فليراجع الإصلاح ذاته..!!
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 16 سنة و 6 أشهر و 24 يوماً
الأربعاء 28 مايو 2008 06:02 م

مأرب برس – خاص

لا أدري لماذا ما أن انتقدت الإصلاح كعضو انتمي اليه حتى تواردت الأنباء أني لم اعد إصلاحيا ،وكأن نقد الإصلاح خروجا منه وتنكرا لمبادئه كما يشاع.

كلنا مسلمون على الإصلاحيين أن يقتنعوا بذلك لا يعني أيضا أن من انتقد أو خالف خارجا عن كونه مسلم ،لقد فاحت رياح تحقيري من قبلهم وكأني لست مسلما ،وكأن نقدي ارتدادا ورجوعا إلى الوراء ،إن تلك ممارسات تكفيرية ملفوفة بعتب تحقيري فاضح لا أرضى به كما لا يرضى به أي إصلاحي حقيقي شريف.

إن الانتماء إلى الإصلاح لا يعني بالضرورة انتماء للإسلام لأننا في الأصل مسلمون لا نحتاج إلى تزكية أحد ،ما زلت كما أظن أصلي الفجر وأؤدي الخمس كما يؤديها واحد منهم ،إلا إذا كان ارتياد محلات النت للقراءة والدردشة والتسلية أيضا في نظرهم ارتكاب معصية، لست متأكداً من ذلك فكثيرا ما واجهت عتابا لاذعا لأني أخرج ليلا حد قولهم إلى النت وأسهر ،تلك حريتي الشخصية ما لم تمس حريتي تلك أحد بأذى ، اليوم اتصلت لأحد الإخوة في التجمع من البلاد هو بدوي جميل وإصلاحي مخلص إلا أنه فاجئني حين قال:" كيف المؤتمري..؟؟"وبلهجة خليطة من -ضالعية وإبية- أردف "يا وليد قالوا أنك قا خرجت من الإصلاح لمه هاكا تعمل " عندها أيقنت أن ثمة تعميما قد انتشر في أوساط هؤلاء الطيبون مفاده أني قد ارتددت وارتكبت إثما بسبب ما وجهته للإصلاح من انتقادات ،فعلا الإصلاح حزب سياسي يمني من بيئة هذا الوطن نبت وفيها نشأ لذلك لم أعد ألوم من يفتي أن الخروج منه تنكرا للدين وفسقا أريد به غير وجه الله لأننا في تقاليدنا القبلية أيضا من بالغ في لبس بنطلون أو" بدلة" وجعل القلم معلقا في جيبه للدلالة على رقيه وتحضره ونبذه للقديم في المظهر حتى كي يمنحه ذلك إحساسا داخليا أنه متقدم نوعا ما ،يتهم بتنكره للعادات الأصلية وانه "إفرنجي" خلاص الخبير خدعوه أو أشتروه أو باع نفسه..!!

لذلك الإصلاح محكوم بهذه البيئة، الإسلام دين رقي وتقدم القرآن يحث على التفكير والتفكر وترك التقليد وإيمان المقلد إيمان "فاضي " لا يقبله الله ..والله الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون قبل نقاش الملائكة وعرض ذلك في كتابة ولم يخفيه حين قل في أحكم كتاب له" قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم لا تعلمون" لم يقيم عليهم الحد ،لم يخرجهم جل شأنه من رحمته ولم يقل أنهم خرجوا خلاص بل أجابهم بذاته العلية قائلا" إني أعلم ما لا تعلمون"

إن الذين يحملون مشروعا تغييرا لا يضيقون بالنقد ،ولا يرتدون نحو نهج التذمر وتلفيق تهم التضليل والتشويه لكل من واجه عثراتهم المستدامة وأدائهم العاقر بالتصحيح والنقد والإيضاح ،بل يفتحون صدورهم له ويكونون أكثر عقلانية وتقبلا لما قيل ويجعلون منه مرآة لعرض الذات عليه ،ولا يحاكمون نوايا من نقد بل يجب أن يعززوا الثقة بهم كونهم الأقدر على تلمس كوامن الخلل ومواطئ أقدام الجمود في مسيرة التغيير المنشود ،ولن تستطيع أي فكرة أو حركة أو إرادة تحقيق الأفضل في مسيرتها نحو المستقبل ان تحقق ذلك إلا إذا كانت واعية لمسكوناتها وقارئة قراءة جادة لما يعتورها من خلال سيجعلها هي الأسوأ على الإطلاق..

لن نبني العقول ونحن عقولنا فارغة أو مجمدة، لن يفهم الآخر حديثنا إذا كانت إجاباتنا مراوغات وتهرب عن الإجابة! ولن أكون مشطا في حكمي إذا صرحت أننا لا زلنا لم نبدأ البناء وأن مرحلة التعميم التي تبدو قاصرة عند الآخرين لم نطأها بعد كلية، وأن مناطق عدة من الإشكاليات والتساؤلات لازالت منحبسة في إطار العدم واللاوعي.

 عقدان من الزمن الكامل يقاربان على الانتهاء من عام 1990-2008م وأقلامنا محبوسة عن البناء، وعقولنا مجمدة وكأنها توقفت عن الحياة… لن نبرر هذا بقلة الزاد وصلف العيش وضيق ما باليد وعدم التفرغ، فكل شيء نسبي في الحياة والإرادة تنسف الجبال والمشروع أكبر من أن توقفه لحظات عابرة على صعوبتها، ولكل مرحلة فقهها وتخطيطها، وفقه مرحلة الابتلاء يختلف عن فقه مرحلة النعمة ولكنه كله فقه بناء.أعضاءنا لم يصلوا الى مرحلة الولاء للقيم التي نرفعها وتجتالهم قيم القبيلة وحلقات الانتماءات الضيقة والعصبيات القاتلة .

صحيح أنني أعيد كلاما ملته الأنفس بعض الشيء وهي محقّة.. في أن النقد داخل- الحركات الإسلامية- كثيرا ما لقي عقبات وجدرانا، وأن الرأي المخالف كثيرا ما وجد راحته خارج أسوار التنظيم، ولا يعجب المرء حين يرى الكمّ الهائل من المفكّرين والمبدعين والعلماء، الذين استطاعوا أن يخطّوا كتابات رائعة ويثروا المكتبة الإسلامية والإنسانية بمؤلفات وتنظيرات صائبة ورائدة، وهم خارج غرفة التنظيم.. بل أنك تجدهم في حالة موت وانسحاب.. حتى إذا رموا بغشاوة التنظيم جانبا ورأوا أنوار الحرية والاستقلالية خارجه تفتقت مواهبهم وخرجت للسطح عبقريات وظهر رواد ومدارس. مشكلة التنظيم وحبس حرية الرأي والفعل داخله، تبدو في بعض الثنايا منتهية عند البعض ومازالت سارية المفعول عند البعض الآخر...وعلى الإصلاح في هذه المسألة أن يراجع نفسه.