عصابة أثيوبية تختطف اكثر من أربعين شخصا من جنوب اليمن وأجهزة الأمن تتدخل
قناصو المليشيات الحوثية تستهدف النساء بمحافظة تعز
الرئيس من الرياض يوجه بعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من الداخل ويؤكد على الوفاء بالالتزامات الاقتصادية والخدمية أمام الشعب
جيش الإحتلال ينسحب من محور نتساريم الإستراتيجي.. شاهد كيف أصبح
عدن: الداخلية تعلن بدء صرف مرتبات منتسبيها لشهر يناير وتعليمات لغير الحاصلين على البطاقة الشخصية الذكية
تراجع مستمر في قيمة العملة اليمنية.. ''أسعار الصرف الآن''
مأرب في عين العاصفة... هل يدق الحوثيون طبول الحرب مجددا؟ وماهو أخطر ما يقلقهم اليوم ...تحركات خطيرة ومريبة
اليمن تتضامن مع السعودية ضد تصريحات اسرائيلية استفزازية ''بيان''
صبر القبائل قد نفد.. حشد كبير لقبائل حاشد وبكيل يعلن النفير ويدعو إلى توحيد الجبهات لإنهاء الإنقلاب
الاعتماد على امريكا لن ينفع.. دراسة بحثية تقول إن هزيمة الحوثيين لن تكون إلا عبر حرب تشنها الشرعية دون تدخل خارجي
* محمد الأسعدي
المرء بطبيعته البشرية لا يستطيع أن يشعر بمعانات الآخرين إلا إذا عاشها أو اقترب منهم. ولعل تجربتي في السجن قرابة أسبوعين كانت كفيلة لتعرفني على كثير من خفايا السجن الذي أقمت فيه إقامة جبرية.
في سجن محكمة ونيابة جنوب غرب يتناوب العشرات من المواطنين والأجانب الأماكن دخولا وخروجا على مختلف القضايا المدنية والجنائية.
لكن هناك شخصين مخضرمين في ذلك السجن الاحتياطي، أحدهما عميد الزنزانة وهو أخ عراقي يدعى عبد إبراهيم دحبوش, والآخر هو يمني الأصل، يدعى يحيى الزئبق.
يتسابق الدحبوش والزئبق على كل سجين جديد ليحكي كل منهما حكايته, لعلهم يجدون في المستمع من ينقل معاناتهما إلى خارج ذلك القبو. في الغالب دحبوش العراقي يسبق الزئبق اليمني, لأنه أكثر تأثيرا على سامعيه ويحكي قصته بهدوء مقنع.
دحبوش رجل أعمال عراقي, جاء إلى اليمن للاستثمار فيها, هروبا بنفسه وماله من النظام العراقي السابق, كما يتضح من كلامه. الوثائق التي جمعها في ملف مخرم على شكل ملزمة وكأنها مادة مقررة على طلبة الحقوق, تحتوي عددا من الأحكام النافذة الصادرة من محاكم يمنية معتمدة ورسائل ووثائق نقدية ومراسلات تجارية واتفاقيات وضمانات، وما إلى ذلك. إجمالي ما في تلك الوثائق والأحكام يشير إلى قرابة خمسة ملايين دولار للمستثمر دحبوش لدى رجال أعمال يمنيين معروفين, ناهيك عن مبالغ في البنوك المحلية. وهو مسجون على ذمة مبلغ خمسة وعشرين الف دولار لاحد التجار المحليين. ويقسم انه قد سدد المبلغ مرتين, الا ان خصمه لا يريد له الخروج من السجن, كما يزعم.
أنا لن أتحدث عن قصته هنا، لأن فترة إقامتي في السجن بطولها لم تكن كافية لمعرفة كل شيء عن خبايا الرجل وكل أسباب إقامته في سجون اليمن المختلفة، متنقلا بين سجون صنعاء وعدن الاحتياطية والعقابية والامنية, ولفترة عشر سنوات ونصف تقريباً, كما يقول.
دحبوش, يقدم نفسه بالاسم التالي: (دحبوش السنحاني) تيمناً علّ هذا اللقب يشفع له ليخرج من ذلك السجن وتنتهي ضائقته، ويأخذ كل ذي حقه منه حق ويستعيد حقوقه من الآخرين، ويعيش مع أسرته الصغيرة المكونة من زوجة يمنية وابنتين, لا عائل لهن إلا سجين تتقاذفه أياد نافذة من سجن إلى آخر, ومن تهمة إلى أخرى, حسب زعمه.
دحبوش بحاجة إلى لفتة كريمة من فخامة الرئيس على عبدالله صالح, الراعي الأول للاستثمار في اليمن، كما أشارت بعض الاستطلاعات الصحفية مؤخراً, لإعادة حقوق الرجل التي نهبها المتنفذون, ولاستعادة حقوق الناس منه، طالما انه أبدى استعداده مرات عدة لذلك.
المطلوب انصاف الرجل الذي ما يذكر في حضوره سجن إلا ووصف مداخله ومخارجه، ويشرح مع من سجن وما إلى ذلك. دحبوش قصة غامضة وحكاية مثيرة لابد ان تكشف، ولا بد للحق ان يعود لأصحابه. وكما سمعت مؤخرا فإن القاضي المعني بقضية دحبوش يبدي تفهماً, إلا أن أطرافاً كثيرة لابد أن تلتقي لايجاد الحل المنصف والأنسب للجميع.
الرجل الثاني, يحيى الزئبق يحكي قصته بكلمات ودموع عن ابن له قتل (عمداً, كما يقول) من قبل زملائهما العسكر امام بيته وبين اطفاله وأسرته. الزئبق وابنه من منتسبي الأمن المركزي. وما يبكي الزئبق الانسان هو أن هنك محاولات مستميتة من قبل متنفذين ومسؤولين في الداخلية لإقناع الزئبق (الأب) ان يستلم دية ولده, وهو لازال مصرا على القصاص.
أسباب سجنه هو زوجة القتيل والأطفال الذين خلفهم.. مشادة بين والد الأرملة ووالد القتيل عن من هو صاحب الحق في الوصاية على الأولاد. والد القتيل يخشى كما يعلل أن يسلم أولاد ابنه لأمهم التي في دار أبيها, فيؤثر الجد على ابنته فيتنازلون عن دم القتيل, وبعد أن يوفر كل ما تحتاجه أرملة إبنه من مستلزمات، بما في ذلك سكن مستقل وكفالة يلتزم بها أمام القاضي.
الزئبق أيضاً يقول ان معاش ابنه القتيل موقف ولم يصرف منذ أشهر، ولم يستطع المطالبة من الإدارة المعنية, معللين رفضهم أن المعاملة غير مكتملة, وأشياء أخرى لا أفهمها.
القصة تبدو معقدة، ولكنها إن درست من جميع جوانبها فلن تستدعي حبس الرجل لشهور متتالية, كما زعم. ويطالب بإعادة راتب ولده القتيل لكفالة الأطفال, كما يطالب الجهات المختصة بتنفيذ شرع الله في الجاني.
ما كتبته هنا هو براءة للذمة، ونقل للأمانة التي حملتها من شركائي في تلك الزنزانة إلى من يستطيع مساعدتهما وغيرهما في السجون اليمنية المختلفة.