المليشيات الحوثية تعلن موافقتها التوقيع على خارطة الطريق وسيناريو سوريا يحضر نقاشاتهم مع المبعوث الأممي .. عاجل مواجهات بالأسلحة الثقيلة جنوب اليمن والقوات المشتركة تسحق تسللات المليشيات الحوثية صحفيات بلاقيود: من المخجل أن تخطط دولة لخرق القانون الدولي الإنساني لصالح دول أخرى لتصفية الحسابات برلماني يستغرب من عدم ذكر المتورطين بقضايا الفساد ويكشف اسم المسئول السابق الذي يلاحقه القضاء عاجل: بيان رئاسي هام بشأن تطبيع الوضع بمحافظة حضرموت تحديد موعد بطولة كأس آسيا و 3 مدن سعودية تستضيف المباريات صنعاء: الإفراج عن القيادي في حزب المؤتمر الشيخ أمين راجح شاهد.. زلزال مدمر يضرب الصين والحصيلة أكثر من 200 قتيل ومصاب مطار دمشق يستأنف عمله رسميًا صباح اليوم الأمم المتحدة تكشف عن مهمتين جاء من أجلهما المبعوث إلى صنعاء
مرت على اليمن قاطبة الأسبوع الفائت, الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل أحد رجالات اليمن المخلدين في التاريخ بسجل ناصع ومشوار مكتظ بالبطولات بدأه منذ النصف الأول من القرن المنصرم, إلى أن وافاه الأجل في السادس عشر من أغسطس عام 1976.
فلقد كان الراحل العظيم عبد الله عبد الرزاق باذيب أحد الأفذاذ الذين ما كانوا ليرضخوا لإملاءات مستعمر, ولا لفكر متقزم, لينطلق حاملا مشروعه الفكري النهضوي الوطني الذي رافقه منذ برز على الساحة الوطنية ككاتب مأمول, وهو ما زال في سن صغيرة حاولت بنجاح أن تجتاز مسمى فارق الزمن.
فـ«باذيب» المولود في مدينة الشحر بحضرموت عام 1931م, أصدر عام 1949 مجلة «المستقبل» الشهرية, وهو ما زال في سن الثامنة عشرة, إذ كان المحرر الرئيسي فيها, واستطاع أن يبلغ بها مصافى المجلات الثقافية والأدبية التي كانت تصدر على مستوى الساحة الوطنية, بل والعربية, مستندا إلى ثقافته الكبيرة التي استمدها من قراءاته المتعددة في أكثر من مجال من مجالات الفلسفة والفكر.
وعمل بعد إصدار مجلته «المستقبل» محررا في صحيفة “النهضة” قبل أن يصبح سكرتير تحريرها, وكان حينها في عدن, إلا أنه قرر الخروج إلى تعز أواخر الخمسينات وأصدر هناك صحيفة “الطليعة”, قبل أن يتوقف صدروها بعد صدور 13 عددا.
وفي الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1961, وقد عاد إلى عدن, أسس حزب “الاتحاد الشعبي الديمقراطي” رافعا شعار “نحو يمن حر ديمقراطي موحد”. وكانت نقطة جوهرية في حياة باذيب, قديما, وحديثا.. كان في القديم الاستعمار وأعوانه أعداء لفكرة اليمن الموحد الحر والديمقراطي, واليوم ذات الصيغة ما زالت متواجدة باختلاف الأشخاص.. من هنا وهناك. وبعد قيام الثورة في الشطر الجنوبي من الوطن حينها, أصدر باذيب مجلة “الأمل”, في يونيو 1965, استبشارا بالأمل الجديد الذي انطلقت بوادره في 1963, إلا أن القوى المعادية لهذا الأمل قامت بإحراق مطبعة المجلة ظنا منها أنها تستطيع كبح النزوع نحو التقدم, وإن كان هذا التقدم قد أصيب ببعض الانتكاسات في عدد من المراحل في وقت لاحق.
ولعل أبرز ما ميز الراحل باذيب أنه حمل مشروعا وطنيا مضى في سبيله إلى مقارعة من وقفوا عائقا أمام الثورية والتقدم, أكانوا من المستعمر البريطاني أو من أعوانه في البلد..
وقد خلد لنا التاريخ عبد الله باذيب في أكثر من محطة, وفي أكثر من سجال.. وكان المفكر الوطني الذي, ونحن به في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، كأنه يتحدث بلسان حال اليوم, والوضع المزري والحالك الذي نحن فيه.
إننا اليوم, ومع انتهاء العقد الأول من الألفية الثالثة, أحوج ما نكون لقامة فكرية كـ”عبد الله باذيب”؛ لأن هذا الواقع الكئيب بحاجة ماسة لمشروع ثقافي فكري نهضوي يسعى إلى معالجة الاختلالات والاختلافات على نحو عميق, بمشاريع أكثر نطاسة في الثقافة والتنوير, وليس بالاجتزاء السياسي.
وسيظل تاريخ الراحل مشعلا للفكر ونبراسا للنور من الواجب على الأجيال الحديثة أن تستمد منه هداها الوطني والديمقراطي؛ من أجل يمن حر جديد وموحد.
ولن يفي بتاريخ وشخصية مفكرنا العظيم باذيب مقال, ولا دراسة, ولا بحث, ولا حتى مجلدات.. إنه معلم بارز, ومنارة سامقة ومنبع متجدد يكفينا شرفا أن نجعله مرجعا وأبا روحيا نستمد منه تجارب لا تعرف النضوب ولا الاضمحلال.
فأي مشعل للفكر هذا الذي انطفأ في السادس عشر من أغسطس 1976، وأي قلب قد توقف عن الخفقان؟؟.
*نقلا عن صحيفة "14 أكتوبر".