دولة الخيام المُقدسة في اليمن
بقلم/ فكري قاسم
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 09 مارس - آذار 2011 06:29 م

كان الشعب بالنسبة اليهم مجرد سُخرة فقط..أو مجرد حناجرا للصراخ بأسمائهم الحسنى فقط.

لم يخطر على بال أحد منهم – ولو مرة واحدة - أن الخيام المُحاكة من الخرق ستهدد قصورهم المحاطة بأسوارمن الخرسانة المنيعة.

الخيام المقدسة في شوارع تعز وعدن وصنعاء إستطاعت لوحدها أن تسقط غرور القوة وأصبح العالم كله يعرف الان جيدا أن استخدام السلاح في وجه المحتجين صنيعة المخبولين تماما كمعمر القذافي مثلا.

لقد خرجت دودة القزمن مخبئها وأحالت شمس الميادين الى ظلال وهاهو نظام الرئيس صالح –المغرم طيلة حياته بالحروب وبالقوة العسكرية- يقف تائها الان ومشتتا ، عين على القصر الجمهوري والأخرى على خيام المحتجين في ساحات الحرية.

لم يدركوا بعد أن الشعب استيقظ وأن شهية التغيير إجتاحت كل ميدان وكل حارة وكل بيت . فإن لم يكن لدى القصر الرئاسي أذان ليسمع بها ، لا بد أن له عيون ترى وترصد وعقل ينبغي عليه الان-تحديدا- أن ينهي إجازته الطويلة ويقتنع بالمثل الشعبي الذي اكتبه بتصرف الان \"شعب لاتستطيع ان تكسره ، بوسُو\".

المسافة الفاصلة مابين القصر الجمهوري وجمهورية المواطنين داخل الخيام المقدسة لاتقاس بما لدى النظام من عتاد والة عسكرية منيعة بل تقاس بما لديه من إحترام لشعبه ، لكن الواضح والمتكرر دائما أن سعر الإنسان اليمني بالنسبة للقصر الجمهوري لايعدو ان يكون اكثر من كونه ثمنا بخس.

في سنوات السلم يهرب اليمنيون ـ المهانون في الداخل ـ إلى المنافذ الحدودية بحثاً عن لقمة العيش، وتستقبلهم الإهانات والهراوات والسجون والضرب. وفي سنوات حروب النظام ضد شعبه يهرب اليمنيون إلى المعارك طمعاً في الحصول على شيء من فتات نفقات الحرب ، لكنهم يُقتلون ويدفنون دون حتى أن يُصلى عليهم صلاة واحدة في مسجد الصالح!

وحتى الشيخ الجليل /عبد المجيد الزنداني الذي إعتاد دائما أن يحث الناس على الترحم والتبرع لشهداء غزة وكشمير ، هو الاخر لم يدعوا اليمنيين -ولو لمرة واحدة اليمنيين الى قراءة الفاتحة على ارواح شهدائنا وكأن الشبان الذين استشهدوا منذ بدأت الإحتجاجات السلمية والذين قتلوا في كل حروب هذا النظام – من العسكريين والمدنيين- ليسوا بشرا لديهم عائلات وأطفال وزوجات وآباء وأمهات، بل مجرد قطط بلا عيون ولا ذاكرة.

المسافة الفاصلة مابين دار الرئاسة وخيام المحتجين لاتقاس بالياردة أو بالمترالمربع أو بالقدم ، بل تقاس بحجم كرامة الإنسان التي أهدرها القصر وبدت الان على نحو وفير جدا في خيام المحتجين المطالبين برحيل النظام .

ومن المفارقات الظريفة أن الرئيس \"صالح\" الذي اتهم امريكا واسرائيل الأسبوع الفائت بأنهما تؤججان الإحتجاجات ضده، كان قبلها قد أتهم شبان بلاده بأنهم بلاطجة ،لكنه عاد سريعا ليعتذر للبيت الأبيض في حين ظل غير آبها

بمشاعر شعبه .

نحن لسنا شعباً \"لقيطة\" حتى يعتقدوا أن قتلنا سيكون شرفاً لدفن فضيحة. ولا الجيش والأمن اليمني مجرد وفرة من المرتزقة الذين بوسعهم أن يفتحوا النار بدم بارد على أبناء شعبهم المتعب.

المسافة الفاصلة بين القصر الجمهوري وجمهورية الخيام المقدسة في الميادين لاتقاس بسرعة صوت البندقية بل تقاس بسرعة الضوء الذي حملته مشاعل الشباب حتى غدى الحب مابين الخيمة والاخرى خبزا واغنية وورد.

نحن والشرطة والجيش لسنا ذخيرة حية للدفاع عن عرش نظام ميت من الداخل.

ومابين القصر الجمهوري والخيمة الفرق واحد فقط .. القصر بات رمزا لدولة هشة في حين أن الخيام غدت الان رمزا للدولة المدنية وحلم \"دولة المواطنين\" جميعا .

المسافة الفاصلة مابين القصر الجمهوري -الذي وضع الجمهورية في جيبه – وبين ساحات الحرية التي تزدحم بمئات الالاف من اليمنيين المطالبين برحيل النظام لاتقاس بالكيلو متر بل بما تبقى لدى فخامة الرئيس صالح من حكمة ، والوقت ياسيدي لم يعد سانحا لأي جهد ضائع.

Fekry19@hotmail.com