هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
الخميس الماضي كنت في زيارة خاطفة لصنعاء التي دخلتها ليلا قادما من تعز ، وظهر اليوم التالي الجمعة وبينما كنت أسير بالقرب من ساحة العروض برزت أمام ناظري تلك المآذن الباسقة المهيبة التي تذكرني بالحرم النبوي الشريف ، قلت ولم لا نصلي الجمعة في جامع ( الصالح ) هذه المرة ، فدخلت وهي أول زيارة لهذا الصرح الديني البالغ الفخامة والتكلفة ، تحفة فنية إسلامية جليلة ومهيبة ، وأية معمارية بديعة الجمال .
وبعد صلاة الجمعة وتناول طعام الغداء توجهت مباشرة صوب طريق تعز للعودة ، وبينما أنا في ذمار عند الساعة الثالثة والنصف عصرا تقريبا اتصلت بي شقيقتي المتزوجة في عدن من رجل كريم وأصيل \" أبو حسين\" وهو أيضا شقيق زوجتي (أم إبراهيم) العدنية المولد ، الأبـيـنـية الوالدين ، اليمنية الهوى والهوية والانتماء ، الوحدوية الزواج والأولاد من قبل قيام الوحدة بأكثر من إحدى عشرة سنة يوم اتحدنا وتوحدنا معا تحت سقف واحد ، يوم بصقنا نحن الأسرتين على وجه التشطير في جنوبنا والشمال في ذلك التاريخ (11/11/1978م) كما قلت اتصلت شقيقتي تخبرني أن جيرانهم الطيبين من\"شبوة\" سيأتون اليوم بعد صلاة العشاء لطلب يد ابنتها لابنهم وقراءة الفاتحة ،وتريدني الوصول فورا مع الأسرة من تعز قبل صلاة العشاء إلى عدن ، فأخبرتها أنني في \" ذمار\" قادما من صنعاء وبيني وبين تعز مسافة لا تسمح لي بالوصول ثم أخذ الزوجة والوصول إلى عدن قبل صلاة العشاء !!
فكان جوابها أسرع من رجع الصدى : سهل يا أخي أنت الآن في ذمار ( اجزع ) من \" يريم \" على طريق \" قعطبة الضالع عدن \" واتصل من عندك لابنك \" إبراهيم \" يتحرك الآن بسيارته من تعز مع أمه وبقية أخوانه وسوف تتلاقوا عندي في عدن وقبل العشاء إن شاء الله من أجل تستقبلون الناس .
قلت في نفسي وهذه فكرة رائعة .. لبيك أيتها \" الراوحية \" وفعلا عملت حسب ما اقترحته شقيقتي بالضبط وكنت ادعو الله أن لا أواجه الطريق مقطوعة في الضالع أو جبل \" جحاف \" من قبل أي معتوه يطالب بالانفصال كما كان يحدث بشكل شبه يومي خلال ابريل ومايو الماضيين .
كانت اليوم جمعة والناس في مقيلهم والطريق خالية تماما إلاّ من بعض السيارات بين الوقت والآخر فاستغليت الفرصة لزيادة سرعة سيارتي فليس بجانبي احد يخاف من سرعتي ويشغلني بكثرة المواعظ لتخفيف سرعة السيارة التي كانت تطوي الأرض مسرعة كطي الفراش حتى ظننت أنها تريد أن تسبقني بالوصول قبلي إلى عدن!!
والحمد لله فقد سارت الأمور بفضل الله وتوفيقه على أكمل وجه ، وكان إبراهيم وأمه وإخوانه قد سبقوني في الوصول من تعز ، وتلاقينا جميعا في عدن وكنت بفضل الله قد أدركت صلاة العشاء في \"جامع الرضا \" بالمنصورة المجاور لسكن (نسبي) ، ثم بعد العشاء حضر الخطابة وقرأنا الفاتحة ، فقد جاء انسابي من زنجبار أهل زوجتي وبعض الجيران الطيبين من شبوة وأبين ولحج أصدقاء نسبي أبو حسين في العمل والحارة ، وكان الجو يمانيا وحدويا عبقا تبادلنا فيه الود والأحاديث كؤوسا صافية مترعة بالمحبة والأخوة الصادقة المختلطة دما ونسباً وأرضا ولغة وعقيدة ، فهل هكذا وحدة قابلة للانفصال ؟؟ وبعد أن انصرفوا مودعين بضعف الحفاوة التي استقبلوا بها واصلنا نحن السهرة (صباحي) حسب تعبير إخواننا في عدن وسهرنا إلى ما بعد منتصف الليل ولولا إنها جمعة وسنصبح على عمل لواصلنا السهرة إلى الفجر في ظل حضور كثيف لمعظم الأهل والأقارب من الأسرتين القاطنين في عدن في جلسة سمر عائلية و( نكات) عدنية طازجة ( تفقش) من الضحك عن كل شيء وفي كل شيء ، قادها بعض الشباب والشابات في الأسرة وكان مرحا لا حدود له ، وأنس أتمنى عودته وتكراره في كل مناسبة .
وبعد صلاة الفجر في نفس الجامع كانت شقيقتي أم حسين قد أعدت لنا صبوحا عدنيا ساخنا تناولناه بشراهة لا نظير لها ، ثم تحركنا صوب تعز ووصلت فيه إلى مقر عملي وكأنني قادما اليه من منزلي في تعز وليس قادما من عدن وفي الوقت المحدد ، هنا تذكرت نعمة هذه الوحدة العظيمة ، وتذكرت كيف كنت عندما أريد إنزال الزوجة لزيارة أهلها في عدن في الثمانينات أو إرسالها مع أولادها ، كنا نقدم الطلب وننتظر أسبوعا كاملا للرد عليه من فرع ( الجهاز) في تعز وأحيانا لا يوافقون وتلغى الرحلة ، وإذا وافقوا يكون بعد عشرين سؤالاً من نوع ليش وكيف ومتى وأين ولعل وعسى وأخواتها ؟؟ ومن تعرف هناك ؟؟ واذكر ثلاثة أسماء هناك وعناوينهم وثلاثة هنا وعناوينهم ، وفي حالة الموافقة بعد أسبوع من الامتحان والتحري نحضر يوم السفر وغالبا كان يوم الأحد على ما أتذكر، كنا نحضر الساعة الخامسة عند الفجر إلى فوق الباص في تعز ونتحرك عند السابعة صباحاً ومن تفتيش إلى تفتيش حتى نصل الشيخ عثمان عند الخامسة بعد العصر وأحيانا بعد المغرب ،بينما كل المسافة لا تساوي أكثر من ساعتين في اليوم ..
وما إن تطأ قدمك ارض عدن الحبيبة حتى تبدأ من صبيحة اليوم الثاني لوصولك مباشرة تستعد لمعاملة العودة والتي تستغرق هي الأخرى أكثر من أسبوع في بعض الحالات ونفس أسئلة الثنائي (منكر ونكير) .. من تعرف هنا ؟؟ وليش نزلت ؟؟ إيش جابك ؟؟ واذكر ثلاثة هناك وثلاثة هنا !! وفي حالة الموافقة على السماح لك بالعودة تكون كمن يفوز بالجنة يومها !! من شدة الأسئلة والاستجواب و (السرحة والرجعة) مع صعوبة المواصلات يومها في عدن حيث كانت الباصات الكبيرة للنقل بين المديريات مخصصة لخمسة وأربعين راكب جلوس ومائة وعشرين وقوف !!!! وأنت المحظوظ لو وجدت لك مكانا تقف فيه داخل الباص المحشو بالبشر وكأنهم علبة سردين بينما اليوم تحركت من النقطة التي وصلني فيها الاتصال بالموبايل ومن أقرب طريق تؤدي إلى عدن مباشرة من قلب \" يريم \" وصباحا وأنا فوق عملي في تعز مع كامل رفاهية السهرة ونكاتها تخيلوا تناولت الغداء ظهر الخميس في تعز وأمسيت في صنعاء ، ثم صليت الجمعة في صنعاء وأمسيت في عدن ، ثم تناولت الفطور في عدن وتوجهت إلى فوق عملي في تعز قادما من عدن لا من منزلي و في الوقت المحدد ، فهل نشكر الله على هذه النعمة الجزيلة المباركة ونحافظ عليها في أحداق عيوننا وعميق أفئدتنا ونشكر الله على هذه النعمة المهداة ، أم نقول كما قال أجدادنا في القرون الخوالي ( ربنا باعد بين أسفارنا ) وأخشى أن يعيد التاريخ نفسه كما قال رب العزة والجلال ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية * جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور* فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم ) فآية الجنتين عن يمين وشمال يومها هي الوحدة اليوم التي ألحمت شطريها ، وأي انفصال هو سيل العرم بذاته مع الفارق هذه المرة انه سيكون سيلا وحدويا عارما كما كان في 94م يجرف كل من في قلبه مرض وسيفصل هذا الشعب من الخدمة في الحياة كل من يأبى العلاج إلاّ بالكيّ وهو آخر العلاج لأمثالهم ، ولن نستبدل جنتنا الوحدوية الوارفة الظلال واليانعة الثمار بجحيم الانفصال والتشطير والتطهير الذي اشتوينا منه جميعا وسنفتدي هذه الوحدة المباركة بأرواحنا لأنها هويتنا وقدرنا ومصيرنا ، شاء من شاء وأبى من أبى ولا عزاء للانفصاليين . واللهم أدمها علينا نعمة وحدوية وأحفظها من عبث ( الصغار ) ولا تؤاخذنا بما فعل ويفعل السفهاء منا . آمين آمين .