محافظ حضرموت يحرج البحسني .. السلطة المحلية بحضرموت تقر بوجود مصفاة وتكشف تفاصيل تهريب النفط والجهات العليا المطلعه مهازل الصراع بين عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ حضرموت.. اتهامات وتدخلات وإقالات الأحزاب السياسية تناقش مع الاتحاد الأوروبي مستجدات الحرب والسلام ومطالب بتطوير العلاقات إلى المستوى الجيوسياسي التنموي انكسار جديد للمليشيات الحوثية شمال غرب تعز الإدارة الأمريكية تدعو سلطنة عمان للتخلي عن الحوثيين وإغلاق مكتبهم وتؤكد تحركها مع السعودية والإمارات لتوحيد الجيش اليمني وهزيمة الحوثيين مواجهة نارية بين ريال مدريد ومانشستر سيتي في ملحق دوري أبطال أوروبا .. العالم يتقد تسع كوارث مدمرة بدنية وصحية ناجمة عن إدمان الهاتف المحمول. رقم مخيف هز العالم ...تعرف كم ساعة قضاها المستخدمون أمام الموبايل خلال 2024 ؟ الريال يصطدم بالسيتي.. اليكم قرعة الملحق المؤهل إلى ثمن نهائي أبطال أوروبا وموعد المواجهات تعرف على أفضل تطبيق يتصدر فى الولايات المتحدة خلال عام 2024..
في مأدبة الغداء التي أقامها ياسين سعيد نعمان أمين عام الاشتراكي أمس، احتفاءً بالمفرج عنهم من معتقلي الحراك، كان "معاذ" أصغر المدعوين.
لاح مبتهجاً إذ صافحته. وقد مازحته قائلاً: يبدو أنك ستفوقني طولاً عما قريب.
عرفته قبل 5 سنوات بالتمام. حين جاء إلى مكتبي، رفقة وعد، شقيقه الذي يكبره بـ3 أعوام، يحملان وجعاً عمره 10 سنين ورسالة إليَّ من والدهما السجين.
مذَّاك ترددا مراراً على مكتبي وشاهدتهما يكبران ويخبران الطرق المؤدية إلى السجن المركزي وإلى مكتب النائب العام ومقار الصحف والمنظمات الحقوقية.
في الموسم الدراسي الأخير اضطر وعد إلى مغادرة صنعاء إلى لحج لمواصلة تعليمه الثانوي، وقد تقدم معاذ منفرداً لمتابعة بعض شؤون الأسرة الصغيرة، فضلاً على تحمل مشاق الزيارة اليومية لوالده في السجن.
قبل 15 عاماً اعتُقل بجاش الأغبري بتهمة تشكيل عصابة مسلحة لغرض قلب نظام الحكم، والتخطيط لأعمال تخريبية ضد المنشآت العامة في محافظة المهرة. كان معاذ ساعتها جنيناً في رحم والدته. وبعد 10 سنوات، أي في 2005 تقريباً، طلع رفقة "وعد" إلى صنعاء، وقد كان أول مكان يزوره في عاصمة الوحدة هو السجن المركزي، وهناك شاهد للمرة الأولى أباه واقفاً وراء ستار حديدي.
والمغزى هنا، أن وجع معاذ، في مسطرة الزمن، أطول من عمره.
لاح لي باسماً ظهر أمس لحظة وقعت عيناي عليه. وعلى مائدة الغداء، كان يجلس إلى يساري.
وقد انشغلت عنه بأحاديث سريعة مع الرجل الضاج بالحياة والحيوية والحب الدكتور حسين العاقل، علاوة على انشغالنا جميعاً بأطباق الغداء!
وعندما سنحت لي فرصة للالتفات إليه أدركت وراء تقاسيم وجهه الهادئة ومسحة الكبرياء التي ورثها من أبيه، وجعاً هائلاً يحاول إخفاءه. ولاحظت أنه لم يأكل إلا القليل، وحين ألححت عليه كي يأكل المزيد، لم يستطع مجاملتي، فقد كانت غصة كبيرة تملأ حلقه، وكان قلبه ينتحب.
الأرجح أنه استدعى ساعة الغداء عمراً من الحرمان، هو الذي لم يقاسم والده الغداء قط.
لم تغادرني ملامحه منذ ودعته فور الانتهاء من الغداء، فقد كان عليه أن يسارع إلى السجن المركزي للحاق بموعده اليومي، وكان عليَّ أن أغادر إلى مكتبي للعمل.
يمثِّل "معاذ" تحدياً حقيقياً لمقولات الإعلام الرسمي عن تسامح الرئيس علي عبدالله صالح ورحابة صدره، ودحضاً فورياً لروايات الجلساء والخلصاء في دار الرئاسة عن العفو الذي يفيض من قلب الرئيس.
الثابت أن الرئيس لم يستجب لمناشدات عديدة بإطلاق سراح بجاش الأغبري، وأبرزها تلك التي أطلقها عميد الأسرى العرب في سجون إسرائيل سمير القنطار في ديسمبر 2008.
ومعلوم أن القنطار، فور سماعه بمحنة بجاش الأغبري، الفدائي اليمني الذي قاتل، مثله، في صفوف المقاومة الفلسطينية في لبنان، وتعرض عام 1982 لإصابة خطيرة خلال إحدى العمليات الفدائية ضد وحدات إسرائيلية، تحمس عندما التقيناه، عبدالكريم الخيواني وفكري قاسم وأنا، لتوجيه نداء إلى فخامة الرئيس اليمني، يأمل فيه إطلاق سراح بجاش إكراماً لفلسطين ولبنان وللمقاومة.
لكن الرئيس لم يكترث لهذا النداء الفريد، مفضلاً الاحتفاظ بأسيره الأثير عامين إضافيين.
والآن، فإن الرئيس أطلق عفواً عن جميع المعتقلين على ذمة حرب صعدة والحراك الجنوبي. وبصرف النظر عن أية ملاحظات أو انتقادات للقرار الرئاسي، فإن حزمة أسئلة تفرض نفسها في مقام العفو هذا: لماذا يُستثنى بجاش الأغبري وهو الوحيد، من ناحية قانونية صرفة، من يحق للرئيس، وفق الدستور والقانون، استخدام سلطته الدستورية بالعفو عنه؟
ما الذي يكبح ملَكَة العفو لدى الرئيس في حالة بجاش الذي انخرط في عملٍ ضد الدولة في لحظة ملتبسة عقب حرب 1994، في وقت تفيض هذه الملَكَة بخيرها على خليط من الخاطفين والمخربين والمحاربين في غير بقعة من الأرض اليمنية؟
وإذا كانت العقدة في حالة بجاش الأغبري شخصية، متصلة كما يُقال بضغينة شخصية ضد بجاش تستبد بروح العميد علي محسن الأحمر، أحد أهم معاوني الرئيس، فكيف لنا أن نصدق مقال العفو والتسامح والتصالح في قضايا تقع في صميم الشأن الوطني، بينما يقبع مواطن يمني في السجن للعام الـ16 جراء محض ضغينة شخصية؟.
*في الصورة يظهر معاذ.