حكومة أو قبّيلة
بقلم/ المحامي: حسين عمر المشدلي
نشر منذ: 14 سنة و 4 أيام
السبت 18 ديسمبر-كانون الأول 2010 05:09 م

اذا كنت من غير اليمنيين او ليس لديك معرفة كافيه عن أوضاع اليمن وواقعها الاجتماعي فانك ستفاجئ او ربما ستستغرب كثيراً من العرض الذي سيقدم لك في العديد من الجهات الرسميه عند مراجعتك لها بشان أي قضيه او خلاف منظور امامها

ففي اليمن واليمن فقط يتم تخييرك بين حل قضيتك عن طريق القبيلة أي الاحتكام للاعراف والعادات القبلية او عن طريق الحكومة أي عن طريق الاحتكام الى القوانين والمؤسسات الرسمية ومع ان حق الشخص في الاختيار للطريق الذي يريد ان تحل من خلاله مشكلته لايكون مطلقاً في العادة وذلك بسبب الضغوط بل وحتى التهديدات التي يتعرض لها للقبول بسلوك طريق التحكيم القبلي وذلك نظراً للمنفعة الشخصية والمردود المادي الذي سيحققه المسؤلين من القضية المنظورة امامهم عند اختيار الاطراف للطريق القبلي خصوصاً عند اختيارهم هم كمحكمين لحل الخلاف الا ان حق الشخص في اختيار طريق القانون اذا ما اصر على ان يتم نظر مشكلته بالطرق الرسمية هو امر ممكن في غالب الاحيان وان كان هذا الخيار هو الخيار الخاطئ ولا ينصح باللجؤ اليه امام جهات لايتردد المسؤلين فيها عن اعلان انحيازهم لمصلحة النظام القبلي وتخليهم الصريح عن واجبهم في ترسيخ سلطة الدولة وفرض سيادة القانون ولان الالزام بتطبيق واحترام القوانين يعد اهم واجب من واجبات الدولة والقيام به يفترض ان يكون في مقدمة سلم اولوياتها فان مجرد ثبوت حصول العرض من الموظف الرسمي المسؤل و تخييره للمواطن بين الاحتكام للقانون من عدمه يكشف وبكل اسف عن مدى الضعف الذي وصلت اليه سلطة الدولة ومقدار الانحسار الحاصل في دور الدولة لمصلحة العرف والقبيلة ومع ان حقيقة تراجع دور الدوله امام النظام القبلي و فشل النظام الحاكم في القيام باهم واجباته في ترسيخ وفرض سيادة الدولة والقانون يعتبر حقيقة معلومة للجميع الا ان مؤشر انهيار سلطة الدولة وتراجع دورها لمصلحة القبيلة قد بلغ ذروته خلال الفترة القريبة الماضية وذلك بسبب الاخطاء الفادحة التي وقع فيها النظام والتي من اهمها اعتراف النظام صراحة وعبر اعلى المستويات بعدم امكانية الوثوق في قوانين ومؤسسات الدولة لحل أي مشكله تحصل في البلاد واقراره بان النظام القبلي هو الطريق الانسب لحل هذه المشكل وتاكيد هذه القناعه بلجوء الرئيس نفسه الى النظام القبلي والى سلطة القبيلة لحل ومعالجة ماترتب على ما قام به النظام من اخطاء ومخالفات وهذا قد جاء واضحاً من خلال قيام الدولة بتحكيم القبيلة في واقعتي مقتل امين عام محلي مارب ومقتل العديد من الاشخاص في منطقة المعجله بمحافظة ابين ولان قيام الدولة باللجؤ الى التحكيم في هذه المسائل المهمه والحساسه وعدم قيامها باتخاذ الاجراءت القانونيه اللازمه في مثل هذه الامور يعتبر وبدون ادنى شك الغاء كامل منها لدور النظام و القانون وخضوع وتعزيز للنظام القبلي كما يعد اقرار واضح وصريح بعدم ثقه الدوله في مؤسساتها الرسمية والتي من اهمها المؤسسة القضائية التي لو انها محل ثقة من الحكومة او من المواطنين لكانت هي المرجع والفيصل في احقاق الحقوق وانصاف المظلومين ومحاسبة المسؤلين عن أي تقصير ولهذا فان بلوغ الدولة الى هذا الحد من التصرفات المسيئه جداً الى هيبتها وسيادتها بالاضافة الى الاستمرار في السكوت و التغاضي عن مايقوم به بعض المسؤلين في الدولة من اعمال تؤثر وبشكل سلبي وصريح على سلطة و دور الدولة في فرض وتطبيق القانون كل هذا ليس له الا دلالة واحده وهي ان الدولة لدينا قد اصبحت قريبه جداً من الانهيار وان القبيلة والنظام القبلي يعتبر هو الملاذ الوحيد في هذه الظروف ولهذا فاننا لانستغرب من ان تكون القبيلة والنظام القبلي هو الملجئ ليس للقائمين على الدولة وللمواطنين فيها كما هو حاصل فقط بل ان تكون هي الخيار الانسب حتى للدول الاخرى المهتمة باليمن واذا كان ماكشف عنه موقع ويكلكس من تصريحات نسبت للامير محمد بن نايف بشان اليمن والذي ذكر فيها أنه لم يعد يثق بقدرة الحكومة اليمنية وان لدى النظام السعودي علاقات وثيقة مع القبائل اليمنية وقياداتها من اجل حماية مصالحه واذا كانت هذه التصريحات تؤكد ذلك فانه ونتيجه لمستوى الضعف الذي وصلت اليه سلطة الدوله امام سلطة القبيله في اليمن لن نفاجئ اذا ما نحت الدول الاخرى لتي توجد لديها مصالح في اليمن منحى الجاره السعوديه في ربط علاقات مباشره بينها وبين القبائل بهدف حماية مصالحها او حتى تنفيذ سياساتها ولان كل شئ جائز وممكن في السياسه فانه لن يكون من المستغرب ان يصل الامر حتى الى درجة قيام بعض الدول بتوقيع اتفاقيات مباشره مع بعض القبائل في اليمن بذريعة حماية مصالحها و طالما ان سدنة المعبد هم من استباح قداسة المعبد وشرع في هدمه فان أي شئ من الممكن توقع حصوله للمعبد