وزير الخارجية: خرجت من الجنوب أستاذا جامعياً ولم أكن متسولا ولا لاجئا.
بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
السبت 09 يونيو-حزيران 2012 06:38 م
 
 

نص الحوار الذي أجراه الزميل ثابت الأحمدي لصحيفة الجمهورية مع وزير الخارجية د. أبوبكر القربي

لم يوقع على شيكات مالية على مدى أحد عشر عاماً لأنه يعتقد بأنه لا داعي أن يشغل نفسه في شئون مالية وإدارية على حساب الجانب السياسي الذي هو مسؤوليته لكنه يقول : إن رئيس الجمهورية هو المسؤول عن السياسة الخارجية، وتهم الفساد في الوزارة يتحملها الشخص الفاسد وتعيين الملحقيات ليس له دخل بها، وزير الخارجية الدكتور/ أبوبكر القربي في حوار مع (الجمهورية) يرى بأن هناك حملات الهدف منها الإساءة فقط ويؤكد بأنه خلال عمله سواءً قبل الأزمة أو خلالها عمل لمافيه مصلحة اليمن.

.. بداية ما ذا عما أثارته بعض الشخصيات السياسية والإعلامية مؤخرا من جدل بشأن قضايا فساد كبيرة تخص وزارة الخارجية؟

أولا أقول لك: أنا عندما تطرق بعض الأشخاص داخل الوزارة وخارجها إلى قضايا فساد حررت رسالتين الأولى إلى هيئة مكافحة الفساد، وأخرى إلى نيابة الأموال العامة، وأبلغتهم أن هناك دعاوى بوجود فساد في وزارة الخارجية، وطلبت منهم أن يدعوا هؤلاء الأشخاص الذين وجهوا الاتهامات وأن يقدموا ما لديهم من وثائق وأن يحققوا في هذا الجانب، كنت حريصا على ألا تتحول قضية مكافحة الفساد في وزارة الخارجية أو خارجها إلى عملية إساءة إلى أشخاص أو أن تتحول إلى جزء من مماحكات سياسية وأنا أريد أن يتحمل الشخص الفاسد مسئوليته، ولهذا لم أعمل على الرد على هذه الادعاءات وكان من السهل أن أنفي ذلك، لأن البعض سيقرأ نفيي ويصدقه والبعض الآخر قد لا يصدقها، لكن أنا وجهة نظري أنه إذا أردنا أن نبني دولة على أسس سليمة يجب أن نتعامل عبر مؤسسات الدولة وعبر القضاء.

.. لكن يبقى أمر الرد في إطار الواجب هنا؟

من الممكن أن نقول إن كل ما نشر غير صحيح، بل وكذب، لكن الذي سيثبت الصدق من عدمه أن تأتي جهات معنية بالتحقيق وتقرر ما تراه مناسبا ثم تتخذ الإجراءات القانونية ضد الأشخاص الذين تكلموا عنها..

.. ماذا كان رد الهيئة العامة لمكافحة الفساد ونيابة الأموال العامة؟

جاءوا مؤخراً وبدؤوا ينظرون في هذه الاتهامات، والقضايا الآن منظورة أمامهما وبعد ذلك سنحاسب إما من ارتكبوا الفساد أو نحاسب من اتهموا الناس بالباطل.

.. لكن كل ما نشر عنكم معزز بالوثائق؟

هذه وثائق أنت رأيتها في صحف، ولا أعتقد أنك تستطيع قراءتها، ولهذا هيئة الفساد ستنظر في هذه الوثائق وتتحرى بدقة ما فيها.

.. هل تنفي ما نشر سابقا من فساد في الخارجية؟

لا أنفي. عندي إدارة للمالية ووكيل للشئون المالية والإدارية هم المسئولون عن كل الجوانب المالية في وزارة الخارجية، وأنا على مدى إحدى عشرة سنة في وزارة الخارجية لم أكن من الموقعين على شيكات وزارة الخارجية حتى أجزم بالصحة من عدمها، الذي يوقع على الشيكات الأخ الوكيل والأخ مدير عام الشئون المالية والمختصون في الشئون المالية.

.. الوزير هو صاحب التوقيع الأول في أي شيك يخص أي وزارة؟

أنا لا أوقع، وقد فوضت الوكيل المالي بهذا الجانب لأنني أعتقد أنه لا داعي أن أشغل نفسي في شئون مالية لها مسئول خاص.

.. دكتور يتهمكم البعض بأنك سكت عن قضايا فساد كثيرة في الوزارة؟

مثل ماذا؟

مثلا سكت عن حالة الغش التي حصلت في المعهد الدبلوماسي ولم تحقق مع المتواطئ بل تمت ترقيته إلى نائب لسفير ما، أيضا أثناء النقل إلى المبنى الجديد قبل فترة أبلغك ضابط أمن الوزارة بأن سيارة تابعة لأحد الأشخاص خرجت محملة بالمعدات والأجهزة إلى خارج الوزارة؟

ليس لدي علم بهاتين النقطتين على الإطلاق، وأنا أريد ممن يدعي هذه أن يأتي بالوثائق لديه.

.. قضية أخرى.. أجهزة تفتيش الحقائب والزائرين التي أهدتها كوريا الجنوبية لليمن ملقاة في قبو الوزارة لسنوات لم تستخدموها؟!

هذا غير صحيح.

.. طيب ما ذا عن الأشخاص الذين هم مؤبدون أو شبه مؤبدين في مناصبهم، بعضها مناصب مهمة ولم يتغيروا؟

في أي وظائف؟

.. في الجانب المالي على وجه التحديد.

في وزارة الخارجية يخرج الموظفون كل أربع سنوات، ولا يوجد أحد مؤبد في وظيفته إلا بعض السفراء، أما بالنسبة للدوائر، هناك تنقلات طبيعية تأتي للعمل بين البعثة وبين الديوان، هذه النقطة الأولى..

.. أنا قلت لك الجانب المالي؟

صحيح أن الدورات تظل بين الماليين، وهذا شيء طبيعي لأنهم هم المختصون بالجوانب المالية، والإشكالية ليست في قضية بقائهم، ونحن في قرار مجلس الوزراء الأخير بشأن التدوير الوظيفي هناك خطة للتدوير ولتنفيذ الخطة التي وجه بها مجلس الوزراء.وللعلم فإن مدير الشؤون الماليه ومدير الحسابت معينون من وزارة الماليه.

.. عفوا.. أين هو التدوير من سابق؟

قلت لك بعضهم يكون مسئولا ماليا في وزارة الخارجية وانتقل إلى سفارة من السفارات، يعود بعدها إذا كان من الجانب المحاسبي أو المالي إلى هذا المجال، لأنه ليس دبلوماسيا، هناك دبلوماسيون يعملون في الشئون المالية لأن العدد المعين معنا من الإداريين غير كاف للقيام بالشئون المالية، وهذه من الأمور التي نحاول إعادة النظر فيها، في الحقيقة هناك نوع من الإرباك هنا..

.. أيضا ما يتعلق ببرامج التدريب والتأهيل في الوزارة لم يتم تنفيذ شيء من ذلك، وتم استنزاف المخصصات المالية لهذا البند لصالح بنود أخرى في الوقت الذي يحتاج فيه الكثير من الدبلوماسيين للتأهيل والتدريب؟

أنا أعرف أن بند التأهيل والتدريب عندنا مبلغ بسيط جدا، وأننا بالعكس نحاول أن نغذيه من بند التنقلات المتمثل في المشاركة في المؤتمرات وغيرها حتى نتيح لمبعوثي الوزارة أن يذهبوا للدورات التدريبية التي تقدم لنا من عدد من الدول. بند التأهيل والتدريب على ما أذكر لم يكن فيه العام الماضي إلا خمسة عشر مليون ريال لكن ما صرف أكثر بكثير، وبالتالي لم تحول هذه المبالغ إلا في إطار برامج المعهد الدبلوماسي والدورات التدريبية ولا أعتقد أن أحدا سينكر أن ما شهدته الوزارة من إبتعاث ومشاركة في دورات تريبية لا تضاهيه اي فترة سابقة.

.. المبلغ لم يدخل من أساسه لخدمة التأهيل والتدريب؟

لا أريد أن أدخل في تفاصيل لا أتابعها، ولهذا أقترح أنه في بعض الجوانب المتعلقة بالجانب المالي والجانب التدريبي أن تلتقي بالأخ وكيل الوزارة للشئون المالية، ومدير المعهد الدبلوماسي، وهم سيعطونك التفاصيل لأنني كوزير خارجية يجب الاّيتوقع مني أن أتابع قضايا مالية وإدارية وأترك انشغالي بالجانب السياسي الذي هو مسئوليتي كوزير للخارجية.

.. لننتقل إلى محور آخر في الحديث.. من يرسم السياسة العامة لوزارة الخارجية؟

في الدستور المسئول عن السياسة الخارجية هو رئيس الجمهورية، وزارة الخارجية تسهم بتقديم المقترحات والآراء حول أية قضية تتعلق بالسياسية الخارجية سواء كانت تخص العلاقات الثنائية أو العلاقات الدولية، ورئيس الجمهورية يوجه بعد ذلك باعتمادها أو الإضافة إليها أو ما يراه. وزارة الخارجية مسئوليتها المباشرة أمام رئيس الجمهورية، لأنه الشخص المسئول عن السياسية الخارجية.

.. لكن أين هي دوائر أو مراكز البحث العلمي ورسم السياسات التي تتبع الوزارة وتضع الخطط والاستراتيجيات؟

نحن عندنا ـ كما تعرف ـ دوائر جغرافية في وزارة الخارجية معنية بالجانب السياسي، هذه الدوائرمسؤولة عن أي جوانب تتعلق بالعلاقات الثنائية ، وهذه الدوائر تبلور المواقف التي تراها تخدم مصلحة اليمن.

الدوائر هي المعنية بالعلاقات الثنائية بين المحيط الجغرافي.

.. رئاسة الحكومة ألا تتدخل في رسم السياسات العامة للوزارة؟

المسئول دستورياً كما قلت هو رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء إذا كان له رأي فيتم مناقشته مع رئيس الجمهورية ورئيس الجمهورية هو الذي يوجه في الأمر.

.. البعض ينظر إلى وزارة الخارجية وسياستها العامة خلال الفترة السابقة غير موفقة ربما إلى حد بعيد كونها لم تستطع أن تمثل الشعب أمام الخارج ولم تقدم عملا احترافيا في الجانب الدبلوماسي يستفيد منه الشعب بالنهاية، لم تستطع أن تعرض قضايا اليمن أمام المانحين وأمام المجتمع الدولي على ما هي عليه؟

أولاً المسئولون عن ما يتعلق بالمانحين هي وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وليست وزارة الخارجية، وزارة الخارجية هي التي تحشد الدعم السياسي للتنمية في اليمن، وهذا الذي تمثل في مؤتمر أصدقاء اليمن الأخير في الرياض والذي أعتقد أنه ناجح بحيث لو نظرت إلى عدد المشاركين فيه من الدول والمنظمات الدولية وما عبرت عنه في هذا اللقاء لا يمكن لأي منصف إلا أن يقول إن المؤتمر كان ناجحا وشهد له الكثيرون. أما إذا كانت الأمور تخضع لمعايير شخصية للحكم على النجاح والفشل فهذا موضوع نقاش.

.. أتفق معك هنا أن المؤتمر الأخير شهد نجاحا منقطع النظير وإن كانت مخرجاته في نظر البعض دون المأمول، لكن هذا النجاح وفي هذا التوقيت هو لاعتبار خاص واستثنائي جدا كونه بعد الثورة وفي ظل حكومة غير الحكومات السابقة؟ وللتوضيح أقول تكاد مخرجات مؤتمر أصدقاء اليمن في 2006م الشهير تكون صفرا، وهذا معروف للقاصي والداني؟

لا. بالعكس كان ناجحا لأنه رصدت فيه خمسة مليار وثلثمائة مليون دولار لمشاريع تنموية في اليمن، القصور في الاستفادة من هذه المبالغ، وهذه ليست مسئولية وزارة الخارجية.

.. أيضا المؤتمرات التي تلتها أو انبثقت عنها كانت تتعلق بجوانب محددة ومتعلقة بشئون الإرهاب في الوقت الذي كانت الحكومة تقول للشعب غير ذلك كمؤتمر عام 2009م.؟

لا ليس الأمر كذلك. أعتقد أن الناس يقرأون وينسون، المؤتمر الذي عقد بداية 2010م في لندن والاجتماع الذي انعقد أيضا في نيويورك قبل الأزمة السياسية هذه المؤتمرات كانت تحاول أن تربط بين الدعم الخارجي لليمن وبين مجموعة من الإصلاحات وكانت هناك ثلاثة جوانب متعلقة بهذه الإصلاحات المتعلقة منها بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، الجانب الآخر يتعلق بإصلاح القوانين والأمن والحقوق الإنسانية وقضايا الحريات، والجانب الآخر المتعلق بمكافحة الإرهاب، هذا المؤتمر كان يحاول أن يضع الحكومة اليمنية أمام مسئوليتها في إجراء مجموعة من الإصلاحات أمام المانحين، وأنا أعتقد أننا كنا قد بدأنا نضع الأمور في الطريق الصحيح، صحيح أنه جاءت بعدها أحداث العام الماضي وأوقفت كل جوانب التعاون الثنائي فيما يتعلق بالتنمية، كثير من الدول أوقفت معوناتها لليمن نتيجة الأزمة السياسية، لكن هذا لا تتحمله وزارة الخارجية أو حتى وزارة التخطيط.

.. لكن بالنهاية تتحملون ولو جزءا من المسئولية؟

لا. لا. الإصلاحات ليست وزارة الخارجية مسئولة عنها، الإصلاحات في الأمن، في القضاء، في الحريات، هل وزارة الخارجية مسئولة عن هذا؟ وإذا أردت أن تعرف لما ذا لم تتم الإصلاحات اذهب إلى عند هؤلاء الوزراء المعنيين واسألهم. الظروف التي جاءت العام الماضي أوقفت عملية الإصلاحات، انشغل الناس بما جرى.

.. يقول البعض إن بعض السفارات والبعثات الدبلوماسية أصبحت وكأنها إقطاعية خاصة للعائلة الحاكمة ولمقربيهم.. ما هذا العبث؟

أنا أريدك أن تراجع الأسماء وترى هل هي أسرة واحدة أم أكثر من أسرة؟!! النقطة هذه أثارها الأخ مروان النعمان، والحقيقة أن بعض الإخوة في الوزارة يعتبرون أنه واحد ممن كان لهم جزء من هذه الإقطاعية، قضية التعيينات للسفراء مرتبطة برئيس الجمهورية، حيث هو الذي يعين السفراء، لأنهم من يمثله بالمقام الأول، وهو ينطلق من هذا بعلاقته بالدول والشخصيات التي يثق فيها، والحقيقة أن هناك أخطاء تتم، لكن ما أريد أن أؤكد عليه أنه من يوم جئت أنا إلى وزارة الخارجية كنت أول من وضع حدا لقضية التمديد، وسرنا فيها بخطوات واسعة جدا، كانت المدة أربع سنوات فقط، لكن تظل هناك استثناءات وهي من حق رئيس الجمهورية، أما عني أنا كوزير للخارجية فلم أطلب التمديد لأي شخص.

.. هناك تمديد لأشخاص بدوا وكأنهم مؤبدون في مناصبهم؟!!

نعم. لكن ليس مني أنا. هذا بقرار من رئيس الجمهورية.

.. من يختار الدبلوماسيين بدرجة أولى؟ ألا ترشحهم أنت لرئيس الجمهورية؟

أنا أرشح طبعاً من الذين عندي في وزارة الخارجية، وعندي قائمة بالأسبقية آخذها إلى رئيس الجمهورية، ورئيس الجمهورية ينظر إلى هذه القائمة، وعادة نحن نرشح ثلاثة أسماء لكل بعثة وهو يختار أحدهم..

.. سأقول لك: سفارتنا في واشنطن يكاد يسيطر عليها أبناء وأقارب الرئيس علي عبدالله صالح وهذا بعلم القاصي والداني؟

ربما تشير هنا إلى عبد الوهاب الحجري صهر الرئيس صالح ولا يوجد معينون من أبناء الرئيس، هناك واحد من أقاربه معين كملحق عسكري فقط.

.. ليس هناك آخرون، ولا من أبناء يحيى محمد عبدالله صالح؟

لا. لا يوجد.

.. ماذا عن المبالغ المالية التي يتم تسليمها لبعض الشخصيات اليمنية من خارج السلك الدبلوماسي في الخارج بتوجيهات عليا؟

هناك بعض الشخصيات التي يوافق عليها الرئيس بتعيينها في بعض السفارات في معالجة لجانب إنساني، بعضها شخصيات عملت وخدمت في الدولة لسنين، ولها تاريخ وطني وتعرضت لحالة إصابة أو مرض خطير، الرئيس يقرر لهم مرتبا شهريا ويبقون في السفارة إلى أن تتحسن حالتهم الصحية. والقرار هنا لا دخل لوزارة الخارجية فيه.

.. ما ذا عن بعثتي اليمن في نيويورك وواشنطن اللتين تم إيقافهما مؤخرا؟

هذه قضية لا ترتبط بالخارجية ولا بالبعثات، هذا قرار الحكومة الأمريكية التي طلبت من البنوك إجراء مراجعات لأي تحويلات من الخارج وتدقيق على هذه الحسابات فوجدت البنوك أنه بالنسبة لبعثتينا في واشنطن ونيويورك أن تكاليف المراجعة الحسابات المالية وجدوا أنهم يخسرون أكثر مما يربحون لأن مبلغ سفارتنا ضئيل جدا، فقرروا إغلاق حسابات السفارات كما فعلوا ذلك مع سفارات أخرى. القضية لا ترتبط بأية مخالفة من قبل الخارجية، القضية مرتبطة بإجراءات بنكية وقد رأت أن تكاليفها في فتح الحساب أكثر من استفادتها منه..

.. أصلا هناك شخص ما نافذ في السفارة جير مبلغا ماليا كبيرا لصالحه؟

لا صحة لذلك.

.. دكتور نعاني من تخمة سفارات لا حاجة لبلادنا بها في بلدان بعيدة هي نفسها ليس لها تمثيل دبلوماسي عندنا مع كونها دول كبيرة؟

هذا صحيح، هناك سفارات لا داعي لها، نحن خلال الأربع السنوات الأخيرة قلصنا عدد المبعوثين للخارج بنسبة 15 - 20 % كمحاولة للتوفير ومراعاة الظروف الاقتصادية، وربما أنت تابعت الاعتصامات التي حصلت في وزارة الخارجية مؤخرا ضد قرارات الترشيد، لأنهم اعتبروا أن هذا الترشيد يضر بأوضاع العاملين بوزارة الخارجية وبالتالي أوقفنا أي عملية لهذا الأمر، القضية ليست إغلاق سفارة أو فتح سفارة جديدة، عندما تفتح سفارة جديدة يجب أن توفر اعتمادات جديدة لهذه السفارة، من مقر لها وبيت للسفير، وميزانية تشغيلية للسفارة..إلخ.

.. هناك دول لنا فيها تمثيلان دبلوماسيان، مثلا في اندونيسيا لدينا سفارة خاصة ولدينا أيضا بعثة دبلوماسية أخرى لدى منظمة "آسيان" فيها، لماذا لا نكتفي مثلا بتمثيل واحد للجهتين؟

لا توجد عندنا بعثتان، عندنا سفارة واحده فقط، وعندنا أيضا موظف لدى منظمة "آسيان" ويستلم مرتبه بالريال في الداخل، ولا يستلم بالدولار، نحن حاولنا أن نخلق علاقة مع منظمة "آسيان" لكي يقدموا لنا معونات، هذا الشخص الذي هو عبدالرحمن الحوثي كان سفيرنا في اندونيسيا سابقا، قال أنا أريد أن أسهم في هذا الجانب ولا أريد منكم أكثر من تسلمي راتبي بالريال اليمني فقط، أنا وجدت أن هذه فرصة لأنه لا يمثل لنا أية خسارة، أنا لا أصرف له بالدولار، ولا أعطيه ميزات سفير، وليس له بعثة ولا مكتب ولا شيء من ذلك.

.. طيب ما ذا عن تمثيل اثنين في باريس يقال إن أحدهما سفير لشئون العائلة السابقة؟

مندوبنا الدائم في اليونسكو، هذه مرت بمراحل، كانت أولا بعثتين منفصلتين ثم أدمجت ثم أعيد فصلها، كان الصايدي مندوبنا الدائم فيها، وقد ضمت إلى السفارة، وعلى فكرة هذه لا تتبعنا نحن المندوبية إلى اليونسكو تتبع وزارة التربية والتعليم. ولسنا مسئولين عنها. وزارة التربية هي التي تعين. هناك انطباع خاطئ أننا من يعين الملحقيات، ونحن ليس لنا دخل فيها، هذا قرار يتخذه الوزير المعني مع رئيس الوزراء ويأتي إلي القرار لكي أوقعه، وتوقيعي من أجل أن أعطيه الصفة للتعامل معه مع الدولة التي سيذهب إليها الملحق لأنه بدون توقيع وزير الخارجية لن يقبل، فأنا أبصم على ما يقرره الوزير مع رئيس الوزراء فقط.

.. طيب بالمقابل.. ليس لنا تمثيل دبلوماسي في دول كان ينبغي أن يكون لنا فيها تمثيل كالدول الاسكندنافية، وهي دول مانحة، لماذا؟

معنا سفارات غير مقيمة، وبعض الدول التي تقدم معونات تأتي عبر منظمات دولية وليست مباشرة، ونحن نقدر هذا، ويأتي في إطار التعاون مع المنظمات التي تتواصل معهم وبالذات في الجانب الإنساني، لكن الخارطة الحقيقية للتوزيع كما قلت لك، إذا ما تحسنت أوضاع اليمن الاقتصادية وأعطيت المزيد من الحريات لوزارة الخارجية في إعادة توزيع ميزانيتها، تخيل أن ميزانية وزارة الخارجية العام الماضي كانت تمثل0.7 %ً من إجمالي الموازنة العامة للدولة، السنة هذه هبطت إلى 0.5 % في الوقت الذي نحن محتاجون لأن ترتفع، ميزانية وزارة الخارجية هي للبعثات في الخارج وليست لديوان الوزارة لمن لم يعرف، بند المكافآت السنوية لوزارة الخارجية اثنا عشر مليون ريال بينما إحدى الوزارات بند المكافآت فيها 960 مليون ريال، ويتكلمون عن فساد في وزارة الخارجية.

.. قلت لو أعطيت لكم المزيد من الحريات.. هل أفهم أن ثمة بعض القيود كانت مفروضة عليكم من النظام السابق؟

لا. لا. اقصد القيود المالية.

.. يتهمك البعض بأنك كنت تعمل أشبه بالرسول الخاص للنظام السابق أكثر من كونك تمثل الشعب أمام الخارج؟

أنا آسف أن يتم طرح مثل هذا الكلام، من يطرح مثل هذا الكلام لا يعرف ما هي مسئولية وزارة الخارجية، ولا العمل التي تقوم به، ولا يعرف الدكتور القربي، ولا ما قام به الدكتور القربي!! هناك حملات الهدف منها الإساءة فقط، وقد تعاملت مع كل ما قمت به خلال عملي سواء قبل الأزمة أو خلالها لما فيه مصلحة اليمن وإخراجها من الأزمة.

.. لو سألتك عن صورة اليمن لدى الأصدقاء والأشقاء؟

نظرتهم لليمن يشوبها القلق نتيجة لما يجري لأن أوضاعنا في اليمن تسوء. عندما يشاهدون ما يجري يتخوفون.. للأسف الشديد اليمنيون لا يريدون أن يعترفوا بأخطائهم، ويريدوا أن يحملوها غيرهم سواء في الداخل أو في الخارج، كل يريد أن يحمل الآخر الأخطاء فيما هو كأنه ملاك، ونريد من أصدقائنا في الخارج أن يعملوا لنا ما نريد كما نريد، ودون مراعاة أيضا لمسألة نظرتهم إلينا. والحقيقة أن ثمة مؤشر واضح مؤخرا وخاصة من قبل المملكة العربية السعودية أن الآخرين يريدون أن يساعدونا، ولكن كانوا يقولون لي دائما: هل أنتم مستعدون لأن تساعدوا أنفسكم؟ وأظن أننا حتى الآن غير جادين بأن نقنعهم كيف نساعد أنفسنا. لأن أداءنا أقل بكثير مما ينبغي في كافة المجالات..

.. من سابق أم الآن؟

من سابق وأيضا الآن. والحقيقة أن فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي قد استطاع أن يحقق شيئا جديدا في مجال الجانب الأمني وإعادة اللحمة الواحدة للقوات المسلحة، لكن الحواجز النفسية لا تزال موجودة، وإن لم يتم إزالة هذه الحواجز النفسية فسنعود لنقطة الصفر..

.. برأيك دكتور من المتسبب فيما آلت إليه الأوضاع خلال الفترة الأخيرة؟

الكل مسئول عن ذلك.

.. من تقصد بالكل هنا؟ من هو الكل الذي حكم حتى نحمله المسئولية؟

المؤتمر والمشترك، وأيضا من خارجهم هناك من لعب.

.. من تقصد بقولك من خارجهم؟

الذين لهم أجندات خاصه في اليمن.

.. تقصد خارج اليمن أم داخله؟

نعم خارج اليمن وأيضا من يمنيين وغير يمنيين.

.. ألا ترى أن النظام الحاكم سابقا هو من يتحمل مسئولية ما آلت إليه الأوضاع باعتباره الحاكم والمسيطر ومن بيده مقاليد الدولة؟

أريد من الناس أن يتحلوا دائما بالموضوعية وأن يقرأوا ما ذا جرى من العام 2006م إلى بداية 2011م، ما الذي جرى من حوارات وحل للتوافق وللأزمات.. هناك أخطاء ارتكبت من الجانبين ولا يمكن أن نحمل طرفا ما المسئولية، أو نقبل من طرف أن يقول لنا أنه كان يمشي على الصراط المستقيم. ولو اعترف كل واحد بخطئه أخي العزيز ستسهل علينا العملية ويسهل الإصلاح فيما بعد، لكن المشكلة أن كل طرف يعتقد أنه هو الملاك والآخر هو الشيطان، ولهذا أتينا بالآخرين لكي يساعدونا ولكي يقربوا بين الشياطين وبين الملائكة!!

.. ألا ترى أن النظام السابق قد ارتكب ما يمكن أن نسميه حماقة بحق شعبه خلال فترة الثورة؟

أعتقد أنه كانت هناك من بداية الثورة كانت حسابات خاطئة..

.. لدى من؟

لدى النظام الحاكم كونه لم يعالج الأمور بموضوعية وبنظرة إلى مطالب الشباب عندما بدأت، ولهذا جاءت قوى أخرى وعقدت الأمور.

.. يقال أيضا أنك تخالف قانون الازدواج الوظيفي وتتسلم أكثر من راتب من أكثر من جهة؟

أريد الدليل على ذلك. وأريد أن أقول لك: أنني الآن عمري في خدمة الدولة 33 سنة والمرتب الذي أتسلمه في رئاسة الوزراء هو ما يتسلمه بعض تلاميذي الذين درسوا على يدي، ولا أتسلم من الجامعة شيئا، ولا أتسلم من رئاسة الجمهورية شيئا.. ولا من جهة أخرى، وأتحدى أن يثبت أي واحد أنني أستلم من أية جهة أخرى غير ما هو محدد لي كوزير فقط.

.. دكتور جوازاتك السابقة بعضها تقول أنك من مواليد عدن وأخرى أنك من مواليد البيضاء.. ما الصحيح؟

أنا من مواليد عدن، ولكن عندما جئت إلى صنعاء في مرحلة التشطير، وضع في جوازي من قبل من ذهب لاستخراج جواز لي أنني من مواليد البيضاء لأنهم يعرفون أنني من البيضاء فاستمررت أكتب البيضاء، وأنا لا أفرق بين البيضاء وعدن، وهذه ليست قضية.

.. عفواً دكتور أنت تحمل الجنسية الكندية وبصفتك وزيرا للخارجية فهذا الأمر فيه نظر كما يقول البعض؟

أنا أحمل الجنسية الكندية منذ خمس وثلاثين سنة ومن قبل أن أعود الى اليمن، وقد حصلت عليها بعد أن خرجت من اليمن وكنت ككثير من اليمنيين الذين خرجوا مهاجرين لأنني رأيت ما يحدث في الجنوب وفي الشمال من متاعب..

.. خرجت من الجنوب أم من الشمال سابقا؟

خرجت من الجنوب. وعندما طلب مني أن آتي إلى صنعاء وأن أساهم في إنشاء كلية الطب بجامعة صنعاء تركت وظيفة كانت تدفع لي عشرات ما حصلت عليه هنا، كنت أستاذا جامعيا، ولم أكن متسولا ولم أكن لاجئا.

.. لكن ألا يتعارض حملك للجنسية الأجنبية مع عملك كوزير للخارجية؟

أعتقد أن كثيرا من اليمنيين لديهم الجنسية المزدوجة.وكان هناك وزراء يحملون جنسيات مزدوجه يسمح بها القانون اليمني.

.. لكنهم ليسوا وزراء خارجية؟

 الأهم من هذا هل فرطت في شيء يخص سيادة اليمن؟ وإذا كان هذا يستدعي تغيير وزير الخارجية فليغير.

.. ننتقل إلى محور آخر في الحديث واختراق السيادة اليمنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بطائراتها بحجة مكافحة الإرهاب.. ما ذا ترى؟

اسئل الأجهزة الأمنية والعسكرية في هذا الجانب.

.. جميل.. ولكن لا مانع من أن أسألك كوزير للخارجية أو كسياسي ومتابع ومهتم بل ويمني على الأقل؟

نحن لا علاقة لنا بهذه القرارات. ورأيي أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تحل بالمكافحة العسكرية وقد قلت هذا من سابق في أكثر من مقابلة، لأن لديها أسباب متعددة ويجب أن نعالج هذه الأسباب، ولكن من حق الحكومة أن تتخذ كل الإجراءات لحماية أمنها التي تراها القيادة السياسية والأجهزة الأمنية.

.. لما ذا الولايات المتحدة الأمريكية مهووسة إلى هذا الحد من القاعدة؟

لأنهم يعتبرون ذلك تهديدا لأمنهم القومي وهم من يقدرون ذلك وليس نحن.

.. ما يتعلق بتنسيقها مع النظام السابق ألا ترى أنه قد لعب بالبيضة والحجر معا كما يقال في هذا الجانب؟

 ربما هذا صحيح ولكن هذه القرارات تتخذ احيانا دون دراسه لأبعادها ونأمل أن نستفيد منها الآن. وأنت تريدني أن أحكم على أشياء أنا لا أعرف تفاصيلها.

.. ما يتعلق بالدبلوماسية اليمنية الإيرانية الوضع غير واضح للكثير.. حبذا لو أشرت إلى حقيقة الأمر هنا؟

تحدثت سابقا في هذا الجانب، وقلت أن ثمة جهات في إيران وخارج إيران تتدخل في الشأن اليمني وأن من مصلحة الجميع ألا يتدخل طرف في شئون الطرف الآخر لأي دولة من الدول.

..طيب ما ذا عن تدخل بعض الدول الأخرى الإقليمية المناوئة لها في المنطقة؟

قلت هذا الكلام أيضا.. اليمن لا تريد أحدا يتدخل في شئونها الداخلية إلا إذا كان لمساعدة اليمنيين في التنمية وخلق فرص العمل...

.. حضور الدول الخليجية والمجتمع الدولي بهذه الصورة في الشأن اليمني ألا ترى أن له أضرار مستقبلية على اليمن؟

لا أعتقد ذلك، دول مجلس التعاون الخليجي تنظر إلى كيف تساعد اليمن في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وكيف تخلق شراكات مع اليمن، وعلينا أن نعمل لتعزيز هذه العلاقة، الأقرب إلينا هي دول مجلس التعاون وعلينا تعزيز العلاقة معهم..

.. ما ذا عن أولاد المسئولين الذين يدرسون في الخارج ويعملون في السلك الدبلوماسي؟

مثل من؟ هات لي واحدا منهم؟

.. نجل علي الآنسي مدير مكتب رئيس الجمهورية الذي يعمل ملحقا طبيا في القاهرة؟

هذا اسئل عنه وزير الصحة. نحن لا دخل لنا في الملحقيات كما قلت لك.

..خطتكم الجديدة في وزارة الخارجية للفترة القادمة كاستراتيجية جديدة لنظام جديد؟

للإجابة على هذا السؤال لا يمكن الدخول في تفاصيل الجواب إلا إذا اتضحت معالم الطريق الجديدة التي تتحدث عنها، لا يزال الغموض يلفها، نحن أمام إعادة بناء مؤسسات الدولة.. السياسة الخارجية وصياغتها والتي يقودها فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي.. خطوطها العريضة معروفة، لكن أعتقد أن تفاصيلها ستتبلور الآن في مدى نجاح حكومة الوفاق الوطني لتحقيق التوافق الوطني. ومدى نجاحنا في مسيرة الحوار الوطني الشامل الذي تم البدء به، في مدى قدرتنا على توحيد القوات المسلحة وإعادة هيكلتها وبنائها على أساس وطني، هذه المؤشرات العامة التي ستجعل من وزارة الخارجية قادرة أن تذهب إلى العالم الخارجي وتتكلم بوضوح. ونحن نريد أن نصنع مشروعا للسياسة الخارجية اليمنية ينطلق من الثوابت التي ستتفق عليها كل الأطراف.ويخدم مصلحة اليمن ويحفظ له وحدته وأمنه وإستقراره ويوفر له الدعم الاقتصادي الذي يحتاج اليه .