التفاصيل الكاملة لحادثة الدهس في المانيا وهوية الفاعل.. السعودية تدين وتقول أنها حذرت منه ارتفاع حصيلة هجوم ألمانيا إلى 4 قتلى و41 مصابا واشنطن توافق على بيع أسلحة ل دولة عربية بقيمة خمسة مليارات دولار قد لا تصدقها… 7 طرق لتقوية جهازك المناعي فى الشتاء شهداء في جباليا والاحتلال ينسف المنازل بجنوب غزة وشمالها الريال اليمني يحافظ على استقراره أمام العملات الاجنبية بايدن يوافق على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 571 مليون دولار لتايوان كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق
المساحة بين القول والفعل ليست متساوية عندنا ـ نحن البشر ـ فمنا من يقرنهما حتى لا يكادا ينفكان، ومنا من يسبق الفعل عنده القول، ومنا من يطلق قوله، ثم يتباطأ في الفعل، ولكنه يطلقه ـ في النهايةـ من أسره النفسي، ومنا من يطلق القول، ولا ينتظر الفعل نهائياً؛ لأنه لم ينو الفعل أصلاً.
هذا التقسيم المنطقي ربما تلقته النفس العادية بشيء من الاستهجان، مصنفة هذا الأمر بأنه عادي، ولا يستحق أن يُناقش، ولكني أجزم بأن النفوس الكبيرة بدأت تفكر منذ أن قرأت العنوان، ودخلت في توتر حقيقي منذ أن أنهت المقدمة؛ وهو ما أستهدفه من هذه المقالة؛ فقد قيل: (عندما تبدأ معركة المرء بينه وبين نفسه، فهو عندئذ شخص يستحق الذكر).
نحن كثيراً ما نقول أو نفعل دون أن نفكر في القول أو في الفعل، وربما زدنا الأمر سوءاً بألاّ نسبر أقوالنا وأفعالنا، ولا نضعها على محك النقد، وهنا نقع مرة في فخ الغفلة، وأخرى في أتون المحنة، وربما وقعنا في جريمة المخالفة الشرعية؛ (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). [سورة الصف: 3].
على أن التقييم الإيجابي الشعبي لمن يقرن الفعل بالقول متجذر في مجتمعنا الأصيل؛ فالمثل العامي يشير بوضوح إلى تقدير الرجل الذي يقول ويفعل؛ فيقال: (فلان .. قول وفعل)، وهو يشير ـ بوضوح ـ إلى احترام الآخرين لمن يفعل ما يقول.
إن صورة الفعّال تختلف تماماً عن صورة القوّال؛ فالأول مهيب، عزيز الجانب، يتمتع بثقة من يتعامل معه، بينما تتهالك شخصية القوّال عند الآخرين، إلى درجة الاحتقار، واستضعاف الشخصية، والتكذيب الفوري لما يخبر به، والضحك من قرارته؛ لأنها ستؤول إلى سراب.
ومن يعمل فإنه قد وقف على باب الراحة، فإذا اعتاد العمل، وأصبح جزءاً من شخصيته، فقد تقمّص الراحة الحقيقية.
لقد اشتغل الفلاسفة منذ القدم بتعريف السعادة في الدنيا، فلم أجد في حياتي أوجز ولا أحسن ولا أصدق من: ((السعادة في الإنجاز)). وهو تعريف يضخم الجانب العملي الدقيق المنجز، وحين ننادي بالتخطيط فلسنا نقصد تضييع الوقت في التخطيط، فإني رأيت في حياتي كثيرين سفحوا دماء الوقت الثمين في اجترار الآراء، ورسم الأماني، وتأويل الأحلام، ولكنهم خرجوا بلا إنجازات.
إن عملية القول ليست أمراً هيناً، بل هي ميزة بشرية، ومن تعريفات المناطقة للإنسان: أنه حيوان ناطق، وبعيداً عن مناقشة هذا القول المستفز لنا، فإننا حين نحولها إلى مجرد حديث مفرغ من الفعل نكون قد استهنا بإنسانيّتنا.
ولذلك فإن من نصّبه الناس أو نصّب نفسه قدوة للآخرين فإن الفعل بالنسبة له حياته كلها، فإذا سقط الفعل عنده سقطت شخصيته من عين نفسه، ومن عين مجتمعه، وربما من عين الله تعالى.
ومن يقرن القول بالعمل يريح من حوله حتى بقراراته الحازمة المؤلمة لهم أحياناً؛ لأنهم قد عرفوا الوضع الذي هم عليه.
وقد يتعب الفعَّال من همّته، فمن علت همته طال همه؛ وإنما يطول همه بسبب إيجابيّته، فهو لا يرضى بالدون، ولا يرضى بالقليل، ولا يسمح لنفسه أن يأمر الناس بأمر إلا فعله؛ ولا ينهاهم عن شيء إلا وقد انتهى عنه؛ (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [سورة هود:88].
وقد يتعثر الماشي؛ ولكنه ـ حتماًـ خير من الماشي، وقد يسقط الراكض، ولكنه أسرع من الماشي، وقد تغرق السفينة الجارية بين أمواج المحيطات؛ ولكنها حتماً .. لم تخلق للرسو على الموانئ .. مهما كانت آمنة.
ولذلك فإن هتلر كان على صواب حين قال: ((الرجل العظيم هو الذي يتحمل نتائج عمله)).
فلا نامت أعين الجبناء.. لقطة جارحة:
((توجد في طريق العظمة خمسة موانع: الكسل، وحب النساء، وانحطاط الصحة، والاشتياق إلى الوطن، والإعجاب بالنفس)).