مثل كل مواطن يمني حر شريف ، أتمنى من أعماق قلبي وخالص عواطفي ومشاعري ، أن يكون علي صالح وكل من وردت أسمائهم بجانبه ، قد تعرضوا بالفعل للحادث الأشهر في تاريخ ثورة شعبنا اليمني ، المتمثل في اغتيال صالح وشلة فساده وإجرامه يوم الجمعة الماضية الموافق 3/6/2011 م ، لأن ذلك الإغتيال إن كان قد حدث بالفعل لأولئك جميعا وبتلك الصورة وذلك الأسلوب ، فإن المولى عز وجل قد حقق فيهم عدالته في أبهى وأحكم صورها ، لأنهم لو وقعوا في قبضة العدالة بعد نجاح الثورة وتحقيق أهدافها ، فإن العقاب العادل الذي سينالوه هو إقامة حد الحرابة عليهم ، لأنهم أفسدوا في الأرض وأثاروا الفتن وقتلوا النفس المحرمة وكانوا في طريقهم لإدخال الوطن بأكمله في أتون حرب أهلية ستأكل الناس والأخضر واليابس في البلاد .

منذ انطلاق الثورة السلمية والصور تتضح كل يوم لأبناء اليمن ، ومثل طول فترتها فائدة عظيمة لنا كشعب ، إذ تساقطت الكثير من الأوراق وأزيح الستار عن مشهد مرعب إستمر 33 عاما من الحكم الأسري العصابي القبيح ، لنشاهد وطنا معدوم السيادة في أبسط معاييرها ، ونرى مراكز القوى تتصارع بينها في مشاهد فيلم مثير ليس في لقطاته أي وطنية حقيقية ، تدفع أحد الأبطال للرحيل والتنازل من أجل حقن دماء اليمنيين ومصلحة وطنهم ، التي تشدقوا بها طوال عقود من الزمن زورا وكذبا وبهتان ، بل وجدناهم على أتم الإستعداد لطحن الوطن وتقديم الشعب قربانا رخيصا من أجل بقاء مراكزهم ونفوذهم العسكري والسياسي والأسري ، ثم بانت أهم الحقائق المؤلمة الموجعة ، فرأينا بأم اعيننا إرتهان أولئك للقرار والمال الإقليمي ، وكأنهم مجرد موظفين لدى شركة يملكها آل سعود ، وليس رجال دولة تتمثل أولى مهامهم في حماية الوطن والحفاظ على إستقلاله ورفض الهيمنة والوصاية عليه من أي جهة كانت .

في إعتقادي الشخصي أن تلك الهيمنة السعودية وتبعية السلطة ومراكز القوى تضع الف علامة استفهام عن حقيقة ما حدث في دار الرئاسة ، وتكشف بدون خجل او زيف مقدار المؤامرة وهولها على الثورة اليمنية من قبل الأشقاء الذين لا يهتمون مطلقا بمصلحة اليمن وخير شعبه ، لأن ما يشغل تفكيرهم هو تنفيذ استراتيجية الفوضى في اليمن وإبقائه في دائرة الضعف ، تقيدا بوصية تتنافى وروح الإسلام وأخلاق البشر ، وإنني إذ أؤمن بقناعة كاملة بخطورة الدور السعودي في اليمن ، فإنني أحلم مثل كل مواطن يمني غيور على بلده ، أن يكون وطني حرا مستقلا في سياسته وإدارة شؤون حياته ، بعيدا عن أي تأثير سلبي من أي دولة كانت ، مع قناعتي المطلقة ايضا بأحقية تبادل المنافع والمصالح الأخوية والبشرية ولكن في إطار القانون والمصلحة العليا للبلاد .

ليس بيننا والأخوة في الخليج اي احقاد او خلاف ، بل إننا كشعب نكن لتلك الدول وشعوبها كل معاني الاخوة والتقدير ونحتفظ لهم بجميل ما قدموه لبلادنا خاصة دولة الكويت ، لكننا نشعر بألم ونتسائل بصدق عن سبب ذلك الإصرار في فرض هيمنتهم على بلادنا ووقوف بعضهم سدا منيعا أمام ثورة شعبنا الساعية لتطهير وطننا من حاكم وسلطة فاسدة كان وكانت السبب لوجود تلك الهيمنة التي امتدت خيوطها اليوم ، لتضع كل العراقيل أمام ثورة الشباب عبر ما سموه المبادرة الخليجية أو تحريك مراكز التبعية هنا وهناك لتمثل حجر عثرة كلما تقدمت الثورة خطوة إلى الأمام .

ربما طالت المقدمة قليلا ، بسبب وجوب سرد كلماتها من اجل توضيح بعض النقاط التي سنتناول بعضها في مواضيع قادمة ، سنسعى من خلالها لنشر ثقافة الإستقلال اليمني من تبعية الآخرين ، وبناء وطن لا مكان فيه لمال ومراكز قوى مهمتها الأولى تنفيذ مخطط المدربين الأشقاء في ساحة ملعبنا الوطني ، والذي شهد يوم الجمعة الماضية خطة محكمة التخطيط والإخراج ، لعلها تقضي على الثورة اليمنية السلمية ، وتفرض سيناريو مشابه للحكم السابق ، خاصة بعد فشل كل المحاولات لإجهاض ثورة شعبنا نتيجة صمود جماهير شعبنا اليمني العظيم في الساحات وتقديمه آلاف الشهداء والجرحى في طريق تحقيق أهداف ثورتهم السلمية .

حتى هذه اللحظة لا يوجد دليل قاطع يثبت صدق حادثة اغتيال صالح ، فلم نشاهد صورة له او لأحد أفراد شلته الذين كانوا معه أثناء الحادث ، ولعل ذهاب الكثير لتكذيب كل ما ورد في الإعلام اليمني الرسمي ، أمر مباح عرفا وأخلاقا لمعرفتنا كشعب بأن كل ما يقال فيه كذب وتزوير وتحريف ،والمقطع الوحيد في فيلم الإغتيال والمعتمد من قبل البعض كدليل يثبت صحة الحادثة ، هو البيان الملكي الرسمي السعودي ، لكنه حسب قول المشككين قد يكون احد الأدوار في ذلك الفيلم الأسود الخالي من اي صورة أو صوت ، يؤكد وقوع الحادث في ذلك المسجد الذي نشرت صوره بعد الحادث ، والتي فرضت أيضا علامات إستفهام نشرت ضبابية إضافية تمنع التعرف على حقيقة أو كذب فيلم الإغتيال .

أعتقد أن المشهد يمنحنا الحق الأخلاقي لنطرح العديد من الأسئلة حتى نتأكد كشعب وهذا حق من حقوقنا ، من تعرض السفاح صالح والقتلة المحيطين به لذلك الحادث ، فإلى جانب تساؤل الكثير عن السبب من وراء منع نشر صوره وصور ضحايا الحادث حتى الآن ، فإننا نتسائل عن سبب إختيار دار الرئاسة للقيام بمحاولة الإغتيال ؟ ثم لماذا بالتحديد وقت الصلاة وهم ساجدون ؟ وما سبب غياب أسماء أخرى من تلك الأسماء التي بقت مع صالح ؟ وإن كانت العملية تمت وهويصلي فأين شريط التصوير التلفزيوني ؟ فالكل يعلم بأن صالح مغرم بالتصوير ومدمن على الظهور كبطل شجاع لا يخاف ، وفريق التصوير التلفزيوني معه دائما ، ولو كان يصلي لكان التصوير قائما حتى يتم إخراجه فيما بعد وكأنه كان يصلي في جامعه المسمى " الصالح " ليثبت أنه لا يخاف من أي تهديد أو وعيد .

في اعتقادي أن اختيار دار الرئاسة لتنفيذ مشاهد الفيلم الوهمي ، أمر هام وضروري الهدف منه منع وصول الحقيقة للناس ، لأن العملية لو تمت في مكان آخر لشاهده البعض وشهدوا بصحتها وتم تصويرها بالتلفون من أي شخص ، ثم إن الحرص على أن تتم عملية الإغتيال وهو يصلي يكشف رغبة صالح في الظهور بمظهر الشخص المؤمن الذي منحه المولى حسن الخاتمة وكشف بشاعة وجرم من قاموا بتلك العملية حسب الإعلام الرسمي ! والسؤال هنا لماذا تم تأخير التفجير حتى الركعة الأخيرة ولماذا لم يتم أثناء الخطبة فوقتها الطويل يمنح المنفذ الفرصة الكاملة للنجاح أم أن صالح وشلته صلوا بدون خطبة من الأساس ؟ .

إن غياب بعض الأسماء عن الصلاة كالإرياني وابناء صالح وتحديدا عبدربه منصور هادي يثبت الحاجة لبقائها من أجل لعبها دور معين في المستقبل ، وبقدر قناعتي بالقضاء والقدر وإيماني بأن الأعمار بيد الله ، فإن التساؤل سيكون منطقيا عن سبب تعرض صالح لإصابة خفيفة كحروق من الدرجة الثانية وشظايا بينما مات قائد حراسه وسبعة منهم وتعرض البعض لإصابات خطيرة وحرجة فبترت أعضاء وطارت عيون وأحرقت أجساد بالكامل !!ربما كان الرجل يصلي في الصف الأخير حد قول أحد المعلقين على خبر الإغتيال في أحد المواقع ، ولتفنيد كل هذا الكلام وإثبات أن كاتبه سخيف ومجنون فإن من سيقول ذلك مطالب بإظهار صور الحادث أو صور الضحايا حتى نصدق فيلم الإغتيال مهما كانت بشاعة الصور ، فقد تم خلال عمر الثورة نشر آلاف الصور للشهداء والجرحى أمام العالم ، وليس هناك فارق في الأمر ، وإذا كان صالح وإعلامه الكاذب قد شكك منذ اليوم الأول للثورة في كل الصور التي بثت مدعيا انها جثث معدة سلفا والدماء مجرد أصباغ ، فكيف يمكن لنا أن نصدق حادث الإغتيال ولم نشاهد من مقاطعه أي شيء حتى الآن !!

إن الأحداث التي سبقت حادثة الإغتيال المفبركة بحاجة للدراسة والتحليل أيضا ، فالقرار الدولي بضرور رحيل صالح وخروجه بلغ أعلى درجاته في الأسبوع الأخير قبل حادث الجمعة الوهمي ، خاصة بعد استخدام صالح لورقة القاعدة المكشوفة وتهديده بالحرب الأهلية في البلاد ، فكانت الأوامر بخروجه نهائية ما لم فملفه سيفتح مع كبار مساعديه في محكمة الجنايات والواضح ان إبلاغه بذلك تم بصرامه ، وأكد ذلك تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية قبل الحادث بثلاثة أيام حيث قالت بالحرف بأن على صالح وكل أركان سلطته أن يرحلوا فورا من أجل سلامة واستقرار اليمن ، ثم تبع ذلك زيارة مبعوث أوباما إلى السعودية والإمارات وبالتأكيد فإن ذلك تم لتنفيذ شيء ما !.

لقد ظل صالح طوال مرحلة الثورة وتحديدا بعد جمعة الكرامة ، يفاوض ويناور من أجل منحه الحصانة وعدم محاكمته ، وبرغم كل الوعود والعهود المحلية والإقليمية لم يثق صالح أبدا ، لأنه رأى مشاهد سابقة تؤكد أن القوى الدولية بعد ان تخلع أحذيتها المستخدمة تنساها تماما ولا تهتم بمصيرها ، وهو إلى جانب عدم إيمانه بتلك العهود كشف عن مقدار خوفه من غدر الواعدين وهو معلم في الغدر بالناس ، فكان فيلم الإغتيال مخرجا مناسبا من مأزق المحاكمة وطريقا آمنا أوصله إلى الأراضي السعودية .

لاحظوا أيضا تخبط وتناقض التصريحات من اليمن إلى السعودية ، فكيف لشخص مصاب بحروق وضربة في الرأس والرقبة وانتشار الشظايا في جسده خاصة تلك التي بجانب القلب ، كيف له أن يفاوض على سفره للعلاج أو بقائه في اليمن ، ثم ما الداعي لذلك الخطاب الذي لم يحمل سوى رسالة واحدة تم إخراجها بعناية وهي إتهامه لآل الأحمر بمحاولة قتله ومن بجانبه ! وهل يمكن لقناة العربية أن تظهر شريط التصوير الخاص بوصوله المطار ونزوله السلم وسيره على قدميه حسب خبرها ، وما هي الرسالة الموجهة ولمن بالتحديد ؟

الواضح من الأحداث ان تهريب صالح كان هما كبيرا لدى السعودية وأمريكا بالتحديد ، خاصة بعد شعور الدولتين بتسارع الأحداث في الأسبوع الأخير نتيجة العنف الوحشي ضد المعتصمين في تعز وضرب منزل الأحمر والسيطرة على المباني الحكومية من قبيلة حاشد ، وأيضا إعلان المشترك موت المبادرة الخليجية وهذا ما جعل البعض يحمل السعودية وعمان المسؤولية الكاملة في تصاعد الأحداث في اليمن ، واكتملت الصورة بتهديد القبائل لصالح وهدر دمه فصار بين أمرين إما القتل على يد شعبه أو الدخول إلى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات ليقتنع بعدها بخطة التهريب كحل سحري ربما رسم حروفه ( عوبلي سعودي ) تفوق بمكره ودهائه على عوبلي اليمن الذي آمن به صالح سنوات طويلة خلال فترة حكمه .

إن الإستماع لشهادات الوزراء ومن كان يذهب للقاء صالح في دار الرئاسة عن الإحتياطات الأمنية المتبعة ، يجعلنا نتسائل بصدق عن حقيقة الفيلم من عدمه ، ثم إن صالح يملك من الوسائل الأمنية المتطورة ما يؤهله لكشف أي عبوة ناسفة أو قنبلة مزروعة في طريقه الأمني ، والواضح من الصور المنشورة للمسجد وبحسب كلام المعلقين في كل المواقع والصحف أن العملية إن تمت فقد تمت بقنبلة متفجرة من داخل المسجد ولا دليل على إطلاق صاروخ او قذيفة من خارج المسجد من خلال الصور المنشورة .

شيء ما مفقود في هذه العملية ولعل خروج صالح وبقاء أولاده يؤكد أن ذلك الشيء بحاجة للظهور ، فهل يعقل أن يصاب الأب ويتم ترحيله للعلاج فيما أولاده مكثوا في البلاد من أجل الصراع على السلطة ؟ ثم إن الناس ذهبوا لتصديق الحادثة بعد أن تم تداول إسم ما قادر على القيام بها نتيجة ثقل مركزه في أوساط الحرس الجمهوري والخاص ، لكن ظهوره مع نجل صالح ومساندته له للصراع على السلطة أكد أيضا أن هنالك سرا بحاجة لمن يكشفه في القريب العاجل .

حتى نشاهد صالح ومن كان معه وبجانبه في تصوير تلفزيوني واضح يثبت إصابتهم ويظهر إعاقتهم ، خاصة وأغلبهم تعرضوا لبتر الأيادي والأرجل فإن الإعتقاد بتهريب صالح ومن بجانبه من قبل آل سعود أمر وارد ، وما رأيناه مجرد فيلم لا أقل ولا أكثر ، والحالة الوحيدة لو صدقت تلك العملية هو قيام صالح بتدبير تفجير المسجد ليتخلص من أولئك الأشخاص بينما خرج هو صحيحا معافا كما قال البوق الأبله عبده الجندي .

إن ما ورد أعلاه مجرد قراءة مجنونة لحادث غامض ومريب يحتاج للإثبات والنشر ، وأيضا للحذر من هول المخطط الذي يتم لقتل ثورة شعبنا اليمني ومصادرة أحلامه وطموحه المشروع ، وما التهديد بإعادة صالح خلال عشرة أيام سوى ورقة تهديد الهدف منها فرض أوامر ما على القوى الثورية في الساحات ، وللعلم فإن بقاء صالح حيا سليما معافا أمر ضروري للأشقاء حتى يستخدم كورقة حال نجحت الثورة اليمنية وخلقت نظاما وطنيا سيراجع بالتأكيد ملفات اليمن أثناء حكم صالح وما ملف الحدود ببعيد .

aalmatheel@yahoo.com