عاجل . دعم سعودي للبنك المركزي اليمني ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية صحيفة عبرية: ''إسرائيل كانت تتواصل مع بشار الأسد عبر واتساب''
عندما يعلم القادة - ملوكا أو رؤساء - ظاهرا من مكر السياسة وحساباتها ويقفون عند هذا الحد أو الظاهر المبهرج، متجاهلين أو متعامين عما وراءه، وهذا المكر لا يعرف إلا لعبة الحيل وكيف يحتال على إرادة الشعوب ومصالحها مغلبا إرادته ومصلحته، لهذا هم يريدون أن تمضي إرادتهم بحسابات السياسة، ولا يعرفون - لو تمتعوا بقدر من الكياسة والفراسة - أن الذي يكمن وراء إرادة الشعوب هي إرادة الله التي تقول للشيء كن فيكون؛ وهو ما تفهمه الشعوب بعيدا عن حسابات الساسة ومكرهم؛ فالله إذا أراد شيئا قضاه؛ لهذا هم يمكرون متعامين عن حقائق قرآنية تقر بأن الله خير الماكرين، وأسرع الحاسبين، لهذا كثيرا ما تخطئ حساباتهم السياسية وسوء مكرهم؛ ففي نهاية المطاف (لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله). وعندما تفهم الشعوب ذلك - ولا يريد الحكام فهمه - فماذا يغني عن هؤلاء الآخرين المتآمرين مكرهم وتدبيرهم أمام مكر الله وتدبيره، وماذا تجدي أرادتهم في إخماد نور الثورات قد اقتضت إرادة الشعوب - ومن ورائها إرادة الله - أن يتم نورها ويشع ضوءها ولو كره المتآمرون.
صحيح أن مكر السياسة يؤمن بوهم العدوى؛ فالثورة تتبعها ثورة، ونجاح ثورتي تونس ومصر في إسقاط نظاميهما كان كافيا للتآمر على بقية الثورات التالية لهما؛ حتى لا تسلك سبيل النجاح نفسه وتسقط أنظمة طالما تعاونت أو قل تواطأت مع إسرائيل، التي تعد حجر زاوية - أو في الحقيقة - حجر الزوايا الأربع في لعبة السياسة الأمريكية ومكرها، فأمن إسرائيل يحتل المرتبة الأولى في السلم الهرمي للمصالح الأمريكية والأوروبية في الشرق الأوسط، وإن أغلب الثورات العربية ستنتج مولودا ديمقراطيا شعبيا وشرعيا يتنافى مع هذه المصلحة، وهذا المولود بهذه المواصفات لم يرض ولن يرضي أمريكا وحلفائها، وهم بالتالي لن يرضوا عن مثل هذا مولود؛ لهذا هم يحاولون أن يلبسون الثورات غير لبوسها، فهم يفضلون لها لباس الأزمات لا الثورات، فهذا الأخير ينتهي -غالبا- بمفاوضات تحاول اقتسام المولود بين النظام القديم والشعب الذي يفترض أن يكون مولوده شرعيا حرا طليقا، وكيف تلد الثورة مولودا شرعيا طليقا؛ إذا ما تم إلباسها بلباس الأزمة الذي يفضي إلى خليط؛ كخليط التزاوج بين أنثى الخيل وفحل الحمار الذي ينتج شيئا بين البينين؛ لا هو بالحمار ولا هو بالمهر؛ بل البغل؛ والثورات لا تنتج إلا مهرا والمتآمرون عليها يرجون أو يأملون ميلاد ذلك البغل.
هذا ما يريده أوباما وحلفاؤه؛ إنهم يريدون من الثورات العربية أن تلد ديمقراطية تحب إسرائيل أو - على الأقل - غير كارهة لها، ومثل هذه الثورات هي من ستحظى بالمساعدات، وبهذا يجعل أوباما نفسه في صورة قريبة الشبه بدكتاتور نظام عربي يريد ديمقراطية مفصلة على مقاس إسرائيل وأمنها لا على مقاسات الشعوب العربية وآمالها، وأول أمل لهذه الثورات هو تحرير القدس - قبلة المسلمين الأولى - من دنس اليهود، ومن يريد أن يقدم على عمل مثل هذا؛ فإنه يكره إسرائيل، وبالتالي ليس بجدير أن تساعد ثورته أو تدعم، بل لا بد وأن يفصل لها لباس الأزمات؛ ليكون للمتواطئين مع إسرائيل نصيب منها - وهو ما يحاول المتآمرون الآن إحداثه أو إنتاجه من ثورتي تونس ومصر - وإن لم يفلح ذلك وأصرت الثورات أن تمضي بلباسها - رافضة لباس الأزمة عبر المبادرات - فإنه يحكم على هذه الثورة وثوارها بالموت رميا بالرصاص عبر سن حروب إبادة جماعية من تحت الطاولة.
وبناء على ما سبق فإنه لا يختلف اثنان أن الملوك والرؤساء وكل الأنظمة في العالم - باستثناءات قليلة؛ أقل من عدد أصابع الكف الواحدة - على ملة واحدة ومبدأ واحد في موقفهم من الثورات التي تحدث في العالم العربي، فإذا كان أوباما - الرئيس الفعلي لكل الأنظمة في العالم - مع تمسكي بالاستثناءات السابقة - لم يرض الشعوب بفمه؛ وهذا الإرضاء بالفم الذي استكثره أوباما؛ هو أقل سقف متوقع من الأعداء بغض النظر عما تكنه قلوبهم- وإذا ما استكثر علينا أوباما أن يرضينا بفمه، عندما تحدث عن مساعداته لثورات أو ديمقراطيات مشروطة بحب إسرائيل، فماذا تتوقعون أو كيف تتوقعون أن يصدر فعله إذا رفضت الثورات ذلك الشرط (!)
إن ما يحدث في اليمن من تآمر على الثورة لا يخرج عن ذات السياق؛ صحيح إن اليمن لا يؤثر على أمن إسرائيل؛ بيد أنه يؤثر على أمن الجوار وما يغضب الجوار يغضب أمريكا، وما يخيفهم يخيفها؛ والملوك يخافون من [احتمال] حدوث العدوى ووصوله إلى شعوبهم؛ لهذا لا شك أنهم إلى اليمن يدخلون، وعلى ثورته يتآمرون، (وكذلك يفعلون) هكذا قال الله عز وجل على لسان من هي أخبر الناس بصنائع الملوك وأفعالهم - الملكة بلقيس: (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) ومن المفارقات العجيبة أن هذه الآية نزلت في اليمن واليمنيين.
صحيح أن علي صالح قد أفسد كل شيء في اليمن ولم يترك للملوك ما يفسدوه فلم يترك صالحا في اليمن إلا اسمه، وقد سعت الملوك إلى تزينيه عبر الزياني، وإذا كان صالح قد أهلك جميع الحرث وشيئا من النسل وأبقى منه على أشياء، فإن الحرب الأهلية أو القنبلة الموقوتة كفيلة بأن تفنيها عن آخرها، ويبقى سؤال التوقيت: بيد من هو هل بيد صالح وحده ؟ أم بيد الأشقاء والأصدقاء ؟ هذا الأخير هو المحتمل ومتى ما أعطي صالح الضوء الأخضر بتفجيرها فهذا يعني انقضاء توقيت الانفجار؛ ولولا هذا الضوء ما كان لصالح وعصابته أن يفكروا فيه مجرد تفكير فيكف يبادرون إلى تنفيذه لولا بصيص من ضوء الأشقاء والأصدقاء بذلك؛ وهو الآن يحاول أن يختطف صاعق القنبلة من لدن القبائل، بعد أن عجز عن أخذه من يد شباب الثورة السلمية، فهل ينجح هذا الاختطاف حتى تنجح أمريكا وحلفاؤها في تمرير السيناريو الليبي على اليمن؛ ليعرضوا عليه بعد ذلك المساعدات المشروطة؛ أم أن اليمنيين - أهل الحكمة والإيمان - سيفوتون على الجميع هذا الأمر، وإذا ما حصل ذلك ولم تنجح حرب الإبادة هل ستجنح الثورة للمبادرات من جديد ؟ محاولة في أنجاح ما فشل سابقا؛ وهو إلباس الثورة لبوس الأزمة لتنتج مولودا غير شرعي، ينسجم مع ما تريد أمريكا وما يسعى وراءه الأشقاء.
أظن – جازما - أن بلقيس عندما استشارت قومها، لم تركن إلى مكر السياسة وحده؛ لأنها لم تأخذ بمشورتهم المتضمنة في قوله تعالى على لسانهم: (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) (النمل:33)، هذا هو حال مكر السياسات؛ يكتفي بالنظر إلى حسابات القوة والبأس، وهو لسان حال الملوك اليوم؛ إذ يتباهون بقوة أمريكا، فهي من ينظر في ضرورة قيام ثورة من عدمه، وهي من يحدد نوع المولود، فتضع له الشروط والحدود والقيود فركن الملوك والرؤساء إلى قوة أمريكا وهي ظالمة، والله قد قال لنا (لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)؛ نار الثورات في الدنيا، ونار الله في الآخرة