يهددون ثورة اليمنيين بميت لتقبل بنصف ميت
بقلم/ د. حسن شمسان
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 21 يوماً
الإثنين 06 يونيو-حزيران 2011 08:26 م

إن الآراء ووجهات النظر؛ إذا لم تتحر الدقة عند قراءة الأحداث وتنظر إليها من جميع زواياها؛ فإنها قد تجانب الصواب فيما تفضي إليه قراءاتها من استنتاجات؛ لأن ضعف الرؤية الثاقبة لما وراء السطور، أو قراءتها بعين واحدة؛ يفضي إلى حكم عارٍ عن الصحة وبالتالي الإقناع، لهذا تجد قراءات لمشاهد وأحداث الثورات العربية تنتهي إلى لوم بعضها واصفة إياها بالمتأخرة تارة وبالفشل تارة أخرى، وهذا النوع من اللوم لم تسلم منه حتى الأنظمة التي داهمتها الثورات من أخواتها التي ما تزال حاكمة، فهذه الأخيرة تلوم الأنظمة لأنها لم تستطع كبح الثورات، أو حتى محاولة تأخيرها وإفساد ثمارها.

والحقيقة أن الذين يتوجهون باللوم سواء للثورات أو الأنظمة يكون لومهم أو اتهامهم غير منطقي لأنه اعتمد على مقارنة سطحية ارتكزت على المقارنة بين الثورات التالية بثورات السابقة دون النظر أو التأمل عميقا في ما حيك ويحاك حولها من مؤامرات ومقامرات، فلا الذي يلوم الثورات يدرك ماذا يعني ألمها والمؤامرات التي تحاك ضدها، ولا الذي يلوم الأنظمة يدرك الفرق بين نظام [مؤسسي[ وآخر [عصبوي]، فهذا الأخير سرعان ما يسقط لكن شريطة ألا يسنده نظام آخر، أما إذا تحقق شرط الإسناد؛ فإن هذا يعني طول المقامرة والعناد وسوء الفساد، وتتحول السلبية العصبوية لتفت في جسد الثورة، كما لا يسلم منها النظام المساند من الخسارة المادية واللوم المعنوي الأخلاقي؛ من شدة سوء ما يدبره النظام العصبوي ويديره في الأقوال والأفعال، فمن حيث الأقوال لا ترى رئيسه في خطابته يبين، ولا في أفعاله يلين، ليجعل نفسه في صورة ذلك الأبكم الأصم، فهو كل على مولاه أينما يوجه لا يأتي بخير، فذلك مثل النظام اليمني ومثل مولاه الشقيق والصديق.

لأنه معروف إذا وفر نظام ما السند والمدد للنظام العصبوي وتركت خطة التنفيذ للأخير؛ فإنه لا يأتي بخير، فهو كلما خطط لأمر انقلب عليه، وهذا لا شك يكلف الثورة في ثروتها والأنظمة الداعمة في ثروتها وسمعتها، وإنني أقول – يقينا – ويشاركني الأغلب – أن التدخل الخليجي عبر المبادرات هو من مد في عمر العصابات ليمتد معه الفساد ويطول فلا تجدي به تأثيرات هتافات الثورة (الشعب يريد إسقاط النظام)؛ وإن كانت الصيحات ذات نفس طويل ودعاء عريض؛ ما دام أن النظام العصبوي وراءه نظام قريب يدعمه ويشد من عضده، وهذا النظام القريب الشقيق وراءه نظام يسنده، إنه عصر توالي الأنظمة وتشابكها وانفراد الثورات، فهذا السند والمدد هو من جعل الأبكم يستمر في الكلام, والأعمى يستمر في حركته دون سقوط، وكان عمى النظام العصبوي في اليمن - الذي ترك له التخطيط فكان كل مرة يخطط فيها يقرب بزواله – كفيل بأن يسقط من أول خطة دبر لها، وأعني جمعة الكرامة، فقد خطته في هذه الجمعة كفيلة بزواله، لولا تدخل مبادرات الخليجين، التي جعلت الأبكم فصيحا، والمتأرجح الموشك على السقوط متوازنا، بيد أن النظام ما يلبث أن يقف ويتوازن حتى يعود ليخطط ويوشك على السقوط أو يكاد؛ لكن لا يمهم ذلك ما زالت المبادرات الخليجية تظلله وتولد الجديد، وهو يخاطبها في كل مرة: هل من مزيد ؟ ولا يملك الأشقاء إلا التلبية والمزيد، خوفا من اقتراب أجل سقوط النظام وتصير أرادات الشعوب حديد.

إن جهود الخليجيين ما زالت معطاءة للنظام، وإذا ما سبقت مبادرات عملت على إحياء الموتى مجازيا؛ فإنها وبالقدر نفسه كفيلة أن تحيي من مات حقيقة لا مجازا؛ فهذه الجهود كفيلة بل مستعدة لأن تلد مبادرات تحيي الموتى، أو تؤجل زمن دفنهم، وتبرئ الأكمه والأبرص؛ ما دام هناك عمليات تجميلية بمساعدات دولية، وقد يبرز في المشهد المأساوي شخص آخر يحمل هوية علي صالح، ويتوشح بوجه علمدار، وقد هيأ مثل ذلك سيناريو محتمل توفير مادة إعلامية دسمة تمثلت في تصريحات أكدت على حصول تشوهات في وجه صالح؛ لهذا هم يهدوننا بميت - سواء حقيقة أو مجازا - سيعود إلى اليمن قريبا لنرضى بحكومة نصف ميت، وإذا كان هذا فعل نظام واحد، فكيف بحال الثورة وجميع الأنظمة الشقيقة والصديقة تتداعى عليها كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.

إن ما يجب أن يعلمه الجميع - وإن كانوا لا يعلمون – ويسمعه الجميع – وإن كانوا لا يسمعون - ويعقله الجميع – وإن كانوا لا يعقلون - أن قدرة الله فوق الجميع، ووالله لو أن النظام اليمني يمده من بعده سبعة أنظمة بل كل الأنظمة ما نفدت الحكمة اليمانية، وما عجزت أن تستمر بثورتها إلى أن تلد مهرها؛ وإلا فأن اليمنيين غير جديرين بوسام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وسمنا بالإيمان والحكمة، وإيماننا بالله والثقة بنصرة، وحكمتنا هما من سيقفان لكل الأنظمة المتآمرة بالمرصاد، لأن إيماننا وحكمتنا تجعلنا واثقين وراكنين بأننا بين يدي الله وهو أسرع الحاسبين وخير الماكرين، وقد ركنت الأنظمة إلى حسابات السياسة ومكرها؛ وسرعان ما سوف يتكشف لهم خطأ حساباتهم وخيبة مكرهم، وسيعلم الذين على ثورتنا يتآمرون وأعزة أهلها يذلون – (وكذلك يفعلون) – (أي منقلب ينقلبون).