جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ عاجل: قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية
تجمع الدول العربية الكثير من الخصائص والمميزات سواء على مستوى الشعوب أو الحكام، حيث تعاني الشعوب العربية من الفقر والفساد وانتشار البطالة بين صفوف الشباب وخريجي الجامعات وتقييد للحريات وانعدام الأمل في حياة ومستقبل أفضل, أما على مستوى الحكام, فالحكام العرب يعشقون الكرسي حتى الموت ولا يسمحون بالتفريط فيه إلا بعد أن يصبحوا جثثا هامدة, وكذلك الحال بالنسبة للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة, فهي مجرد مسرحيات هزيلة يقوم الحكــام العرب بخداع شعوبهم والعالم وفي نفس الوقت يمارسون الفساد السياسي بأبشع صوره من تكتيم وتقييد للحريات وتوريث للسلطة وتعديل الدستور وفق مزاج الحاكم وحاشيته وكذلك الصرف بسخاء على قوات الجيش والأمن على حساب تقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
والصبر أيضا عامل مشترك بين الشعوب العربية, حيث تحملت لسنوات طويلة الفساد والفقر والبطالة والتخلف, ومع كل ذلك فالحكام العرب لم يقدروا صبر هذه الشعوب وسعوا إلى تجاهل كل مطالبهم بل تعمدوا تجاهل الحاجات الأساسية لتلك الشعوب في الأمن والديمقراطية والتعليم والصحة والعيش حياة كريمة مثلهم مثل باقي بلدان العالم, لكن على ما يبدو, فإن صبر الشعوب بدأ ينفذ.. وما شاهدناه في تونس خير شاهد, حيث خرج المواطن التونسي إلى الشارع متحديا كل العوائق والحواجز وقدم عشرات الشهداء والجرحى وضرب مثلاً رائعا في النضال السلمي, وهو ما أجبر الرئيس التونسي للخروج عن صمته ومحاولة استجداء وكسب عواطف الشعب التونسي بعد أن فشل الأمن والجيش في إسكات أصوات الشعب الهادرة, وبالرغم من كل الخطابات والتنازلات التي قدمها إلا أن ذلك لم يُسكت هذا الشعب الذي أصبح مصرّا على التغيير مهما كلفه ذلك من ثمن, وهذه المرة ليس تغييرا شكليا أو مجرد ديكور مثل ما تعودنا في الدول العربية وإنما الشعب مصر على تغيير جذري يبدأ من رأس هرم السلطة ويشمل كل نواحي الحياة.
فهل تكون الأحداث الأخيرة في تونس عبرة وعضة لكل الحكام العرب وهل ستوصل رسالة الشعب التونسي لكل الحكام العرب مثل ما وصلت إلى الرئيس التونسي وفهمها مثل ما قال في خطاب موجه للشعب التونسي "لقد وصلت رسالتكم وفهمتها"..
وهل سيبدأ الحكام العرب بتقديم التنازلات لشعوبهم وعمل إصلاحات حقيقة وجادة؟
وهل يدرك الحكام العرب إن الشعوب لا يمكن قهرها مهما امتلكوا من جيوش وقوات أمن؟
وهل يعي الحكام العرب أن الشعوب العربية أصبحت مدركة لكل ما يدور حولها وأن صبرها قد بدأ ينفذ؟
وهل يعي الحكام العرب الدرس جيداً ويعرفون أن الشباب العربي لا يمكن أن ينتظر الموت واقفاً وأن الشباب العربي أصبح مطلعا على ما يدور في العالم وأصبح له طموح يريد أن يحققه مهما كلفه ذلك من ثمن, ولو كان تقديم حياته في سبيل إن يعيش غيره حياة كريم؟.
أم أن عشق كرسي الرئاسة وهوس توريث السلطة أصم آذانهم وأعمى أعينهم عن رؤية ما يحصل في تونس وسيواصلون عنادهم حتى يحصل ما حصل في تونس وتخرج الشعوب العربية إلى الشوارع مطالبة الحكام بالرحيل غير مأسوف عليهم مثلما حصل مع بن علي في تونس.
أما الشعوب العربية, فعليها أن تعي الدرس جيداً وتفهم أن ما حصل في تونس يعد ثورة حقيقة وأنه لا يمكن أن يحصل تغيير إلا بتقديم المزيد من التضحيات مثل تضحيات الشعب التونسي.. أما الصمت والصبر غير النهائيين فلن يزيد شعوبنا إلا مزيداً من الفساد والتخلف وتقييد الحريات ومزيداً من تسلط الحكام وتوريث ذلك التسلط لأبنائهم من بعدهم، وبالتالي توريث الفساد والتخلف والبطالة لأولادنا من بعدنا, ومن جهة نظري اعتقد أن هناك خيارين لا ثالث لهما: إما أن يقوم الحكام العرب بعمل إصلاحات حقيقة واحترام الدستور والقانون وإعطاء مواطنيهم كافة حقوقهم واحترام المعارضة في أسرع وقت ممكن, أو على الشعوب العربية أن تقتدي بالشعب التونسي وتخرج إلى الشارع للمطالبة بحقوقها بشكل سلمي وحضاري.. وأعتقد أننا سنرى في الأيام القليلة القادمة التجربة التونسية وقد تم تعميمها على أكثر من دولة عربية, فالخيار الأول أصبح شبه ميئوس منه؛ بسبب عدم جدية الحكام العرب في عمل إصلاحات حقيقية.
y.ahz@hotmail.com