التوريث يحاصر غزة
بقلم/ عبدالله محمد المؤيد
نشر منذ: 15 سنة و 11 شهراً و 9 أيام
الأحد 11 يناير-كانون الثاني 2009 09:50 ص

مأرب برس – صنعاء – خاص 

لقد ابتليت الأمة العربية من المحيط الى الخليج بحكَّام أقل ما يقال في حقهم أنهم نائبة من نوائب الدهر على شعوب هذه الأمة ، فما يجري في غزة هذه الأيام من قتل وتدمير وإبادة يشيب لهولها الولدان أمام سمع وبصر هؤلاء الحكام يجعلنا نؤكد هذه الحقيقة ، فالحكام العرب لا يهمهم ما سوف يكتبه التاريخ عنهم بقدر ما يهمهم من يستلم الحكم بعدهم ، فهذه مصر بثقلها وجيشها وتاريخها تقف عاجزةً تماماً أمام ما يحصل من أهوال في مدينة غزة ، وهذا العجز ليس منبعه عدم القدرة عند الحكام وإنما عدم الإرادة عندهم والخوف على المستقبل ، وهذا الخوف ليس على مستقبل مصر والشعب المصري وإنما الخوف على مستقبل ( جمال محمد حسني مبارك ) الذي يعده والده لإستلام الحكم في مصر ، فخطوات التوريث جارية على قدم وساق ويعلم الرئيس المصري تماماً إن أي خطوة على الأقل في اتجاه فتح معبر رفح سوف يقابلها خطوة في غلق معبر التوريث ، لهذا لا غرابة أن نشاهده عبر شاشات التلفزة وهو يحاول إعطاء التبريرات المبكية والمضحكة في نفس الوقت لعدم فتحه معبر رفح ، إسرائيل نفسها غير مقتنعه بهذه التبريرات ولكن (من أجل عيون جمال) يهون كل شيء فخبرة الرئيس المصري بالحكم تجعله يدرك تماماً أن كراسي الحكام في المنطقة العربية تصنع في الغرب وتحديداً في أمريكا ، وبما أن إسرائيل هي ربيبة أمريكا في المنطقة فإن من يغضب إسرائيل يغضب أمريكا ، فلا غرابة إذاً أن

تخرج المظاهرات العارمة في أنحاء مصر ومعظم دول العالم أمام السفارات المصرية تطالب حكام مصر بفتح معبر رفح ، وبالرغم من ذلك كله يظهر الرئيس المصري على شاشات التلفزيون قائلاً : ( مش حنفتح معبر رفح ) ، هكذا بكل وضوح ( واللي مش عاجبه يشرب من البحر ) ولعل الرئيس المصري قد عادت به الذاكرة الى الخلف وتذكر منظر الملك الراحل الحسين بن طلال وهو راجع من أمريكا بعد رحلة العلاج الشهيرة وقبل أيام من وفاته وكيف كان أثر المرض واضحاً عليه وقد ظن الجميع آنذاك أن الملك حسين عاد لكي يموت بين أهله ووسط شعبه ، غير أن الحقيقة لم تكن كذلك فالمهمة التي جاء من اجلها كانت تتلخص بإعفاء أخيه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد والذي ظل فيها أكثر من ثلاثين عاماً ويسلمها الى ابنه عبدالله ابن الملك حسين الذي لم يكن يعرفه معظم الناس ، وهكذا أدرك حسني مبارك أن أمريكا لا تصنع الكراسي في البلدان ذات النظام الجمهوري فقط ولكنها تصنعها أيضاً في البلدان ذات الطابع الملكي أو ذات النظام ( المنوي ) كما قال الدكتور الكويتي عبدالله النفيسه عن البلدان الملكية والتي ليس لشعوبها إلا ما يخرج من صلب الملك ، فكيف الحال بالنسبة للبلدان التي تقول عن نفسها أنها جمهورية ولكنها في الواقع تتجه الى أن لا يكون أمام شعوبها الا ما يخرج من صُلب الرئيس ،إن الحكام العرب في البلدان ذات الطابع الجمهوري أو( الجمهوملكي) كما قال الأمير طلال ابن عبد العزيز عن الأنظمة العربية الجمهورية والتي تتجه إلى التوريث ، إن هؤلاء الحكام يدركون تماماً أن الوطنية وإرادة الشعوب لا تجتمع مع إرادة التوريث أبداً ، فمن أجل التوريث تحاصر غزة ويتم إجتياحها ، ومن أجل التوريث يتم قمع الشعوب وتفريخ الأحزاب والتضحية بالقريب قبل البعيد ويتم التضحية بالحلفاء ودماء الشهداء الذين سقطوا في هذه البلدان لكي تتخلص من الحكم الوراثي ، لهذا فأنا على قناعة مطلقة إن الشعوب ستقاوم التوريث كما قاومت الإستعمار ، لأن التوريث أخطر من الإستعمار، التوريث يُذل الشعوب كما يذلها الإستعمار ... وللحديث بقية .