ماذا يجري في الأعراس الفتحاوية؟
بقلم/ مفكرة الإسلام
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 12 يوماً
السبت 01 سبتمبر-أيلول 2007 10:13 م

بعد انهيار الأوكار الفتحاوية وسيطرة حماس على غزة لم يعد بمقدور عناصر فتح مواجهة حماس بالسلاح... فالحسم العسكري كان لصالح حماس ولم يجد الفتحاويون سوى الأعراس والأفراح الخاصة بعناصرها ومؤيديها للتعبير عن امتعاضهم للسياسة الحمساوية... أصبح واضحًا في قطاع غزة أن الأعراس التابعة لعناصر فتح أصبحت تتخذ منحى سياسيًا بحتًا... بل تحولت إلى مهرجانات تشهيرية بحركة حماس، وتسليط الضوء على تجاوزات حماس خلال عملية سيطرتها على غزة، وتمجيد لقادة فتح سواء الذين قتلوا خلال الحسم العسكري من أمثال سميح المدهون أو ممن فروا إلى خارج القطاع من أمثال النائب محمد دحلان، خاصة أن هؤلاء كان لهم باع طويل في تعقب عناصر القسام، واستبسال في مواجهة حماس.

سميح المدهون... بطل الأعراس الفتحاوية

ويعتبر بطل الأعراس الفتحاوية سميح المدهون أحد أبرز قادة فتح الذين أصبحوا مشاهير، بعد موتهم، ومن  الذين أخذوا على عاتقهم مواجهة حماس ميدانيًا، بل أعلنها صراحة وعلى مسمع الجميع عبر إذاعة صوت الشباب التابعة لحركة فتح تهديده لكل من هو حماس؛ حيث جاء على لسانه في اتصال هاتفي لإذاعة صوت الشباب الفتحاوية: " كل من ينطق حماس سيقتل، وكل من يعمل في القسام سواء كان مدنيًا أو عسكريًا أو طالبًا سيقتل، وسيتم ذبحه مثل الخراف".

واعترف بأنه حرّق عشرات البيوت، وشدد على مواصلته لعمليات الحرق التي قال إنها ستطال بيوت كل من هو حماس، وجامعاتهم وجميع مؤسساتهم. على حد قوله.

وكان المدهون قد عرض في بداية المواجهات ما بين حماس وفتح شريطًا مصورًا يظهر فيه مشاهد مذلة لعناصر القسام والقوة التنفيذية، وهم تحت وطأة التعذيب يداس عليهم بالأقدام ويضربون بالسياط من قِبل عناصر مسلحة تابعة لسميح المدهون؛ بهدف النيل من كرامة القسام ومؤيديها.

وفي آخر يوم من عملية الحسم العسكري 14 – 6- 2007 تم إعدام المدهون بطريقة جماعية شارك فيها المئات من عناصر القسام، وتم عرض عملية الإعدام عبر فضائية الأقصى؛ وهو ما اعتبر مأخذًا كبيرًا على حركة حماس، ودلالة على شراستها في عملية الحسم العسكري في نظر العديد من خصوم حماس.

والآن وبعد هزيمة فتح لم يعد بمقدور عناصر فتح استخدام القوة ضد حركة حماس، بل أصبح أكبر تحدي لحماس وللقوة التنفيذية هو إطلاق عدة أعيرة نارية في الهواء لاستفزاز حماس، التي منعت إطلاق النار في الأفراح التي أصبحت المتنفس الوحيد للفتحاويين للتعبير عن امتعاضهم للسياسة الحمساوية، ولرثاء أبرز قادة التيار الدحلاني الذين أعدمتهم كتائب القسام، أو الذين ولوا الأدبار خارج غزة.

مراثي كربلائية في الأعراس الفتحاوية

 مجلة "جنات" الصادرة من غزة في عددها الثالث والأربعين وصفت الأعراس الفتحاوية بأنها تسير على الطريقة الشيعية، وضمن طقوس كربلائية.... ولعل السبب في ذلك هو التشابه والتقاطع الكبير بين طريقة هذه الأعراس مع طريقة الشيعة في التباكي على الحسين، رضي الله عنه، وعلى أهل البيت خاصة في المراثي والنعي والتباكي، ورفع الأعلام ونحوها من الطقوس الكربلائية والعاشورائية التي يقيمها الشيعة في مآتمهم؛ حيث يبدأ العرس الفتحاوي بمراثي تشبه إلى حد كبير المراثي الكربلائية، والتي تجعل الحاضرين يبكون ويغيب بطل العرس في الاحتفال، ويحل محله سميح المدهون ومحمد دحلان... وينقلب العرس إلى طقوس غريبة جدًا ـ وطبيعي هنا نحن لا يمكن بحال أن نشبه الحسين، رضي الله عنه، بهؤلاء. ولكن أردنا أن نسرد نقاط التقاطع في الطقوس الحسينية الدخيلة على هذه الأمة وبين الطقوس الفتحاوية.

ثم بعد المراثي الفتحاوية وسكب العبرات يتم الاستفتاح بشريط التمجيد الخاص بسميح المدهون، والذي أنتجته فرقة فتحاوية.... وعندها ستعلو مكبرات الصوت، وستهز المكان بهذا الهتاف :

"موجك هدار يا ياسر دمك ما يهون..... خلفك زلزال سميته سميح المدهون"

ثم بعد ذلك تتم عملية الرقص الجماعي على أنغام الرثاء الفتحاوي على سميح المدهون والفلول الهاربة بقيادة دحلان.. ويتم الرقص الجماعي من خلال رفع صور سميح المدهون والأعلام الصفراء في وسط الحلقة؛ في خطوة واضحة للتنغيص على حركة حماس وعلى عناصرها.

ويحمل صورة سميح المدهون مسئول حلقة الرقص، ومن ثَم يتحلق حوله مجموعة الراقصين، ويستمر الرقص على أنغام شريط سميح المدهون. 

دعوة خاصة لوالدة سميح المدهون

وبدأ خلال الأيام الأخيرة اللجوء إلى أسلوب أكثر تأثيرًا؛ بحيث يتم جمع أكبر عدد ممكن من الحشود الفتحاوية؛ وذلك من خلال تقديم دعوة رسمية خاصة لوالدة سميح المدهون للحضور وللمشاركة في أعراس الفتحاويين، التي أصبحت تقدم الرثاء والتمجيد لدحلان وللمدهون أكثر من شهداء الانتفاضة الذين قضوا على يد الاحتلال الصهيوني وهم يحاربون الصهاينة المغتصبين..

فمثلاً بتاريخ 18 – 8 – 2007 كان هناك حفل لأحد الأشخاص من عائلة بربخ في منطقة حي جننينة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتم تقديم دعوة رسمية لوالدة المدهون لتشارك الفتحاويين في مراسم الرثاء والبكاء على فقيد حركة فتح سميح المدهون، وفي نهاية الحفل تكالب المئات من عناصر فتح الذين توافدوا من كافة أنحاء القطاع لحضور الطقوس الفتحاوية؛ من أجل تقبيل أقدام والدة سميح المدهون.... الذي كان رمزًا لتحدي القسام وعناصر القوة التنفيذية التابعة لها.

أعراس لنشر الفتن والقلاقل

من جانبه اعتبر الدكتور صالح الرقب، وكيل وزارة الأوقاف والشئون الدينية في حكومة تسيير الأعمال وأحد أبرز قادة حماس في المنطقة الجنوبية، أن استخدام الأعراس من قِبل حركة فتح لأغراض سياسية خلق سيئ ومثير للشحناء والبغضاء والفتنة في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني.

وقال الدكتور الرقب في تصريحات خاصة لمراسل مفكرة الإسلام إن الهدف من وراء الأعراس هذه وتمجيدهم لدحلان هو إثارة الفوضى والقلاقل في قطاع غزة.

العريس مدمن مخدرات

وذكر الدكتور الرقب عرسًا فتحاويًا وقع ليلة أمس الأربعاء 29 – 8 – 2007 بالقرب من بيته في منطقة بني سهيلا شرق خانيونس جنوب غزة، وقال لقد استُجلب والدة سميح المدهون والعديد من المغنين، الذين مجدوا دحلان، وأقسم أحدهم من على منصة المسرح وبطريقة غير لائقة بأن رئيسكم القادم هو محمد دحلان.

وأبدى الدكتور الرقب استغرابه الشديد كون صاحب العرس "العريس"، والذي قام بعمل هذا الحفل المهيب هو من أكبر مدمني المخدرات في منطقته، والكل يعرفه جيدًا. على حد قوله. 

وأكد الدكتور الرقب أن هذه المحاولات لن تجدي نفعًا، ودعا من يقومون بذلك إلى القيام بما هو أفضل لخدمة وطنهم وقضيتهم.

الأعراس الفتحاوية منابر للتهجم

واعتبر جمال جراح "أبو عبيدة"، القائد العام للقوة التنفيذية بغزة في مقابلة صحافية مع "فلسطين الآن" أن الأعراس الفتحاوية أصبحت ذات مغزى سياسي بحت، قائلاً: الأعراس الفتحاوية أصبحت ممنهجة، أصبحت منبراً سياسياً للتهجم على الحكومة وليست أفراحًا. 

وأضاف شعرنا في الأيام القليلة الماضية أن هناك شيئاً من التآمر في هذه الأعراس ترفع فيها صور لقتلة، ويتم التغني بهؤلاء القتلة، مع أنهم ليس لهم ماضٍ ولا تاريخ وطني ولا تاريخ نضالي، إلا فقط قتل أبناء حماس.

وأكد الجراح بأنه ستكون إجراءات تتخذها الحكومة بشكل كامل بخصوص هذه الحركة الممنهجة لعناصر فتح.

لن تؤثر على حماس

من جانبه اعتبر حسن الجماصي، مدير دائرة النشاط العام بالقوة التنفيذية، أن هذه الطقوس الغريبة ستنتهي، ولن تكون بالمطلق سببًا في استفزاز حماس أو غيرها.

ووصف الجماصي في تصريحات خاصة لمراسل مفكرة الإسلام سميح المدهون بتمثال بوذا الذي تم تدميره من قِبل حركة طالبان إبان فترة حكمها، وكيف تباكى العالم على هذه الأصنام.

وعبّر الجماصي عن دهشته من قيام حركة فتح باستغلال مقتل المدهون لتلميعه والرفع من شأنه، وهو شخص حارب الله ورسوله وقتل العلماء والأئمة.

وأكد الجماصي أن هذه الأعراس لن تؤثر من قريب أو من بعيد على حركة حماس، وأنها ستندثر ولن تثني الحركة عن الاستمرار في سياستها.

الخاتمة

وتبقى التساؤلات المطروحة... هل هذه الأعراس أصبحت دليلاً على ضعف حركة فتح التي طالما تغنى عناصرها بقوتهم وببنادقهم، واليوم لجأت إلى الأعراس لتعبّر عن أشجانها وأحزانها؟ أم أن هذه الأعراس تثبت أنه لا زال هناك من هو مؤيد لعودة قادة التيار الدحلاني؟

أم أن لهيب هذه الأعراس سيزول مع غياب حرارة الصيف الذي يحمل دومًا الأفراح والأعراس على عادة أهل فلسطين؟ أم أنها ستكون بداية لنار الاقتتال الداخلي الذي يراهن عليه المتربصون من الصهاينة، وأذنابهم للعودة إلى ذلك المربع اللعين؟