هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
لقد أثبتت تجارب التاريخ أن مرحلة الوصول إلى قمته هي البداية الفعلية للانحدار، وهكذا قانون الحياة صعودا وهبوطا . . تماما كما يحصل الآن لمنظومة الاقتصاد الرأسمالية وتهاوي العديد من الدول الكبرى تحت مظلة خطط التقشف التي أثقلتها الديون وتراكم فوائدها، فأصبح من الطبيعي أن نرى صعودا مذهلا لدول مثل الصين، والهند، والبرازيل، وتركيا وإيران، والتي كانت تصنف حسب القانون الغربي ضمن الدول النامية، كما أن تسونامي الازمة الاقتصادية العالمية الذي هوى بالكثير من هيبة وتسلط الدول الكبرى وحد من غطرسة هيمنة القطب الواحد مما سمح بظهور مثل هذه الدول الصاعدة اقتصاديا وسياسيا كما هو حال تركيا تحديدا .
قد يكون رابط الديانة ودافع تعزيز المصلحة المشتركة واحتياج إعادة تحقيق المكانة والنفوذ الإقليمي كبداية للتحول للنفوذ العالمي هي أبرز وأهم الأسباب الدافعة لالتفات تركيا نحو العرب بهذه الشراهة والاندفاع الجريء أمام أعين الاتحاد الأوروبي وأميركا عموما والكيان الصهيوني خصوصا، كما أن من الأسباب التي تأتي بدرجة ثانية هي انفجار صبر الانتظار أمام الإشارة الحمراء لبوابة الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي يتعامل معها كدولة شرقية لم ترتقي بعد لمستوى المنظومة الحضارية والحداثية للدولة الغربية، فضلا عن طابعها الإسلامي الذي لا يتوانى العديد من زعماء الاتحاد الأوروبي من ترديده كدلالة على أكذوبة ديمقراطيتهم في التعامل مع الآخر الذي يدخل في إطارها –طبعا- حرية الأديان .
زادت برودة اهتمام الدول الأوروبية بانضمام تركيا للاتحاد بعد غياب شرودر ألمانيا وشيراك فرنسا، وصعود ميركل وساركوزي الذين يمثلان دينامو الاتحاد الأوروبي اقتصاديا وسياسيا عن بقية الدول الأوروبية الأخرى وإن كانت دولا كبرى مثل بريطانيا وإيطاليا وبلجيكا لها وزنا كبيرا أيضا إلا أنه لا يماثل ألمانيا مثلا، التي بدأنا نسمع عنها سيمفونية 1+5 في جلسات مجلس الأمن للدول الدائمة كدلالة على ارتقائها سلم التأثير في الساحة الدولية ودخولها نادي الدول العظمى، إلا أن تركيا كما يبدو لا تجيد فن الاستجداء والتودد المهين التي يحترفها زعماء الدول العربية في مفاوضاتهم مع إسرائيل الكيان الأجير للمصالح الغربية . . !
أن تحول تركيا إلى تعميق علاقتها مع العرب والتي تتزامن مع توترها بالمقابل مع إسرائيل مؤخرا ليس تحولا في مسار علاقتها مع الغرب وإن بدا كذلك، بقدر ما هو لفت الانتباه الغربي لمكانة وأهمية تركيا كدولة تنهج خيار الدبلوماسية في سياستها الخارجية ليس لتأمين المصالح المشتركة الغربية فحسب إنما في قدرتها وتأثيرها في إحلال السلام في بؤرة من أشد منا طق العالم توترا (منطقة الشرق الأوسط)، وقد أدركت الولايات المتحدة ذلك، في حين لم تنتبه إلى ذلك ساسة دول الاتحاد الأوروبي . إسرائيل التي لا تفقه من قانون الدبلوماسية إلا ما يتماشى مع مصالحها لجأت كغباء دبلوماسي إلى التحريض على تركيا على لسان وزير خارجيتها العنصري-ليبرمان- حين حذر من أن تركيا ستكون مشابهة لإيران بعد عشر سنوات تقريبا بعد مواقفها الشجاعة والجريئة الأخيرة من حادثة الاعتداء الإسرائيلي على سفينة مرمره التركية ومقتل تسعة من المواطنين الأتراك على يد الجنود الصهاينة، فإذا كانت تركيا هي الخاسر الأكبر من احتمالية قطع علاقتها مع إسرائيل فإن بدائل هذه الخسارة يمكن تعويضه مضاعفا مع الدول العربية على كافة المجالات والمستويات الإقليمية والدولية، وسيغلق حتما في وجه الكيان الصهيوني آخر الأبواب الذي كان متنفسا للخروج من حالة العزلة الإقليمية لهذا الكيان الأجير . .
مصلحة تركيا من انضمامها للاتحاد الأوروبي بالتأكيد أهم بكثير من شراكتها واستثماراتها مع الدول العربية مجتمعة وهذا ما يدركه الأتراك أنفسهم والأوروبيون، وهو كذلك ما قد لا يدركه حكامنا العرب المصابين بلعنة الضمير والذين لم نسمع من أحدهم دعوة جريئة تعبر عن ضمير أمته وشعبه لمآزرة تركيا في مواجهتها المصيرية مع إسرائيل، والذين لا يجيدون سوى فن صياغة التنديدات والإدانات العقيمة كحال كرامتهم المصادرة، لكن طبيعة العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ومستوى الأهمية التي ستعامل بها تركيا من قبل الدول الأوروبية هي التي ستحدد طبيعة العلاقة مع العرب أيضا، وكذلك مستوى وقوفها إلى جانب قضاياهم والتي لم تنفع أبقار النفط من إيصالها مرحلة الفطام على الأقل بحليبهم الأسود، فرغم المواقف التركية تجاه القضايا العربية منذ تولي حزب العدالة والتنمية حكم تركيا إلا أنها لم تلاقي المستوى المناسب لجميل هذه المواقف على الأقل من حكامنا العرب، فضلا عن فرصة وضرورة استغلالها لتشكيل ثنائية عربية - تركية لتعميمها للرأي العام العالمي لإدانة ومحاكمة قادة الكيان الإجرامي الصهيوني . .
إذا كانت إيران تستغل القضايا العربية لمد نفوذها في المنطقة العربية كما يسوقه الإعلام المصري يوميا . . فهل تماثلها تركيا في مواقفها الأخيرة هذه ؟ و بماذا تمتاز السياسة الخارجية التركية تجاه العرب وقضاياهم مقارنة بإيران ؟ وما هو دور مصر والساسة المصريين الذين يحترفون فن التنظير التوصيف والتفسير العقيم ؟! أسأل مصر لأنها الواجهة الحقيقية للعرب كما يدّعون وأكده أوباما من خلال كلمته التي وجهها للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة، وليس براميل النفط الذين لا يفقهون من أمر السياسة شيء وإنما يتسابقون على أعلى وأكبر وأطول وأضخم ديكورات البناءات العقارية الشكلية التي تعكس مدى الخواء الفكري والسياسي والاستراتيجي و سعار شهوة الشهرة والظهور البالوني لتلك الكتل البشرية !!
كتاب الافتتاحيات في الصحف الرسمية العربية ورؤساء تحريرها المصنوعين على شاكلة حكامهم لا يتعدى نباحهم ومهاجمتهم أحزاب المعارضة أو المنظمات الحقوقية في بلدانهم والذي يصل إلى حد التخوين والاتهام بالعمالة للخارج كما يحصل في اليمن مثلا، وقد لا يتجاوز مربع التقديس والتطبيل والتلميع لحكامهم التي ملّت الطابعات الصحفية من بصق صورهم الملونة وأسمائهم العريضة على صدر تلك الصحف التشكيلية، ولا أدري متى سيتجاوزون هذه الحالة المخجلة والتي دفعتني إلى اقتراح أن تهتم بقضايا القومية العربية وعرض الأحداث الإقليمية ذات الارتباط بالمصالح العربية مع أي طرف يؤمن بعدالة المصلحة المشتركة معنا، لأنها تمثل الصوت الرسمي العربي في مواقفها تجاه تلك الأحداث . .
لا أعتقد أن تركيا تجهل تاريخ مواقف الحكام العرب تجاه بعضهم وقضاياهم، وأن يدها التي مدتها للعرب بقوة لا يعني أنها سحبت الأخرى من الغرب، بل لا تزال ممدودة، وأنا هنا لا أدعو إلى تقبيل اليد التركية وإن كانت أحق من تقبيل أيادي الأسياد الغرب في البيت الأبيض و . . .، إنما أدعو إلى الشد على اليد التركية المبسوطة لمصالحنا وقضايانا المركزية المتمثلة في مواجهة الصلف الصهيوني والاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني، والسير في اتجاه إحلال السلام كمطلب استراتيجي في المنطقة العربية ثم العمل المشترك للتعاون في كافة المجالات، الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتعليمية والتكنولوجية بما يحقق تكامل تنموي شامل لنرقى بإنساننا ومجتمعاتنا إلى مصاف العيش بكرامة وسعادة وديمقراطية وحرية وأمن وسـلام .