المملكة" فيلم يقرب بين السعودية وأمريكا
بقلم/ جوديث ماكلينتوك
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 21 يوماً
السبت 22 سبتمبر-أيلول 2007 04:46 م

مأرب برس - تقرير واشنطن

من خلال أحداثه المثيرة والمتلاحقة التي تحبس الأنفاس وعلى خلفية من بعض المشاهد الكوميدية الخفيفة يتعرض فيلم "المملكة" للعلاقات الأمريكية السعودية التي غالبا ما تثير الجدل وتتسم بالخلاف في الرأي - وللعلاقة بين أمريكا والعالم الإسلامي الأكثر جدلية وإثارة للخلاف دون أن تحقق نجاحا ملحوظا. الفيلم كان مقرر عرضه قبل سنة ولكن ظروف لم تشرح من قبل الشركة المنتجة للفيلم منعته من الظهور حتى بدأ الإعلانات رسمياً في دور السينما الأمريكية مؤخرا.

وتدور أحداث الفيلم حول "رونالد فليري" العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI  ويجسد دوره النج م السينمائي الحائز على جائزة الأوسكار "جايمي فوكس" أثناء مغامرتهم في الرياض بالسعودية.

أمريكا والسعودية في خندق واحد

الفيلم أظهر السعوديون بأنهم أيضاً ضحايا للإرهاب، ويظهر تعاونا كاملا من قوى أمن سعودية مع فريق التحقيق الأمريكي، بل وسيصورهم بطريقة واضحة جداً وهي أن الجميع في خندق واحد ولهم عدو واحد هو الإرهاب.

يحاول الفريق الأمريكي تجاوز العقبات البيروقراطية ضمن محاولته كشف النقاب عن منفذي هجوم دموي على مدنيين وعسكريين أمريكيين في العاصمة السعودية.

ومن الطبيعي أن يلقى الفيلم الذي أخرجه "بيتر برغ" إقبالا جماهيريا كبيرا لاحتوائه على الكثير من مشاهد العنف الدموي ومطاردات السيارات والمعارك العنيفة التي تثبت أعين المشاهدين على الشاشة وتقيدهم في مقاعدهم إلى أن تظهر كلمة النهاية.

وبرغم ذلك فان حبكة الفيلم تتعرض ولو بقدر محدود لبعض القضايا الأكثر عمقا ومن بينها التباين الثقافي والسياسي القائم بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.

وفي معظم المشاهد يتناول الفيلم تلك الخلافات من خلال لمسة كوميدية في محاولة على ما يبدو من جانب المخرج لتفادي أثارة أي إزعاج أو التسبب في حرج.

ولذلك فقد استعان القائمون على الفيلم باثنين من نجوم الكوميديا وهما "جيرمي بيفن" و "جيسون بيتمان" بهدف التخفيف من حدة الخط الدرامي الذي يعالجه الفيلم المتمثل في العنف الذي يلحق بالمدنيين على أيدي المتعصبين الإسلاميين.

ففي فيلم "المملكة" يقوم الكوميديان "بيفن" و "بيتمان" بنفس الدورين الذين حققا لهما الشهرة في افلام سابقة. فقد جسد "بيفن" شخصية دبلوماسي أمريكي يقيم في السعودية - وقد دأب طوال الفيلم على السخرية من الفتاة الوحيدة ضمن طاقم مكافحة الإرهاب التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي وجسدت دورها الممثلة "جنيفر غارنر" التي لا تبدي اكتراثا بارتداء ملابس محتشمة ولائقة في حضرة الأمير السعودي.

من جانبه عرض "بيتمان" مواقف تبرز العديد من أوجه سوء الفهم الثقافي بين المسلمين والأمريكيين ومن بينها مشهد يختبر فيه معلومات رفاقه عن الإسلام بعد أن قرأ كتابا مشبوها عن تفسير القرآن - وقد سأل رفاقه عن عدد الحوريات اللاتي تنتظرهن في الجنة.

كما أثار "بيتمان" غضب ضابط في الأمن السعودي قام بدوره "اشرف برهوم" الذي كان مرافقا للأمريكيين أثناء وجودهم في المملكة - حيث تلفظ أمامه بعبارات غير لائقة. وقد أثارت شخصية "برهوم" ضحك المشاهدين حينما قال انه سيغسل فم "بيتمان" بالماء والصابون كي يتوقف عن إطلاق عباراته النابية.

وكما يتوقع المرء من فيلم إثارة وتشويق وحركة يركز على الأمريكيين والمسلمين - فان "المملكة" اشتمل على قدر وافر من القوالب النمطية بدءا من إظهار السعوديين وهم يتدربون داخل منشآت تشبه المعسكرات الجهادية إلى مشهد طالما تكرر في مشاهد من أفلام من نفس النوعية يظهر فيه "بيتمان" يواجه الموت بحد سكين خاطفه المقنع الذي يصيح بعبارات عن أمريكا والله أمام كاميرا فيديو. كما لم يتورع الفيلم عن التعرض للحكم التقليدي الأمريكي المسبق الذي يعتبر جميع المسلمين إرهابيون.

صداقة بين أمريكي وسعودي

ومع ذلك فانه يضاف إلى رصيد القائمين على الفيلم تناول الشخصية النمطية الأمريكية التي تتسم بالعجرفة خاصة المشاهد الخاصة بفريق مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي يعلن انه يفعل وسيفعل ما يحلو له برغم وجوده داخل الأراضي السعودية.

وبالإضافة إلى ذلك تناول الفيلم الجهل الأمريكي وقد تجلى ذلك في مشهد كان "فوكس" يسأل فيه رجلا ( قام بدوره "تيم ماغرو" ) عن زوجته التي لقيت مصرعها في الهجوم فأشار الرجل إلى مسئولي الأمن السعوديين الواقفين خلف "فوكس" متسائلا : هل كان ذلك من اجل الله؟

وبرغم تكرار النماذج النمطية فان الفيلم شكل خطا دراميا ايجابيا من خلال الصداقة التي جمعت بين الأمريكي "فوكس" والسعودي "برهوم" - فبعد بداية اتسمت بالصدود أصبحا على نحو تدريجي صديقين بالنظر إلى أن هدفهما مشترك وهو العثور على مرتكبي الهجوم الذين لم يقتلوا أمريكيين فحسب ولكنهم قتلوا أيضا مسئولين من الأمن السعودي بعضهم من أصدقاء "برهوم".

وتوثقت الصلة بينهما أكثر أثناء عمليات التحقيق المشتركة وعرف كل منها بعضا من تفاصيل حياة الأخر خاصة وأنهما يعملان في مجال واحد هو الخدمة العامة.

وقد عكست العلاقة بينهما العلاقة الأشمل بين أمريكا والعالم الإسلامي الأمر الذي يمهد لإمكانية إحلال السلام بين ثقافتين مختلفتين ولو على المستوى الشخصي.

ومن هذا المنطلق فان خاتمة فيلم "المملكة" ربما كانت الأعمق من ناحية الرسالة السياسية والثقافية التي يوجهها حينما يدرك المشاهد أن الأمريكيين والسعوديين ليسوا أكثر من ثقافتين تقاتل كل منهما الأخرى لأسباب تافهة على ما يبدو.

كما أن إنهاء الفيلم على حوار لم يكتمل بين "فوكس" ورفاقه مع صبي سعودي وأمه يشغل عقل وتفكير المشاهد.

وفيما تسلط نهاية الفيلم الضوء على بعض القضايا السياسية والثقافية فان على المشاهد ألا يتوقع وجود أي بحث له مغزى حول أسباب استمرار المواجهة بين الأمريكيين والمسلمين.

أما إذا كان المشاهد من النوع الذي يفضل أفلام الحركة والعنف الدموي ومطاردات السيارات والقتل وتبادل الأعيرة النارية في قالب كوميدي خفيف فإن فيلم "المملكة" سيكون مناسبا له.