ازمة القيادة وانعدام الثقة
بقلم/ عارف علي العمري
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 16 يوماً
الأحد 07 فبراير-شباط 2010 04:07 م

في محافظة يبدوا كل ما فيها غريب وغير واضح للعيان, تتخذ كل الأمور مفاجأة, لا يعرف عنها الكثير شيء باستثناء إعلان القرار, فتندلع الحرب دون أن يعرف احد ما هي أسبابها, وتقف الحرب دون أن يعرف الجميع كيف ولماذا وقفت؟ ويتم تغيير قادة عسكريين ومحافظين دون أن يعرف الجميع أي سبب يذكر وراء هذا أو ذاك.

يوم السبت 6/2 صدر قرار جمهوري بتعيين طه عبدالله هاجر محافظا لمحافظة صعده , وكان طه عبدالله هاجر قد شغل عددا من المناصب من بينها محافظ لمحافظة عمران و محافظ لمحافظة حضرموت , وقالت المصادر انه تم اقالة مناع بعدان أكدت معلومات تعاطف مناع مع الحوثين, يذكر أن حسن مناع كان قد أدان السلطة بتصريحات له مؤخرا بعد اعتقال أخيه فارس مناع تاجر السلاح المعروف واعتبر تجارته مشروعة وقد كان لتلك التصريحات أثار سلبية واستقبلت باستياء كبير من قبل السلطة.

يشار إلى أن حسن مناع محافظ صعده كان قد منع من ركوب الطائرة التي تقل اللجنة المكلفة برئاسة الشيخ العوجري وتم إنزاله من الطائرة المتجهة إلى صنعاء .

* خلال ستة حروب جرت في محافظة صعده, صدر من القصر الجمهوري أكثر من خمسة قرارات فيما يتعلق بتغيير المحافظين داخل هذه المحافظة, عاد اثنان منهم ليتبوأ مناصب قيادية بعد مغادرتهم صعده, وهم يحيى العمري الذي تم تعيينه محافظاً لمحافظة البيضاء ومن ثم محافظة لمحافظة ذمار, واللواء مطهر رشاد المصري الذي تم تعيينه وزيراً للداخلية خلفاً لسلفه الدكتور رشاد العليمي, فيما تم عزل يحيى الشامي عن المناصب القيادية ليتفرغ للعمل في اللجنة التنظيمية بالأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام , ولا زال الموقف غامضاً عن ما سيؤول إليه وضع حسن مناع بعد إقالته بقرار جمهوري مفاجئاً للجميع .

رجل النظام الأول بصعده

يحيى علي محمد بن محمد العمري قائد عسكري محنك من أبناء محافظة ذمار مديرية الحدا ولد في قرية العمارية عام 1950م, وينتمي سياسياً للمؤتمر الشعبي العام, وهو خريج كلية الشرطة العسكرية وحاصل على ماجستير في العلوم العسكرية قيادة وأركان.

كما حصل على عدة دورات أهمها قيادة ألوية, ودورات أخرى في المجال الإداري والشرطوي وترأس لجنة وزارة الداخلية لتنظيم سلطة الحدود بين اليمن وسلطنة عمان, بالإضافة إلى ترؤسه لجنة وزارة الداخلية لتنظيم سلطة الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية.

تدرج العمري في عدد من المناصب القيادية أبرزها : قائد فرع الوحدات المركزية في محافظة تعز و مدير عام النجدة والاتصالات بالوزارة لفترتين,ومن ثم نائباً لمدير أمن صنعاء للمناطق الشمالية، وقائداً للأمن المركزي بعمران,ووكيلاً لوزارة الداخلية لشؤون الأمن العام قبل الوحدة, ونائباً لوزير الداخلية لقطاع الأمن العام, وتم تعيينه بعد ذلك محافظاً لمحافظة صعده، وعضواً في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام , وبعد نقله من صعده تم تعيينه محافظاً لمحافظة البيضاء, وأثناء انتخاب المحافظين تم اختياره ليكون مرشح المؤتمر الشعبي العام بمحافظة ذمار, وحقق نسبة فوز ساحقة في ظل وجود منافسة هشة يحركها رموت اللجنة العامة بالمؤتمر الشعبي العام .

العمري بمجيئه إلى صعده قيل انه صنع واقعاً جديداً في صعدة وأحدث أشياء لم تشهدها صعدة من قبل.

لقد عمل كرجل إدارة صارم وشديد الحزم وألزم دوائر السلطة المحلية ومكاتبها بالأداء الوظيفي الذي لم تعرفه من قبل. ولأنه في مجتمع يحظى النافذون كالمشايخ بالقبول والقدرة فقد اصطدم مع كثير منهم وواجههم بصرامة وكان يخرج هو الكاسب, لقد كان الكثير من الموظفين وأصحاب المعاملات يشيدون بالعمري خلافاً لما هو حال الحوثيين الذين اختلفوا معه سياسياً. العميد يحيى العمري محافظ صعده الأسبق قيل إن الحوثيين أصروا بعد الوساطة الأولى على إزاحته ولذا تم نقله إلى البيضاء الذي لا يزال الكثير من أبنائها يتمنون عودته إليهم نظراً لما تميز به من نظام صارم جعل الجميع يحنون إلى عهده الذي يعتبر العهد الذهبي لمحافظة البيضاء .

الشامي دهاء لم يستمر طويلاً

في 16 / 1 / 2006م شكلت لجنة وساطة برئاسة العميد يحيى الشامي قبل تعيينه محافظاً لصعده ، وفي 28/2/2006 انتهت الجولة الثالثة من الحرب بتوقيع صلح كان طرفه من جانب الحوثيين عبد الملك الحوثي ومن الجانب الرسمي العميد يحيى الشامي محافظ صعده حينها، والذي أعلن أنه بموجب هذا الصلح انتهى التمرد إلى الأبد.

مثل قرار تعيين الشامي في حينها بادرة أمل لدى الكثيرين خاصة وأن الرجل كان محل قبول وترحيب من بعض الأطراف الحوثية إضافة إلى كونه مسئولا سابقا له دراية بالمنطقة وطباع أهلها .

ولقد أستطاع يحي الشامي أن يسير بخططه إلى دفع خطوات تقريبية بين وجهات النظر وبين أطراف النزاع وعاشت صعدة شهر عسل قصير اتسم بالهدوء النسبي سرعان ما انتهى.

ولقد عمد الرجل بالعمل على تصحيح بعض الأخطاء التي وقعت فيها السلطة مع الحوثيين وحاول جاهدا أن يقرب الهوة التي أحدثتها أيام الحرب, وذالك عن طريق منح التعويضات وبناء البنية التحتية للمحافظة التي دمرتها الحرب .

الشامي جاء محاولاً ان يلملم جراح الحرب عبر توجهات للمصالحة والتقريب بين الفرقاء بل ونجح في إقامة العديد من المناشط الحكومية التي تثبت حسن نواياها أمام الرعية بل انه سمح للحوثيين والشيعة بالاحتفال بعيد الغدير إضافة الى إعطائهم سيارات ومبالغ مالية صرح بها رسمياً عند اندلاع الحرب الأخيرة لوسائل الإعلام.

ولقد كانت بعض الشروط التي تم التوقيع عليها كالموافقة على ترك مناطق محددة تابعة للحوثيين ومنع تواجد العسكر فيها وكذالك السخاء الكبير في باب التعويضات فتح الشهية لدى الكثيرين برفع سقف المطالب.

يحي الشامي بذل قصار جهده لتفادي إي مصادمات قبل الحرب وأثنائها بل وكان الرجل يتعامل بشعرة معاوية مع الطرفين وهذه النقطة ربما وضعت بعض التساؤلات أمام بعض القيادات العسكرية .

و سعى لتهدئة الأمور وتنفيذ بنود الاتفاق بين الطرفين وهنا كانت بداية \" تحريك الجمر المدفون تحت الرماد\" الحوثيون يطالبون بعدد من الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها في حين تعتبر بعض منها هو انتقاص لهيبة الدولة أمام الجميع وحصلت مشادات واختلافات وصلت في بعضها للمناوشات في أماكن عدة من الحافظة وتسارعت الأحداث بين الطرفين مما ولد الشرارة الكبرى لاندلاع الحرب التي لا تزال رحاها تدور حتى اللحظة.

كما سعى الشامي بالعمل على إزالة آثار فتنة أحداث صعده وعقد عدة لقاءات مع أطراف قبلية وكان يحثهم على الحفاظ على تربية الأبناء إتباع سنة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وحمايتها من أي انحرافات أو تضليل، كما طالب يحيى الشامي المشايخ والوجهاء ومن لهم قريب من أنصار الحوثي المتمردين على الدولة \"أن يطمئنوهم وينصحوهم بان يكونوا مواطنين صالحين\" و عمد إلى تعويض المتضررين, وإطلاق سراح السجناء من أنصار الحوثي.

وكان يدعو أنصار الحوثي إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المحافظة والتزم شخصيا بإعادة من حُرموا من وظائفهم إلى أماكنهم, أو تعويضهم وإطلاق السجناء إن ثبت حسن النية، ودعاهم بالنزول من الجبال والعودة إلى مناطقهم آمنين، كل هذا العروض من قبل الشامي للحوثيين لم تفلح في تقديم خطوات السلام.

فكانت لغة السلاح هي المسيطرة على الوضع وانطلقت بقوة وبعنف وخاصة بعد تسارع الأحداث بعد قضية طرد يهود آل سالم ورغم أن الكثيرين كانوا يرجحون عدم رغبة الرجل في الحرب لكن تداعيات الحدث كانت فوق رغباته وقد يكون هو خارج حسبة الحرب حيث يتضح للمراقب انه لا يملك زمام إشعال او إطفاء نار حرب لا يعرف سببها او هدفها.

وتم الاستعانة بالجيش واظهر الشامي موقفه من المتمردين أكثر في مرة في محاولة منه لدفع الشبهات التي حاول البعض رميه بها وهو ولائه للحوثيين بدعوى انهم ينتمون الى السادة حيث أكد في أحد تصريحاته الصحفية على قدرة قوى الجيش والأمن على سحق حركة التمرد ووصف متمردي الحوثي \"بالشرذمة الضالة\" بل وأكد أن اليمن لديها قوات خاصة ومدربة على القتال في المناطق الجبلية وقادرة على مواجهة وعورة الأرض.

في صبيحة السابعة عشر من ابريل 2007م تفاجئ الشامي بقرار تعيين اللواء مطهر رشاد المصري بدلاً عنه, ليعود لعمله كمسؤلاً للجنة الرقابة التنظيمية ً في اللجنة الدائمة بالمؤتمر الشعبي العام . ولا ندري هل أتى القرار نتيجة فشل في إدارة الحرب \" أم أن تعاطف الرجل كان موضع شك في نزاهته وإخلاصه للمؤسسة العسكرية والتنظيمية .

ويعتقد البعض أن تنحية الشامي من موقعه جاءت إثر خلافات مع بعض أطراف السلطة حول الحرب في صعدة. وقالت مصادر عليمة إن خلافاً بين الشامي وقائد المنطقة الشمالية الغربية العسكرية علي محسن الأحمر حول الحرب تطور ليصل إلى اشتباك بالأيدي بين مرافقي الرجلين وهما في غرفة العمليات التي تدار منها الحرب.

المصري الذي غادر الوزارة نائباً ثم عاد إليها وزيراً اللواء مطهر رشاد المصري من مواليد محافظة ذمار \"100 كلم جنوب صنعاء\" خريج كلية الشرطة 1972م ويحمل شهادة ليسانس شريعة وقانون من جامعة صنعاء وماجستير من كلية القيادة والأركان,عمل عام 1972م في الوحدات المركزية وفي عام 1978م في الأمن العام ثم عين عام 1980م مديرا لأمن مطار صنعاء ثم نائبا لمدير أمن البيضاء وقائدا للأمن المركزي في البيضاء عام 1984م , ثم تدرج في المناصب الإدارية حتى أصبح نائباً لوزير الداخلية , وفي 17 ابريل 2007م تم تعيينه بقرار جمهوري محافظاً لمحافظة صعده خلفاً لسلفه يحيى الشامي, في 17 مايو2008م صدر قرار جمهوري بتعيينه وزيراً لوزارة الداخلية جاء تعيين المصري محافظاً لصعده بهدف القضاء على التمرد الحوثي , في الوقت الذي قللت مصادر حكومية من أهمية هذا التغيير مشيرة إلى ان دوافع التغيير منحصرة في أن يعود الشامي لشغل منصبه الحزبي رئيسا للجنة الرقابة التنظيمية في قيادة الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام حيث كان الشامي قد انتخب في هذا المنصب الحزبي في المؤتمر العام السابع الذي عقد العام الماضي في عدن, مثل إعلان الإقالة لمحافظ محافظة صعده يحي الشامي عدداً من التساؤلات خاصة في وقت حرج من اشتداد الأزمة بين الحوثيين والقوات الحكومي, وفي ظل دخول الحرب منعطف خطير ومتعدد الأوجه يقتضي بقاء يحي الشامي في منصبة لإكمال الدور الذي بدأه .

وكان طرح مبرر تكليف محافظ جديد لـ\"محافظة صعده\" بسبب \"قرار حزبي من المؤتمر الشعبي العام بطلب المحافظ السابق يحيى الشامي للتفرغ للجنة الرقابة التنظيمية التي يرأسها منذ انتخابات المؤتمر العام السابع \" هو كلام يفتقد للكثير من المصداقية فالوضع الأمني يتطلب بقاء الرجل في منصبة بغض النظر عن أي ملاحظات حول أداء الرجل في إدارة الحرب .

استمر المصري في عمله محافظاً لصعده , وشهدت فترة حكمه للمحافظة اندلاع الحرب الخامسة بين الدولة والمتمردين الحوثيين .

مناع من تاجر للسلاح إلى محافظاً لصعده

في 17 مايو 2008 م شهدت الجمهورية تغير شبه جذري في أكثر محافظاتها, وتم انتخاب المحافظين بطريقة الاقتراع المباشر من قبل أعضاء المجالس المحلية بالمحافظات, وان كانت الانتخابات تفتقد لمصداقيتها في كل محافظات الجمهورية باستثناء محافظات البيضاء ومأرب والجوف, وكان من حسن حض حسن مناع أن تم تعيينه من قبل اللجنة العامة بالمؤتمر الشعبي العام لخوض انتخابات المحافظين في صعده, وبانتخاب الشيخ حسن مناع حقق أهالي صعده مكسباً كونه الأول في المنصب من نفس المحافظة، كما أن خبرته كأمين عام للمجلس المحلي بالمحافظة وأحد رموز صعده تجعلهم يؤملون فيه تحقيق ما لم يقدمه سابقوه كونه «داري بأحوال صعده وأخبارها» على حد تعبير أحدهم .

حاول مناع أن يظهر جهوده في إحلال الأمن والاستقرار في هذه المحافظة المنكوبة , وبمساعده أخيه تاجر السلاح الشهير في اليمن فارس مناع الذي ترأس أكثر من لجنة لإحلال السلام في صعده , كان أخرها رئيساً للجنة الرئاسية , لكن في المقابل كانت لغة الحرب تفرض سيطرة على كل شبر من أنحاء محافظة صعده , وتمتد إلى خارج المحافظة, وفي الثاني عشر من أغسطس 2008م أعلن المجلس المحلي بصعده حالة الطوارئ, ودخلت الحرب السادسة منعطفاً خطيراً اشد من سابقاتها, وتعرض مناع لمحاولة اغتيال أكثر من مرة من قبل الحوثيين, كان أخرها محاولة اغتياله بمعية محمد عبد الله القوسي وكيل أول وزارة الداخلية.

لم تكد تمضي على الحرب خمسة أشهر ونصف , حتى أقدمت السلطات الأمنية في صنعاء على اعتقال فارس مناع تاجر السلاح الشهير الذي خسر في هجمات الحادي عشر من سبتمبر خمسة عشر مليون دولار لان مكتبه كان موجود في احد برجي التجارة العالميين في نيويورك , وتم اقتياده من منزله في منطقة السنينة بالعاصمة صنعاء إلى مخافر السلطة هناك.

الجدير ذكره أن الحكومة كانت قد أدرجت أسماء خمسة تجار سلاح في اليمن في القائمة السوداء كان فارس مناع على رأس القائمة , ومع هذا كان الطيران يستهدف منزل مناع في منطقة الطلح بصعده بحجة تحصن حوثيين بداخلة .

كان انتقاد حسن مناع للحكومة على اعتقال أخيه أهم وابرز الأسباب في إقالته من منصبه كمحافظ منتخب لصعده .

هاجرالعودة إلى السلطة بعد الغياب

طه عبد الله هاجر كما يصفه البعض محافظاً تتعمق بداخله جذور الولاء الحزبي للمؤتمر الشعبي العام, تم تعيينه محافظاً لمحافظة عمران ثم بعد ذلك اختير خلفاً لعبد القادر هلال في محافظة حضرموت وأخيراً استقر به المقام في المكان الذي لم يستقر فيه الكثيرون ممن سبقه طويلاً .

يأتي تعيين هاجر محافظاَ لصعده في الوقت الذي كشف فيه الدكتور عبد الكريم الإرياني المستشار السياسي لرئيس الجمهورية والنائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام الحاكم, عن قيام اللجنة الأمنية العليا بإعداد جدول زمني لتنفيذ النقاط الست التي تقدمت بها الحكومة اليمنية للحوثيين في وقت سابق, وذلك في إطار المساعي لإيقاف الحرب في محافظة صعده.