إنها لعنة الظروف يا حاشد
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و يومين
الثلاثاء 19 أكتوبر-تشرين الأول 2010 06:06 م

لن أكون مؤيدا للحوثي إن قلتُ بأن كل شيء يقف في صفه اليوم، لكنها لعنة الظروف التي تحتشد بهذا الشكل في بعض الأوقات..

بعيدا عن موقف الشعب مما يجري، لأن لسان حاله: "يطيروا ملح" و "من تزوج أمنا صار عمنا" هناك عوامل كثيرة ترجح كفة المشروع الحوثي، وإن كان للنظام الحاكم يد ورِجل في إيجاد بعض هذه العوامل، بشكل مباشر أو غيره..

العامل الأهم، جغرافي، فحاشد التي استطاعت إيقاف تقدم الحوثي عموديا في مديرية حرف سفيان، ليس بمقدورها إيقاف تمدده أفقيا باتجاه الجوف وحجة، بل لن يكون بمقدورها فعل شيء للطوق الذي قد يفرضه الحوثي عليها..

انظروا إلى الخارطة وستجدون أن قبيلة حاشد في ورطة فعلية، لأنها ستتحول إلى مقاطعة صغيرة وسط أربع محافظات حوثية كبيرة إن حدث لصنعاء شيء، كما أن جزءا كبيرا من محافظة عمران، التي هي مركز قبيلة حاشد، يقع اليوم تحت سيطرة الحوثي، أعني مديرية حرف سفيان..

لم يعد الأمر متعلقا بتماسك الصف الحاشدي بقدر تعلقه بالورطة الجغرافية التي أوقعت هذه المحافظة داخل تلك المحافظات وأوقعت حاشد داخل هذه المحافظة، ولهذا لا معنى لتحركات وتبرعات الشيخ حسين الأحمر الأخيرة مادام أنها لم تجاوز حدود القبيلة..

لستُ مخولا بإسداء النصيحة لأحد، لكني لو كنتُ في مكانه أو في مكان أسرته وبإمكانياتها المتنوعة، لتصرفتُ بشكل مغاير تماما..

يسيطر الحوثي اليوم على عشر مديريات في أكبر محافظة يمنية شمالية، محافظة الجوف، وتأتي إليه الوفود مبايعة من محافظات مجاورة. محافظة مأرب التي اعتقد الكل أنها مغلقة عليه.. والحوثي لا يريد من هذه المحافظة أكثر من معبر ليتصل بسلسلة طويلة من القبائل الزيدية التي تمتد حـتى سنحان. ربما يعود إلى أذهانكم الآن تهديد يحيى الحوثي للرئيس: "لو اندلعت حرب سابعة فسيكون بمقدورنا الضرب داخل سنحان"..

في الاتجاه الآخر، مدينة الحديدة قابلة للسقوط في أية لحظة، فليس لدى سكانها ما يدفعهم لأي مقاومة، إنهم مجرد عمال في أرض إقطاعية يمتلكها مشايخ ونافذون "جبالية".. لكن الحوثي لا يريدها الآن، فليس بمقدوره أن يحارب كمتمرد ويدير كدولة في نفس الوقت، غير أنه قد يوسع رقعة الأرض التي يحارب عليها إن استدعى الأمر. ربما يعود إلى أذهانكم الآن ما قاله حسن زيد في حوار مع قناة العربية: "بمقدور الحوثي أن يسيطر على عبس وميدي وحرض وغيرها لو استُفِز"..

من العوامل المهمة جدا، المباركة، فلن يكون بمقدور الحوثي السيطرة على أكبر محافظة في الشمال (الجوف) لو لم تكن هناك مباركة محلية، فعلى الرغم من سقوط عشر مديريات في يد الجماعة، إلا أننا لم نسمع بحرب في الجوف، بل مناوشات هنا وهناك، بين جماعة الحوثي ومسلحي القبائل الرافضين لتواجده هناك..

أختلف مع من يقول بأن توغل الحوثي في الجوف تم بمباركة رسمية لأغراض تتعلق بالخلاف مع الجارة السعودية، فلن يكون بمقدوره ذلك إن كانت قبائل هذه المحافظة رافضة له، كما لن يكون بمقدور السلطة منعه إن كانت هذه القبائل مرحبة به.. للحديث بقية..

*عن الناس