الاختطافات. .
بقلم/ عبدالسلام الاثوري
نشر منذ: 16 سنة و 3 أشهر و 28 يوماً
السبت 16 أغسطس-آب 2008 06:21 م

الاختطاف عملية جنائية وإرهابية وهى من إعمال الإفساد في الأرض التي شرع الله لها عقوبات رادعة وصارمة وشرعت لها الدول عقوبات شديدة ونافذة لكون تلك الأعمال تمثل اعتداء على حرية ألأنفس المصانة شرعا وقانونا وتكون الجريمة كبيرة عندما يتم استخدام الانفس المخطوفة للمقايضة والابتزاز الغير مشروع .

تنشا هذه الأعمال من قبل جماعات وفئات وأشخاص لايعترفون بسلطة الدولة وقوانينها ولا يحترمون قيم المجتمع الدينية والأخلاقية وغالبا ماتمارس هذه الأعمال عندما تفقد الدولة هيبتها وقدرتها على السيطرة والنفوذ وتنفيذ القانون وتحقيق العدالة والمساواة ، فعندما تختل قواعد العدالة وسيادة القانون وتغيب سلطة نفاذه على الواقع وانتشار علاقة المحاباة والتمييز وانتشار الفساد والفقر والبطالة ويشعر الناس بالحرمان يصبح المجال واسعا للفوضى وانتشارالجريمة وأعمال العنف والإرهاب واستخدام القوة والنفوذ.

تطورات الاختطافات في اليمن

واجهت اليمن ظاهرة الاختطاف خلال العقدين من الزمن وتطورت حتى أصبحت حالة استهدفت ديبلماسين أجانب وسواح ورجال أعمال وأبناءهم ومواطنين وموظفي دولة وابناء مسئولين وكان اغلب عمليات الخطف تهدف الى التعبير عن مواقف للخاطفين تجاه قضايا مع الدولة وقد بدات هذه الاعمال تحت تاثير الصراعات السياسية في بداية التسعينات لكنها اخذت طريقها بعد ذلك لتصبح ادات ضغط وابتزاز تحقق للخاطفين مكاسب مادية .

لم تكن عمليات الاختطاف تصل إلى العنف في إزهاق أرواح المخطوفين الا في حالتي اختطاف جيش (عدن- أبين) لسياح أجانب بسبب المواجهات المسلحة بين الأجهزة الأمنية والخاطفين وقد استخدم الخاطفون السياح دروعا لهم لمحاولة فرض شروط سياسة تتجاوز المطالب الاجتماعية أو الاقتصادية التى تعود الخاطفون التعبير عنها تجاه الدولة باختطافاتهم لاجانب وعملية اخرى تم قتل احد المخطوفين الأجانب نتيجة تبادل اطلاق الرصاص بين الامن والخاطفين .

 اما الاختطافات التي نالت رجال الاعمال وابناءهم موخرا لها علاقة بادعاءات لاعلاقة لها باي دعاوي حقوقية اكثر مما هي محاولات ابتزازية استهدف الخاطفين إخضاع الخاطفين واباءهم لسلطانهم بهدف تحصيل مكاسب مالية من قبل رجال الاعمال الذين ينالهم الاختطاف وقد نال المختطفين في الكثير من الحالات مكاسب غير مشروعة نتيجة تراخي الدولة من القيام بواجبها في تنفيذ القانون ضد المختطفين وتدخل بعض قيادات الدولة والمشايخ للحل مقابل اتاوات لصالح الخاطفين حتى أصبحت الدولة في نظر الخاطفين شيء غير قائم .

استمرت عمليات الاختطافات طوال فترات متقطعة خلال السنوات الممتدة من 91-حتى عام 2001 وقبل أحداث 11 سبتمبر وبعدها توقفت اعمال الاختطافات في اليمن حتى عادت خلال نهاية عام 2005 م وعادت بشكل مثير للاستغراب فقد حدثت أعمال اختطاف متكررة بدأت باختطاف رجال اعمال وابناءهم وكانت البداية جس نبض عن رد الفعل الذى ستقوم به الأجهزة الأمنية والقضائية تجاه تلك الأعمال ورغم انه تم تحذير الأجهزة الحكومية من عودة اعمال الاختطافات اذا تقاعست وتساهلت مع مثل هولاء وستتطور الى توسيع اعمال الاختطافات تجاه السياح والاجانب .

وهنا يدفعنا هذا الواقع لتقييم طبيعة هذه الاعمال وخلفياتها وماهي مشروعية ادعاءات الخاطفين ، والتساءل لماذا تتكرر هذه الأعمال ولم تقدم الدولة على أي اجراء يضع حدا لتكرارها الأمر رغم الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تلحق بالبلد واقتصادياتها وتراجع السياحة وراجع الشركات الأجنبية للاستثمار في البلاد نتيجة ارتفاع معدلات المخاطر الناتجة عن مثل هذه الأعمال، الأمر الذي يجعلنا نشك ان هناك أطراف متنفذة تقف ورآها وتستثمرها ولماذا توقفت خلال المرحلة مابعد أحداث سبتمبر وعادت في السنوات الأخيرة ويذكرنا هذا التساءل عن عملية اختطاف نالت احد أبناء رجل اعمال يمني اختطفه مجموعة من بني ضبيان قبل عامين من الحديدة من قبل شخصية عسكرية ومدعومة بشخصيات مسئولة وبحجة ادعاء بان له ارض لدى رجل الاعمال وعندما تم متابعة هذه القضية وخلفياتها تم اكتشاف ان الخاطف بعد استرداد المخطوف كان محميا من قبل شخصية أمنية مديرا لأمن أهم المحافظات الجنوبية وعند الاطلاع من قبل رئيس السلطة القضائية وبتكليف من رئيس الجمهورية رعاه الله حول ادعاء ذلك الخاطف ومايدعيه توضح الأمر ان ذلك الخاطف ليس لدعوته أي حجة وانه مدعي باطل وكان المومل حينها تحويله الى القضاء ومحاكمته وفقا للقانون على جريمة الاختطاف ومحاكمة ذلك المدير الأمني الذي كان يحميه ويدعمه على جريمته وإبعاده من وظيفته التي استغلها للمساعدة في عملية جرم كبيرة . ولنا نتساءل هل هناك من يلعب بهذه الأوراق واستحداث الفوضى والأزمات الداخلية ضمن صراعات مراكز القوى والنفوذ داخل البلاد كمن يدفع بتلك الأعمال لجعل اليمن تعيش دائما في إطار صورة الفوضى وعدم الاستقرار الا يكفي هذه البلاد مما تعانيه من فساد وهدر للموارد وانتهاك للقانون ومعانات اجتماعية واقتصادية وفقر وبطالة وجهل وتخلف .

خطفني وبكاء ولحق بالشكاء

ماان يقوم الخاطفون بالخطف حتى يبرروا خطفهم ويشكون مما يعانوه من حرمان وادعاءات بحقوق لدى أسرة المخطوف وبصورة أخرى تجد أن لديهم القدرة على التواصل مع وسائل الإعلام وإرسال البلاغات والبيانات وتصدير التهم ضد أهل المخطوف ليبرروا مشروعية اختطافاتهم وقد انبرى البعض للدفاع عن مشروعية الاختطافات والادعاء بحقوق ودم عند الخامري وأنهم يريدون قتله وتصدير تهديدا آخر ايضاء ضد بيت هائل سعيد بان دورهم قادم أيضاء بسبب قضية ادعاء على ارض معهم ، وتنشر الصحافة تلك التهديدات وكأنها مشروعة ليثبت ذلك أيضاء ووفقا لقناعات الخاطفين وبعض الأطراف الداعمة لهم أنهم فوق الدولة وهي لاتمثل لهم أي قيمة وفوق المجتمع الذي يعتبرونه بلا اعتبار .

قد يشعر أهل المخطوف إن ابنهم في أمان مادام لديهم فهم يعاملونه حسب ادعاءاتهم انه ظيف لديهم وينال كل التقدير والاحترام وينال حقوق الضيف وقد تكون هذه المعاملات هي مانحترمهم عليها ،لكن ومع كل الاعتبارات ومع كل ما يلاقيه المخطوفين من معاملات طيبة من قبل الخاطفين فان ذلك لايسقط حجية الجريمة عليهم كونها أعمال تمثل أعمال إرهابية اغتصبت حرية إنسان لايساويها أي قيمة مادية وغيرها فالإنسان ان قيدت حريته يكون معتدا عليه ولا قيمة للإكرام الذي قد يناله من خاطفيه فهو يتحول بيدهم الى ادات مقايضة وابتزاز فاين التكريم وأين قيمة الضيف فالاختطاف يمثل انتهاك لحرمات الله لكون ابن ادم خلقه الله مكرما ولا يجوز تحت أي مبرر انتهاك حرمته وكرامته وحريته من أي طرف كان دولة او جماعات فهدم الكعبة حجرا أسهل عند الله من ان تنتهك حرمات إنسان مؤمن مصان الدم والكرامة والحرية .

أعمال دخيلة على الواقع اليمني

الاختطافات لم تكن من سلوك أهل اليمن وقبائله ولم تعرفه اليمن عبر مراحلها التاريخية ولم يكن من أعراف وأسلاف الشعب اليمني التي تعمل قيمة للإنسان ومكانته وكرامته ولكن هذه الأعمال دخيلة على البلد امتهنها البعض بسبب ضعف الدولة وانهيار قيم القبيلة التي لم تعد قادرة على صد السلوكيات المناقضة لاعرافها وأسلافها التي لاتقبل بمثل أعمال الاختطافات التي تعتبر اعمال جبانة تتناقض مع الشهامة والرجولة والشجاعة فالخاطف يخطف ضحيته ويذهب بها الى منطقته محتميا بالجبال ووعورة الطبيعة وكأنه سارق يخشى من مواجهة الواقع والمجتمع وهي من أعمال الغدر والخيانة والعيوب السوداء في أعراف القبائل وأسلافها وهي عمل من أعمال الإفساد كونها تتسبب في ترويع الناس وتتسبب في توليد الخسائر الاقتصادية على البلاد وإساءة السمعة السيئة عليها وعلى قبائلها وتاريخها وبما يتسبب به من ارتفاعات في معدلات المخاطر الاستثمارية ومضاعفة من الفقر والبطالة وانتشار الجريمة والفساد فهذه الأعمال ليست بالهينة حتى يشعر القائمين بها انها تعبيرا عن تمرد ومطالبة بحقوق فالحق له طرقه ووسائله المشروعة وصاحب الحق قويا بحجته لا بأعمال الاختطافات والإرهاب .

رجال الأعمال الهدف الأسهل

والدولة المختطفة

فأعمال الاختطافات إجمالا تمثل أعمالا مثيرة للخوف والهلع في نفوس الناس وخصوصا رجال الأعمال والمستثمرين الذين يسهل ابتزازهم عندما يفقدون الثقة والشعور بالأمان والاطمئنان على أنفسهم وأبناءهم وممتلكاتهم وأعمالهم واستثماراتهم وخاصة إذا لم تتوفر عوامل الحماية والثقة بسلطة القانون ونفاذه كسلطة رادعة تفرض الهيبة والعقوبة والإجراء الرادع فان أى دولة تمارس فيها هذه الأعمال تفقد احترامها وثقة المواطنين والعالم بها وتكون السلطة فيها سلطة لاتنال ثقة الناس واحترامهم لها .

فإذا تخلت الدولة عن مسئوليتها في فرض سلطة القانون وتطبيق قواعد الردع ضد المخليين بسلامة البلاد والعباد فإنها تعطي المشروعية لتكرار هذه الجرائم ويصبح الواقع محكوما بالفوضى المشروعة واقعيا ويصبح الناس وممتلكاتهم وحقوقهم تحت طائلة المخاطر وغالبا ماسيكون رجال الأعمال هم المستهدفين بحكم إنهم مجالا خصبا للابتزاز

إن رجال الأعمال وهم أهم فئة اجتماعية يعول عليها تطوير الاقتصاد الوطني والنهوض بالتنمية الاقتصادية فان قيامتهم بدورهم هذا لن يتحقق في واقع محكوم بمثل الأعمال والسلوكيات الخطرة التي تسقط قيمة الدولة وقوانينها .

ووفقا لحقائق الواقع وتجارب الآخرين فان الدول التي تتميز بحالة من عدم الاستقرار وغياب سلطة القانون تكون دولا متخلفة تتزايد فيها الفساد والفوضى والفقر والبطالة لكونها تصبح ككيان بلا هوية ولا قيمة ولا اعتبار كونها تفتقر لأهم معاييرالامان وحماية الملكية والأنفس ولا تستطيع أن تحقق اى استقرار يتيح لها إمكانية التطور والتنمية .

أخيرا ونحن نتابع حقيقة الواقع ونلمس تكرار أعمال الاختطافات وأخرها اختطاف ابن رجل الأعمال توفيق الخامري الذي تم اختطافه من وسط العاصمة من قبل مجموعة من بني ضبيان وكانوا لابسين الملابس العسكرية والأمنية وسيارات بأرقام عسكرية عندما قاموا بعملية الخطف ومازال عمر الخامري حتى اليوم رهبن الاختطاف كآخرين من أبناء رجال أعمال تم اختطافهم بعضهم صار لهم في الاختطاف اشهر ولم تتحرك سلطات الدولة بتحريرهم والقيام بواجبها القانوني والدستوري والإنساني في وضع حد لهذه الأعمال المقلقة ونراقب مواقفها فنجد ان الأمر عندها كعدمه ونجد مواقفها عند اختطاف أجانب تتحرك الى حدود الإفراج عنهم دون تنفيذ القانون .

تثبت سلطات الدولة ومسئوليها وفقا لهذه التصرفات وتماديها بالتقاعس عن القيام بوضع حد لهذه الأعمال أنها دولة مختطفة فقدت قيمتها ومكانتها وهيبتها بعد ان أصبح المسئولون فيها هم يخالف القانون والدستور ويتسببون في دمار سلطة القانون في البلاد بعد ان أثبتت الأحداث والوقائع انهم فاقدي القدرة والمسئولية على اداء الواجب القانوني المناط بهم وهم بهذا يفقدون سلطات الدولة مشروعيتها القانونية والدستورية كسلطات دولة مسئولة عن حماية البلاد من الفوضى والجرائم والعنف والاختلالات ، فمسئوليها يصبحون مدانون قانونيا ويجب محاسبتهم ومحاكمتهم قانونيا وقضائيا على هذا الإهمال والتقاعس لكونهم يساهمون بذلك بتكرار هذه الاعمال المخلة بأمن البلد واستقراره ومصالحه وسمعته فقد تسببت تلك الأعمال بخسائر مقدرة بمليارات الدولارات .

إذن هذه الحالة تمثل انتهاك صارخ لسيادة الدولة القانونية وتهديدا لمستقبل البلاد واستقراره ، فعدم قيام أجهزة الدولة بمسئوليتها وواجبها في حماية الناس ومنع تصاعد سلطة الفوضى فإنها بذلك تساعد على استقوا مشروعية سلطة الخارجين عن القانون وتساعدهم على فرض استقواهم المناقض للحق والمسئولية والقانون وتولد الشعور والإحساس بفقدان الناس ثقتهم بالدولة وقوانينها ونظمها وفاعلية أجهزتها الأمر الذي يدفع الواقع إلى حالة انهيار للدولة وسيادتها وهو مايجعلنا نقف امام هذه الحقائق ونطالب محاسبة المخلين بمسئوليتهم وحماية الدولة المجتمع من الفوضى والاختلالات .

إن اخطر نتائج هذا الواقع تتمثل بفقدان المواطنين والقادمين الى بلادنا الإحساس والشعور بعدم الاطمئنان والأمان وما قد يولده هذا الإحساس ايضاء بعدم الولاء للوطن ودولته التي يكثر فيها أعمال الفوضى والاختلالات والأعمال إلى تمس امن الناس وحرياتهم وممتلكاتهم واستقرارهم وتجعلهم يعيشون تحت طائلة الخوف والقلق الذي يدفع العديد من رجال الأعمال يبحثون عن أوطان أخرى تستقبلهم واستثماراتهم وأموالهم وتوفر لهم كل شروط الأمان والاستقرار والحماية توافقا مع الآية الكريمة الم تكن ارض الله واسعة فتهاجرون إليها.