العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها اتفاق سعودي يمني على تأسيس شراكات في 4 مجالات واطلاق 6 مبادرات.. تفاصيل واشنطن تدفع بمعدات عسكرية ولوجستية وجنود الى قواعدها العسكرية في مناطق سيطرة قسد
مخبر يمني أخفق في صعدة لكن الحوثيين لم يكتشفوه، ودفع حياته ثمنا لنجاح طفيف في أبين
مثَّـلتْ عملية اكتشاف أنصار الشريعة لعدد من المخبرين وإعدامهم ضربة قوية للمخابرات السعودية التي جندت بعضهم لمعرفة القاعديين السعوديين في اليمن ومناطق تواجدهم. كما أكدت قوة الجهاز الأمني لأنصار الشريعة الذي اكتشف المجندين رغم أنهم قدموا أنفسهم كمجاهدين بل وباشروا عملهم الجهادي فور وصولهم إلى جانب العمل الاستخباري.
وتوضح الطريقة التي تم اكتشاف المخبرين بها قوة التجانس بين مقاتلي أنصار الشريعة، إلى درجة أن أي دخيل عليهم يمكن أن يعرف بسهولة، لكنهم لا يستعجلون في ألقاء القبض على من يقوم بهذا العمل، بل يعطونه حرية أكبر، ويضعونه تحت مراقبة قوية، حتى يتمكنوا من اكتشاف مخبرين آخرين على صلة به من خلاله، إن وجدوا.
وقد سبق لهم أن اكتشفوا شبكات من المخبرين من خلال مخبر على صلة بهم، ويبين هذا الأمر طبيعة الدور الاستخباراتي الهش الذي يمارس ضد أنصار الشريعة أيضا، رغم ارتباطه بدول لا غبار على أدائها الاستخبارتي، كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية.
ويقول أنصار الشريعة إن العمل ضدهم صعب جدا، لأنه عمل في مناطق الموت، ولا يقدم عليه إلا أناس في قمة الشجاعة أو آخرين في قمة الطمع، لكنهم يقللون من مدى الضرر الذي يمكن لأي مخبر أن يلحقه بهم، بل إن ما يعود عليهم من المكاسب بعد اكتشاف المخبرين يفوق بشكل كبير ما كان سيلحق بهم من ضرر إن لم يكتشفوهم.
وكان أحد المخبرين الذي تم إلقاء القبض عليهم، ويدعى رمزي العريقي قد اعترف بأن المخابرات السعودية هي التي جندته لهذه المهمة. وأقر بأنه التقى بضابط مخابرات سعودي في أبها يدعى أبو دليم حسين بن سعيد القحطاني، وكذا وكيل إمارة منطقة عسير للشئون الأمنية ويدعى إبراهيم بن سليمان الدريبي. وقال إن الرجلين طلابا منه أن يصور مناطق تواجد أنصار الشريعة، بالذات السعوديين، وكذا تصوير مستشفيي الرازي في مدينة عزان بمحافظة شبوة وفي مدينة جعار بمحافظة أبين.
وقال أنصار الشريعة لـ"الوسط" إن شكوكا دارت حول العريقي، وإنهم تتبعوه حتى تمكنوا من ضبه وهو يرسل صورا (وسائط) للمخابرات السعودية. والصور تحدد إحداثيات في أبين وأيضا لأحد مقاتلي أنصار الشريعة من السعوديين أثناء ما كان نائما، قبل أن يحدثهم بكل تفاصيل عمله الذي استمر لأكثر من شهر تم خلاله مراسلة المخابرات السعودية بشكل متقطع.
وبهذا تكون المخابرات السعودية، وكذا الأمريكية، قد خسرت أو كادت هذا النوع من العمل ضد أنصار الشريعة، وقد يصعب عليها مستقبلا، بعد عمليتي الإعدام تلك، أن تجند مخبرين جدد بسهولة، لأن حالتي الإعدام ستخلق عملا رادعا من شأنه أن يجعل المهمة في غاية الصعوبة.
ومع أن المملكة العربية السعودية تلجأ إلى إعطاء مثل هذه الأعمال غطاء دينيا من خلال مراجعها الدينية التي تفتي بجواز العمل مع المخابرات السعودية، وهو الأمر الذي قال المخبر العريقي إنه يسهل كثيرا عمل المخابرات في التجنيد، إلا أنه سيصعب بعد ما جرى.
وكان العريقي حمل اللجنة الدائمة في العربية السعودية مسئولية ما حل به وما قد يحل بآخرين ممن تأثروا بالمشروعية الدينية التي أعطيت لمثل هذا العمل، لكن الريال السعودي لعب دورا مساويا أيضا، بالإضافة إلى الحالة المعيشية التي يمر بها اليمنيون.
وكيل عسير السعودية مطلوب لمحكمة وقار الأبينية
قال أنصار الشريعة في بيان لهم بخصوص عمليتي الإعدام للمخبرين، العريقي من تعز، والجاملي من مأرب، إن وكيل إمارة منطقة عسير للشئون الأمنية في المملكة العربية السعودية إبراهيم بن سليمان الدريبي، مطلوب للمحكمة الشرعية بولاية أبين إمارة وقار، حد تعبيرهم، وذلك "لمشاركته في تجنيد المدعو رمزي، والتواصل مع غرفة العمليات للطيران التجسسي الأمريكي" كما جاء في البيان.
وبعد إلقاء القبض على رمزي العريقي لعب أنصار الشريعة دورا مخابراتيا أوقعوا فيه المخابرات السعودية، حيث طلبوا منه الاتصال بهم هناك لإرسال مزيد من المال مع من يود أنصار الشريعة إلقاء القبض عليهم من المخبرين المتعاملين. وتجاوبا مع طلب العريقي طلبت منه المخابرات السعودية أن يتحرك إلى مدينة الحوطة القريبة من مدينة عزان بمحافظة شبوة، وكان لأنصار الشريعة ما أرادوا.
وتستغل حكومة المملكة العربية السعودية حالة اليمنيين المعيشية الصعبة لتجنيدهم في التخابر لصالحها في هذا المجال، فمن بين عدد كبير ممن جندتهم خلال السنوات الأخيرة، لا يوجد سعودي واحد، لكنها بعد ما حدث قد لا تتمكن من تجنيد يمنيين أو سعوديين.
تجسس على الحوثيين أيضا
كانت المخابرات السعودية قد أرسلت العريقي إلى صعدة قبل أبين، لكنه بقي شهرا وعاد إليهم ليخبرهم أنه لم يتمكن، بصفته من محافظة تعز، من التأقلم معهم، رغم أنهم لم يكتشفوه، وهو ما دفع من جندوه إلى إخباره بأنهم يريدونه أصلا ليعمل مخبرا ضد القاعدة في اليمن.
وإذا كان العريقي قد فشل في مهمته بصعدة بسبب عامل التأقلم أو التقبل، فهذا يعني أن المخابرات السعودية ربما ترسل للحوثيين جواسيس من أهل صعدة نفسها، مع أن أمرهم لا يهمها بدرجة أمر القاعدة.
لكن المخبر الذي فشل في محافظة صعدة وقتل في محافظة شبوة، سيكون رسالة قوية للحوثيين أيضا حين سيعرفون أن هذا الشخص تواجد في مناطق سيطرتهم ما يزيد عن شهر دون أن يتمكنوا من اكتشافه. ومحافظة صعدة قريبة جدا من بعض مناطق المملكة العربية السعودية.
لدغتْ من جحر واحد أكثر من مرة
ليست هذه هي المرة الأولى التي تخفق فيها المخابرات السعودية في العمل ضد أنصار الشريعة، أو في إحباط عمل أنصار الشريعة في اليمن ضدها، فقد سبق لها وأن أخفقت بشكل أكبر، بل وكادت إحدى عمليات التنظيم أن تطيح بأحد أكبر مسئوليها.
وكانت العملية التي استهدفت مستشار وزير داخليتها للشئون الأمنية محمد بن نائف عام 2009 م بقصره في مدينة جدة، نتيجة عملية استخباراتية معقدة قام بها التنظيم، حينما استدرج مخبرين للسعودية من اليمنيين في مأرب ومن السعوديين في منطقة شرورة، إلى فخ كبير عنوانه تسليم أحد المطلوبين في القائمة السعودية، وتحديدا المطلوب رقم "4" عبد الله طالع عسيري.
وعبد الله طالع عسيري هو الذي نفذ العملية "الانتحارية" ضد محمد بن نائف داخل قصره عام 2009م، لكنه نجا منها مع إصابات طفيفة، وإن كان صالونه قد تدمر بشبه كامل نتيجة الانفجار.
والمهم هو أن قدوم عبد الله طالع عسيري إلى جده لاستقبال محمد بن نائف كان قد سبقته زيارة لأحد أعضاء تنظيم القاعدة من اليمنيين، وكان غرض الزيارة المعلن هو التفاوض بخصوص تسليم قاعديين سعوديين يودون تسليم أنفسهم، بينما كان الغرض الحقيقي هو اختبار إمكان جهاز الفحص اكتشاف عبوة صنعها التنظيم لتجاوزه، ونجح الاختبار.
والأهم من هذا أن جواسيس التفاوض كشفوا جواسيس آخرين أو شبكة جواسيس وبحوزتهم ما يقرب من مئة وخمسين ألف ريال سعودي، ولأن التنظيم لم يكن حينها، كما هو عليه الآن من الظهور والسيطرة، لا يُدرى ما الذي حل بأولئك الجواسيس. وهذا أتاح المجال للمملكة العربية السعودية أن تكرر التجنيد مرة أخرى أو مرات أخرى.
وقد تحدث تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب عن تفاصيل العملية السابقة في إصدارين له بعنوان "فزت ورب الكعبة" صدرت بعد تنفيذ العملية ضد محمد بن نائف بأشهر.
علما أن مخابرات السعودية بعد تنفيذ القاعدة لعمليتها ضد الأمير محمد بن نائف بن عبد العزيز، قامت بسجن مخبر يمني كُلف بنقل المطلوب ويدعى صالح شرهان من مأرب، وكذا ضابط مخابرات سعودي يعمل على الحدود اليمنية السعودية ويدعى أبو فارس، بالإضافة إلى آخرين على صلة بالإخفاق.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة هو: إلى متى ستستمر حكومة المملكة العربية السعودية في تقديم اليمنيين ككبش فداء في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وإلى متى سيظل الريال السعودي لاعبا مهما في الشأن الداخلي اليمني؟!.
صلب ودفن
صلب أنصار الشريعة المخبر صالح الجاملي، من محافظة مأرب، في مدينة جعار بعد أن تم تنفيذ الإعدام في حقه، لكنهم دفنوا رمزي العريقي فور إعدامه في مدينة عزان بمحافظة شبوة. وذلك لأن المخبر المأربي تسبب في قتل ما يقرب من تسعة من أعضائهم بينهم قياديان ميدانيان، أما العريقي، كما يقولون، فقد تاب توبة نصوحة قبل إعدامه وهو من طلب منهم تطهيره بهذا الحد، كما قاموا بإرسال مبالغ مالية لم يحددوها لأسرة العريقي.
وكان قد سبق إعدام المخبرين المذكورين إعدام مخبر ثالث يدعى أبو عيسى كانت مهمته إيصال المبالغ المالية والشرائح التي تحدد للطيران الأمريكي أهدافها إلى المخبرين الذين يعملون في الميدان.
وبخصوص العفو عن من يتم إلقاء القبض عليهم ممن يقرون بأنهم مخبرون، يقول أنصار الشريعة إن عفوهم يكون لمن جاء وسلم نفسه قبل أن يلقوا القبض عليه، حتى لو كانت أعماله السابقة كبيرة، أما من يلقون القبض عليه قبل أن يسلم نفسه فإنهم يعدمونه حتى لو لم يكن قد قام بأشياء ضارة بعد.
الجدير بالذكر أن عمليتي الإعدام تمتا رميا بالرصاص وبحضور الطبيب الشرعي ولم ينفذا بالسيف كما تناولت ذلك بعض وسائل الإعلام في الداخل والخارج.
فشل التفاوض
كانت الحكومة اليمنية قد أوفدت لجنة للتفاوض مع أنصار الشريعة الأسبوع الماضي، لكن أنصار الشريعة رفضوا أن يقود مهمة الوساطة شخص من خارج المحافظة، وهو ما استدعى تقديم وسطاء من أبناء محافظة أبين نفسها. لكن لجنة الوساطة عادت بهذه المطالب إلى الحكومة.
1ـ انسحاب قوات الجيش من جبهة أبين، أي المرابطة في أطراف زنجبار وغيرها.
2 ـ تعويض المتضررين والنازحين وإعادة بناء البنية التحتية وكذا إعادة إعمار المدينة.
3 ـ تشكيل مجلس أهلي من قبل أبناء محافظة أبين يتولى إعادة الإعمار وبناء البنية التحتية، واستلام مخصصات المحافظة، وتعويض المتضررين والنازحين، والاهتمام بمصالح الناس.
4 ـ يتولى أنصار الشريعة الجانب الأمني والشرطة والقضاء والأوقاف.
وعلى الرغم من تأخر الحكومة بالرد إلا أنها وافقت على شروط أنصار الشريعة الأربعة، والتي تبدو ثقيلة عليها، لكنها اشترطت ما يتضمن عدم القبول ببعضها، حين طلبت من أنصار الشريعة السماح للأمن العام بدخول أبين، وكذا المسئولين الأمنيين الذين ينتمون للمحافظة. وهو ما رفضه أنصار الشريعة جملة وتفصيلا.
وحرصت الحكومة على التفاوض مع جماعة لا تتفاوض معها عادة، حتى تتمكن من إجراء الانتخابات في محافظة أبين التي ينتمي إليها مرشح الرئاسة الوحيد عبد ربه منصور هادي. وهذا يعني أن الانتخابات الرئاسية القادمة لن تجري في محافظة الرئيس القادم.
ولا أجد تفسيرا لإنكار وسائل الإعلام الرسمية تفاوض الحكومة مع أنصار الشريعة في محافظة أبين.