عمر البشير والرئيس اليمني ...قواسم شتى
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 20 يوماً
الجمعة 01 أكتوبر-تشرين الأول 2010 05:30 م

ليس بالإمكان الحكم على رئيس دولة دون النظر في مستوى دخل ومعيشة مواطنيه ، ويصير هذا الربط غاية في الأهمية في حال أن كان هذا الحاكم ديكتاتورا يصر على التمسك بالسلطة حتى آخر لحظة في حياته ، والرئيس السوداني يعتبر أحد أكثر الحكام استبدادا وتسلطا في منطقتنا ، إلا أن الفرق بينه وبين بقية الحكام المستبدين في العالم العربي أن بلاده تعاني من حروب دائمة تشبه إلى حد كبير ما يحدث لدينا في اليمن ، وهذا ما لا نراه مثلا في سوريا أو تونس أو ليبيا رغم أن تلك الدول يحكمها أشخاص أنانيون لا يرون في الكون سواهم مقدرة على حكم بلادهم إلا أنهم بشكل أو بآخر استطاعوا أن يحققوا شيء من التنمية والاستقرار لبلدانهم .

يبلغ دخل المواطن السوداني 1230 دولار في السنة حسب آخر إحصائية لعام 2010م تليها اليمن مباشرة بدخل وقدره 1060 دولار في السنة وهما أقل دخل على مستوى الدول العربية ، وتعاني الدولتان من فقر وحروب ومعارضة شديدة تقابلهما سلطة عنيدة تصر على المضي قدما في جر البلاد إلى مزيد من الأزمات بقلب وضمير بارد ولا مبالي .

تولى عمر البشير الحكم في السودان بعد أن قاد انقلاب عسكري في عام 1989م وقام بتشكيل مجلس ( قيادة الثورة ) أحتفظ فيه لنفسه بمنصب رئيس الدولة والحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وقام بترقية نفسه إلى مرتبة مشير ، ثم ما لبث أن قام بحل ذلك المجلس ليتولى بنفسه منصب رئيس الجمهورية ابتداء من 16 أكتوبر 1993م حتى لحظة كتابة هذا المقال ، طبعا تخللت تلك الفترة انتخابات مختلفة كان يفوز بها بشكل مطلق بعد أن حل كل الأحزاب السياسية في البلاد واعتقال المعارضين ومصادرة مقراتهم وصحفهم والتشنيع بهم ، كما خاض حرب مقدسة ( كونه ينتمي إلى تيار إسلامي ) ضد مواطنيه في الجنوب ، وكانت احتفالات القتلى في الجيش السوداني وطريقة زفهم إلى الحوريات تبعث على الكثير من الألم والأسى على الجنود الشباب الذين ذهبوا حطبا في حرب دمويه وعبثية لا طائل منها ، وأعلن تطبيق الشريعة الإسلامية . لم يكتفي بذلك وحسب ، فقد تخلص قبل ذلك من شركائه في الانقلاب وأقصى زعيمه الروحي حسن الترابي من جميع مناصبة وألزمه بالإقامة الجبرية في منزله مما زاد من حدة الاحتقان السياسي لما كان لحسن الترابي من شعبية واسعة آنذاك .

بعد حرب الجنوب تفجرت أزمة دارفور ورفعت المعارضة الشمالية في وجه البشير السلاح وتدهورت البلاد إلى مرحلة التشطي ، فها هو الجنوب على وشك الاستقلال من خلال استفتاء شعبي معظم الدول العظمي في العالم تتابعه وتدعم بشكل ضمني أو علني خروج الجنوب الزنجي عن هيمنة العرب في الشمال ، كما تنادت دعاوى ذات مضمون انفصالي في إقليم دارفور ، إلا أن المنعطف الأهم هو صدور مذكرة توقيف من قبل المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور وطلب تقديمه للمحاكمة .

أن المتابع للتلفزة السودانية سيلاحظ أنه ورغم كل هذا الفشل في السودان بسبب الحكم المبني على الفردية أنه هنالك منجزات عظيمة تحققت في عهده ، وهذا لا يختلف كثيرا عن إعلامنا الذي يطبل عليه اللوزي ليل نهار بحق الرئيس علي عبدالله صالح .

تبلغ قمة التشابه بين الرئيس اليمني والبشير هو أنهم عساكر وأنهم وكنتيجة حتمية للحكم المفرد أن بلادهم أكثر عرضة للتمزق وأن الحروب الأهلية تنهش أطرفهم ، كما أن حالة الشعبين في حالة لا يحسدون عليها أبدا ، وأن الإصرار على التمسك بالحكم رغم كل هذا هي سمة يتفق عليها كل ديكتاتور عبر التاريخ حتى وأن وصلت نتيجة حكمهم إلى مرحلة مأساوية .

أن كنا نشفق كثيرا ونتعاطف جدا مع الشعب السوداني الذي نأمل له قبل غيره أن يتخلص من هذا الاستبداد الضار ، إلا أننا نأمل من رئيسنا أن يرعوي قبل أن يأتي اليوم ونرى مذكرة قبض مشابهة تصدر في حقه ،فهذا القتل الممنهج الذي يحدث في الجنوب وقبلها في صعدة لا يمكن له أن يمر مرور الكرام .