وزارة السياسة والتجهيل
بقلم/ سعدان اليافعي
نشر منذ: 14 سنة و أسبوع و 5 أيام
الجمعة 10 ديسمبر-كانون الأول 2010 09:35 م

التأهيل والمتابعة والصقل شيء جيد يدفع إلى الأمام في أي عملية, وإذا صدقت النية ووجدت الإرادة والإصرار سنجني ثماره لاحقا سوى طالت السنين أم قصرت.. فالتقييم يحدث في كل بلدان العالم. وعندما يكون على شكل دورات تأهيل وخاصة لموظفي الدولة في العديد من القطاعات للذين لم يواكبوا تطورات العصر الحديث الذي أحدث في طياته تغيرات كثيرة والتي ينبغي أن يكون الجميع على علم ودراية وإلمام بها.

فوزارة التربية والتعليم اليمنية, ممثلةً بمكاتبها بالمحافظات, مثلها مثل بقية الوزارات ترصد الميزانية المالية الضخمة ومن المال العام لهكذا غرض ودورات؛ من أجل تأهيل المعلمين القدامى لغرض تنقية شوائب الظروف التي تشهدها العملية التربوية وما يطرأ عليها من مدخلات حديثة قد تغيب عن نظرتهم وخاصة من يعيش في مناطق الأرياف البعيدة الذين لم يواكبوا جديد العصر أثناء حصولهم على المؤهل التعليمي آنذاك.

فالوزارة تعطي أوامرها لمسؤوليها ومكاتبها في المحافظات والمديريات وللجهات المختصة للقيام بمثل تلك الدورات التأهيلية والتقييمية للعديد من المعلمين, وهذا شي جيد وجميل يؤمله ويتمناه الكثير من التربويين والمعلمين, ولكن ما يحز في النفس من مواقف أراها ضحكا على الذقون وأموالا تهدر ووقتا يضيع بدون فائدة ومسخرة كبرى أيضا هي الأعظم والتي يجب أن نتوقف عندها في هذا المقام..

ويمكن أن أستفسر عنها بسؤال يحتاج إجابة من أصحاب الشأن: لماذا تقيم وزارة التربية هذا الدورات التأهيلية للمعلمين في أوقات العام الدراسي بدلا من العطلة الصيفية أو الفصلية؟ حيث أرى أن المعلمين المرشحين لتلك الدورة أثناء ذهابهم إلى أماكن الدورات يتسببوا بالعديد من المشاكل التربوية, فالمدارسة التي ترسل معلميها للتأهيل في نفس العام الدراسي قد يترك مكانا شاغرا, وبالتالي أرى أن الطلاب بتلك المدرسة يذهبون إلى الشوارع وأكثر خروجا من الصفوف الدراسية؛ بحجة أن المعلمين غائبون ولن يحضروا؛ لأن لديهم عذرا من قبل الوزارة بالتأهيل, وتلك نقطة سلبية وليست إيجابية, فبدلا من أن تكون الدورات التأهيلية في الطريق الصحيحة من أجل الاستفادة جعلتها وزارتنا في الطريق الخاطئة بل والمعيقة للتربية والتعليم.

ومن ذلك يجدر بالوزارة إعادة النظر في تلك النقطة, والأهم من ذلك مكان قيام الدورات, فلا توجد بمكاتب التربية في المحافظة أو في المديرية أماكن خاصة, بل تقيمها في مدارس بالمدن, لتصبح المدارس مكانا للانعقاد الدورات, والتي بدورها تتأثر بنقص الصفوف عند حجز العديد من الصفوف للمعلمين الوافدين لغرض التدريب, مما يجعل مثل هذه الدورات أن تصبح عبئا على العملية التربوية, وهذا ما شاهدته أثناء قيامي بزيارة لإحدى المدارس, ومن ذلك كله, أرى حسب وجهة نظري الشخصية, أن الدورات خطأ جسيم, طالما كان موعد انعقادها متزامنا مع التوقيت الزمني لأيام الدراسة..

وإضافة إلى ذلك, فثمة أخطاء أخرى متعددة لا يمكن إحصاءها هنا, فمثلا المحسوبية تلعب دورا كبيرا في تلك الدورات بابتعاث معلمين ليس لهم علاقة بالتأهيل وهم حديثو عهد بالتخرج بل وتم تثبيتهم الوظيفي في هذه المدرسة أو تلك؛ لأنهم قريبون من هذا المدير أو تلك المديرة, حيث رأيت بأم عيني معلمين مستجدين وخريجين جدد وحاملي البكالوريوس وقد أخذوا مكانا ونصيبا ممن كان الأجدر بتلك الدورات, وخاصة المعلمين القدماء, ولكنها الواسطة..

أيضا المعلم الذي يذهب للتأهيل ليس لكسب المعارف الجديدة ليعود بها على مدرسته وطلابه, بل ذهب إلى هناك لغرض آخر وهو جني مبالغ مالية والتي ترصدها الوزارة لمكاتبها.

ومن هنا, فإنني أناشد الوزارة بعمل حلول وبدائل لمثل تلك الدورات الكاذبة والتي صارت مصدر رزق للكثيرين ممن هم عديمي الذمة والضمير, فبدلا من استغلالها للصالح التربوي والطالب, صارت عبئا عليه, وبالتالي صرنا نجني أهدافا مرسومة مسبقة اسمها "التجهيل", وبهذا فالوزارة قد تحيد عن عملها التربوي والتعليمي التي أنشئت من أجله لتنتهج أجواء أخرى ومن ذلك يحق لنا أن نطلق عليها مسمى "وزارة السياسة والتجهيل"؛ لأننا نرى أن تلك السياسة والدورات التأهيلية, وبهكذا طريقة, أصبحت واضحة للعيان.

وعند أخذي لآراء عدد من التربويين والمواطنين, وخاصة أولياء الأمور, وجدت أن الجميع يتهمون الوزارة باختيار الأوقات الدراسية بدلا من الأوقات الأخرى وخاصة في المحافظات الجنوبية التي تشهد سقوطا مدويا بكل الأصعدة التربوية والسياسية والثقافية..