عمر الفاروق يضع قضية الاقتصاد اليمني على المحك
بقلم/ ماهر الشعبي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 20 يوماً
الجمعة 05 فبراير-شباط 2010 04:41 م

التداعيات الأخيرة التي شهدتها الساحة اليمنية على إثر قضية عمر فاروق عبد المطلب جعلت البلد على المحك أمام الأشهاد من دول الغرب والدول الخليجية، إلا أن القضية فتحت أبوابا جديدة كانت مغلقة على مدى سنوات من قبل الحكومة إثر اعترافها بعدم قدرتها على مسايرة الأمور في البلاد، مشهدا آخر لتداعيات الأوضاع السياسية التي أفضت إلى كل هذه الأحداث ويعرف العالم أجمع بالاقتصاد اليمني الهش والمتدني أدت إلى ظهور مثل هكذا أزمة لليمن.

وقد حذر خبراء اقتصاديون من تدهور الأوضاع الاقتصادية في اليمن وتدني المستوى المعيشي وعدم الاستقرار الذي تعيشه البلاد. تجلت هذه الأزمة في تراكم أعباء الديون الخارجية وعجز اليمن عن سداد التزاماته تجاه العالم الخارجي مع زيادة معدلات الفقر والبطالة إلى أعلى المستويات، تزامنا مع ضيق الهامش الديمقراطي وتمثل ذلك مؤخرا بإغلاق العديد من الصحف، واعتقال العشرات من الصحفيين من بينهم الأستاذ هشام باشرا حيل ونجله وإغلاق صحيفة الأيام العريقة والتي تعد من أقدم الصحف في المنطقة وأكثرها انتشارا، إضافة إلى اتهام السلطة لها بتأجيج الأوضاع في جنوب البلاد.

وأشارت عدد من التقارير الدولية إلى إن الفساد في اليمن أصبح مستقلاً بذاته، محذرة من استفحال ظاهرة الرشوة وسمسرة الوظائف بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات المحلية والخارجية والاعتماد على الدعم الخارجي، معتبرة أن ذلك يسهم في تعزيز صورة الحكم في اليمن ويظهره كنظام استبدادي قمعي وليس ديمقراطي.

وحسب الوزير القربي فإن البلاد تواجه خطر أن تصبح دولة فاشلة إذا لم يساعدها المجتمع الدولي في تطوير اقتصادها، بتوفير بدائل للشباب بدلاً من السير في طرق التطرف والتشدد. وهو ما يعتبر مؤشرا واضحا أن الحكومة لم تعد قادرة على الإمساك بزمام الأمور في البلاد كما ينبغي عليها. 

أصبح النظام الحاكم يخوف العالم من مغبة انهيار البلاد اقتصاديا وأمنيا وكأن الأمر لا يعنيه. تمزق البلاد وتحولها إلى دويلات خطر كبير يسوغ للمانحين وقد تجاوز كل الحدود والغرض من ذلك جني الأموال واستعطاف الدول المانحة ومن بينه دول الخليج العربي التي تجني من خلفها الحكومة اليمنية ملايين الدولارات بتبعات فشل البلاد، قد لا تكون أدركت كوارثها بعد.

ويعتقد الكثير أن تدهور وضع الحرية الاقتصادية لليمن واستمراره على الوضع الحالي قد يكون من إحدى عواقبه خلق تمرد شعبي واسع نتيجة تفاقم عدد الفقراء، واتساع فجوة الحاجة والعوز الشعبي، وما قد يفضيه هو الآخر إلى انفلات أمني واسع، يحاول من خلاله السكان السعي لتكوين دويلات مستقلة ربما تصل للاستقلال الكامل خاصة في تلك المناطق المنتجة للثروات النفطية- حسب تقارير الخبراء والمتابعين للشأن اليمني.

أضف إلى ذلك تراجع النفط اليمني الذي بلغ 75 % خلال النصف الأول من 2009م، وتراجع عائدات اليمن من صادرات النفط خلال النصف الأول من العام 2009 بنسبة بلغت 75 %، وفق تقرير صدر عن البنك المركزي اليمني في آب/ أغسطس الماضي، لتصل إلى 665 مليون دولار، مقارنة مع 2.660 مليار دولار في الفترة المقابلة من في العام 2008

وأكد التقرير أن الفساد في اليمن أصبح مستشرياً في كافة المرافق الخدمية والهيئات الحكومية اليمنية فضلاً عن تضخم مالي في تزايد مستمر وعلى الرغم من أن الحكومة تدعم فقط سلعاً قليلة فإنها تستهلك حوالي خمسي الناتج القومي الإجمالي على شكل نفقات رسمية ونثريات تتوزع ما بين بدل طبيعة عمل وسيارات فارهة وبدل سفر.

وكان تقرير صادر عن البنك الدولي في نوفمبر من العام 2006 قد حذر من أن اليمن تواجه حالياً تحديات كبيرة يجب أن تأخذها في الاعتبار في سعيها إلى تحقيق معدل النمو الاقتصادي المعقول والتغلب على العقبات والإشكاليات التي تقف في طريق تأهيلها اقتصادياً.

وقال إن من أبرز هذه التحديات التنموية اعتماد الإيرادات العامة للموازنة اليمنية على الإيرادات النفطية وخاصة في ظل احتمالات انخفاض هذه الإيرادات مستقبلاً, إضافة إلى ضعف أداء المؤسسات الحكومية التي ما زال الفساد ينخر مفاصلها ويزيد ضعفها ضعفاً، فضلاً عن التخوف من معدل النمو السكاني المرتفع الذي ستترتب علية أعباء إضافية تفاقم حدة الإشكالية, بالإضافة إلى جانب تدهور وفرة المياه العذبة وتدني مخزونها. ونوه التقرير إلى ضرورة معالجة هذه التحديات من خلال أجندة إصلاحات واسعة، بحيث تعمل على تحقيق خمسة أهداف رئيسية تتعلق بضمان استدامة الموازنة العامة للدولة، وتحسين مناخ الاستثمار، وإدارة موارد الطاقة وموارد المياه بصورة اقتصادية رشيدة إلى جانب الحفاظ على معدل النمو السكاني.

mahershabi@yahoo.com