تعقيب ومناقشة لآراء الشيخين الحزمي والحميدي
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 24 يوماً
السبت 30 يناير-كانون الثاني 2010 06:44 م

شبّ خلاف فقهي بين الأخوين/ محمد بن ناصر الدين الحزمي ، ومجيب الحميدي ، ورغم أن الخلاف بين الرجلين يبدوا لي أنه خلاف لفظي ، لا حقيقي ، لأنّ النقاط التي يتفقان فيها، أكثر بكثير مما يختلفان عليها ، إلا أنه يظهر ربما أن للخلاف الشخصي دوره ، في توسيع دائرة النزاع بينهما ، ليصل الأمر إلى الصحافة والإعلام ، كالذي جرى ويجري بين الداعية وجدي غنيم ، وأخيه عمرو خالد ، مثلا ، على أني أتمنى أن يكون هذا القول غير صحيح ، وهو غالب ظني .

ما يهمنا في هذا السياق الفقهي هو أن نشير إلى بعض النقاط العلمية والفقهية والسلوكية في الحوار والنقاش ، معتمدين في طرح الموضوع على الهدي المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، عسى ولعل أن يرحمنا الله برحمته ويؤلف بين قلوبنا ، ويتغمدنا بواسع فضله وكرمه ، وعسى أن يأخذ بأيدينا إلى الحق والرشد .

ابتداءاً الهدي القرآني في النقاش والحوار ، يعتمد على مناقشة الأفكار والعلوم والمعارف، دون الأشخاص والأعلام ، ولو استعرضنا القرآن العظيم من أوله إلى آخره ، فسنجد أن الأعلام الواردة فيه تُعد على أيدي الأصابع ، كفرعون وهامان وقارون وأبي لهب، وبالتالي فكان الأجدر بالأخوين الكريمين الفاضلين أن يربئا بنفسيهما عن تناول الأشخاص ، وأن يكون النقاش منصباً على الفكرة ، وأن يعتمدا في النقاش على الأدلة ، دون التطرق إلى الأشخاص ، واتهام النوايا ، وإطلاق العنان للألسن للطعن في الفهم والعقل والتفكير .

ثانياً كان يجب أن يكون الحوار مما تتجلى فيه أخوة الإسلام وعفة اللسان والحرص على النصيحة الخالصة من حظوظ النفس وشوائبها، بالتماس المعاذير ، وسلامة الصدر ، وهذا منهج قرآني في الحوار حتى مع أهل الكتاب ، كما قال تعالى : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} العنكبوت46.

فالجدال بالحسنى يكون حتى مع أهل الكتاب ، ولا يصار إلى الجدال بالمسايفة إلا مع الحربيين الظالمين منهم ، الذين لا تجدي معهم المجادلة بالحسنى ، فيصار إلى المجالدة بالسيف ، كما قال الشوكاني والشنقيطي وغيرهم من أهل العلم .

لم أشعر بصراحة أن ثمة جدالاً بالحسنى في كلام الأخوين الحزمي والحميدي ، وهذا خلاف منهج الإسلام ، رغم العبارات التي حاولا فيها تقمص معسول الكلام ولين الحديث، إلا أن نقاشهما لم تخف عنه منهحية المسايفة .

رابعاً: يجب في المسائل العلمية التي يناقشها طلبة العلم ، أن تكون بعيدة عن العوام ورعاع الناس ودهمائهم ، لأنّ إقحام العوام في النقاش العلمي والديني بوجه أخص ، فيه تجريء للتقول على الله وعلى الدين ، وفيه تحكيم لمن ليس أهلا للتحكيم، ولذا لحظنا تعليقات بعض القراء ، فيها ما فيها من الجهل بالدين والفتاوى العجيبة والغريبة التي كان يجب على الأخوين الفاضلين النأي بالشريعة الغراء أن تكون عرضة لمثل هذه الأقوال ، التي نعذر قائليها بالجهل وعدم الاطلاع ، إضافة إلى أنه في بعض الحديث الذي دار بين الأخوين ، ما لا يفهمه إلا طلبة العلم ، فنثر المسائل الفقهية الدقيقة أمام العوام، أعتقد أنّ فيه تغريرا بهم ، وفتنة ، أوقن أن ليس أحداً من الأخوين الحزمي أو الحميدي قصداها .

خامساً: ينبغي النقاش في المهمات والطامات ، التي تحيط بالأمة ، وعدم إشغال الرأي العام بقضايا الصغائر، والفرعيات، وإن كانت هذه الفرعيات قد تكون في بعض الأحوال كليات ، إلا أنه ليس الموضوع الذي نحن بصدده كذلك ، لأنه محل إقرار لدى الجميع ، وإن اختلفت العبارات ، وإلا كنا كمجموعة من الفقهاء كانوا يتناقشون عن حكم حلق لحية المرأة إن نبتت لها لحيةٌ ، فمن قائل تُحلق ومن قائل لا تُحلق فجاء التتار فحلقوا رؤوسهم ورقابهم جميعاً !!. ولا كرامة .

وما أشبه الليلة بالبارحة ، فالواجب هو أن نلفت أنظار الأمة إلى الأخطار المحدقة بها - وباليمن خاصة - من كل جانب ، سيما في هذا الظرف العصيب من تاريخ أمتنا ، وأن ندع الخوض في بعض المسائل الفرعية أو الخلافية ، إلى حين ، أو نثيرها في أحاديثنا الخاصة ، وفي أضيق نطاق من طلبة العلم ، لئلا نسهم في مزيد من تمزيق الأمة وتشتيتها وفتنتها .

سادساً: لاحظت من المتحاوريْن – الحزمي والحميدي - إقحام بعض العلماء ، في بعض الأطر الفكرية الضيقة ، كنسبة العلامة سلمان العودة إلى المدرسة السلفية ، وآخرون ينسبون القرضاوي إلى المدرسة الإخوانية ، وهذا كمثال ، يجافي الحق والحقيقة ، فالعلامة العودة معلوم أن بعض رواد المدرسة السلفية ينبوذنه عن قوس واحدة ، بل يتهمونه بأنه ليبرالي إسلامي ، وأما القرضاوي فهو نفسه في حديث للجزيرة نفى صلته التنظيمية بحركة الإخوان ، وهو وإن كان لدواع أمنية ، ربما ، إلا أني أرى أن إقحام هذين العلمين البارزين في أتون الحزبية الضيقة ، فيه إضرار بالدعوة الإسلامية ومسيرتها أيما إضرار ، بل الصحيح أن القرضاوي والعودة هما إمامان بارازان ، للأمة كل الأمة ، وأنهما مرجعية لكل المسلمين في العالم ، وفي حصرهما في الأطر الحزبية ظلم لهما ولعلمهما ووسطيتهما المعروفة .

ومثلهما العلامة ابن باز والألباني يرحمهما الله ، والعلامة عبد الكريم زيدان ، والعلامة محمد الحسن الددوا ، وغيرهم ، من جبال العلم و بحار الدعوة ، أعتقد أن الأنفع للدعوة وللإسلام هو أن ينسبا إلى دعوة الإسلام الرحبة ، لا إلى حزب أو جماعة ، كون هؤلاء العلماء ممن استفاضت عدالتهم ووسطيتهم لدى جمهور الأمة عامة ، وممن استقبلت الأمة علمهم وفقههم بالقبول والرضى ، ولا يعني هذا بالطبع القول بعصمتهم عن الزلل والخطأ ، فكل يأخذ من قوله ويترك ، إلا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ما دعاني لهذا القول هو ما لحظته من محاولات مستميتة من أحد الأخوين حشر العلامة سلمان العودة في زاوية المدرسة السلفية ، وهو ما يجافي واقع الحال ، فمما أعلمه أن للدكتور العودة معاناة كبيرة وطويلة مع بعض المحسوبين على المنهج السلفي ، عف لسانه عن ذكرها ، أو الإشارة إليها ، وألجأتني هنا الموضوعية لكشفها والبوح بها ، ولا يفهم من قولي هذا غمز التيار السلفي أو الانتقاص منه ، حاشا وكلا ، فالسلفيون في اعتقادي هم رحى الإسلام وقاعدته ، إلا أن لكل قاعدة شواذ.

سابعاً : ما يتعلق بالمسألة محل النزاع وهي شعر المرأة ، موضع الإشكال فيه أن جماهير الدعوة الإسلامية والسواد الأعظم من أبناء الصحوة الإسلامية المعاصرة، وعلى مدى قرن أو يزيد وهو يجاهدون ويجالدون التيارات العلمانية والليبرالية ، حول قضية محورية، وهي حقوق المرأة في الإسلام ، فالإسلاميون يرون أن المرأة يجب في حقها الحشمة والستر وعدم التبرج ، فيما يرى العلمانيون وإخوانهم من بني ليبرال ، أن من أهم حقوق المرأة هو حريتها الشخصية في اللباس والزينة ، وأن القول بحرمة سفور المرأة فيه ظلم وإجحاف في حقها ، وترى التيارات العلمانية أن حرية المرأة تبدأ في لباسها وزينتها ، وأن الحجاب والخمار والستر لجسد المرأة ، نوع من السجن للمرأة عظيم، إن لم يكن أشد أنواع السجن والتقييد للحريات ..الخ .

ولذا باتت هذه النقطة بالذات تمثل نقطة فاصلة بين منهجين وتيارين واضحين في الأمة ، لا يحتاج إلى كبير جهد في التمييز بينهما .

ومن هنا فكلما أثيرت هذه النقطة ، بصورة من الصور ، كلما استفزت واستنفرت جماهير الدعوة الإسلامية ، للتصدي لها، ووأدها في مهدها ، لأنهم يدركون جيداً ما بعدها .

 

لقد بدأ التفسخ والعري في الجامعات المصرية عن طريق بعض الفتاوى التي تحاول جاهدة الاعتماد على بعض الأقوال الشاذة التي لا محل لها من الإعراب الفقهي أو الديني، وكما قيل :

وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر .

لا أعتقد بحال أن أحداً من الأخوين الحزمي والحميدي يريان جواز كشف المرأة لشعرها، ويبدوا أن الأمر محل لبس ، في بعض العبارات الموهمة ، مثل قول أحدهم بأن كشف المرأة شعر رأسها ، يعد من الصغائر ، لا من الكبائر .

هذا القول كما قال صاحبه ليس فيه تجويز لكشف المرأة عن شعرها ، بل قصارى ما فيه القول بأن كشف المرأة لشعرها ليس من الكبائر التي توبق صاحبها في النار ، بل هو معصية من المعاصي !!.

هذا القول قد يفهمه بعض طلبة العلم أو الدارسون لعلوم الشريعة ، لكن كيف يفهمه عوام الناس ودهماؤهم وضعفتهم ، وبأي قاموس ولغة يفهمه ، من لا حظ له كبير من علوم اللغة وفقه الشريعة !!!.

هذا فضلا عن حاجة الأمة إلى من يأخذ بيدها إلى الطاعة ، لا من يفهم من حديثه التهوين من المعصية والرذيلة .

لنتناول أيها السادة بعض النصوص الشرعية لنقف على المسألة من جميع أطرافها وزواياها :

يقول تعالى : {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى} قال مجاهد: \"كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية \" .

فكيف بمن يرى اليوم من أبناء المسلمين ، أن مجرد خروجها سافرة بادية الشعر ، لا يعد تبرجاً؟!!.

أما ما ذهب إليه البعض من جواز كشف المرأة لشعرها ، قياسا على الإماء ، فقول مجاف للحق والحقيقة ، لأنه قياس مع الفارق ، فأين هم إماء اليوم ، ثم إنه لا قائل أصلا بجواز كشف الإماء أو الكافرات ، لمفاتنهن وزينتهن ، فضلاً عن المسلمات المؤمنات القانتات التائبات الخاشعات .

إن الأكابر من علماء التفسير وجماهير العلماء جميعا قالوا بوجوب الحجاب ومنه ستر شعر المرأة ، ومنهم العلامة محمد بن على الصابوني في كتابة روائع البيان حيث قال: \"وغير المسلمة - وإن لم تُؤمر بالحجاب - لكنّها لا تُترك تفسد في المجتمع ، وتتعرّى أمام الرجل ، وتخرج بهذه الميوعة والانحلال الذي نراه في زماننا ، فإنّ هناك ( آداباً اجتماعية ) يجب أن تُراعى ، وتطبّق على الجميع ، وتستوي فيها المسلمة وغير المسلمة حماية للمجتمع ، وذلك من السياسات الشرعية التي تجب على الحاكم المسلم ، وأمّا الإماء فقد عرفتَ ما فيه من أقوال للعلماء ، والراجح : في أنّ الأمر بالستر عام يشمل الحرائر والإماء ، وهذا ما يتفق مع روح الشريعة في صيانة الأعراض ، وحماية المجتمع، من التفسخ والانحلال الخلقي\". تفسير آيات الأحكام للصابوني : (1/ 487) .

واحسب أن في العودة إلى كتب أهل العلم وأقوال الفقهاء والمفسرين ما يرفع النزاع والخلاف ، على النحو الذي أشرنا إليه.

أما في كتب الفروع ، فقد اعتبر الفقهاء انكشاف شعر المرأة في الصلاة مبطل للصلاة ، لأن شعرها عورة ، ويرى العلماء قاطبة وجوب ستر شعر المرأة ، وهاك طرفاً مما قالوه:

مذهب الأحناف:

معلوم أن الأحناف يقولون بأن وجه المرأة ليس بعورة ، لكنهم لم يقولوا بأن شعرها ليس بعورة ، بل قالوا إذا انكشف من شعرها شيء بطلت صلاتها .

قَالَ قَاضِي خَانْ من الحنفية إذا انْكَشَفَ رُبْعٌ مِنْ شَعْرِ الْمَرْأَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي إفْسَادِ الصَّلَاةِ انْكِشَافُ مَا فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ لَا مَا تَحْتَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي حُرْمَةِ النَّظَرِ سَوَّى مَا بَيْنَهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ ، أي ما فوق وتحت الأذنين ، ا هـ . (درر الحكام شرح غرر الأحكام: 1/269).

مذهب المالكية :

مع أن المالكية أيضا يقولون بجواز كشف المرأة وجهها إن أمنت الفتنة ، إلا أنهم لا يرون كذلك جواز كشف المرأة شعرها ، جاء في الفواكه الدواني : \"اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْ رُؤْيَتِهَا الْفِتْنَةُ وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا حَتَّى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْ رُؤْيَتِهَا ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ مَا عَدَا وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا\" (الفواكه الواني 8/73).

مذهب الحنابلة:

قال في الإقناع : \"( ( وَيَحْرُمُ نَظَرُ شَعْرِهَا ) أَيْ شَعْرِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا (كشاف القناع على متن الإقناع 16/428).

مذهب الشافعية :

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ : لاَ تُقْبَل صَلاَةُ الصَّبِيَّةِ الْمُمَيِّزَةِ إِلاَّ بِخِمَارٍ . (المجموع 3 / 166).

والحاصل أنه اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى شَعْرِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ ، كَمَا لاَ يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاؤُهُ لِلأَْجَانِبِ عَنْهَا ، بل ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى الْقَوْل بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلاً .( أنظر : حاشية ابن عابدين 5 / 238 ، فتح القدير 1 / 182 ، البناية 9 / 247 ، مطالب أولي النهى 5 / 18 ، الروضة 7 / 26 ، حاشية الدسوقي 1 / 214 ).

إننا إزاء أقوال العلماء هذه واتفاقهم ، يجب بحق أن نحني الرؤوس ، ونقدم قرابين التسليم والإذعان والاتباع .

أما ما نُقل من قول العلامة المجدد سلمان العودة ، من كون كشف شعر المرأة يعد من الصغائر، فهو وإن صح عنه النقل فهو اجتهاد منه ، والمجتهد لا يلزم إلا نفسه ، كما لا يخفى ما في الكلمة من احتمالها لمعان كثيرة ، سيما إن وضعت في سياقها الذي سيقت له .

على أني عدت إلى فتاوى العلامة سلمان العودة المنشورة على موقعه الإلكتروني فوجدت قوله بوجوب ستر شعر المرأة ، وأنه لا يجوز لها كشفه ، وهاك نص السؤال وإجابته ، وسأنقله بتمامه للفائدة، بتاريخ الأحد 02 شعبان 1421 الموافق 29 أكتوبر 2000.

السؤال :

هل في القرآن أن المرأة لا بد أن تضع الحجاب الذي يغطي الشعر كما يفعل النساء؟ وإذا لم يفعلن هل هناك عقاب كبير لهن في الآخرة ؟ .

فأجاب الشيخ :

يجب على المرأة ستر شعرها عن الرجال الأجانب، وإنما اختلفوا فقط في الوجه والكفين مما ليس هذا موضع تفصيله ،أما نوع اللباس فليس له تحديد، سوى أنه يجب ألا يكون ضيقاً ولا شفافاً ولا زينةً في نفسه ومدعاة للإثارة والفتنة، وألا يكون محرم اللبس أصلاً كالنجس أو المغصوب أو نحوهما ، وقد أمر الله المؤمنات بلبس (الجلابيب) قال تعالى -: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) [الأحزاب : 59]..\" (المصدر الإسلام ، خزانة الفتاوى) .

وستجدون للعلامة العودة فتاوى كثيرة مكررة يؤكد فيها وجوب ستر المرأة شعرها ، وربما ما ذكره من كون كشف شعر المرأة يعد من الصغائر ، لعلّ له سياقاً آخر ، كما سبقت الإشارة إليه، لأنه قوله بأنه \" يجب على المرأة ستر شعرها عن الرجال الأجانب\" يعلم منه الحرمة لكشف المرأة شعرها ، لأن الواجب يقابله الحرام .

أما ما ذُكر من كون قيام إحدى الحاضرات غفر الله لها ، بنزع خمارها ، في الندوة التي أقامتها صحفيات بلا قيود ، فهذا لا شك أنه خطأ كبير ، كان ينبغي أن يعالج بالحكمة والموعظة الحسنة، على قاعدة دعاة لا قضاة ، أو على قاعدة حسن الظن ، أو على قاعدة الإعذار ، فلعل الأخت الفاضلة فعلت ذلك خطأ منها أو جهلا أو لعله لموقف استفزها ، وتحميل هذا الموقف بكونه سخرية من الدين أو العلماء أو الشريعة ، ربما فيه مبالغة ، غير مقصودة ، على أن الأصوب والأسلم دوماً في حق الجنسين هو فصل النساء عن الرجال في اللقاءات والمؤتمرات والندوات، لرفع الحرج ، وليبق لهن حريتهن في الحركة والحديث ، بعيداً عن أعين الرجال .

شكر الله تعالى لأخوينا الحبيبين الشيخ / محمد بن ناصر الحزمي ، وأخيه الشيخ/ مجيب الحميدي ، إثراء هذا الموضوع ، وتحريك المياه الراكده ، ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، والله تعالى من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين،.