مكافأة نهاية الخدمة
بقلم/ نايف المريسي
نشر منذ: 16 سنة و 4 أسابيع و يومين
الأربعاء 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 10:25 م

من اهدى الصحن ذات يوم بما حمل من المال والثروه لحسين بدر الدين الحوثي وتنظيم الشباب المؤمن كعربون إعلان الحرب على بعض من سلكوا مسار ديني متعلمن اصبح اليوم بطل السلام وصانع المعجزات ومحقق الامن والرخاء .

ومن اهدى بنت الصحن للحوثي الاصغر عبدالملك كعربون سلام بعد حرب اكلت الاخضر واليابس اصبح اليوم اخوانجي عميل ، عدواً للشعب ويجب استجاوبه للتحقيق واعتقال كل مساعدية .

فؤجئت كل الاوساط السياسية والاعلامية بداية الاسبوع الحالي بخبر استقالة وزير الادارة المحلية عبدالقادر علي هلال ، الاستقالة وان كانت بحد ذاتها رسالة مفادها ان لا مكان للشرفاء في دولة يحكمها الصغار بقانون القبيلة واشراف شلة من الاميين .

 رسالة الاستقالة التي تقدم بها هلال بأي حال كانت جريئة وخطوة ايجابية الا انها جائت متأخرة بوقت طويل ، في حين كان من المفترض ان تكون في وقت سابق وحال علمه ويقينه بأن الحرس القديم خط احمر لا يمكن تجاوزه ، وان قوة العائلة والقبيلة هي من تحدد الخط الذي بإمكانك الوصول اليه ، كان يفترض ان تكون الاستقالة مباشرة بعد الدرس الاول الذي كشفت عنه صحيفة الدستور المقربة من قيادات عليا في السلطة .

وقد جائت الاستقالة حسب ما تواردت الانباء بسبب شكوك رئاسية بولاء هلال لعبدالملك الحوثي واخرى تتعلق بتعاطفه مع الجماعات الاخوانجية والقوى الانفصالية .

هلال المشكوك في ولائه

عبدالقادر هلال وبفعل حنكته ونشاطه الدؤؤب وبدوبلماسيته المميزة في اقامة العلاقات مع العامة – استطاع انتزاع فوز لمرشح المؤتمر الشعبي العام في مديرية دمت وفي اول انتخابات نيابية بعد الفترة الانتقالية رغم ان الصراع حينها كان حصراً على مرشح تجمع الاصلاح ومرشح الحزب الاشتراكي اليمني وفي ظل غياب كامل للمؤتمر الشعبي العام في هذه الفترة ، وكان هذا اول اختبار لهلال وهو ما اهله مباشرة لمنصب وكيل محافظة اب وبعدها بأشهر قليلة محافظاً للمحافظة .

ليواصل هلال مسيرته بنشاط اكبر وطموح اوسع بحلم بناء الدولة المؤسسية القائمة على مبادئ واسس سيادة القانون ، ليصتدم بأول ركائز النظام الحالي (( القبيلة – والمشائخ )) ولعل الكثير يتذكر المأزق الذي مر به هلال في مواجهته لمشائخ ترسخ في اذهانهم ان القانون هو ماقاله الشيخ وان المواطنين من عامة الشعب مجرد مخلوقات لخدمة الشيخ والسهر على راحته .

وقد خرج هلال من هذا المأزق بما يحفظ له ماء الوجه  من خلال تدمير بعض السجون الخاصة بالمشائخ  والافراج عن المعتقلين فيها بذمة مخالفة رغبات الشيخ ، وبرغم الدعم القوي الذي يتلقاه هؤلاء المشائخ من السلطات العليا مباشرة .

نشاط هلال عندما كان محافظاً لمحافظة اب لم يقتصر في الشأن الداخلي للمحافظة ، بل عمد الى التنسيق مع كثير من المنظمات الدولية المانحة من اجل المزيد من الدعم لكثير من المشاريع المتعلقة بالتربية والصحة ومشاريع البنى التحتية ، وبالفعل نالت المحافظة نصيب الاسد من دعم تلك المنظمات ، ونال هلال إعجاب الكثير من القائمين على هذه المنظمات ومنح على اثرها جوائز دولية في المانيا وهولندا .

نشاط هلال في التنمية لم يشغله عن نشاطه السياسي والحزبي خصوصاً وانه اصبح مسؤل على محافظة شبه مغلقة بكل دوائرها للتجمع اليمني للاصلاح ، ولابد من بذل اكبر جهد في النشاط السياسي والعمل الميداني للمؤتمر الشعبي العام كمحاولة لتساوي طرفي المعادلة في المحافظة التجمع اليمني للاصلاح والمؤتمر الشعبي العام .

لكن المفاجئة كانت بالضربة القاصمة التي وجهها هلال لتجمع الاصلاح في المحافظة وانتزاعه ما يقارب الثلاثين مقعد مقابل مقعدين فقط للتجمع الاصلاح في الانتخابات النيابية عام 97 م ، وهذا بحد ذاته دليل كافي على ان هلال الذي يزعم البعض بأنه من تربية الاخوان قد غير ولائه بما لا يدع أي مجال للشك .

بنفس المنوال واصل هلال نشاطه على كل الاصعدة في محافظة اب ، الى ان جائت اول انتخابات محلية في العام 2001م والتي اظهر فيها هلال عداء واضحاً لتجمع الاصلاح وصل الحد الى تهديده بقصف احد الدوائر بالطيران بعد ظهور النتائج وفوز مرشح الاصلاح فيها ، وفي نفس الدائرة ونتيجة للممارسة بعض العراقيل انتهى الامر الى الانفجار وسقوط العديد من القتلى بعد مواجهات استخدمت فيها الدبابات .

بعد الانتهاء من مراسيم اول اتخابات محلية وما حملته من مآسي وتحقيق هلال نصر كبير في المحافظة لصالح المؤتمر الشعبي العام وجد هلال نفسه  محافظ لاكبر محافظات الجمهورية مساحة محافظة حضرموت كبديل لمحافظ حضرموت السابق على صالح عباد الخولاني ، وهنا كان ينبغي على هلال التفكير بمصير المحافظ الخولاني الذي عرف ايضاً بنشاطه ونجاحه في اداء مهامه ، لكن قبيلته وحجم اسرته لم تمنحه حصانة البقاء في كرسي المحافظ لأكثر من هذه المدة .

وفي حضرموت واصل هلال نشاطه ايضاً وبذل جهد كبير للتنسيق مع رؤس المال الحضرمية المهاجرة  وحقق نجاح كبير في جذب الاستثمارات الى المحافظة .

ومع كل التحركات التي يقوم بها هلال ذاع صيته وزاد المعجبين به حتى اصبح مثالاً عند الكثير من  المثقفين لرجل الدولة الناجح والمميز ، واصبح مادة اساسية تتناوله الكثير من الوسائل الاعلامية على اختلاف توجهاتها الحزبية .

آخر الاختبارات التي واجهها هلال  في محطة الانتخابات الرئاسية الماضية نهاية العام 2006م عندما حصل على اغلبية في مسقط رأس مرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان ورغم ما يحضى به بن شملان من تأييد في المحافظة .

ليكون بعدها وعن جدارة ابرز المرشحين لواحده من اهم الحقائب الوزارية ليستقر به الامر كوزير للإدارة المحلية بصلاحيات مطلقة ، ولنشاطه المعروف ترأس العديد من اللجان الخاصة بمعالجة بعض الظواهر التي افرزتها سياسة الدولة العنجهية ، كان آخر تلك اللجان لجنة معالجة اثار حرب صعدة وتعويض المتضررين منها – تعرض فيها لمحاولة اغتيال فاشلة ومن قبلها لجنة معالجة مشاكل اراضي عدن .

تقرير هلال باصرة واراضي عدن

بعد ان طفح الكيل واصبحت الوحدة في موضع الخطر كنتاج طبيعي للممارسات العنجهية وسياسة الفيد التي تصدرها كثير من القيادات الحكومية .

وبعد ان خرجت الامور عن السيطرة كان لابد من وضع معالجة لهذه الظاهرة فتم تكليف لجنة للتحقيق بالقضية مكونة من عبدالقادر هلال والدكتور صالح باصرة وبعض الشخصيات الاعتبارية ، وبعد التحقيق الميداني خلصت اللجنة الى تقرير يتهم فيه 15 شخصاً معظمهم قيادات عسكرية بكل مشاكل اراضي عدن .

الخطير في الامر ان التقرير دعاء الى محاكمة هؤلاء ومعظمهم من المقربين واعمدة الحكم الذي لا يستطيع الرئيس التخلي عنهم مما اثار حفيضة الرئيس وجعل التقرير قيد ادراج مكتب الرئاسة الى يومنا هذا .

ولعل هذا التقرير بجرئته كان المسمار الاكبر في نعش هلال وقد يكون السبب الاهم فيما لفقت له من اتهامات لاحقة .

ولعل تشكيل لجان نيابية جديدة من اجل نفس القضية بداية الاسبوع الحالي وبالتزامن مع الاتهامات الموجهة لهلال واعلان الاستقالة لدليل واضح على ابعاد هذه القضية .

حضرت بنت الصحن وغابة ناقلات الاسلحة

من المفارقات العجيبة و التي تدعوا الى الوقوف بتأمل في هذه القضية القدرة الخارقة والحس الدقيق الذي تميزت به الاجهزة الاستخباراتية في بلادنا فتم الكشف عن بنت الصحن وبكل جدارة فيما غابت عنها ناقلات السلحة التي تسير بنفس المسار التي سلكته  بنت الصحن لله في خلقه شئون ولك الله يا يمن .