إلى مجلس القضاء الأعلى مع التحية
بقلم/ محمد بن حسن الشريف
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و 17 يوماً
الإثنين 02 فبراير-شباط 2009 10:48 ص

أصحاب الفضيلة العلماء رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى حفظكم الله ورعاكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انطلاقا من حب الوطن الذي جعل الله ورسوله حبه من الأيمان أكتب إليكم وأنا على يقين بأنكم أكثر مني حبا و وفاءا وإخلاصا لهذا الوطن لما تحملونه في قلوبكم من إيمان صادق وفي عقولكم من علم وحكمة كبيرين و أيضا للمناصب التي تشغلونها والتي تمكنكم أن تكونوا فاعلين أكثر من غيركم في خدمة البلاد والعباد. أيها العلماء الأفاضل:
تعلمون ما يعتمل على الساحة السياسية الوطنية من اختلاف في وجهات النظر بين الأطراف السياسية والذي قد وصل بين البعض إلى حد الصراع والبعض على حافة الصراع والبعض إلى حد الجمر تحت الرماد وكل طرف من الأطراف متمسك برأيه متصلب في موقفه وهذه ليست بأخلاق الديمقراطية أو رجال السياسة و الحكم ولكن انعدام الثقة بين أطراف الخلاف هو ما أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه . وإن كان هناك عدة أطراف للخلاف إلا أن أخطرها ما يجري بين الحزب الحاكم وتكتل المشترك لأنه لو أتفق الطرفين فلن يعجزوا عن استيعاب أطراف النزاع الأخرى وإني لأستغرب من عدم المرونة التي يبديانها ولا أعتقد أن أي منهما لا يعي خطورة ما يفعله وأنهما يسيران في اتجاهين متناقضين قد يوديان بهما وبالشعب إلى ما لا تحمد عقباه فمثلهما لا يفوته مثل هذا الأمر إلا عندما يعمي الله أهل البصائر لينفذ أمرا اقتضاه. فالمؤتمر يؤكد مضيه بمفرده إلى السابع والعشرين من ابريل ويؤكد أن ذلك استحقاق انتخابي لا بد من تنفيذه في موعده ولا يتورع عن تأجيل انتخابات المجالس المحلية أربع سنوات و هي كذلك استحقاق انتخابي كان لا بد من تنفيذه في موعده و الدستور و القانون منظومة متكاملة ولا تجوز الانتقائية فيهما وهذا يؤكد أنه يكيل بمكيالين ويصدق عليه قول الشاعر الشعبي :
  إن جات زينة شلها يا قردعي  و إن جات شينة خلها لآل العريف
  أما المشترك فقد صدق نفسه أن الطريق التي يسلكها هي طريق التصحيح و التغيير ويلوح بالنزول إلى الشارع أو عقد مؤتمر تشاور وطني وكل خيار أدهى وأمرَ من الآخر.
فإذا نزل إلى الشارع فسوف تتحرك معه الجماهير ليس لأن لديه شعبية مطلقة أو بدافع المطالبة بالتصحيح والتغيير ولكن تذمرا من الأوضاع المعيشية و البطالة وسوف يواكب مسيراتهم بعض التخريب نتيجة للفوضى التي سوف تحصل أثناء تلك المسيرات وهذا بدوره سوف يبرر نزول النظام لمواجهتهم بخوذاته ودروعه وهراواته التي كتب عليها الشرطة في خدمة الشعب وكذلك سينزل بقنابله المسيلة للدموع بل قد يصل الأمر إلى استخدام الذخيرة الحية والتي سوف تصعَد المواقف بين الطرفين إلى مواقف حياة أو موت وسوف يلعب كل منهما بجميع الأوراق التي بيده وسوف تجد النار من يذكيها من داخل الوطن أو خارجه عندها سوف تكون الخسارة فادحة للطرفين وعلي الوطن عموما .
وإذا استخدم المشترك الخيار الآخر ( مؤتمر التشاور الوطني ) وتم انعقاده بحضور معارضة الخارج والحوثيين وقيادات الحراك في الجنوب واستطاعوا الخروج بأدنى مستويات الاتفاق فإن ذلك يعني نسف شرعية النظام السياسي مما سوف يدفعه إلى الاستماتة من أجل البقاء وسيلجأ إلى الخوذات والدروع وهذا يعني دخول اليمن في أتون حرب أهلية لا يعلم نهايتها إلا الله وسوف تكون كارثية على الوطن بكل المقاييس .
لذلك وبدلا من انتظار التدخل من الخارج أمثال المعهد الديمقراطي الأمريكي الذي يسعى إلى ترسيخ الفوضى الخلاقة تنفيذا للأجندة الصهيوامريكية  في المنطقة بداية باليمن أو ننتظر ممثلي الاتحاد الأوربي الذي أيضا ينفذ نفس الأجندة وإن كانت على طريقته الخاصة وللأسف أن الطرفين يهللان عندما يتصل بأي منهما أي من المذكورين وكأنه المسيح أتى يحل لنا مشاكلنا. بدلا من ذلك كله لا بد من تدخل طرف يمني محايد وقوي ولأن ( أهل مكة أعرف بشعابها ) فلن يحل مشاكلنا غيرنا و أنا أرى وأعتقد أن الكثيرين يرون مثلي أنكم يا أصحاب الفضيلة تملكون كل المؤهلات للعب هذا الدور العظيم كما أعتقد بل أكاد أجزم بأن الطرفين (المؤتمر والمشترك ) يكنون لكم كل التقدير والاحترام ولا يشككون أبدا في عدالتكم و نزاهتكم ومصداقيتكم وأنكم لا تخشوا في الله لومه لائم . لذلك وبتواضع جم أقترح عليكم يا أصحاب الفضيلة أن توجهوا دعوة كريمة منكم للطرفين إلى استئناف الحوار تحت إشرافكم وإدارتكم للوصول إلى مخرج يتوافقون عليه وليس عيبا أن يقدما التنازلات من أجل الوطن ومن رأيتموه مخالفا ولا يراعي المصلحة الوطنية العليا ولم يمتثل للدستور والقانون ويسعى إلى إثارة الفتنة فعليكم أن تصدرون فيه حكمكم الذي و بلا شك سوف يكون حكم الله وكونوا على ثقة بأن الشعب سوف يكون إلى جانبكم مدنيين وعسكريين لأنهم على يقين بأنه ليس لكم أي مصلحة في الوقوف إلى جانب طرف ضد الطرف الآخر لأنه ليس لكم أي هوى سياسي أو مصلحة من أي من الطرفين فأنتم سلطة كاملة الاستقلال فلا لأحد سلطان عليكم. وإذا أعانكم الله وقمتم بهذا الدور على الوجه المطلوب وبما يرضي ضمائركم أمام الله سوف يسجله الله في ميزان أعمالكم وسوف يذكره لكم الشعب والتاريخ إلى الأبد .
لذلك أرجو من الله العلي القدير ثم منكم أن تبادروا إلى ذلك لإخراج الشعب من هذه الأزمة المعقدة فقد عمي صواب الطرفين وأخذتهم العزة بالإثم ولم يعودوا يعوا خطورة ما يفعلون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أملي وأمل الشعب فيكم كبير وفقكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم
*طالب ماجستير / قسم العلوم السياسية – جامعة صنعاء