شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ عاجل: قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
انتشرت في العقد الأخير ظاهرة غريبة على المجتمع الفلسطيني هي ظاهرة التسول ، فقد بدأت هذه الظاهرة بشكل محدود ، حيث بدأ بعض الأطفال والنسوة في التجول في الأسواق وهم يسألون
المارة أو أصحاب المحلات التجارية بمد يد العون لهم ، وقد كان البعض يحملون تقارير طبية تشير إلى أن لدى المتسول مريضا يحتاج على علاج ، أو أن لديه أيتاما يعولهم وهم بحاجة إلى المساعدة ، وقد كان البعض يستجيبون فيقدمون ما تجود به أنفسهم ، خصوصا وأن المجتمع الفلسطيني تعرض لنكبات ومصائب أضرت بأسر كثيرة ، فقد فقدت بعض الأسر من يعيلها بسبب الموت أو الاعتقال أو أي سبب آخر.
دنيا الوطن رصدت هذه الظاهرة في شوارع غزة:
"لله يا محسنين..الله يخلي أولادك شيكل بس الله يرزقك..هكذا بادرتنا" ل" (27عاما)المقيمة بخانيونس وتغادر بيتها بشكل شبه يومي إلي مدينة غزة لتتجول في الشوارع مصطحبة احد أطفالها لاستدرار عطف المارة وتامين قوت أطفالها التلاتة الذين تيتموا منذ ثلاثة أعوام
وقالت :"ليس أمامي وسيلة لشراء الخبز و ما يحتاجه أولادي إلا استجداء عطف الناس وإلا متنا من الجوع"وأضافت :"بعد أن مات زوجي لم يبق لي من احد"
ويري الغز يون أن ظاهرة تسول النساء أصبحت تتزايد بشكل سريع وخطير إلي جانب المتسولين الرجال ففي كل شارع رئيسي أو في محيط البنوك والمصارف تجد مجموعة من النساء والفتيات المتسولات اللاتي غالبا ما يصطحبن أطفالهن بمناظر مأساوية حتى أن بعضهن يوقفن المارة في الشوارع ليشرحن ظروفهن ووضعهن الاجتماعي والاقتصادي الصعب .
30-40 شيقلا
"س"اسم مستعار لاحدي المتسولات تجلس القرفصاء علي باب احدي الجامعات في غزة تقول ":كنت اعمل راقصة في الحفلات والملاهي ومنذ اندلاع الانتفاضة الثانية لم يعد هذا العمل مقبولا في المجتمع الغزي فلم يكن أمامي سوي كسب رزقي من التجوال بين المارة وفي الشوارع ".
وترتدي س خمارا خشية من أن يعرفها احد زبائنها القدامى" وتحصل في اليوم الواحد ما بين 30-40شيقلا تنفقها علي أسرتها وتقضي بعض حاجياتها الأساسية
أما الطفلة ر (15عاما)التي تخرج مع والدتها كل صباح للتسول في شوارع غزة فقالت:أبي تزوج من ثانية وتركنا مع أمي
ولا نعلم أين هو الان ونعيش في بيت بالإيجار وأصحاب البيت يطالبون أمي بالديون المتراكمة علي أبي كما أنني وإخوتي الأربعة تركنا المدرسة لعدم قدرة أمي علي مصاريفنا وكل يوم نجمع ما نستطيع من المال لسداد الدين"
وتسير "ر" بملابس ممزقة وحافية القدمين تستجدي عطف المارة في الشارع وتتمني لو أن والدها يعود لأنها ملت من التذلل للناس وصراخ البعض في وجهها ونهر البعض الاخر لوالدتها".
رفاق مزعجون
تقول "نور" (طالبة جامعية) "عندما تكون الفتاة في طريقها إلى الجامعة يسير إلى جانبها عدد من الأطفال والنساء المتسولين ويحلفونها بالله ويلحون بالطلب أن تعطيهم شيئا من المال، وفي الغالب تخجل هذه الفتاة من ملازمتهم لها فتستجيب لهذا الطلب لتتخلص من إزعاجهم، على الرغم من أنها مدركة أن معظم هؤلاء أو كلهم غير محتاجين".
وتضيف نور "بجوار الجامعة نرى النساء المتسولات اللواتي أحضرن أطفالهن الصغار وقد تركوا في الشمس دون شفقة من أمهاتهن أو رحمة، لماذا تحضر هذه المرأة أطفالها معها؟ ولماذا تدربهن على هذا السلوك من الصغر؟ ألا يكفي ما تفعله هي؟ إنها جريمة بالفعل ترتكبها هؤلاء السيدات بحق أنفسن وأطفالهن".
نصابون ونصابات
ويري المواطنون أن هؤلاء المتسولات لا يستحققن العطف عليهن وإعطائهن"ولو شيقلا واحدا وذلك لعدم رضاهم عن هذه الظاهرة.
دارين .ح خريجة جامعية قالت :كلهم نصابون ونصابات ..لاانسي عندما طلبت احداهن صدقة فقلت لها ليس معي سوي100شيقل ورق فقالت لي :هاتي بافك لك .
أما زميلتها نور الراس فعبرت عن حزنها الشديد علي النساء والصبايا اللاتي يجبرهن أهلهن علي التسول في الشوارع كطالبة الجهات المسؤولية بوضع حد لهذه الظاهرة لان الشعب الفلسطيني أهم ما يميزه عزة النفس والكرامة لا النفاق والكذب والاحتيال والتسول في الشوارع مضيفة :"لماذا لا يقوم احد أقارب أو أشقاء المتسولة بالعمل حتى ولو بيع أشياء بسيطة كالترمس أو الذرة بدلا من أن يطلق شقيقته او قريبته لمد يدها للرايح والجاي "
دق ناقوس خطر
وعلي باب احد المساجد الكبيرة في غزة قال الشاب رائد قشطه:"عندما نخرج من المسجد نجد عددا من المتسولات يفترشن الطريق وهو ما يعيق حركة المصلين حتى أن بعض كبار السن يتعثرون أحيانا والله سبحانه وتعالي يحب العبد الذي يعمل ويشقي لتامين قوت يومه وقوت عياله لا الاعتماد علي فلذات كبده وبناته وحرمته للتسول في الشوارع.
من جهته قال المواطن أبو محمود حمدان أن الشوارع أصبحت مليئة بالمتسولات وهي ظاهرة لم تكن في السابق موجودة في شوارع قطاع غزة إذ من العيب الكبير أن تخرج النساء والفتيات للشوارع للتسول والجري وراء الناس لإثارة الشفقة والعطف مضيفا "كما أنني أصبح في حيرة هل هذه المتسولة بحق محتاجة أم أنها تمثل الفقر والحاجة وهل عطفي عليها يدعم هذه الظاهرة السلبية أم انه يقلصها"
وتخشي الحاجة أم رفيق الجملة من تطور هذه الظاهرة بل وظهور سلوكيات أخري سيئة نتيجة وجود المتسولات في الشوارع مناشدة الأهالي والمسئولين دق ناقوس الخطر لهذه الظاهرة وانعكاساتها علي نفسية المواطن الفلسطيني وحتى علي نفسية المواطن الفلسطيني وحتى علي نفسية الأجنبي او السائح.
ظاهرة متغيرة
من جهته قال د.ماجد عابد مدير عام التخطيط في وزارة الشؤون الاجتماعية أن ظاهرة التسول في قطاع غزة وخاصة تسول النساء والفتيات متغيرة بشكل متواصل ولا يمكن إحصاؤها او حصر عددها إذ فجا يكثر المتسولون في الشوارع وفجأة يقلون.
وأضاف انه نتيجة لسوء الظروف الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر ومواصلة الحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني تتزايد هذه الظاهرة مشيرا إلي انه يمكن التخفيف من حدتها عبر وضع برامج لمكافحة الفقر وخطط لمشاريع صغيرة تستفيد منها النساء.
تجدر الإشارة إلي انه لا يوجد أي جهة رسمية او أهلية او خاصة تقوم علي دراسة عدد المتسولين والمتسولات بل ما يحصل هو دمجهم بشكل عام وضمني في موضوع الفقر في قطاع غزة باعتبارهم ظاهرة متغيرة لكن مع تزايد عددهم يدق ناقوس الخطر لضرورة الاهتمام بالظاهرة ودراستها بشكل علمي وإحصائي.
إن تسول النساء بالقرب من المجمعات وفي الشوارع العامة ليس بالأمر الجديد أو اللافت للنظر، إلا ان الهدف من التسول هو الأمر الغريب علينا خصوصا بعد ظهور عدد من المتسولات اللاتي يجمعن المال من أجل العيش في مستوى مادي يحقق لهن تطلعاتهن ورغباتهن المادية، الأمر الذي جعل مهنة التسول مظهرا أكثر من حاجة ملحة.
المتسولة »أم "ع"« كانت تجلس للتسول بالقرب من أحد المجمعات تقول: »اضطررت للتسول منذ عامين بعدما طلقني زوجي وترك لي سبعة أطفال دون نفقة، فقد ترك لي الجمل بما حمل، فوجدت نفسي عاجزة عن تلبية جميع طلباتهم اليومية؛ لهذا لجأت الى التسول لأسد جوع أطفالي«.
وتضيف »لقد تهرب الناس من مساعدتي لأن زوجي يعمل في وظيفة مرموقة، وكانوا يعتقدون انه ينفق علينا، الأمر الذي جعلني ألجأ الى التسول كأسهل حل«.
وتؤكد انها وجدت صعوبة كبيرة في بداية الأمر بالنسبة للتأقلم مع مهنة التسول، ولكن مع مرور الوقت »تعودت عليها وأصبحت مصدر رزقي الوحيد«، وما أحصل عليه من مبالغ زهيدة من المارة والمتسوقين يمكنني من شراء طعام أسد به أفواها مفتوحة في منزلي.
أتسول بكرامة
أما المتسولة »أم "م"« فقد كانت تجلس بجانب زميلتها الأولى وتقول »لا أحد يحب ان يرى نفسه في هذا المكان، لكن الظروف القاسية أجبرتني على ذلك، حيث لا معيل لي ولأطفالي الصغار، ان أبنائي يعملون في مؤسسات حكومية لكنهم لا يقدمون لي فلسا بحجة ان رواتبهم متدنية«.
وتضيف »إن تنكر أبنائي لي جعلني أفضل التسول من الناس على التسول من جيوب ابنائي فأنا أتسول بكرامتي«. بينما يقول عادل كشكول الذي وصف ظاهرة التسول بالخطيرة »لابد من معرفة اسباب هذه الظاهرة للعمل على حلها سريعا لانها من أخطر الظواهر التي تهدد بناء أي مجتمع«.
ويضيف »أعتقد أن البطالة والفقر على رأس قائمة الأسباب وراء التسول النسائي فالأمران يولدان حاجات عند الانسان ومع انعدامها يسعى الفرد لتحقيقها بكافة الوسائل المتاحة ومنها التسول«.
خداع للناس
وتشير نهلة محمد الى أن هناك نساء يعانين من مرض نفسي يدعى التسول، حيث انهن غير محتاجات، ويلجأن للتسول باعتباره مهنة تؤمن لهن مزيدا من العيش الرغيد دون تعب وعناء.
ويعتقد صادق عبدالحسين ان »المتسولات يسعين لخداع الناس، مضيفا: من الصعب معرفة ان كانت المتسولة محتاجه أم لا وفي اعتقادي الشخصي ان الفقير والمحتاج لا يتسول أبدا، فالفقر يولد التعفف والكرامة، والفقير لا يلجأ للتسول وان ضاق به الحال فهو يتوجه لله طالبا منه العون قبل أن يطلب من عباده.
الزوج البخيل هو السبب
بينما يرى حسن أحمد أن تسول النساء يرجع لبخل الزوج أو عدم تحمل مسؤولية زوجته وأبنائه؛ لذلك تجد المرأة في التسول حلا لأزمتها ما دام وجهها مستورا ولا يمكن لأحد التعرف عليها.
أما حسين باقر فيقول »أستغرب من تزايد ظاهرة التسول النسائي فأين الجمعيات المنادية بالدفاع عن حقوق المرأة، متسائلا: لماذا لا ينتشلن هؤلاء النسوة من الطرقات ليحفظن لهن كرامتهن ويساعدنهن على توفير عمل يؤهلهن للحصول على المال الذي يكفيهن ذل السؤال«.
وترى نسرين عبدالرحيم أن هناك من تتسولن لأشباع حاجة مادية ملحة كالحصول على المال من أجل العلاج وشراء الادوية الباهظة الثمن أو من أجل المساعدة في تعليم أبنائهن.
وتضيف »هناك نسوة أصبح التسول جزءا من عاداتهن اليومية التي يصعب عليهن تركها خاصة بعد مرور سنوات على مزاولتهن لهذا العمل والذي قد يجر لهن الكثير من الصديقات بحجة انه عمل سهل لجني المال لا يستلزم إلا مد الأيدي وبعض الكلمات البسيطة«.
وحول الموقف الشرعي من التسول يقول د. "ماهر السوسي" (المحاضر في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية) إنه غير جائز، ويقول مذكرا بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تنهى عن التسول بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر"، وقال أيضا "لا تزال المسألةُ بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم"، موضحا أن النبي صلى الله عليه وسلم في المقابل دعا إلى العمل بقوله "لأن يأخذ أحدكم حبله على ظهره فيأتي بحزمة من الحطب فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".
ويرى "السوسي" أن أسباب هذه الظاهرة متعددة، فهناك أسباب اجتماعية قد تعود للشخص أو للمجتمع، فالمتسول لا يريد العمل ويرى أن التسول وسيلة سهلة للكسب في ظل الفقر والبطالة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
وحول الخطوات التي يمكن اتباعها لعلاج هذه الظاهرة يقول د. "السوسي" "إن الله نهى عن الطمع، ودعا إلى العمل والكسب من عمل اليد، فجميع الأنبياء كانوا يأكلون من عمل أيديهم، وقد امتهنوا مهنا مختلفة، مثل الرعي والتجارة والحدادة والنجارة، وغيرها".
ويضيف أن الخطوة الأخرى تقع على كاهل المؤسسات الخيرية والحكومية، إذ تتمثل في معالجة الفقر من خلال إيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل، وجمع الزكاة والصدقات وتقديمها لمستحقيها، وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
غير سوي
د. "جميل الطهراوي" (محاضر في قسم علم النفس بالجامعة الإسلامية) يقول إن هناك تداخلا في الظروف الاقتصادية والاجتماعية، فمن الصعب على النفس السوية قبول هذا السلوك، لكن قد يفعل الإنسان ذلك إذا نشأ في بيئة قائمة على هذا التسول تدفعه دفعا لذلك.
ويضيف أن البعد النفسي خطير جدا، فالذي يمتهن هذه المهنة إنسان غير سوي، موضحا أن المشكلة ليست في التسول في حد ذاتها، بل في اللذة التي يجدها المتسول في الحصول على المال دون أي جهد، واعتبار هذا السلوك هو الحل الوحيد للرزق، مضيفا "قبل أعوام التقيت مع متسولين رجل وامرأة في سيارة واحدة فحلفتهما بالله كم جمعا في اليوم، فقال كل واحد منهما إنه جمع ما يقرب من 12 دولارا، بالإضافة إلى الأطعمة".
وحول آثار هذه الظاهرة على الفرد والمجتمع يقول د. الطهراوي إن آثار هذه الظاهرة غير الحضارية تتمثل في أن هؤلاء المتسولين يصبحون طبقة معينة (مع أنني لست من دعاة الطبقية) لا يقبل أحد أن يخالطهم أو يتعامل معهم في كثير من الأمور الحياتية، وخاصة الزواج، موضحا أن المجتمع الفلسطيني والعربي بشكل عام لديه عادات وتقاليد يحترمها ويقدرها، فحالة هذه العائلة أو تلك (السمعة) مهمة جدا في مجتمعاتنا العربية" مضيفا "الفقر شيء والتسول شيء آخر، فهناك الكثير من الفقراء الذين نحبهم ونخالطهم، وندعو لهم بالتوفيق، فالفقر ليس عيبا، وقد عاش شعبنا الفلسطيني انتكاسة اقتصادية"، بالإضافة إلى أن هذا الإنسان سيكون طاقة معطلة وعبئاً على المجتمع، ولن يكون لديه تقدير لذاته مطلقا".
وحول وسائل الحد من هذه الظاهرة يقول د. الطهراوي الذي تحدث بواقعية أنه "لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة، بل يمكن الحد منها"، مشيرا إلى أنها موجودة عند الاحتلال الصهيوني وعند العديد من الدول المتقدمة، لكنها تأخذ في تلك الدول أشكالا متناسبة مع طبيعة الحياة فيها.
ويتابع حديثه قائلا "لابد أن يكون العمل جماعيا من قبل كافة المؤسسات وأفراد المجتمع، فوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والجامعات لهم دور كبير في تغيير الاتجاهات، فيجب أن يعلم الذين امتهنوا هذه المهنة قيمة العمل أيا كان بسيطا، وإقناعهم بالتراجع عن فعلهم هذا، وعلى وزارة الشؤون الاجتماعية يقع عبء مضاعف، إذ عليها تقديم مساعدات مالية للفقراء والمحتاجين".
عنف ضد الأطفال
وحول تسول الأطفال تحديدا التقينا "راوية حمام" (أخصائية صحة نفسية مجتمعية في برنامج غزة للصحة النفسية) التي قالت لنا إن استغلال الطفل اقتصاديا بتعريضه للتسول أو تشغيله في ظروف مخالفة للقانون هو انتهاك فاضح لحقوقه المشروعة، فالتسول شكل من أشكال العنف الموجه ضد الطفل.
وحول العوامل التي تؤدي إلى التسول تقول إن هذه العوامل تتمثل في:
ـ إهمال الوالدين أومن يتكفل برعاية الطفل في تربيته، الأمر الذي يترتب عليه خروجه من المنزل دون إذن وتسربه من المدرسة ومن ثم استغلاله في التسول.
ـ عدم التوافق بين الزوجين وكثرة المشاكل العائلية التي تؤدي إلى الانفصال أو الطلاق.
ـ إدمان أحد أفراد العائلة على الكحول والمخدرات.
ـ كثرة أفراد العائلة الواحدة مع عدم التوافق مع الدخل.
ـ فقدان معيل الأسرة أو مرضه وعدم قدرته على العمل.
وتضيف "الآثار المترتبة على هذه الظاهرة على عدة مستويات: فعلى مستوى التطور الجسدي قد يتعرض الطفل خلال وجوده في الطرقات للأمراض التي تعيق نموه الجسدي، وعلى مستوى التطور المعرفي يحرم الطفل من التعليم فينشأ غير قادر على اتخاذ القرار السليم والتخطيط لمستقبله، أما على مستوى التطور الاجتماعي يفقد الأنشطة الاجتماعية والبدنية فلا يستطيع تكوين علاقات اجتماعية جيدة، وقد ينضم إلى أصدقاء السوء فيلجأ إلى التدخين والسرقة وغيرها، وعلى مستوى التطور الوجداني فان قسوة الشارع على الطفل لا تشعره بالأمن والاطمئنان".
وحول دور برنامج غزة للصحة النفسية في علاج هذه الظاهرة تقول "البرنامج يعمل بجد للدفاع عن حقوق الطفل وحمايته من كافة أشكال الاستغلال والعنف، وذلك من خلال الحشد والمناصرة، والتأثير على أصحاب القرار في اتخاذ كافة الإجراءات لحماية الطفل، بالإضافة إلى التوعية المجتمعية للوقاية والحد من الآثار السلبية المترتبة على تسول الأطفال.
أساليب عدة
يقول د. "وليد شبير" (أستاذ علم الاجتماع المساعد ورئيس قسم الخدمة الاجتماعية في الجامعة الإسلامية) "ظاهرة التسول موجودة في كافة المجتمعات، ولكنها موجودة أكثر في المجتمعات النامية"، وحول أسباب وجودها يقول إن أسباب هذه الظاهرة تتمثل في:
ـ الفقر.
ـ البطالة الناتجة عن قلة فرص العمل.
ـ عدم اعتماد الفرد على ذاته أو أسرته إذا احتاج لمساعدتها.
ويضيف د. شبير أن المتسول إما أن يكون محتاجا وإما أن يكون غير محتاج جاعلا منها مهنة، لأنها الأيسر في الحصول على المال، فتلاحظ انتشار المتسولين أمام المساجد والجامعات والمؤسسات وفي الطرقات، موضحا أن التسول يتم بأساليب عدة، منها:
ـ شاب أو امرأة معه أطفال.
ـ رجل معه تقرير طبي قد يكون مزورا زاعما أنه بحاجة لإجراء عملية جراحية.
ويرى د. شبير أن كيفية علاجها لابد أن تكون عبر تأسيس دائرة خاصة بهذه الظاهرة تعمل على متابعة كافة الحالات والبحث في شأن كل حالة على حدة، فإذا ثبت أن حالة محتاجة فعلا وليس هناك من يعولها تتولى المؤسسات الحكومية والأهلية رعايتها، موضحا أنه لمحاربة هذه الظاهرة من جذورها لابد أن تتكاتف جهود كافة المؤسسات، وخاصة وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية.