الجماعات المسلحة لغز يهدد أمن المواطن وسيادة الوطن!!
بقلم/ د. عبد الملك الضرعي
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و يومين
الأحد 26 يونيو-حزيران 2011 11:10 م

انتشرت في الفترة الأخيرة أصناف مختلفة من الجماعات المسلحة ، تلك الجماعات بعضها معلوم وبعضها الآخر مجهول؟؟؟ لقد أصبح من المألوف مثلاً في العاصمة صنعاء أن ترى سيارة جيب مدني (بدون رقم) وبداخلها مجموعة من الشباب المسلحين ، فيبرز تساؤل من هؤلاء ومن سمح لهم بالتجول في شوارع العاصمة بالأسلحة وبسيارات بدون أرقام على الرغم من وجود عشرات النقاط العسكرية في مختلف شوارع الأمانة!!! ويبدو من خلال متابعة وسائل الإعلام واللقاءات الميدانية في المحافظات المختلفة أن تلك الظاهرة منتشرة في مختلف المحافظات.

لم يكن أحد أن يتوقع منذ أشهر مضت أن تصبح اليمن السعيد ساحة للأزمات الاقتصادية في العمل والغذاء والمشتقات النفطية وبقية المتطلبات المعيشية وبشكل غير مسبوق ، ولكن ومع قبول السكان بمصاعب المعيشة التي يعاني منها اليمنيين منذ سنوات ، نتيجة تصاعد أسعار صرف العملة بشكل غير مسبوق وفساد الإدارة الحكومية ، ومع ذلك ظل اليمنيين صابرين على قدر الله يدعونه العون وتغير الحال ، إلاَّ أن ظاهرة جديدة تطرح لغزاً جديداً ومحيراً يطلق عليه الجماعات المسلحة مجهولة الهوية أضافت عبء جديد من الخوف والرعب ساد بين المواطنين مما أدى لتفاقم مشكلة النزوح الداخلي ، ويمكن مناقشة ذلك بداية ببرقية لمدير أمن حضرموت أوردتها مصادر إعلامية عممت على جميع الجهات الأمنية قبل 3 أيام من فرار سجناء القاعدة من سجن المكلا تفيد بأن مسلحين من خارج محافظة حضرموت دخلوا إلى المكلا وينزلون في عدة فنادق بالمدينة، ينوون القيام بأعمال تخريبية- طبعاً لم يتخذ ضدهم أي إجراء - حتى بروز مشكلة هروب من يوصفون بأعضاء القاعدة في سجن المكلا!!! وقبل ذلك ظهرت هذه الجماعات في محافظات أبين وتعز وعدن ولحج، إن تلك الجماعات تسرح وتمرح كما يقول السكان المحليون دون تدخل من رجال الأمن؟؟؟ .

إن الخطورة فيما حدث بكل من أبين ولحج مثلاً، أن يواجه المواطن مصيره الحتمي لوحده دون وجود جيش أو أمن يحميه ، والأخطر من ذلك حدوث معارك بمختلف الأسلحة مع جماعات مسلحة ، تشكك بعض المصادر المحلية في الرواية الحكومية التي تقول أنها من تنظيم القاعدة ، ثم كيف تستمر المعارك جو وبر وبحر منذ أسابيع ، ولم يعرف الشعب حقيقة تلك المعارك التي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة؟؟؟!!!! ، ويشكل الانتشار السريع لهذه الجماعات المسلحة علامات استفهام حول أهداف نشرها في مراكز مدنية يندر فيها حمل الأسلحة، ويمكننا هنا ومن خلال ما تورده وسائل الإعلام المختلفة ألإشارة إلى عدة أنواع من هذه الجماعات:

1- جماعات القاعدة وهذه حسب العديد من المصادر تتركز في شرق اليمن بشكل خاص ، ويتوقع أن أعدادها بالمئات فقط ، وتشكل ورقة القاعدة أحد الأوراق السياسية التي تمثل سيف ذو حدين ، حيث يمكن استثمار هذه الورقة لجلب الدعم الخارجي، ويمكن في نفس الوقت أن تكون السبب المباشر للتفريط بالسيادة الوطنية لنفس الأطراف الخارجية.

2- الجماعات القبلية المسلحة: وهذه الجماعات تزداد بروزاً مع ضعف الدولة المركزية، وتنتشر اليوم في مختلف محافظات الجمهورية ، فبعد أن تراجع دورها منذ حركة (13) يونيو التصحيحية بدأت تعود للظهور بعد اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي ، بل في بعض المحافظات الوسطى وعلى وجه الخصوص محافظة تعز بدأت هذه الجماعات تلعب دوراً مؤثراً في توازن الرعب داخل مدينة تعز بعد اقتحام وإحراق ساحة الحرية ، لذلك ومما يؤسف له أن السلطة المركزية ونتيجة سؤ إدارتها للملف الأمني ساعدت على بروز جماعات مسلحة قبلية تستخدم مختلف أنواع الأسلحة في مواجه الجيش والأمن وفي محافظات عدة ، ويضاف إلى تعز مناطق في أبين وصنعاء(أرحب – نهم – الحيمة) وغيرها ، ويمكن السيطرة على الجماعات المسلحة القبلية بوجود حل للمأزق السياسي الحالي وقيام دولة مدنية تستند إلى جيش وطني محترف ، وتحقق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن وتكرس العدالة والنظام والقانون ، وقد أثبتت ساحات التغيير والحرية على مستوى الجمهورية مدى التزام القبائل بالخيار السلمي على الرغم من قدرتهم على مواجهة القوات الأمنية.

3- جماعات مسلحة أنشأها الحزب الحاكم : وهذه متعددة فمنها ما يسمى كتائب الثأر لليمن والرئيس ، ومنها ثابتة في بعض المخيمات التابعة لأنصار الحزب الحاكم ، ومنها جماعات متحركة تتواجد في العديد من المحافظات اليمنية في أحياء المدن والقرى ، يعتقد قيام الحزب الحاكم بتسليحها بأسلحة شخصية وذخائر ، ودليل هذا الاتهام ملايين الطلقات النارية التي أطلقتها تلك الجماعات المسلحة منتصف ليلة 8/6/2011م ابتهاجاً كما قيل بسلامة الرئيس، كما أن تلك الجماعات تتهم إعلامياً ببعض الأعمال المضادة لقوى التغيير ، ويصل الحال حد اتهامها من قبل المعارضة أنها تقف خلف العديد من الأزمات التي يعاني منها المواطن اليمني.

4- جماعات مسلحة تابعة لقوى المعارضة : يؤكد الحزب الحاكم أن هناك جماعات مسلحة تابعة لقوى المعارضة مثل جماعات تابعة للحوثيين أو أحزاب اللقاء المشترك ،وتدعي المصادر الإعلامية الرسمية أن هذه الجماعات تقف خلف معظم القلاقل الأمنية والاقتصادية في العديد من محافظات الجمهورية.

5- بعض الحركات المسلحة في المحافظات الجنوبية ، فعلى الرغم من الخيار السلمي للحراك الجنوبي ، إلاَّ أن بعض الحركات والأجنحة تتبنى الخيار المسلح ، ولا يزال الغموض يكتنف بعض هذه المجموعات المسلحة حيث تشكك مصادر إعلامية بارتباط بعضها بالسلطة المركزية ، مبررة ذلك باستخدامها كورقة أمنية في مناسبات معينة ، ولكن لم تُقدم براهين على تلك الشكوك.

6- جماعات مسلحة صغيرة بدأت تنمو مع الفراغ السياسي وتلاشي بعض مؤسسات الدولة ، وهذه خطيرة جداً لأنها ستكون ككرة الثلج ويمكن استقطابها من أي جهة داخلية أو خارجية ، ويمكنها أن تتحول إلى عصابات إجرامية يصعب السيطرة عليها في المستقبل.

أخيراً أن تصاعد القلق الأمني سيؤدي إلى عواقب داخلية تتمثل بالخوف والرعب الناتج عن سيطرة الجماعات المسلحة على التجمعات السكانية الحضرية أو الريفية ، كما سيؤدي القلق الأمني أيضاً لفتح الباب للتدخل الأجنبي بمبرر حماية أهم طرق الملاحة الدولية ومحاربة القاعدة ، إن الخروج من هذا المأزق يتطلب تفويت الفرصة على الجماعات المسلحة الداخلية أو القوى الخارجية من خلال المعالجة السريعة للملف السياسي ، وتوحيد جهود القوات المسلحة والأمن في فرض الأمن وحماية السيادة الوطنية ، لذا يمكن القول أن قواتنا المسلحة الباسلة التي نثق في خياراتها الوطنية ، هي الرائدة لمسك زمام المبادرة وإنقاذ الوطن من المستقبل المجهول ، نرجوه تعالى أن يحمي وطننا الحبيب من كل مكروه.

aldurae@gmail.com

مشاهدة المزيد